الرقابة المالية تستعرض مزايا سوق المشتقات وآليات صانع السوق    الرئيس الكولومبي ردا على العقوبات الأمريكية: لن أتراجع خطوة واحدة ولن أركع أبدًا    السفير نبيل فهمي يكشف سر تحول موقف ترامب اتجاه غزة من "ريفييرا" إلى اتفاق شرم الشيخ    الأردن يُؤكد التزامه بمبادئ الأمم المتحدة في ذكرى تأسيسها ال80 ويحتفل بسبعين عامًا على انضمامه للمنظمة    تعديل موعد مباراة بيراميدز والتأمين الإثيوبي    محافظ الدقهلية: 339 محضرا في حملات على محطات الوقود ومستودعات البوتجاز والأسواق والمخابز    أحمد مالك عن فيلم "كولونيا": يحمل الكثير من المشاعر المعقدة وأحب أنوع أعمالي وأهتم بالقضايا الانسانية    أستاذ مصريات: المتحف المصري الكبير سيغير الخريطة الدبلوماسية في العالم(فيديو)    أسبوع على بدء التوقيت الشتوي في مصر رسميًا    نقابة الأطباء تعلن تشكيل هيئة المكتب بعد انتخابات التجديد النصفي    مسؤول روسي: إمكانية التعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة لا تزال قائمة    اللجنة المصرية تسير قافلة المساعات الأكبر إلى غزة وشمال القطاع    ايمن الزغبي: 8.6 مليار دولار تمويلات قدمها أفريكسم بنك لتنفيذ إنشاءات بإفريقيا    فتحى سند يكتب: لا مؤاخذة!    وزير الرياضة يطمئن على ابتسام زايد بعد إصابتها في بطولة العالم للدراجات    الخطيب: شركات الأهلي نجحت في تحقيق أهدافها    الموانىء البرية والجافة: لميناء أكتوبر الجاف دور بارز وهام في حركة الواردات والصادرات القادمة والمتجهة من وإلى الموانئ البحريه المصرية    برفقتهم 25 طفلا.. تفاصيل ضبط شبكة تسول بالقاهرة    العثور على جثة شاب في ظروف غامضة ب الدقهلية    انطلاق أعمال المؤتمر الدولى السادس لمجلس الكنائس العالمى بمشاركة 100 دولة بوادى النطرون    الجبهة الوطنية يكلف الطويقي قائما بأعمال أمين الحزب بسوهاج    متلعبش معاهم ب النار.. 3 أبراج انتقامية لا تنسى الخيانة أبدا    باللون الأسود.. إطلالة إلهام شاهين تخطف الأنظار في ختام مهرجان الجونة    نبيل فهمى: ما يجرى فى غزة يشكل لحظة فارقة فى تاريخ الصراع الفلسطينى الإسرائيلى    مخرج مسرحية «أم كلثوم»: أجرينا تجارب أداء مع 1000 متقدم    26 أكتوبر، جامعة أسيوط تنظم يوما علميا عن الوقاية من الجلطات    محمود فوزى بمنتدى البرلمانيين العربى - الآسيوى: التشريعات أداة لترجمة الإرادة السياسية    ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك".. ندوة علمية حول الأمانة طريق النجاح بأوقاف الفيوم    إيقافات وغرامات بالجملة على الأهلي، عقوبات الجولة ال11 للدوري المصري    جمارك مطار أسيوط تحبط محاولة تهريب كمية من مستحضرات التجميل    ضبط طن لانشون غير مطابق للمواصفات القياسية بمخزن غير مرخص بقها    لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.. أزهرى يجيب عن حكم قبول الهدايا.. فيديو    المنصورة تهزم ديروط بثلاثية بدوري المحترفين وتعادل سلبى بين الترسانة ولافيينا    وزارة الرى تعلن أسباب ارتفاع منسوب النيل وتؤكد: الاستمرار فى إزالة التعديات    ليفربول قد يخسر مهاجمه أمام برينتفورد    ساندويتش السمك المشوي.. وصفة المسلسلات التركية (طريقة تحضيرها)    مؤتمر حميات الفيوم يناقش الجديد في علاج الإيدز وفيروسات الكبد ب 12 بحثا    "الصحة" تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    مصرع شقيقين في أسوان اصطدم بهما قطار أثناء عبورهما شريط السكة الحديد    فيلم "فيها إيه يعني" يتراجع ويحتل المركز الثاني في شباك التذاكر    شهيدان وجريحان بغارة اسرائيلية استهدفت سيارة جنوب لبنان    "الداخلية" ضبط 13 شركة ببني سويف للنصب علي راغبي السفر إلي الخارج    تشييع جثامين ضحايا حادث انقلاب ميكروباص داخل ترعة في محافظة قنا    