الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
البنك الإسلامي للتنمية يقدم اعتماد مالي قدره 13.2 مليار دولار للبلدان الأعضاء
"كاسبرسكي": 9.7 مليون دولار متوسط تكلفة سرقة البيانات في القطاع الصحي
هبوط أسعار النفط وسط احتمالية زيادة إنتاج "أوبك+"
فضيحة تطال الجيش الأمريكي، إيقاف مجموعة من جنود النخبة عن العمل بعد عملية وهمية (فيديو)
أمن وكالة سي آي إيه يطلق النار على امرأة أمام مقرها
"الغارديان": ترامب خيّب آمال أوروبا بعد مكالمته مع بوتين
شهداء وجرحى في غارات الاحتلال المتواصلة على قطاع غزة
ضبط عامل لسرقته الشقق السكنية بمواقع تحت الإنشاء بمدينة 15 مايو
شوبير الأب والابن الأفضل في تقييم إكرامي.. والحضري يتفوق على الشناوي (فيديو)
في يومه العالمي.. احتفالية بعنوان «شاي وكاريكاتير» بمكتبة مصر العامة بالدقي
«التنسيق الحضاري» يطلق حفل تدشين تطبيق «ذاكرة المدينة» للهواتف الذكية
مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص
مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة| الأهلي ضد الزمالك في نهائي كأس أفريقيا لليد
حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج
بسمة وهبة لمها الصغير: مينفعش الأمور الأسرية توصل لأقسام الشرطة
انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي الشرقي في المنيا يُخلف 4 قتلى و9 مصابين
قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد
انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك
بصورة قديمة وتعليق مثير، كيف احتفت هالة صدقي بخروج عمر زهران من السجن
سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة
صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية
تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد
شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه
لجنة التقنيات بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول
مراجعة مادة العلوم لغات للصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني (فيديو)
مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس
هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)
انفجار كبير بمخزن أسلحة للحوثيين فى بنى حشيش بصنعاء
نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة
مصرع 4 أشخاص وإصابة آخر في تصادم سيارتي نقل على طريق إدفو مرسى علم
ضبط مركز أشعة غير مرخص فى طهطا بسوهاج
تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بداية تعاملات الجمعة 23 مايو 2025
وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة
سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025
بقيمة 19 ألف جنيه.. كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي تعبيراً عن الوحدة الوطنية
دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني
اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين
الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد
بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار
صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز
وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة
رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025
تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية
تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري
خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025
تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)
الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)
ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب
أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة
ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب
قباء.. أول مسجد بني في الإسلام
«المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟
«بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)
«لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟
مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين
تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج
هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب
وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
(الدانمارك 2005 باريس 2015) 000 هل هناك ما تغير؟
أيمن الصياد
نشر في
الشروق الجديد
يوم 11 - 01 - 2015
واقعتان؛ إحداهما بدأت في
الدانمارك
(سبتمبر 2005)، والثانية انتهت في
باريس
(يناير 2015)
وأحسب أن قراءة الواقعتين، سياسةً وإعلامًا وردودَ فعلٍ قد يكون كاشفًا ومحملا بالدلالات
© Dan Kitwood, Getty Images
سبتمبر 2005: بعكس المجلة الفرنسية الساخرة التي يعتقد كثيرون حتى بين رسامي الكاريكاتير أنفسهم أنها «تتجاوز في سخريتها من كافة المقدسات»، تقول الرواية أن القصة
«الدانماركية»
بدأت يومها (2005) بمحاولة من ناشر دانماركي لتأليف كتاب للأطفال عن حياة الرسول محمد (عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام). وكان الغرض من وراء الكتاب (والعهدة على الراوي) تعزيز التسامح الديني في المجتمع
الدانماركي
. وكان طبيعيا ومفهوما من ناشر (يجهل) ثوابت ديننا ومحرماته، أن يبحث، كما هي العادة في مثل تلك الكتب عن رسام ليرسم الكتاب. إلا أن أحدا من الفنانين
الدانماركيين
لم يتحمس. ووصل الأمر ببعضهم إلى الإعراب عن خشيته على حياته مذكرا بما حصل للمخرج الهولندي Theo van Gogh
ثم كان أن دخلت الجريدة
الدانماركية
على الخط فطلب محررها الثقافي من عدد من الرسامين أن يرسموا «نبي المسلمين». وكان هدفه (إذا صدق في روايته يومها) أن يختبر تأثير حادثة جوخ «وإذا ماكان رسامو الكاريكاتير سيفرضون رقابة ذاتية علي أعمالهم خشية أعمال عنف من جانب متطرفين إسلاميين». وكان الرجل للأسف، إذا افترضنا حسن نيته «جاهلا» بما كان يجب في موقعه أن يكون عالما به. ثم كان كل ماكان.
