«لا حياة مع اليأس ولا ياس مع الحياة»..مقولة رددها كثيرا المناضل المصري مصطفى كامل قبل مئة عام تقريبا رافضا الخضوع للواقع باحتلال بلاده، وتعبر عن الكفاح ضد الفشل بحجة الواقع.. استطاعت السيدة سميرة فرحات أحمد الحصلة على لقب الأم المثالية لهذا العام بالصبر والعمل أن تثبت تلك المقولة رغم الظروف التي واجهتها بعد وفاة زوجها قبل 20 عاما تاركا لها طفل وطفلة دون دخل تنفق منه عليهما، لكن بإرادة قوية قهرت الواقع القدري لتصل بطفليها إلى الجامعة كطلاب بكليتي الطب والأسنان. سميرة توفي زوجها بعد عامين ونصف العام من الزواج عام 94 وترك لها طفلين "نجوى عامين" و"علاء 5 أشهر"، عملت فى مجال الزراعة وحملت الفأس لتوفير نفقات المعيشة وتربية طفليها الصغيرين، حلمت بالعيش فى غرفة يعلوها سقف حتى لو كان من الخشب بدلا من عفش الأرز وزعف النخيل الذى كان يتسبب فى سقوط الاتربة عليها وطفليها. تروى الام المثالية قصة كفاحها بانها نشأت فى أسرة فقيرة بقرية كحك وكان حلمها منذ طفولتها الالتحاق بالتعليم، ولكن ظروف المعيشية لأسرتها لم تمكنها من ذلك، فتزوجت من رجل يكبرها ب30 عاما، كان يعمل صيادا ببحيرة قارون، فرحل عنها إلى ربه بعد عامين فقط من الزواج وترك طفلين، فقررت تحقيق حلمها فى أبنائها "نجوى وعلاء". سميرة العشرينية حملت لقب الأرملة وحملت معه الفأس لزرع قطعة أرض لا تتجاوز 5 قراريط لتوفير متطلبات طفليها، تستيقظ قبل الناس تاكة طفليها وقت الفجر للعمل حقلها الزراعي الصغير، تحملت كثيرا من الإهانات والمشاكل من أقاربها وجيرانها بسبب رفضها الزواج نظرا لصغر سنها، فصمدت وأصرت على تربية طفليها وتحقيق حلمها فىهما. عندما تقدم سن الأطفال والتحقوا بالمدارس زادت أعباء ومتطلبات الحياة على "سميرة"، فلجأت لتأجير قطعة الأرض لأحد المزارعين للعمل في حياكة الملابس التي تعلمتها على ماكينة خياطة بمنزل أسرتها، واستمرت في هذا العمل لأكثر من 10 سنوات حتى كبر الأبناء، فى منزل بدون كهرباء تحت سقف من البوص وعفش الأرز. معاناة تمحلها طفلا "سميرة" لكنها حظيت بالجزء الأكبر رغبة منها، عاش الطفلان ووالدتهما في بيت لم يصد سقفه غبار التراب الذي كان يتساقط على ووجههم أثناء النوم، كانوا يستذكرون دروسهم على لمبة الجاز. "سميرة" تصف معاناتها بانه «ذقت الأمرين والعذاب»، لكنها لم تستسلم وكافحت وتحملت الظروف الصعبة، الى ان تفوق "علاء" و"نجوى" فى الثانوية العامة مكنهما من التحاق "نجوى" بجامعة القاهرة في كليي طب الأسنان، و"علاء" بكلية طب جامعة الفيوم. "علاء" طالب بالفرقة الثانية بكلية طب جامعة الفيوم أكد أنه لو ظل يعمل طوال حياته من أجل والدته لن يكون قادرا على تعويض لحظة واحدة من لحظات التعب والشقاء التى عاشتها أمه من أجل وصولهما إلى تلك المراحل التعليمية، وأنه صمم على الالتحاق بكلية الطب من أجل تحقيق حلم والدته. أما "نجوى" التي تدرس بالفرقة الرابعة في كلية طب الاسنان جامعة القاهرة أكدت انها كانت تتوجة إلى السماء بالدعاء وتقول: "يارب وفقنى فى دراستى من أجل أمى وليس من أجلى" والآن أتقدم بكل الشكر إلى الله أولا ثم أمى التى صممت على الكفاح من أجلى أنا وأخى، وحرمت نفسها من جميع ملذات الحياة مثل أى امراة. رغم كل ذلك فعطاؤه لم ينقطع فطالبت الأم المثالية في احتفالية تكريمها المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم بتوفير شقة لابنها علاء حتى يستقر بمدينة الفيوم لاستكمال دراسته، نظرا لانهم يعيشون فى قرية الحامولى التابعة لمركز يوسف الصديق، والتى تبعد عن مدينة الفيوم بحوالى 80 كيلومترات، وهى من المناطق النائية التى يعانى سكانها صعوبة فى المواصلات ومعظم المرافق".