غدا، نظر دعوى تكليف أطباء الأسنان وتعيينهم بعد التخرج    سعر الخضروات والفاكهة مساء اليوم 13 يونيو 2025    "نيويورك تايمز" تنقل عن مصدر إيراني: مقتل إسماعيل قاآني قائد "فيلق القدس"    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين الاعتداءات الإسرائيلية على إيران    ترامب: «واشنطن» لا تزال تعتزم عقد اجتماع مع إيران يوم الأحد لكني لست متأكدًا    عاجل.. سماع دوي عدة انفجارات ضخمة غربي طهران    هويسن ومودريتش يشاركان في تدريبات ريال مدريد استعدادا للمونديال    كأس العالم للأندية.. ميسي يقود تدريبات إنتر ميامي قبل مواجهة الأهلي    مانشستر سيتي يخفض أسعار تذاكر مبارياته في الموسم الجديد    لويس دياز يلمح لانتقاله إلى برشلونة    محافظ الإسكندرية: لا تهاون في إزالة التعديات.. حملات مكثفة ب5 أحياء ضمن الموجة ال26    تامر حسني: ابني خرج من العناية المركزة وحالته مستقرة    الأحد بالمجان.. قصور الثقافة تطلق عروض التجارب النوعية المسرحية في الغربية    مراسلة القاهرة الإخبارية: حالة استنفار غير مسبوقة داخل إسرائيل وسط ترقب رد إيرانى    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل العريش.. عمليات وكشف مجاني ضمن بروتوكول التعاون الطبي    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا السبت 13-6-2025    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    الأحد.. انطلاق المعرض العام للفنون التشكيلية في دورته ال45    مصرع شاب في حادث دراجة بطريق الفيوم الزراعي.. نزيف بالمخ أنهى حياته قبل الوصول للمستشفى    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للعاملين بالدولة    بعد استهداف "نطنز" الإيرانية.. بيان عاجل لهيئة الرقابة النووية المصرية    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    الأهلي يهنئ سيراميكا ببطولة كأس عاصمة مصر    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    بالتعاون مع الازهر الشريف .. " أوقاف مطروح " تطلق أكبر قافلة دعوية للمساجد    أستاذ بالأزهر يعلق على قانون الفتوى الجديد: أمر خطير ومسؤولية عظيمة    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    طعنوه وذبحوه داخل الحظيرة.. العثور على جثة مزارع غارقة في الدماء ببني سويف    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    «على مدار اليوم».. جدول مواعيد رحلات قطارات المنيا- القاهرة اليوم الجمعة 13 يونيه 2025    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكيين بالمقصد المصري    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    مدير بايرن يثير الشكوك حول مستقبل كومان بعد كأس العالم للأندية    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الجمعة 13-6-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء 87 جنيه    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    محمد شكري يكشف حقيقة انتقاله لصفوف الأهلي    ترمب: لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية ونأمل بعودة المفاوضات    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرآة الفرنسية
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 11 - 2015

بعد حربين عالميتين بدت ألمانيا محطمة ومقسمة وأجزاء من أراضيها نزعت عنها وكل مواطن فيها متهم بأنه نازى.
التجربة المريرة انعكست على صحافتها وأسئلة البوصلة طرحت بقسوة على الذين تصدوا لتأسيس ألمانيا الجديدة.
بتعبير مؤسس «دير شبيجل»، فإن شيئا عميقا قد انكسر ويحتاج إلى وقت طويل لترميمه كما أخبر فى الخمسينيات المحرر الشاب فى ذلك الوقت «فولكهارد ويندفور» الذى عمل لأكثر من نصف قرن مراسلا للمجلة الألمانية الشهيرة فى القاهرة.
رغم التقدم الاقتصادى الباهر وإعادة توحيد ألمانيا منذ ربع قرن وقيادتها للاتحاد الأوروبى إلا أنها وفق «ويندفور» لا تجد نفسها فيه.
بصورة ما تجد الآن فرنسا شريكتها الرئيسى فى مشروع أوروبا الموحدة أمام حالة مشابهة تحت صدمة العمليات الإرهابية التى روعت عاصمتها باريس كما لم يحدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
شرخ ما جرى للاعتقاد الفرنسى فى الوحدة الأوروبية.
باريس الأكثر حماسا للمشروع الأوروبى تتساءل الآن بقلق بالغ عن الأخطار القادمة من الحدود المفتوحة.
البلد الذى وجد نفسه فى الوحدة الأوروبية يكاد أن يقترب بصورة أخرى من الحالة الألمانية.