غضب المسلمون يومها، ليس فقط الأفراد والجماعات، بل كذلك الحكومات (أو هكذا قالت بياناتهم الرسمية). جابوا الشوارع، ورفعوا الشعارات، وأشعلوا النيران.. بل وسحبوا السفراء (كما في حالة ليبيا يومها) واعتبروا ما وصلهم من اعتذار غير كاف (كما في حالة السفيرة المصرية في كوبنهاجن).
في أكثر من عاصمة عربية بدا أن «قضية الرسوم» جاءت يومها مثالية لتحويل الانتباه عن مطالب ديموقراطية بدت نذرها في الأفق. بل كان مضحكًا ومبكيًا في آن أن بعض التظاهرات التي أريد لنا أن نصدق أنها بريئة وتلقائية والتي بدت أكثر عنفًا وصل إلي حد إحراق السفارات، كانت في دول لم تسمح يومًا بمظاهرة واحدة ضد أنظمة الحكم فيها. بل كان الأكثر مدعاة للسخرية هو مشاركة بعض «الزعماء العرب» يومها في تلك التظاهرات.
•••
لا جدال في أن الرسوم؛ التي اشتهرت «بالمسيئة» كانت من وجهة النظر الإسلامية مدانة بكل المقاييس. ولكن لا جدال أيضًا في أن «غرضا في نفس يعقوب» كان حاضرا فيما جرى بعد ذلك. إذ بدا يومها أن اجتمع المستفيدون على تنوعهم لسكب مزيد من الزيت علي النار، ثم للنفخ فيها لتظل مشتعلة تستوعب طاقات الغضب من أوضاع داخلية أو خارجية. والحاصل أن الراقصين يومها حول النار كانوا كثيرين:
1 أنظمة عربية بدا يهمها (فجأة، بعد عقود من الخنوع) استعداء شعوبها على الغرب أملاً في أن يطول هذا العداء كل ما يأتي من هناك، خاصة دعاوي الديمقراطية، التي كانت رياح المطالبة بها قد بدأت تهب عابرة للأوسط تارة وللأطلنطي تارة أخرى. كما بدا يهمها أن تبدو «وقد ارتدت العمامة» أمام شعبيةٍ بدت يومها جارفة للتيارات الإسلامية عند كل اقتراع. ثم أن هذه الأنظمة كانت قد أدركت أن القِدر الذي يغلي لابد له أن ينقلب أو ينفجر، إن لم يجد بخاره المكتوم مجالاً إلي الفضاء الواسع؛ صراخًا أو هتافًا أو حرقًا للأعلام والدمى.
2 زعماء إسلاميون محليون (في دول أوروبية) نظروا تحت أقدامهم بحثا عن شعبية أو مكاسب سريعة رخيصة.
3 جماعات يمينية أوروبية. وجدت في الأزمة فرصة لطرح مواقفها الثابتة الداعية إلى «تطهير ثقافتنا من أولئك الغرباء» وتدعو إلى التفكير في سن قوانين «تمييزية» تفضل أولئك القادمين من دول أوروبا
الشرقية
، القابلين ثقافيًا للاندماج في الثقافة الأوروبية
الغربية
بدلاً من أولئك المسلمين «الذين يشكلون الأساس في صدام الثقافات الذي شهدته أوروبا أخيرًا» علي حد تعبير النيوزويك يومها.
3 إدارة جورج دبليو بوش (وإسرائيل بالطبع) التي يهمها أن لا تكون مياه المتوسط رائقة بين العرب وأوروبا.
بات واضحا يومها أن الإناء الفائر أوغلت فيه أصابعُ كثيرة. وأن بخار الغليان أخفى الحقيقة التي ربما كانت الأولى بالعناية والاهتمام، والمتمثلة في أن هذه الرسوم وأستأذن في التعبير القانوني كانت «كاشفة لا منشئة». فالكارتون تعريفًا اختزالٌ وتجسيدٌ «للصورة الذهنية» لما يتم التعبير عنه رسمًا. وهنا المشكلة. فأصل القصة، وعلينا أن ننتبه لذلك، أن المحرر الثقافي للجريدة
الدانماركية
يومها عندما دعا رسامي الكارتون الأوروبيين إلي التعبير عن صورة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم كما يرونه، كانت تلك الرسوم «المشوَهة والمشوِهة». والتي إن استبعدنا سوء القصد لكانت، وهذا هو الأهم «كاشفة» عن مدى الخطأ والتشويه الذي يعتور صورة الإسلام وعن مدى جهل الغرب بدين محمد وبنبيه الكريم الذي لم يبعث حاملاً قنبلة، كما صوروه بل «رحمة للعالمين» ولم يكن أتباعه الحقيقيين يومًا كما هي تلك الصورة الذهنية السائدة في الغرب بأجلاف قساة غلاظ القلوب. بل هم، بحكم الأمر الإلهي، وبغض النظر عن ما يفعله بعضُهم في بعضِهم: «الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً» (الفرقان -63).