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    من العدم إلى الخلود.. الداعية مصطفى حسني من جامعة القاهرة: الإنسان يمر ب4 مراحل (تفاصيل)    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    متابعة المشروعات وتنظيم المواقف والبنية التحتية.. أبرز أنشطة التنمية المحلية الأسبوعية    الوزير: افتتاح مصنع جديد في صناعة الضفائر الكهربائية للمركبات قريبا    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    مجلة فوربس: رئيس الرعاية الصحية ضمن أبرز 10 قادة حكوميين بالشرق الأوسط لعام 2025    وزير الدفاع ورئيس الأركان يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    مستوطنون يهاجمون منازل فلسطينيين في قرية الطوبا جنوب الخليل    الفنان محمد صلاح جاد يتألق مع النجم سيد رجب في مسلسل «لينك»    82.8 % صافي تعاملات المستثمرين المصريين بالبورصة خلال جلسة نهاية الأسبوع    مصادر دبلوماسية ل«الشروق»: واشنطن تستضيف اليوم اجتماعا لممثلين للآلية الرباعية حول السودان    رسميًا قائمة أسماء المرشحين النهائية في انتخابات مجلس النواب عن محافظة البحيرة    مدرب بيراميدز يتغنى بحسام حسن ويرشح 3 نجوم للاحتراف في أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه نفط
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 02 - 2016

على مدى أكثر من نصف قرن، نامت الكثير من الاقتصادات الخليجية على وسادة النفط، ملتحفة بأسعاره التى أخذت منحنيات متصاعدة أو مستقرة فى أغلب حالاتها، مما مكنها من تحقيق وفورات مالية كبيرة جعلتها تغفل عن أبواق التحذير ورسائل التنبيه التى تدعوها لتنويع بنياناتها الاقتصادية ومصادرها الداخلية. ولأن دوام الحال من المحال، فقد هوت أسعار النفط فى الأسواق العالمية لتفقد ما يعادل 75% من قيمتها خلال العام ونصف الماضيين، حيث هبطت من قرابة 120 دولارا للبرميل فى صيف 2014 إلى نحو 27 دولارا للبرميل خلال منتصف يناير من هذا العام، تاركة بذلك مستقبل الاقتصاد الخليجى فى مهب أسعار النفط ورهينة تقلباتها فى الأسواق العالمية.
وجاء قرار رفع العقوبات الدولية عن إيران أخيرا ليجعل المشهد أكثر ضبابية ويزيد مخاوف الخليجيين من استمرار انخفاض أسعار النفط، حيث قررت إيران فى الثامن عشر من يناير هذا العام زيادة إنتاجها النفطى الحالى والبالغ 2.8 مليون برميل يوميا بمعدل نصف مليون برميل جديد يوميا؛ الأمر الذى سيزيد المعروض العالمى من النفط ويتسبب فى تراجع إضافى فى أسعاره. ومما زاد الصورة قتامة، التباطؤ المستمر فى أداء الاقتصاد الصينى والذى سجل معدل نمو بلغ نحو 7% خلال عام 2015 وهو أدنى مستوى له خلال ربع قرن، مما دعا صندوق النقد الدولى أخيرا للإعلان عن خفض توقعاته لنمو الاقتصادين الصينى والعالمى، ومخاوفه من انتقال عدوى التباطؤ إلى الاقتصادات الناشئة الأخرى، الأمر الذى سيؤدى إلى انكماش الطلب على النفط فى الأسواق العالمية. هذا إلى جانب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها روسيا تحت تأثير استمرار العقوبات الاقتصادية الموقعة عليها بسبب الأزمة الأوكرانية والتى من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الروسى فى ظلها نموا اقتصاديا سالبا بمعدل 1%.
وعلى الرغم من أن ما يمتلكه الخليج من احتياطيات مالية تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار قد يمكنه من الصمود فى المدى القصير، فإن هذه الاحتياطات ستتآكل بسرعة فى حال استمرار تراجع الأسعار العالمية للنفط. وبلا شك فستتفاوت هذه التأثيرات السلبية فى كل دولة حسب مدى تخطى سعر النفط فى السوق العالمى سعر التعادل المعتمد فى موازناتها، وكذلك حجم الفوائض المالية فى الاحتياطيات العامة والصناديق السيادية وقدرتها على سد العجز المتوقع فى الموازنة.