أمام الرعب الاستثنائى لجأت السلطات الفرنسية إلى إجراءات استثنائية.
فرضت الطوارئ واغلقت الحدود ودعت الباريسيين لعدم مغادرة منازلهم عقب الهجمات الدموية المتزامنة.
بلا إبطاء أصدرت مجموعة من القرارات التى تطمئن المواطنين من ناحية وتتعقب مصادر النيران من ناحية أخرى.
فى التعقب فتحت كل الملفات ولم يستبعد احتمال واحد.
أخطر الملفات الحرب السورية فإلى أى حد تتبدل السياسات؟
القضية ليست ضرب موقع ل«داعش» فى الرقة أو غيرها، فمثل هذ الضربات معنوية والتنظيم المتطرف يعرف كيف يتعايش معها ويتمدد برغمها.
بحسب الإشارات الأولية هناك توجه لتسوية سياسية ما للأزمة السورية ارتفعت نبرتها بعد ضربات باريس لكنها تظل متواضعة بحسب اعتراف الرئيس الأمريكى «باراك أوباما».
مستقبل الإقليم المشتعل بالنيران قد يأخذ مسارا آخر تحت ضغط الخوف من تمدد الإرهاب داخل أوروبا نفسها.
اللافت أن الرئيس الفرنسى طلب مساندة إقليمية من تركيا وإيران والخليج لكنه تجاهل مصر التى تعانى من الإرهاب وتخوض حربا ضارية معه.
هذا تعبير مباشر عن تراجع الوزن الدبلوماسى فى ملفات على مثل هذه الدرجة من التعقيد يستدعى المراجعة والتصحيح والاعتراف قبل ذلك بمواطن الخلل فى الأداء العام.
رغم الأهمية البالغة للوضع فى الإقليم فإن الملف الأوروبى يفوقه فى أية حسابات فرنسية.
التخوف من حرية الانتقال بين الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى يلقى ظلالا كثيفة على الفكرة.
السؤال هل التوحيد الأوروبى يناقض فكرة الأمن الوطنى، فالحدود المفتوحة حروب مفتوحة؟
بحسب ما توصلت إليه الأجهزة الفرنسية فإن التفجيرات الإرهابية صممت فى الرقة وخططت فى بروكسل ونفذت فى باريس.
يتداخل هنا المكون السورى مع المكون الأوروبى فى قضية التفجيرات.
فى المكون الأول استبقت الاتهامات التحقيقات توجيه أصابع الاتهام إلى المهاجرين السوريين الذين دخلوا فرنسا هروبا من الجحيم بحق اللجوء الإنسانى.
بعض أسباب الاشتباه طبيعية، فمن حق فرنسا أن تتخذ كل الإجراءات الاحترازية للتأكد من أن الذين دخلوا أراضيها ليس بينهم إرهابيون استفادوا من حق اللجوء الإنسانى ليهدروا أية قيمة إنسانية بتقتيل مدنيين فى مطعم أو مسرح أو استاد لكرة القدم.
وبعضها الآخر أفلت غضبها إلى حدود يخشى معها من عقوبات جماعية، فكل لاجئ «إرهابى» وكل عربى «متهم».
فى انفلات الغضب مشروع تزكية للإرهاب والدخول فى حلقة لا نهائية من الانتقام المتبادل على أساس الهوية القومية أو الدينية.
ضبط التصرفات بين ما هو احترازى وما هو منفلت اختبار فرنسى صعب.
إذا تساهلت فالعمليات الإرهابية قد تتكرر وإذا انتقمت ممن لا صلة لهم بالإرهاب تخسر صورتها كبلد يقدس الحريات العامة والقيم الإنسانية.
رغم التأكيدات القاطعة من الرئيس الفرنسى «فرانسوا أولاند» على وحدة المواطنين فى مواجهة الخطر والالتزام بدولة القانون إلا أن أحدا ليس بوسعه أن يجزم بأن الأمور سوف تمضى وفق تأكيداته.
اليمين الفرنسى المتطرف تحركت آلته السياسية والإعلامية لإشاعة الكراهية والعداء استثمارا للأجواء المرعبة.
واليسار الاشتراكى، الذى خرج الرئيس من صفوفه، يجد نفسه محشورا بين القيم الفرنسية والاحتمالات المرجحة لخسارة أية انتخابات مقبلة لصالح اليمين.
أمام البرلمان بغرفتيه طلب «أولاند» تعديلا دستوريا يسمح بإجراءات أكثر حزما.
تحت سيف الخوف قد تهدر مبادئ دستورية وقانونية استقرت فى حماية الحريات والحقوق العامة.
