قبل أيام من حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، جاء خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، في احتفال مصر بالمولد النبوي الشريف، يحمل عدة معاني ورسائل حول «التظاهر» ودعوات المشاركة للحشد والاحتجاج خلال الأيام المقبلة، ويثير تفسيرات عديدة وأصداء مختلفة لدى الخبراء والمحللين. تعددت رؤى المراقبون المفسرة لإستفاضة الرئيس، في الحديث عن ترك السلطة وشروط ذلك، والتظاهر، في الوقت الذي رأى البعض، أنها تعكس قلق بالغ بدوائر السلطة وصنع القرار، قالوا آخرين، إنها مناورة لإمتصاص أية إحتقانات شعبية، فيما احتسبها البعض أنها «مصارحة ومكاشفة» غير مسبوقة تحسب للرئيس. أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، يرى أن «الرئيس بدأ قلقًا لدعوات النزول والتظاهر، وأن ذلك يكشف مدى مطالبة الرئيس بالدوائر الأمنية حوله أن تبقيه على أتصال دائم بنبض الشارع، وأنه تلقى تقارير عديدة رصدت حقيقة الأوضاع المتردية التي يعاني منها الشعب». واستبعد «نافعة»، أن يكون هناك حدث فارق في يناير المقبل، قائلا: «يتعين على الرئيس حال مرت الأمور بسلامة أن يقرأ ذلك بشكل جيد، ويعرف أن الشعب أعطى له فرصه ليس أكثر، وأن ذلك من أشكال الصبر»، مشيرًا إلى أنه «حال استمرت سطوة شبكات المصالح التي تنتمي إلى النظام القديم وأمتد تأثيرها عامًا آخر سنشهد مايخشي منه الرئيس خلال يناير 2017». وأختتم «نافعة» بقوله: «قطاعات واسعة من الشعب لم تعد تؤيد سياسات النظام الحالي، وأن حديث الرئيس، بإستفاضة حول الأمر أبلغ دليل على ذلك، وعلى علمه هو شخصيًا بمجريات الأمور ومستجداتها، وأن كلمات الخطاب لن تلاقى صدى في الأوساط والقطاعات الشعبية إلا بترجمتها إلى أرض الواقع». عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، قال: إنه «لا يلمس قلق رئاسي من أية تظاهرات شعبيه تهدد حكمه، قدر ما كان خطابه يتحسب لأعمال غير متوقعة، ولكن من جانب جماعات متطرفه أو عنف من الإخوان، وكان الخطاب من وجهة نظري "كمن يبعد عنه ناموسة"، فهو يتحاشي إزعاجها وليس أكثر». وتسائل «ربيع»: «لماذا لم يدعو الرئيس، بنفسه إلى النزول في ميدان التحرير، وسط أجواء إحتفالية، وتعهد الناس من جانبهم بعدم إثارة أعمال عنف، وحينها سيثق الناس في الرئيس أكثرمن ذلك؛ لأنه من المطلوب أن يحدث "تنفيس للشارع"، فالتحذير تلو التحذير من الخروج والتظاهر سيؤدي لحالة أنسداد يتبعها غليان وتنتهي بإنفجار». وحول إحتواء الخطاب على عبارات تعكس معاناة الشعب، قال: «الأزمة تكمن في الفارق بين التنظير والتطبيق؛ فالكل يعلم مانعاني منه من أزمات ويملكون أنسب التوصيفات لمشكلاتنا، ولكن التحذيرات الأمنية تحول دوما أمام النتائج، وعلى الرئيس، أن يبتعد عن التفسيرات الأمنية والتخويفات التني قد تنقلها مؤسسات أمنية تشوه المعارضة وتخون المعارضين، وأن يعرف المسؤولين جيدا مايحتاجه المصريون دون اعتبار ذلك تهديد للأمن أو نيل من هيبة مؤسسة أوأخرى». فيما أعتبر النائب محمد أبوحامد، لقاء الرئيس وحديثه «أمرًا إيجابيًا» يعكس حرص الرئيس، على كشف الأولويات والتحديات للمواطن دون مواربة أو تجاهل كما كان يحدث في السابق. البرلماني السابق البدري فرغلي، قال: إن «حديث الرئيس بهذا الشكل يعكس قبل أي شيئ آخر معاناة الشعب الذي يحكمه من أوضاعة وأحواله المعيشية، لافتا إلى أن الثورة المضادة هي أكبر خطر على مساعي الرئيس، ومحاولات تطبيق ما يتحدث بشأنه وليست التظاهرات والاحتجاجات». وطالب «فرغلي»، الرئيس، بترجمه حديثة لقرارات تتعهد بتطهير المؤسسات وتحقيق رخاء يشعر المواطن به. وتمسك الإعلامي عمرو أديب، خلال حديثه ببرنامجه التليفزيوني، بأن يلجأ الرئيس للقانون والستور حال أراد ترك الحكم، قائلا: «أنا مقدر المشاعر الطيبة للرئيس لكن في حاجة اسمها قانون ودستور بيقول إن فترة الرئاسة 4 سنوات». وأضاف «أديب»، «عقب 3 سنوات سيتم إجراء انتخابات رئاسية جديدة وإذا شعر الرئيس أن المواطنين لا يريدونه فلا يترشح، أو يترك لهم حرية الاختيار في صندوق الانتخاب، لكن مفيش رئيس في العالم بيقول لشعبه لو وقفتوا في الميدان همشي».