•••
أيًا ما كان الأمر، فقد كان يومها أن دارت العجلة الإعلامية «وبعضها يردد تصريحات رسمية» لتندلع الحرائق البشرية في العالم أجمع من نيوزيلاندا إلي السودان، ومن
الهند
وأفغانستان إلي ليبيا، ومن
النيجر
ونيجيريا إلي
بروكسل
ولندن. أحرق الغاضبون سفارات.. وفقد متظاهرون حياتهم.. ورصد البعض مليون دولار لمن يأتي برأس الرسام
الدانماركي
. ثم كان والحال هكذا أن انتقلت «الرسوم» من صفحات جريدة دانماركية لا يعرفها غير
الدانماركيين
إلي صفحات أكثر من صحيفة أوروبية (عنادًا أو انتصارًا لما يرونه حرية للتعبير، أو حتي لأسباب مهنية بحتة كما قال بعضهم تستوجب إطلاع قرائهم على «موضوع» صار محلا لجدل عالمي) وسمعنا من يطلب من
الفاتيكان
تدشين حرب صليبية جديدة «دفاعًا عن قيمنا». ورأينا وزيرًا إيطاليًا يعلن أنه سيقوم بطبع الرسوم علي قمصان يقوم بتوزيعها.
غضب المسلمون يومها لنبيهم وكان هذا منطقيًا وانتصروا لما يؤمنون به. وغضب الأوروبيون وكان هذا أيضًا منطقيًا لقيم رأوا «من زاويتهم» أن هناك من يهددها.
وهكذا بدا المشهد باتساع العالم كله محتقنًا ومتوترًا.. وكاشفًا، وهذا هو الأهم: «كم يجهل كل منا الآخر».. والذي هو بحكم كونه «آخر» مختلفٌ في ثقافته، وقيمه، وموروثه، ومقدساته، وثوابته. فالمقدس هنا غير مقدس بالضرورة هناك. والجائز هنا ليس بالضرورة جائز هناك. والعكس كذلك صحيح تمامًا. فما يراه المسلمون بل ومسيحيو الشرق مثلاً مقدسًا دينيًا وله حرمة خاصة ولا يجوز المساس به، تراه أوروبا «العلمانية» جائزًا لا حرمة فيه.
لم تكشف الرسوم فقط عن مدي جهل الغرب الأوروبي بحقيقة الإسلام «دين الرحمة»، بل بدا الغرب في فعله ورد فعله «جاهلاً» أو «متجاهلاً» حساسية المسلمين لمقدساتهم الدينية. كما بدا رد فعل «الشارع الإسلامي» غير مدرك لحساسية الغرب الأوروبي تجاه قيم حرية التعبير وحرية الصحافة. وبدا البعض «جاهلا» أو غافلاً عن حقيقة أنه في الموروث الثقافي الأوروبي يتجذر الإحساس بأن أوروبا الجديدة لم تعرف نهضتها الحديثة إلا بعد أن تحررت من سطوة الكنيسة ومقدساتها الدينية. تجاهل الكثيرون عندنا أو جهلوا أن أي حديث عن قداسة لثوابت دينية يستدعي فورًا إلي الضمير الأوروبي العلماني ذكريات محاكم التفتيش ومشهد إحراق كتب جاليليو (1633) بعد أن حجرت الكنيسة علي حريته في نشر آرائه التي خالف فيها المقدس الديني مؤكدًا أن «الأرض كروية وليست مسطحة».
وهكذا.. وعلي خلفية واقع كان متوترًا أصلاً تسكن في زواياه تفجيرات «إرهابية» جرت أيامها في
مدريد
ولندن، وقوانين بدت للبعض «تمييزية» استهدفت الزي الإسلامي في
فرنسا
، وصعود تيارات النازية الجديدة واليمين المتطرف في معظم بلدان أوروبا، فضلا عن الموقف الأوروبي يومها من حماس (التي كانت قد فازت للتو في الانتخابات التشريعية)، جرى ما جرى في
الدانمارك
، أو بالأحرى إعادة إحياء ما جري في
الدانمارك
لتكشف أيضًا مدى «جهل» كلا الطرفين بثقافة الآخر.. وحساسياته.. وثوابته، ومدى «تعصب» كلاً منهما لما يراه.. «وفقط».
«صدام الجهالات» هو إذن.. كما يقول التعبير الشهير لإدوارد سعيد.