***
وقد لاحت بالفعل أعراض انخفاض أسعار النفط فى آفاق الاقتصادات الخليجية واضحة من خلال حزم الإجراءات والتدابير التقشفية التى اتخذتها لتتكيف مع المعطيات الجديدة فى ظل انخفاض الإيرادات العامة وارتفاع عجز موازناتها المالية، فقد رفعت السعودية أخيرا أسعار الوقود والمياه والكهرباء بعد أن سجل عجز ميزانيتها فى عام 2015 رقما قياسيا بلغ 98 مليار دولار. وفى عمان، بلغ حجم عجز الموازنة نحو تسعة مليارات دولار تقريبا، أو ما يوازى نحو 40% من الإيرادات العامة، مما دفعها لتوقع قرض بمبلغ مليار دولار أمريكى مع عدد من البنوك العالمية لتمويل متطلبات الموازنة العامة. أما قطر فقد أعلنت أخيرا عن رفع بنسبة 40% على أسعار الوقود. كما قامت البحرين برفع أسعار البنزين بنسبة تزيد على 50%، بعد أن خفضت الدعم الحكومى عن الديزل والكيروسين خلال شهر يناير من العام الحالى.
وبصرف النظر عن بعض الارتفاعات الطفيفة التى شهدتها أسعار النفط فى الأيام الأخيرة، أو بعض التحليلات التى توقعت أن يتقلص فائض المعروض فى أسواق النفط العالمية خلال 2016 والمقدر بنحو 2 مليون برميل وسط احتمالات بأن تخفض الدول غير الأعضاء بالأوبك من إمداداتها النفطية للسوق العالمية بسبب تراجع الأسعار، مما قد يدفع أسعار البترول للتعافى ومعاودة الارتفاع؛ إلا أن ما شهدته أسواق النفط العالمية فى السنتين الأخيرتين يجعل الدول الخليجية أمام ضرورة ملحة لوضع رؤية استشرافية قائمة على استراتيجية شاملة فى المديين القصير والطويل لإعادة النظر فى سياساتها الاقتصادية. فعلى المدى القصير على سبيل المثال يجب أن تتخذ دول الخليج المزيد من الخطوات الجادة لتقليص النفقات العامة ولاسيما الجارية، ورفع الإيرادات العامة من خلال استحداث نظم ضريبية جديدة ورفع كفاءة تحصيلها وزيادة الضرائب على الأنشطة المالية الريعية والسلع الكمالية والاستفزازية، إلى جانب الإسراع فى اتخاذ خطوات أكثر جرأة فيما يتعلق بإعادة هيكلة برامج الدعم وخصوصا فى مجال الطاقة؛ لما تمثله من عبء مالى كبير على الميزانيات العامة لا يمكن الاستمرار فى تحمله فى حال بقيت أسعار النفط عند مستوياتها المتدنية الحالية. أما على المدى الطويل، فينبغى على دول الخليج القيام بإصلاحات هيكلية لتنويع مصادر دخولها وإيراداتها المالية بالتركيز على القطاعات الحيوية كالصناعة والزراعة والسياحة والتقليل التدريجى من الاعتماد على النفط بحيث يتجه الإنفاق الحكومى نحو المشاريع الإنتاجية أو الخدمية التى تتميز بقيم مضافة مرتفعة للناتج المحلى الإجمالى.
***
إن الحكمة تقتضى أن تبدأ بإصلاح سقف بيتك المتهالك فى الصيف والشمس ساطعة، قبل أن يأتى الشتاء بعواصفه فيصبح الإصلاح متعبا ومكلفا، ولابد أن تعى دول الخليج أن هذه الأزمة ليست كسابقاتها ولن تكون بالعابرة، لا سيما وهى تتزامن مع أوضاع سياسية عصيبة تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، وأوضاع اقتصادية شديدة الصعوبة تمر بها الكثير من الدول المؤثرة فى حالة الاقتصاد العالمى، ولذلك فهى أمام فرصة ربما أخيرة لتطبيق إصلاحات اقتصادية حقيقية قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه نفط ولا تغنى مشتقات بترولية.
أستاذ مساعد للاقتصاد بالجامعة السويدية للعلوم الزراعية
وباحث زائر بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة لوند بالسويد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.