• مليون و380 ألف حالة حجم التعديات على الأراضى الزراعية منذ ثورة يناير • لا يوجد قانون جديد لحماية الأراضى.. والقوانين القديمة فاشلة • إعادة التخطيط العمرانى للقرى وإعادة بناء البيوت القديمة والظهير الصحراوى يحل المشكلة بنسبة 60 % • القيادة السياسية أمرت بالتوجه إلى عمق الصحراء وتوسيع رقعة المعمورة وإضافة مساحات زراعية جديدة أكد المهندس السيد عطية، رئيس الإدارة المركزية لحماية الأراضى بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، أنه لا توجد أى مقترحات لمشروع جديد لحماية الأراضى، وأن العمل ما زال مستمرا بالقوانين القديمة الضعيفة التى فشلت فى حماية الرقعة الزراعية من التآكل، مضيفا أن التعديات تعتبر انفلاتا أخلاقيا قبل أن تكون أمنيا، مشددا على أن الزيادة الضخمة فى تعداد السكان أدى إلى تآكل الأراضى الزراعية، وتجريفها والبناء عليها. وإلى نص الحوار: • التعديات على الأراضى الزراعية أكلت الأخضر واليابس.. ما أسباب نشأة التعديات؟ - بداية.. لابد أن أوضح أن التعديات تعتبر انفلاتا أخلاقيا قبل أن تكون انفلاتا أمنيا، والأسباب الواضحة التى نتجت بسببها التعديات على الأراضى الزراعية، هو ازدياد عدد السكان بالنسبة لمساحة الأراضى الزراعية. ففى عام 1879 كانت مساحة الأراضى الزراعية فى مصر 5 ملايين و425 ألف فدان، بينما كان عدد سكان مصر يبلغ 5 ملايين و518 ألف نسمة، أى بواقع فدان لكل نسمة، بينما فى عام 2015 (أى بعد مرور 136 عاما) بلغت الزيادة فى مساحة الأراضى الزراعية 3,8 مليون فدان لتصل إلى 9,28 مليون فدان، بينما بلغت الزيادة فى عدد السكان 89 مليون نسمة ليصبح 94 مليون نسمة، مما جعل نصيب الفرد لا يتجاوز 1,5 قيراط، كما أن الحيز المعمور لا يتجاوز 5,5% من مساحة مصر، و نصيب الفرد من المساحة المأهولة لا يتعدى 0,21 من الفدان، وهو ما جعل مصر تعانى من عدم اتزان خطير فى توزيع الكثافة السكانية على أرضها التى تبلغ مساحتها 1002 كيلو متر مربع (246 مليون فدان). • ما تأثير الزيادة السكانية الكبيرة على التعديات ؟ - أدى تركيز حركة العمران فى الوادى القديم والدلتا وارتفاع الكثافة السكانية إلى العديد من المشكلات، تمثلت فى الزيادة المطردة فى الفجوة الغذائية، بجانب الزحف العمرانى الخطير على الأراضى الزراعية ما أدى إلى تآكلها وجعل كل الجهود التى تبذلها الدولة فى الحقب الماضية للتوسع فى استصلاح الأراضى غير مؤثرة وواضحة. • ما خطتكم لمواجهة الزحف على الأراضى الزراعية ؟ - خطتنا لمواجهة ذلك الأمر تمثلت فى توجيه القيادة السياسية بالتوجه إلى عمق الصحراء وتوسيع رقعة المعمورة، وإعادة توزيع السكان كهدف استراتيجى وإضافة مساحات زراعية جديدة فى ضوء الامكانيات المتاحة، بجانب الحفاظ على الرقعة الزراعية القائمة حاليا واتخاذ جميع التدابير التى تحميها من التعدى عليها بشتى الصور سواء بالبناء أو التجريف أو التبوير بتضافر جميع جهود الجهات المعنية. • ماذا عن قانون حماية الأراضى الجديد الذى وعدت الحكومة بتغليظ عقوباته ليكون رادعا؟ - لا توجد أى قوانين جديدة لحماية الأراضى، ولم تطلب منى أى مقترحات لأى قوانين جديدة، ومازلنا نعمل بالقانون رقم 116 لسنة 83 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 85 وقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 والقرار الوزارى رقم 1836 لسنة 2011، وقدمت العديد من الطلبات التى من شأنها وقف نزيف التعديات تماما والقضاء على الظاهرة بشكل كامل، ومنها أن يكون هناك جهاز شرطى خاص بحماية الأراضى، فى إطار رؤيتنا للحد من التعديات على الأرضى الزراعية، ولم يستجب لنا أحد. كما سبق وتقدمنا بمقترح للمستشار عدلى منصور، يتمثل فى أن المبانى التى يصعب إزالتها يتم تغريم صاحبها بسعر المتر فى أقرب مدينة ويدفع نفس سعره لمخالفة البناء وتجريف أرض زراعية، ولم يلق المقترح قبولا من قبل المستشار عدلى منصور، كما أرسلنا عدة مقترحات لتعديل القرار الوزارى رقم 1836 لسنة 2011، لوزير الزراعة للتصديق عليها والعمل بها، بالإضافة إلى طلب بمصادرة الأرض الزراعية التى يتم التعدى عليها، وتم رفضه لعدم دستوريته. • لماذا لا تسمح وزارة الزراعة بالموافقة على مشروعات النفع العام؟ - بالعكس تماما.. نحن نصدق يوميا على عشرات الطلبات من مشروعات النفع العام، من مدارس ومعاهد أزهرية ومستشفيات، بشكل شهرى، وأرسلنا مقترحات بالقرار الوزارى رقم 1836 لسنة 2011، لوزير الزراعة للتصديق عليها، وهذا القرار ينظم الاستثناءات من المشروعات التى تخدم الانتاج الزراعى والحيوانى، ومشروعات النفع العام. • هل فشلت وزارة الزراعة فى السيطرة على التعديات نتيجة ضعف قانون حماية الأراضى الحالى؟ - منذ أكثر من عشرين عاما، ومصر تطبق قانونا جادا لحماية الأراضى الزراعية ورغم حرص جميع اجهزة الدولة على نفاذ هذا القانون، إلا أن التعديات مازالت مستمرة ومازال التآكل فى الاراضى الزراعية يزداد إلى أن بلغ الفاقد السنوى نحو 20 ألف فدان من أجود الأراضى الزراعية فى الدلتا والوادى. • لماذا لا يعود قانون الحاكم العسكرى مرة أخرى للحد من ذلك الخطر؟ - منذ إلغائه فى عام 2004، لم يتحدث أحد عن رجوعه مرة أخرى، وتم إصدار تشريع مماثل للأمر العسكرى رقم 96 / 1م، يحظر جميع أشكال التعدى على الرقعة الزراعية وإزالتها فى الحال بمعرفة الجهة الإدارية المختصة، وعلى نفقة المخالف وتغليظ عقوبة الحبس والغرامة، وهو الإجراء الوحيد الذى أتى بثمار جادة ومنتجة فى صالح قضية التعديات والحد من الظاهرة الخطيرة التى تجتاح الأراضى الزراعية، إلا أنه وبعد إلغاء الأمر العسكرى رقم 1 لسنة 1996، لأسباب غير عملية، تفشت الظاهرة بضراوة حتى وصلت إلى شكلها المخيف الذى يمثل خطورة على الاقتصاد القومى حتى صدر قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 بحظر التعدى على الأراضى الزراعية خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة بالمادة رقم 2 وأفراد المواد 56،60،61،62،102،104 لعقوبة مخالفة هذا الحظر. إلا أنه لم يحقق الردع حتى تاريخه بسبب عدم قيام الجهة الإدارية المختصة بالتنظيم والتخطيط العمرانى والوحدات المحلية بالقرى والمدن بأى دور يذكر حيال ضبط وإزالة تلك التعديات . • لماذا لا يوجد تنسيق بين وزارة الزراعة والوزارات المعنية بالتعديات ؟ - ليس صحيحا هناك تنسيق كامل بين وزارة الزراعة والوزارات المعنية من الكهرباء والمحليات وغيرها، ولكن قرارات الوزراء تصبح حبيسة الأدراج منذ وصولها للمحافظات، من خلال شركات كسب المال، فمثلا الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى وشركات توزيع الكهرباء بالمحافظات، كل همها تحصيل الأموال، حتى إن كانت بالمخالفة، دون النظر إلى جريمة المخالفة التى يشاركون فيها بوعى وقصد، من خلال الشروع فى إتلاف مرفق عام، مما يجعل المخالفات مأهولة بالسكان ويعيق عملية الإزالة، ويتطلب اذونات أمنية لتنفيذها. • ما هى رؤيتكم لغلق ملف التعديات والقضاء عليه؟ - طلبنا مواجهة شاملة بالتخطيط العمرانى للقرية المصرية من جانب، وربط سياسة حماية الأراضى مع سياسة توزيع الاراضى الجديدة من جانب آخر، ووضع خطط عملية متكاملة لتحقيق التوازن بين التوسع العمرانى لسكان الريف لمجابهة النمو السريع للكتلة السكنية الريفية وضرورات الحفاظ على الاراضى الزراعية، بجانب تبسيط اجراءات تراخيص إحلال وتجديد المبانى القديمة داخل القرى وإعفائها من الرسوم المقررة أو تخفيضها إلى الحد الأدنى تشجيعا للمواطن على استغلال الثروات العقارية المهجورة رغم انه تخدمها المرافق الاساسية وكذا حثهم على التوسع الرأسى بها ومنحهم قروض اسكان تعاونى بفائدة هامشية مما سيمنع التعدى على الاراضى الزراعية خارج الاحوزة العمرانية. • ما الفائدة من وراء عمل تخطيط عمرانى للقرى المصرية؟ - عمل تخطيط عمرانى للقرى المصرية يساعد فى حل ازمة التعديات بنسبة تتجاوز 60%، ويعتبر مطلبا أساسيا من ضمن المطالب التى قدمناها، حيث ان هناك العديد من البيوت القديمة التى لا يسكنها سوى ألبوم والحشرات والفئران، وأثناء مرورنا على المنازل لتقديم النصح والإرشاد للأهالى، وجدنا تلك البيوت وطلبنا من أصحابها هدمها وإعادة بنائها، بدلا من البناء على الأرض الزراعية، وفوجئنا بأن تلك البيوت مورثة، واستخراج رخصة بناء لها يتطلب صعوبة بالغة، حيث إن رسوم التراخيص الخاصة بالمبانى فى القرى الفقيرة مثل الترخيص فى المدن المتحضرة مثل الزمالك أو مصر الجديدة، وهذ لأن القانون رقم 119 لسنة 2008، لم يفرق بين التراخيص للقرى الفقيرة أو الغنية فكلها سواء، فطالبنا بتعديل فى اللائحة التنفيذية لقانون 119، بحيث يتم تخفيض الاجراءات الخاصة بالاحلال والتجديد للمبانى القديمة بالقرى الفقيرة الموجودة داخل القرى والعزب والنجوع. • لماذا لا نستغل الظهير الصحراوى فى إنشاء قرى جديدة؟ - بالفعل طلبنا أن تكون لكل قرية ظهير صحراوى، بحيث لا تكون بعيدة عن الحياة الزراعية، والتقصير ليس من وزارة الزراعة، وهذا الأمر يقع على عاتق وزارتى الإسكان ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية، والمحليات، اللتين تقومان برسم الخرائط وتحديد المساحات، وعلى وزارة الزراعة الموافقة على الأرض فقط، وإلى الآن لم يصلنا أى مخطط لأية قرية، رغم مطالبنا المستمرة باستغلال الظهير الصحراوى للقرى، وأن استغلال الظهير الصحراوى للقرى يساهم فى حل أزمة التعديات بنسبة 70%. • كم بلغ حجم التعديات على الأراضى الزراعية حتى الآن؟ - بلغ حجم التعدى على الأراضى الزراعية الخصبة بالوادى والدلتا مليونا و380 ألف حالة، بإجمالى مساحة يصل ل 60 ألفا و315 فدانا منذ قيام ثورة 25 يناير وحتى الآن، ونجحت الحكومة فى إزالة 13 ألفا و282 فدانا بعدد حالات 231 ألف حالة، مؤكدا أن نسبة الإزالة 17% من إجمالى المساحة المتعدى عليها.