حصل على أرفع الجوائز فى الرياضيات وله نظرية باسمه.. يعشق الإسكندرية وتعرف على عمر الشريف فى إحدى مدارسها.. وينصح الشباب بعدم الإحباط والتمسك بالأحلام لأجل مستقبل أفضل لبلدهم وسط العشرات من العلماء فى منتدى هايدلبرج بألمانيا، يمكنك أن تميز ملامح شرق أوسطية يكن لها الجميع الاحترام، حينما اقتربت منه، شد على يدى وقال بالعربية «أهلا وسهلا»، وأبدى ترحيبه بالحوار مع «الشروق»، متذكرا بضع عبارات من فترة المراهقة التى قضاها فى القاهرةوالإسكندرية فى عهد الملك فاروق، قبل أن يهاجر إلى بريطانيا، ويصبح أشهر علماء الرياضيات فى العالم.. إنه «السير مايكل عطية». عطية من أصل لبنانى، حصل على عدة جوائز عالمية منها الملك فيصل للعلوم، وأبيل النرويجية، وميدالية فيلدز، وتعتبر فى قيمتها مثل جائزة نوبل، وتقلد الوسام الملكى وميدالية كوبلى من الجمعية الملكية ببريطانيا، لدوره المتميز فى الرياضيات وبناء جسور جديدة بين الرياضيات والفيزياء النظرية. البحوث التى أجراها غزيرة فى كثير من فروع الرياضيات، وله نظريات شهيرة باسمه، منها نظرية المؤشر بالاشتراك مع عالم الرياضيات سنجر، ومن أبرز أعماله استخدامه الهندسة الجبرية لإنشاء معادلات تفاضلية جزئية، وهى معادلات مهمة فى الفيزياء النظرية الحديث. منح عطية لقب «سير» عام 1983، وجمع بين رئاسة أعرق مؤسستين فى بريطانيا، وهما «الجمعية الملكية»، وهى بمنزلة أكاديمية العلوم، و«كلية ترينيتى» فى جامعة كامبريدج، والتى تعتبر أغنى الكليات فى بريطانيا، إضافة إلى كونه مستشار ملكة بريطانيا حاليا.. عطية واحد من 7 أعضاء فى مجلس الحكماء الخاص بملكة بريطانيا، كما تولى على مدى سنوات طويلة رئاسة اللجنة الاستشارية الدولية لمركز الجامعة لعلوم الرياضيات المتقدمة. بدأت رحلة نبوغ عطية، 86 عاما، فى مصر حينما كان طفلا، حيث تعلم فى كلية فيكتوريا، يقول: «كنت مع الممثل الراحل عمر الشريف فى نفس الكلية والتقيت به هناك، ولكنه كان أصغر منى سنا فى ذلك الوقت»، وبعد هجرته إلى بريطانيا عاد إلى مصر لحضور مؤتمر علمى فى 2002، مضيفا: «وجدت القاهرة مختلفة جدا، حيث ملأت السيارات الشوارع بدلا من الحنطور، لكن نهر النيل ظل كما هو». أصوله الشرق أوسطية جعلت له مواقف سياسية واضحة رغم أنه عالم فى المقام الأول، حيث شارك لأول مرة فى مظاهرة ضخمة ضد الغزو الأمريكى للعراق، وكان رافضا للحرب الأمريكية على أفغانستان بدعوى محاربة الإرهاب، ويعتبر أن مشاركة بريطانيا فى الحرب كانت خطأ كبيرا، ويرى أن تونى بلير وجورج بوش يتحملان المآسى الإنسانية هناك. تابع عطية ثورات الربيع العربى، وكان لديه أمل أن يتغير الوضع بعد سقوط الأنظمة الديكتاتورية، وأن تسود الديمقراطية تلك البلدان على يد الشباب، قائلا: «للأسف الأنظمة العسكرية عادت للحكم فى بعض الدول مرة أخرى، ما زاد من احباط الشباب»، وتوقع أن يتغير الوضع بعد 10 سنوات، مضيفا: «العالم كله يتغير، فلماذا يبقى الشرق الأوسط على حاله»، ودعا الشباب إلى عدم التوقف عن الحلم بمستقبل أفضل. من مقولات عطية «بدون الأحلام لا يوجد فن، ولا يوجد رياضيات، ولا توجد حياة»، ويفسرها على أساس أن علم الرياضيات ليس مجرد أرقام، وإنما عبارة عن وسيلة لفهمه ووضع رؤية المستقبل، فالأحلام تصنع الدوافع لتحقيق الأفكار العملية حتى يتم تحويلها إلى نتائج رياضية كبيرة، قائلا: «لم أتوقف يوما عن الاحلام، لذلك استمتع كثيرا بعملى». لدى عطية تلاميذ مصريون من الباحثين الشباب، الذين هاجروا لتكملة دراستهم فى انجلترا بسبب اضطراب الظروف السياسية، وعدم وجود بيئة مشجعة للبحث العلمى، ودعا إلى تغيير الظروف بحيث يتم تشجيع الباحثين على العودة إلى بلدانهم مرة أخرى بعد أن يتلقوا العلوم المتقدمة، وضرب مثالا بالصين حيث تحرص الحكومة هناك على إيفاد الآلاف سنويا فى بعثات تعليمية إلى بلدان أوروبا وأمريكا، وبسبب التغيرات الايجابية للصين فإنها تشجع عودة العقول المهاجرة، بحيث يتولون مناصب مهمة للاستفادة من علمهم. يذكر أن صحيفة «ديلى ميل» نشرت فى أبريل 2015 أن البريطانيين من أصل عربى، السير ميشيل فرنسيس عطية 85 عاما، ذا الأصل اللبنانى، وجراح القلب العالمى المشهور المصرى الأصل السير مجدى يعقوب 79 عاما، حضرا كعضويْن عربييْن اللقاء الخاص الذى دعت إليه ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية ل «نادى وسام الاستحقاق»، ويعتبر أهم ناد خاص فى العالم أو «نادى الحكماء».