الان فقط.. بدأت أوروبا والعالم يدركان معني وأبعاد الخطر الإرهابي. لم تكن اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن كافية ليدرك الغرب ان الإرهاب لن يبقي محصورا في الدور الذي رسمته له أجهزة المخابرات الغربية ، وكان لابد ان يصل الإرهاب إلي الدول التي قامت بتصديره إلينا وقدمت له كل التسهيلات. كانت البداية هي قيام المخابرات الأمريكية بتمويل وتدريب وتسليح تنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن واستخدامه في الحرب ضد الروس في أفغانستان. وجاء الغزو الأمريكي للعراق ليفتح الباب لإقامة قواعد إرهابية في وادي الرافدين، ثم جاء الغزو الغربي لسوريا وشبكات تجنيد الشبان في أوروبا والولايات المتحدة للقتال علي «الجبهة» السورية. وكان هدف أمريكا ومعظم الدول الأوروبية وخاصة فرنسا ان تجعل من سوريا.. ليبيا أخري، كما لو كانت ليبيا هي النموذج الناجح للتدخل الغربي! والإرهابيون الذين ارتكبوا جريمة قتل الصحفيين الفرنسيين.. مواطنون فرنسيون يحملون جنسية فرنسا وتوجد لهم ملفات، منذ عدة سنوات، في المخابرات الفرنسية، كما ان اسمي الأخوين شريف وسعيد كواشي، اللذين قادا الهجوم علي المجلة الفرنسية، يوجدان علي القائمة الأمريكية السوداء للإرهاب والمعروف أن أحد الشقيقين «كواشي» أمضي بضعة شهور في اليمن للتدرب علي السلاح لدي عناصر تنظيم «القاعدة» قبل أن يعمل مدربا في أحد معسكرات المتطرفين في سوريا.. والشقيق الآخر سجن لمدة 18 شهرا في باريس بتهمة ممارسة نشاط إرهابي.. ومعروف أيضا أن أحد الأخوين كان يعمل علي تجنيد متطرفين للانضمام إلي «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة» في سوريا، وأنه مرتبط بالإرهابي «أبوبكر حكيم» التونسي الذي اطلقت «حركة النهضة» الإخوانية التونسية صراحه من سجن تونسي لكي يعلن بعد ذلك مسئوليته عن اغتيال القائدين اليساريين التونسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بل أن الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي استقبل أحد الأخوين في قصر الإليزيه في عام 2009(!!) ألا يدل ذلك كله علي أن فرنسا كانت «ملعبا» حراً للمتطرفين والإرهابيين لكي يكونوا في خدمة الخطط الأوروبية الأمريكية التي يجري تطبيقها في العالم العربي؟ غير أن «غزوة باريس» ستؤدي إلي نتائج عكسية مما يدل علي حماقة وغباء الإرهابيين. ذلك أن أوروبا لن تظل، بعد الآن، الملجأ والملاذ وملعب النشاط الحر للإرهابيين. وقد يدرك الأوروبيون ولو متأخرين أن الوسيلة الوحيدة لمكافحة الإرهاب هي استئصال جذوره في منابعه.. أي في قلب العالمين العربي والإسلامي. وربما يكتشف قادة الغرب أن من صالحهم تبادل المعلومات بين أجهزة الأمن في الدول المختلفة، بدلا من احتكارها لأنفسهم، ومساندة مصر رائدة الكفاح ضد الإرهاب. والنجاح «الوحيد» الذي حققه الإرهابيون هو المساعدة علي تنامي خطاب الكراهية ضد المسلمين في عدد من الدول الأوروبية وتقوية وتدعيم أحزاب اليمين المتطرف المعادية للمسلمين، كما «نجح» الإرهابيون في توجيه أكبر إساءة عبر ممارساتهم المشينة والوحشية إلي الدين.. أكثر مما أساء إليه أعداؤه طوال التاريخ. كلمة السر: توحيد القوي المناوئة للإرهاب في مؤتمر دولي