•••
عودة إلى ما جرى في
باريس
في هذا الصباح البارد الدامي، فبداية وقبل كل شيء، وبعبارات لا لبس فيها: لا عاقل أو مدرك لأهمية حرية الرأي والتعبير إلا وعليه أن يدين بكل قوة ما جرى لرسامي الكارتون الفرنسيين. إلا أن الإنصاف يقتضي أن تكون إدانة العنف والإرهاب واحدة أيا ماكانت هوية حامل السلاح؛ أفرادا أو تنظيمًا أو دولة أو نظاما بوليسيا، وأيا كان الضحايا «الأبرياء» أو أيا كانت دياناتهم أو جنسيتهم أو لون بشرتهم، أو «معتقدهم السياسي».
ثم أن على الجميع؛ هنا وهناك أن يدرك أن التعصب المجنون لا دين له. فمع ما نراه من طقوس دماء يومية «تحت رايات إسلامية متعددة» في
العراق
وسوريا واليمن ونيجيريا، هناك تطهير عرقي للمسلمين في
افريقيا الوسطى
على يد ميليشيات مسيحية، كما يقول تقرير أخير للأمم
المتحدة
. وهناك قرار عنصري «بيهودية الدولة» في اسرائيل يستهدف عمليًا إسقاط المواطنة عن مسلمي الدولة ومسيحييها. حتى أوروبا الحديثة لم تسلم من المجانين. فإلى جانب حادثة مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني في قاعة محكمة دريسدن على يد متطرف ألماني لارتدائها الحجاب (2009)، أقدم أحد المتعصبين النرويجيين (أغسطس 2012) على قتل 77 من الشباب المؤيدين للتعدد الثقافي والمناصرين للمهاجرين، مبررا جريمته بأنه كان «يدافع عن أوروبا ضد الاستعمار الإسلامي»!
أرجو ألا يكون هناك حاجة للتأكيد على أن التذكير بهذه الجريمة أو تلك لا يعني بحال تبريرا لما جرى في
باريس
. فالجريمة لم تكن أبدا لتبرر جريمة، كما أننا نعرف أنه «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ»
•••
يبقى على هامش ما جرى قبل سنوات عشر، وما جرى قبل أيام حقائق وأسئلة أخشى أن بعضها قد غاب عن البعض هنا أو هناك:
1 إلى أي مدى تختبئ السياسة والمصالح الضيقة في كل ما جرى أو بالأحرى في ردود أفعاله. إذ كان لافتا أن الذين هبوا في 2006 لإحراق الأعلام
الدانماركية
، مطالبين بمقاطعة «الجبن والألبان»، احتجاجا على رسوم (في عدد واحد) لصحيفة دانماركية مغمورة، كانوا هم أنفسهم الذين تسابقوا اليوم للدفاع عن الجريدة
الباريسية
التي بدا وأنها قد أدمنت نشر تلك النوعية من الرسوم. كما كان لافتا أن الذين طالبوا يومها بالذهاب إلى مجلس الأمن لإصدار قرار يطالب باحترام المقدسات الدينية، هم الذين غضُوا الطرف اليوم عن مسألة احترام المقدسات، فقط ليتمكنوا من استخدام الواقعة المشينة إعلاميا في «حربهم المعلنة ضد الإرهاب». وكذلك كان طبيعيا أن يفعل الاسرائيليون («هآرتس» ذاتها استنكرت أن يستغل نتنياهو الحدث لتمرير سياساته الاستعمارية القمعية)
2 إن كان هناك من أقدم على «جريمة» بحق رسامي كارتون فرنسيين لما يظن أنه انتصار لقداسة نبيه الكريم، فهناك من أقدم على جريمة بحق رسام كارتون عربي (السوري علي فرزات) انتصارا لحاكم عربي. وكما أن هناك من يحارب حرية التعبير لأنه يراها «تهين» مقدساته، فأرجو ألا ننسى أن هناك من يحارب حرية التعبير لأنها «تهين» هذا الحاكم أو ذاك الرئيس أو هذه المؤسسة أو تلك من مؤسسات الدولة (!)
•••
وبعد ..
فكثير من سطور هذا المقال هي «طبق الأصل» من مقال قديم كنت قد كتبته في «وجهات نظر» مارس 2006 تعقيبًا على ما بدا يومها «صيحات حرب» عربية مسلمة على
الدانمارك
الأوربية المسالمة الصغيرة. أردت أن أعود إليها لنرى .. هل هناك ما تغير؟ وهل يعني كل مانسمع الآن من ضجيج «عربي» أننا حقا أصبحنا متحيزين لحرية الرأي والتعبير؟ ... أتمنى.
لمتابعة الكاتب:
twitter: @a_sayyad
Facebook: AymanAlSayyad.Page
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
الظاهر والمخفي في حملة الإساءة إلى الإسلام
التجربة الدانماركية
أموال الغرب و المجتمع المدني.
أموال الغرب و المجتمع المدني
الرد على الادعاءات الدانماركية والغربية
أبلغ عن إشهار غير لائق