إسقاط الجنسية عن المشتبه فى أنهم يحرضون على الإرهاب يناقض روح المبادئ الفرنسية وأصول الدول الحديثة، إذا تورط أحدا فى إرهاب فالقانون يحاسبه بصرامة.
أما إسقاط الجنسية فإنه يفتح الباب واسعا لترحيلات جماعية لفرنسيين من أصول عربية دون محاكمة عادلة أو تحقق جدى من مثل هذا التحريض.
السؤال هنا: هل تعديل الدستور يخدم الحرب على الإرهاب أم أنه يوسع من دائرة البيئة الحاضنة للإرهاب؟
الاحتمال الثانى أرجح.
ربما يتصور الاشتراكيون الفرنسيون أن خطابا من مثل هذا النوع يلجم طموح اليمين المتطرف إلى اعتلاء السلطة.
غير أن هذه اللعبة تصب فى مصلحة كل ما هو متطرف.
كلما ذهبت إلى اليمين المتطرف خطوة بعد أخرى فإن ممثليه الأصليين يحصدون الجوائز وحدهم.
لا يمارى أحد أن حادثا بمثل هذا الحجم من الترويع نقطة تحول جوهرية تختلف بعدها الاعتبارات والحسابات والمعادلات.
لكن السؤال هو: إلى أى حد وبأية رؤى سوف تحدث القطيعة الفرنسية مع السياسات المتبعة والقيم التى أضفت عليها هيبة الإلهام للعالم كله؟
أمام الوضع الاستثنائى تقف عاصمة النور والثقافة والجمال أمام المرآة، تواجه نفسها بلا مكياج وتنظر فى مستقبلها بلا اطمئنان.
بذات القدر تقف دول أوروبية أخرى أمام نفس المرآة تتدبر خطواتها المقبلة، فما جرى فى باريس ينذر عواصمها بحوادث إرهابية مماثلة.
ألمانيا تراجع ملفاتها وتنتظر التفاهمات فى الاجتماعات الأمنية المقبلة مع الشركاء الأوروبيين.
فأى أوروبا ننتظر؟
وبريطانيا تستشعر الخطر الداهم ورئيس وزرائها «ديفيد كاميرون» يعلن أن لندن أحبطت نحو سبع عمليات إرهابية فى ستة أشهر.
أمام المرآة الفرنسية تتبدى أزمات الشرق الأوسط وكتل النيران فيه.
فمن يتحمل المسئولية؟
بحسب تصريحات الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» فهناك دول دولية وإقليمية مولت الإرهاب ومدته بالسلاح.
الاتهامات متواترة والدول معروفة بالاسم.
المثير أن هذه الدول أصدرت بيانات إدانة تتعاطف مع الضحايا الفرنسيين.
بعض الذين يلعنون الإرهاب هم بعض صناعه.
فرنسا نفسها تدفع ثمنا باهظا لتورطها فى حربى ليبيا وسوريا.
تورط رئيسها السابق «نيكولاى ساركوزى» فى الحرب الأولى كلاعب رئيسى قبل أن يترك ليبيا ل«القاعدة» و«داعش» والميليشيات المتنازعة.
كما ورط بلاده فى الحرب الثانية، التى كانت قبل تدويلها حربا إقليمية بالوكالة.
لم تكن فرنسا بعيدة عن مد خطوط الاتصال مع أكثر الجماعات تطرفا بظن أن تسليحها يسقط نظام الرئيس السورى «بشار الأسد».
بصورة أكثر بشاعة حطمت إدارة الرئيس الأمريكى السابق «جورج دبليو بوش» مع حليفه رئيس الوزراء البريطانى الأسبق «تونى بلير» العراق ثانى أكبر دولة عربية بادعاء امتلاكه أسلحة دمار شامل وأن «القاعدة» متحالفة مع نظام «صدام حسين».
الادعاءان ثبت كذبهما تماما على ما اعترف الذين ارتكبوا واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية ثم أفلتوا من كل حساب وعقاب.
الحقيقة أن «القاعدة» تمركزت فى العراق بعد غزوه وتقسيمه مذهبيا وعرقيا.
الاحتلال استدعى «القاعدة» التى أسلمت رايتها إلى «داعش».
هذه حقائق لابد أن ينظر الغرب إليها فى المرآة الفرنسية دون أن يبرر ذلك أية شماتة لما جرى لمدينة النور من ترويع وظلام وسقوط ضحايا بينهم مصريون.
التضامن واجب إنسانى والشماتة حماقة سياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.