التجديد يجب أن يتمسك بالأمور قطعية الثبوت فى القرآن.. والمسئولية ليست على العلماء وحدهم تأخير الإصلاح سيضاعف الإلحاد والتطرف.. والاعتماد على الشباب أولوية قال الداعية الاسلامى، الدكتور، عمرو خالد، إن الصورة الحالية المقدمة للتدين لا تلبى احتياجات المجتمع ولا تجيب عن أسئلة العصر، داعيا فى حواره مع «الشروق» إلى ضرورة سد «الفجوة بين الدين والحياة، ومحذرا من استفحال الأزمة بتجاهلها.. وإلى نص الحوار: * ما هى إشكاليات تجديد الخطاب الدينى؟ ** نحن نعيش مشكلة دينية كبيرة، فقد حدث زلزال فى نظرة الناس للدين وما يشمله من تعريفات، مثل: الإيمان، والإسلام، حتى اهتز إيمان البعض بشكل عنيف، وصار آخرون يشككون فى أمور الدين، وفقد البعض إيمانه بالكلية، وإذا نظرنا حولنا سنجد «داعش» والتطرف الذى تمثله والمنتشر فى مساحات شاسعة على خريطة العالم التى تنسب للإسلام، فضلا عن إراقة دماء كثيرة باسم الدين، وفى المقابل فهناك إلحاد وتشكيك ومحاولات لهدم الدين، وبين الصورتين، نجد ملايين الشباب المذبذبين يقفون فى مناطق الحيرة والتشكك فى الأمر، لا تدرى لها وِجهة، ولا تعرف لها سبيلا، ومن هنا يطل برأسه سؤال محورى: ما دورُ الدين فى حياتنا؟، ومن المفروض أن دوره أن يجيب عن أسئلة العصر، وعلينا أن نعترف بشجاعة كدعاة وعلماء دين أن هناك خللا، وأن الصورة الحالية المقدمة للتدين لا تلبى احتياجات المجتمع ولا تقدم إجابات عن المطلوب الاستفهام عنه. وبصورة أخرى يمكن القول إن الفاعلية غائبة «والموتور لا يدور»، وأن هناك فجوةٌ كبيرةٌ بين الدين والعصر الحالى، خاصة أن الحياة أخذت تتطور بسرعة مذهلة، فى حين يقف عرض الدين مكانه، وهذا ليس خطأ فى الدين، لكننا لم نجدِد أو نتجدد فكانت النتيجة فجوة كبيرة. * وما الحل فى هذا الواقع الذى عرضته؟ ** الحل هو التجديد الذى يجعل الدين يتماشى مع الحياة خطوة بخطوة، ويتمسك بالأمور قطعية الثبوت فى القرآن، لأن ما هو غير ذلك سيكون فيه مساحات واسعة جدا، وقد أصبح التجديد ضرورة ليواكب العصر، وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالتجديد حين قال: «يبعث الله على رأس كل مئة عام من يجدِد للأمة أمر دينها»، ومن ثم نستطيع أن نعتبر هذا الحديث عودة لتفاعل الدين مع الحياة المعاصرة، ويقدم رؤية جديدة فعالة فيمن يجدد لهذه الأمة أمر دينها. * ما هى مشكلات تأخر التجديد الدينى المطلوب؟ ** لابد أن نسد الفجوة بين ديننا والحياة، وإلا ستكبر المشكلة وتستفحل، وسوف يترك الشباب الدين تماما أو نعيش الدين فى شكل تقليدى جامد «صور بلا روح»، أو يصبح الإلحاد والتطرف هما الأصل بما يمثل أضعاف ما نحن فيه الآن، أو نصبح مثل أوروبا، التى أصبح فيها الدين فى اتجاه والحياة فى ناحية أخرى، وتصبح صلتنا بالدين نحن وأولادنا من بعدنا، تنحصر فى يوم الجمعة فقط، هذا إذا صلوها من الأساس. * مع الوضع فى الاعتبار أن عدم التجديد لا يضعنا فى مواكبة لتطورات العصر.. فهل هناك تقصير دينى من جانب المسلمين فيما يخص التجديد؟ ** لو ظل الوضع هكذا سيضيع الدين، ونفقد القدرة على أن نشهد أمام الله يوم القيامة كما يقول فى كتابه الكريم: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس» (البقرة 143)، فكيف يشهد من لم يحضر عصره؟، يمكن القول: «إحنا مكتوبين غياب عند الله»، وفى المحكمة لا يشهد إلا من كان حاضرا، ولنتخيل انفسنا يوم القيامة، ونجد سيدنا نوح عليه السلام وقومه، وغيره من الانبياء، وكل أمة محمد تشهد يوم القيامه، إلا نحن وجيلنا. * ما هى طبيعة من يتصدون لتجديد الخطاب الدينى وآليات عملهم؟ ** لابد من وجود آليات حوار نشترك فيها جميعا، وهذا ليس مسئولية علماء الدين فحسب، إنها قضيتنا كلنا، والشباب أولنا بآليات العصر التى يعرفها ويجيدها ويواكب احدث التطورات التكنولوجية وفى شبكات التواصل عبر الٌإنترنت، ولذلك سنمشى خطوة بخطوة فى كل المجالات الأخلاق – العمل، ونعرض فكرة جديدة بصورة أولية، وليس بشكلها النهائى ونناقشها، بأسلوب العصر وهو المشاركة، ونفتح حوارا يوميا، يَحمل شعار: (فكرتى على فكرتك، ليست فكرة ثالثة)، وهذا يشبه انشطار الخلية، أو مثل شخص واحد يقف بين مرآتين، فسيكون عددا لا نهائيا ليس 2 أو 3، وهذا التشبيه يقصد به، أن ندخل ونفكر فى هذه الافكار معا فى حوار مفتوح على الإنترنت كل ليلة. * ومن المسئول عن التجديد؟ ** كلنا مسئولون عن التجديد وسد الفجوة، فتعالوا معا نفكر سويا فى كل مجال من مجالات الحياة التى تحتاج لتطوير، ونبحث عن أسئلتها ونحاول البحث عن الطريقة التى تعيد الفاعلية للدين فى الحياة بما يخدم الحياة المعاصرة ويحسن حياتنا، وبالتأكيد سيعيننا الله ويفتح علينا ويحفظ أولادنا، لكن علينا أن نجتهد، وأنا أريد من الجيل الذى سيبدأ معنا أن يصبحوا خبراء، وأكون معهم حلقة وصل مع علماء الدين الكبار فى العالم الإسلامى، فالأمل كبير فى الشباب، ولابد أن نعيد الفاعلية لديننا فى الحياة، لا أتكلم عن حلول قاطعة، لا أملكها ولكن أتحدث عن كيف نحسن حياتنا، فلن أقوم بتوجيه للرأى ولكن أعرض رؤية جديدة فعالة من اجتهادى لنفكر سويا.