الإسلام السياسى وأمانة الجامعة العربية وإيران 3 ملفات تهدد علاقات القاهرةوالعواصم المغاربية وزير تونسى: نعارض التدخل العسكرى فى ليبيا.. ونخشى تحول الصراع السياسى إلى حرب أهلية شاملة قالت مصادر سياسية ودبلوماسية مصرية وعربية إن تباعد وجهات النظر بين مصر ودول شمال أفريقيا حول الملف الليبى أصاب العلاقات بين الجانبين بقدر من التوتر الذى يحرص المسئولون على إخفائه أو التقليل من أهميته. يأتى ذلك فيما جمعت العاصمة الإيطالية روما أمس الأول وزير الخارجية سامح شكرى بوزير الدولة الجزائرى للشئون الأفريقية والمغاربية عبدالقادر مساهل ووزير الشئون الخارجية الإيطالى باولو جينتيلونى، لبحث الملف الليبى. وقال مصدر مصرى إن القاهرة تعتمد وساطة تقوم بها شخصيات مصرية لها وزن سياسى وأخرى لها وزن مالى كبير لتهدئة التوتر الذى تزايدت حدته عبر الشهور الماضية مع الجزائر، فى وقت تشهد فيه مصر تحديات غير قليلة فيما يتعلق بمجمل علاقاتها مع دول شمال افريقيا المجاورة بدءا من ليبيا وصولا لموريتانيا التى تتوافق وتنسق سياسيا مع عواصم مغاربية وخليجية، لا تتفق معها مصر. ويقول دبلوماسى جزائرى إن الجزائر وقفت إلى جوار مصر «بدون تردد بعد الإطاحة بمحمد مرسى فى 30 من يونيو 2013 وأنها سعت لإعادة مصر إلى «الاتحاد الافريقى ودعمت الاعتراف الدولى بالسلطات الانتقالية فى مصر، كما دعمت وصول الرئيس السيسى للحكم بوصفه الخيار الشعبى المصرى». ولكن العلاقات المصرية الجزائرية اضطربت بسبب التباين الواسع فى وجهات نظر البلدين حول إدارة الصراع السياسى العسكرى فى ليبيا، خاصة أن القاهرة مصرة، بحسب رواية مسووليها، كما رواية المسوولين الجزائريين، على استبعاد جميع أطياف الإسلام السياسى من التشكيلة الحاكمة فى ليبيا، وهو الأمر الذى تعارضه الجزائر تماما. وبحسب دبلوماسيين من شمال أفريقيا فإن التحركات المصرية لتجاوز حظر التسلح المفروض على الجيش الليبى يواجه رفضا تونسيا واضحا. ويقول تهامى العبدولى وزير الدولة التونسى ل «الشروق» إن تونس تشترك فى الإطار العام مع مصر، وحين قامت مصر بالضربة العسكرية لداعش تفهمنا الأمر وقلنا إن مصر لها الحق للدفاع عن أمنها ولم يكن لها أى موقف سلبى ثم حينما تقدمت ليبيا بمشروع لمجلس الأمن طالبت برفع حظر تسليح الجيش الليبى، اشترطنا أن يوجه هذا السلاح لمحاربة داعش والمجموعات الإرهابية، وليس إلى الجماعات السياسية المناوئة للحكومة خشية اشتعال حرب أهلية بين الأطراف المتصارعة سياسيا فى ليبيا. وأضاف العبدولى أن بلاده لن تؤيد أى تدخل عسكرى فى ليبيا «إلا بعد أن يتم استنفاد كل الطرق الممكنة للحوار.. تقريبا الآن هناك حكومة وحدة وطنية تتشكل ونحن مع الضربة العسكرية للإرهاب لكن لسنا مع ضرب الطرفين». الرواية الجزائرية أيضا تحمل تحفظا على ما تصفه بالافراط فى السعى المصرى للتأثير على الأوضاع فى ليبيا بما يتوافق مع الرغبة فى تصفية جميع أطياف الإسلام السياسى. وتمثل هذه الرؤية نقطة اتفاق نادرة بين الجارتين المتصارعتين الجزائر والمغرب التى تذكر القاهرة دوما بأن الحل فى ليبيا لا يمكن أن يستثنى الإسلام السياسى وان الحل الامثل للتعامل مع هذا التيار هو احتواؤه وتنويره وليس المضى فى محاربته حتى النهاية خوفا من تزايد شريحة المتطرفين والإرهابيين داخل طيف الإسلام السياسى. التوتر مع الجزائر يشمل أيضا ما اصبح تنافسا تقليديا على مناصب فى منظمات إقليمية ودولية يبدو منصب الأمين العام القادم للجامعة العربية مرشحا مرة ثانية لأن يكون أحدها، بل يبدو بحسب رواية الرباط أن المغرب ربما تود أيضا فتح الباب الذى تسعى القاهرة دوما لإغلاقه حول تداول منصب الامين العام أو انتخاب أمين عام من عدة مرشحين، عوضا عن التوافق التقليدى على مرشح دولة المقر. ويقول دبلوماسيون من شمال افريقيا ل«الشروق» إن المغرب العربى بأسره لم يتردد ابدا فى دعم ترشيح نبيل العربى أمينا عاما للجامعة العربية فى أعقاب ثورة يناير تقديرا لاستمرار الدور المصرى العربى الفاعل على الساحة العربية بعد الثورة كما إنه لم يتردد إطلاقا «بل دعمنا وبلا أدنى تردد» ترشح الأمين العام الاسبق عمرو موسي، غير أنهم يضيفون أن «الأوقات تتغير» وأن احتكار مصر للمنصب «أصبح غير مبرر»، خاصة أن «الأسماء المطروحة من القاهرة حتى الآن لا تنافس قامة أسماء دبلوماسية عربية أخرى». ولا يستبعد دبلوماسى مصر العامل الإيرانى من معادلة العلاقات بين القاهرة وشمال أفريقيا، حيث يقول إن مصدر تدرك تماما وجود مصالح اقتصادية حيوية تربط عواصم بعينها فى شمال أفريقيا مع طهران، وأن لإيران تواجدا ملحوظا فى عدد من دول الساحل والصحراء وهو ما يمكن أن يكون مدعاة لمزيد من الخلافات وليس لتقليلها.