تهدد الأزمات التى تعيشها الصناعة المصرية استثمارات شركات الحديد فى مصر، والتى تقدر قيمتها 100 مليار جنيه. وتتمثل تلك الأزمات فى شح العملات الأجنبية ونقص الطاقة وإغراق الأسواق بالمنتجات المستوردة، وتأتى تلك المشكلات فى ظل الأوضاع العالمية التى يشهدها العام والتى من المتوقع أن يكون لها أثر على السوق المحلية، خاصة بعد تراجع الطلب على حديد فى الصين لأول مرة من ثمانينيات القرن الماضى، بجانب وصول سعر حديد التسليح الصينى إلى 367 دولارا للطن (2874 جنيها/ للطن)، ومع تراجع سعر اليوان، فإن ذلك قد ينذر بزيادة واردات البلاد من الحديد. وقال محمد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية، إن على الحكومة إعلان استراتيجيتها الخاصة وسياستها اتجاه الصناعة الوطنية خلال الفترة المقبلة. وتابع: «كل ما نطلبه من الحكومة هو معرفة ماذا تريد الدولة، اقتصاد قوى يعتمد على التصنيع والإنتاج أم تجارة خدمات ومناطق لوجستية لا مكان فيها للصناعات الثقيلة». يأتى هذا فى الوقت الذى حذر فيه عدد من منتجى الحديد والصلب من انهيار صناعة الحديد فى مصر بسبب تزايد عمليات اغراق السوق بالحديد المستورد، بالإضافة إلى عدم توافر الدولار، واستمرار نقص تدفق الطاقة للمصانع، التى تسببت فى خسائر بلغت نحو 3 مليارات جنيه خلال الفترة الأخيرة. وقالوا إن الضغوط الحالية ستؤدى إلى ضياع استثمارات يصل حجمها إلى أكثر من 100 مليار دولار بالإضافة إلى تشريد نحو 60 ألف عامل. كانت عدة تقارير صدرت أخيرا حذرت من انهيار صناعة الحديد والصلب فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط، جراء تدفق الحديد المستورد إلى أسواقها من الصين، ومنتجين آخرين، بأسعار تقل عن تكلفة إنتاجه فى أسواق المنطقة، حيث قال الاتحاد العربى للحديد والصلب خلال اجتماعه الأسبوع الماضى فى الجزائر إن الضغوط التى تواجه القطاع كبيرة، مؤكدا أن أكبر تحدٍ يعوق تطوير هذه الصناعة هو ظاهرة إغراق السوق بالواردات وعدم وجود الحماية الكافية للمنتجين، وشدد على ضرورة قيام مصر والحكومات العربية بتوفير الحماية والدعم لهذا القطاع أسوة بما يتم العمل به فى الدول الصناعية الكبرى مؤكدا أن مواصلة العمل بالسياسات الحالية سوف يؤدى إلى انهيار تلك الصناعة. وقال جمال الجارحى رئيس مجموعة السويس للصلب إن العالم كله يدعم صناعته وصادراته، حتى الصين أقوى اقتصاد فى العالم يدعم صادرته ونتيجة لتزايد الضغوط وتباطؤ اقتصادها أخيرا قامت بخفض عملتها 3 مرات فى أقل من أسبوع. «يعرف الجميع التحديات التى تواجه القطاع، وكل ما نطلبه هو الحماية من الإغراق والمساواة بالمستثمرين فى الخارج، حتى لا تجد الدولة نفسها مجرد بلد مستوردة ومستهلكة فقط، فاستمرار الأوضاع الحالية يعنى مزيدا من الخسائر والضغوط لتلك المصانع التى توفر نحو 60 ألف فرصة عمل مباشرة ونحو 500 ألف فرصة عمل غير مباشرة»، وفقا للجارحى. وقال كامل جلال مدير علاقات المستثمرين بشركة حديد عز إن نقص إمدادات الطاقة أثر بشكل كبير على الشركة، ونتمنى مزيد من الاستقرار خلال الفترة المقبلة حتى تتحول عز من الخسارة إلى الربح خلال الفترة المقبلة. وتابع: «نعول كثيرا على مصنع العين السخنة الجديد الذى سيحدث نقلة وتحولاً فى أداء المجموعة، لأنه سيجعلنا نعتمد اكثر على خام الحديد بدلاً من الخردة مما سيخفض التكلفة ويعطينا ميزة أكبر للتنافسية والربحية». وأشار جلال إلى أن مصنع العين السخنة الجديد سيرفع مبيعات المجموعة من الحديد بنحو 600 ألف طن خلال عام 2015، متوقعا الوصول إلى الطاقة الإنتاجية القصوى لمصانع حديد عز، وهى 5.5 مليون طن حديد تسليح وصلب مسطح بحلول عام 2016. يجب على الحكومة إيجاد حل لمشكلة نقص الطاقة وعدم توافر الدولار، وفقا لمحمد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية، باعتبارهما من أهم الضغوط والتحديات، التى تواجه الصناعية المحلية بشكل عام وصناعة الحديد والصلب بشكل خاص، فالواقع يؤكد أن الحكومة تولى اهتماما أكثر للتجارة عن الصناعة، نتمنى أن تتغير تلك النظرة. وأشار إلى أن الصناعة هى الملاذ الآمن والخيار الأهم لرفع معدلات نمو الاقتصاد، وصناعة الحديد هى أحد أهم أركان الصناعة المصرية. «المشاريع الضخمة التى طرحتها الحكومة خلال مؤتمر شرم الشيخ وحفل افتتاح قناة السويس تحتم ضرورة النهوض بتلك الصناعة التى تمثل العمود الفقرى لأى اقتصاد، فالمصانع الحالية قادرة على إنتاج نحو 10 ملايين طن حديد أى ما يفوق استهلاكنا المحلى الذى يبلغ نحو 7 ملايين طن»، حسب جلال. وأضاف أن الصناعة فى مصر تعانى بسبب مشاكل كثيرة، أهمها ارتفاع أسعار الأراضى التى تعد الأعلى فى العالم التى تتراوح بين 800 و1000 جنيه للمتر، مقابل وصولها إلى 40 دولارا فقط فى الخارج، وكذلك أسعار الغاز والطاقة، ونتمنى أن نجد حلولاً مستقبلية لأسعار الفائدة أيضا، وضريبة المبيعات على المعدات المستوردة بالإضافة إلى حل مشكلة ندرة الأراضى الصناعية. وذكر أن ارتفاع سعر الدولار بنسبة أكثر من 30% أدى إلى ارتفاع سعر تكلفة إنتاج الحديد لدى أصحاب المصانع، حيث تمثل الواردات من صناعة الحديد أكثر من 85% من تكاليف الإنتاج. وعلى صعيد متصل قال مسئول بشركة حديد المصريين، أن الشركة مستمرة فى التوسع داخل السوق المصرى برغم الضغوط التى تواجه الصناعة، ولديها خطة توسعية كبيرة داخل السوق خلال الفترة المقبلة، حيث تطمح الشركة من الاستفادة من المشروعات الضخمة التى تطمح الحكومة تنفيذها خلال السنوات المقبلة.