تفاوتت آراء الشخصيات السياسية حول جملة "قيادة مصر قيادة واحدة"، التي تضمنها خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي في حفل تنصيبه مساء أمس، بين من رأى أنها جملة محيرة، ومن أكد أنها حاسمة لا تقبل التأويل. أوضحت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، مستشارة الرئيس السابق لشئون المرأة، أن الرسائل التى وجهها الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس فى خطابه تحمل التأييد والمحبة لكل من دعموا إرادة الشعب المصري، وأخرى تحذيرية لمن يتحدى هذه الإرادة، أو لا يحترمها. وأضافت فؤاد أن تشديد الرئيس السيسي على أن قيادة مصر قيادة واحدة، هى عبارة صريحة لكل من يتصور تشكيل أى قوة تنازع هيبة الدولة وسيادتها، أو تؤدى إلى تمزيق النسيج المصري، أو من يهدد أمنها ويصنع قوات وميلشيات وكيانات موازية للدولة. كما أعربت الكاتبة الصحفية عن تفاؤلها بمستقبل المرأة المصرية فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلة "كنت أرى دائماً أن المرأة ستجنى استحقاقاتها فى عهد السيسي"، مبينة مدى احترامه وتقديره للمرأة فى حلقات التاريخ على مر مراحله. وعلق محمد أبو حامد، البرلمانى السابق ورئيس حزب حياة المصريين، على خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس، قائلاً: "إن السيسي لديه تقدير للثورتين ولمطالب الشعب المصرى، كما أنه أعرب عن تقدير الدولة لكل الشهداء الذين سقطوا من المواطنين والجيش والشرطة". وأشار أبو حامد، إلى أن السيسي لن يسمح بأن يتكرر دور مكتب الإرشاد، الذى كان يؤثر فى تشكيل الرأى العام ويتلاعب به، وكأنه مكتب الرئاسة، ولن يسمح بوجود مؤسسات تؤثر على الدولة والحكومة أو تتدخل فى شأنها الخاص. وأضاف أبو حامد أن تركيز السيسي على دور المرأة المصرية فى المجتمع ودورها فى الثورتين 25 يناير و30 يونيو، ودورها فى البرلمان والمشاركة السياسية، والإشادة بالدور الوطنى للأقباط ومطالبته من المثقفين والأدباء بتصحيح المفاهيم ونشر الوعى الثقافى والاجتماعى. اتفق معه فى الرأى، الدكتور أحمد دراج، عضو الجمعية الوطنية للتغيير، قائلاً: "إن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس ضم كل الجوانب، وأجاب عن التساؤلات التى طرحت بشأن برنامجه الانتخابى، مضيفًا أن الخطاب أوضح الخطوات التى ستسير عليها الدولة خلال الفترة المقبلة". وأشار "دراج" إلى أن تأكيد السيسي على رفض وجود قيادة موازية يعنى رفضه وجود أى سلطة منفصلة عن الدولة المصرية، مؤكدًا أن دعوته للتصالح مع كل الرموز باستثناء من مارسوا العنف والإرهاب تدل على اتجاه الدولة للتصالح مع من لم تلوث أيديهم بأعمال العنف والإرهاب، مشيرًا إلى أن السيسي سيتجه إلى تعديل نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان. وأوضح الدكتور عمرو هاشم ربيع، المحلل السياسى بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية، أن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس كان غامضًا، لافتًا إلى أن الخطاب الغامض الموجه للمصريين غير مريح، فى حين أنه جائز فى حال مخاطبة الخارج. وأضاف "ربيع" أن جملة "قيادة مصر قيادة واحدة"، لم يُفهم منها مقصده الأساسى، فتفرقت بين جماعة الإخوان، أو الجيش المصرى، أو المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحي، وكان لابد أن يذكر مقصده بالضبط. ولفت المحلل السياسى إلى أن لغة التهديد فى بداية الحكم تعد ثقيلة، ولا تبشر بفترة حكم "سهلة"، ولكن يمكن استخدامها فى حالة التهديد بفعل شيء آنٍ. وأشار ربيع، إلى أن هناك الكثير من القيادات التى تغيبت عن الحفل الرئاسى أمس، أبرزهم حمدين صباحي، ومكرم محمد أحمد، وحلف 3 يوليو، وقيادات حركة تمرد، إضافة إلى عدم وجود جميلة إسماعيل، أو أى من قيادات حزب الدستور، مرجحًا أنه لم تتم دعوتهم من البداية لحضور الحفل، مما يُعد أمرًا خاطئًا. وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس يعكس وجود برنامج سياسي واضح. وأضاف نافعة أن برنامج الرئيس جاء تفصيلياً، ويشمل الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية كافة، مشدداً على أن العبرة ليست بالكلمات بل بالأفعال. وقال حسين عبدالرازق، القيادى بحزب التجمع، إن ما أشار إليه رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بعدم وجود قيادة موازية خلال الفترة المقبلة، يؤكد أن الوضع السابق بوجود حزب أو ما شابه مكتب الإرشاد لن يتكرر داخل الدولة الحالية. وأضاف "عبدالرازق" أن الفترة الحالية لا يوجد بها إلا مركز واحد للدولة المصرية وحكومتها وبرلمانها، ولن يسمح الرئيس السيسي بوجود أى مركز آخر فى الدولة، كما لن يكون هناك وصى على الدولة من خارج المؤسسات الحكومية. وعلق "عبدالرازق" على خطاب الرئيس السيسي قائلاً: "إنه الخطاب الأشمل وأهم خطاب منذ ظهوره على الساحة السياسية"، لافتًا النظر إلى ربطه ثورة 23 يوليو و25 يناير و30 يونيو، كما انه أول رئيس يتحدث باستفاضة عن موضوعين ذات أهمية، وهما الخطاب الدينى والتنمية الثقافية، ودور الأدباء والكتاب والفنانين داخل الدولة. وتابع "عبدالرازق" أن السيسي رد على المخاوف التى كانت لدى البعض، وجاء فى المرتبة الأولى التصدى للإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار، ولكنه لم يغفل الأولويات الأخرى التى تنهض بالبلاد، فى الوقت نفسه أكد دور الدولة فى التنمية الاقتصادية بعد أن سادت حالة منذ عام 1974 بانسحاب الدولة من التنمية والاعتماد على القطاع الخاص. أشاد اللواء أمين راضى أمين عام حزب المؤتمر، بمضمون خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسي قائلاً: "لابد أن تستعيد الدولة بيتها وهيبتها"، واستفاضة السيسي للموضوعات خلال خطابه تنهض بالبلاد. وعلق راضى على ما أشار إليه رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي بعدم وجود القيادة الموازية فى البلاد، أن الدولة تتمثل فى شكل مؤسساتها كالوزارات، ووجود أى جهة أو فئة فى المجتمع سواء كانوا من التنظيم الإرهابى أو غيرة سيكون مرفوضاً، ولكن مسموح بالنقد البناء فقط داخل الدولة.