الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
كيف تعدل المركز الانتخابي قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب؟ الوطنية للانتخابات تجيب
فيضانات مدمّرة تجتاح ألاسكا وحاكمها يطالب ترامب بإعلان حالة كوارث كبرى (صور)
ياسين منصور: سيد عبد الحفيظ رجل المرحلة وابتعدت أيام حسن حمدي لأنهم اعتبروني "شوال فلوس"
فالنسيا يتعادل مع ألافيس سلبيا في الدوري الإسباني
ديربي لندن، وست هام يسقط بثنائة أمام برينتفرود في صراع البقاء بالدوري الإنجليزي
قرار عاجل ضد المتورطين في قضية شيكات المطربة بوسي
أول تحرك من أوقاف الإسكندرية في محاولة سرقة مكتب بريد عبر حفر نفق من داخل مسجد
هل تفكر هنا الزاهد في تكرار تجربة الزواج مرة أخرى؟ الفنانة ترد
أهلي جدة يحقق فوزًا مهمًا على الغرافة في دوري أبطال آسيا
قائمة بيراميدز في مواجهة فاركو بالدوري
متى وكيف تقيس سكر الدم للحصول على نتائج دقيقة؟
النواب البحريني: نتطلع لتهيئة مسار سلام يعيد الحقوق المشروعة لشعب فلسطين
زيلينسكي: نسعى لعقد طويل الأمد مع أمريكا لشراء 25 منظومة باتريوت
مصطفى الشهدى حكما لمباراة الأهلى والاتحاد.. ووفا للمصرى وسموحة
الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. حماس: ملتزمون بوقف إطلاق النار والاحتلال لديه ثوابت لاختراق الاتفاق.. ترامب يهدد بفرض رسوم على الصين تصل ل175%.. جهود لإنقاذ ناقلة نفط تشتعل بها النيران في خليج عدن
أخبار 24 ساعة.. صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة
إرسال عينات الدم المعثور عليها فى مسرح جريمة تلميذ الإسماعيلية للطب الشرعى
على طريقة فيلم لصوص لكن ظرفاء.. حفروا نفقا داخل مسجد لسرقة مكتب بريد "فيديو"
وزارة العمل: قرارات زيادة الأجور لا تصدر بشكل عشوائي بل بعد دراسات دقيقة
بسمة داوود تكشف لتليفزيون اليوم السابع سبب توترها على الريدكاربت بالجونة
الموت يفجع الفنان حمدي الوزير.. اعرف التفاصيل
بالصور.. وزير الثقافة يقدم واجب العزاء في والدة أمير عيد
متحدث الحكومة: نهدف لتيسير الخدمات الحكومية من أجل المواطن والمستثمر
شوربة الشوفان بالدجاج والخضار، وجبة مغذية ومناسبة للأيام الباردة
تحالف مصرفي يمنح تمويل إسلامي بقيمة 5.2 مليار جنيه لشركة إنرشيا
توم براك يحذر لبنان من احتمال مهاجمة إسرائيل إذا لم ينزع سلاح حزب الله
أشرف عبد الباقي عن دوره في «السادة الافاضل»: ليس عادياً ومكتوب بشياكة
ترامب: الولايات المتحدة تمتلك أسلحة متطورة لا يعلم الآخرون بوجودها
فى عيدها ال 58.. اللواء بحرى أ.ح. محمود عادل فوزى قائد القوات البحرية :العقيدة القتالية المصرية.. سر تفوق مقاتلينا
هل يشترط وجود النية في الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب
هل يجب القنوت في صلاة الوتر؟.. أمين الفتوى يجيب
هل تجوز الأضحية عن المتوفى؟.. أمين الفتوى يجيب
جامعة قناة السويس تعلن نتائج بطولة السباحة لكلياتها وسط أجواء تنافسية
الخطيب يهنئ «رجال يد الأهلي» ببطولة إفريقيا
أول وحدة لعلاج كهرباء القلب بالفيوم
هيئة السكة الحديد تعلن مواعيد قطارات المنيا – القاهرة اليوم
بريطانيا تتراجع 5 مراتب في تصنيف التنافسية الضريبية العالمي بعد زيادة الضرائب
حقيقة مفاوضات حسام عبد المجيد مع بيراميدز
نقابة الأشراف تعليقا على جدل مولد السيد البدوي: الاحتفال تعبير عن محبة المصريين لآل البيت
منتدى أسوان للسلام منصة إفريقية خالصة تعبّر عن أولويات شعوب القارة
وكيل تعليم الفيوم يشيد بتفعيل "منصة Quero" لدى طلاب الصف الأول الثانوي العام.. صور
متحدث الحكومة: سنبحث تعميم الإجازة يوم افتتاح المتحف الكبير
أمينة الفتوى: الزكاة ليست مجرد عبادة مالية بل مقياس لعلاقة الإنسان بربه
محمد الحمصانى: طرحنا أفكارا لإحياء وتطوير مسار العائلة المقدسة
على الطريقة الأجنبية.. جددي من طريقة عمل شوربة العدس (مكون إضافي سيغير الطعم)
نتنياهو: مصرون على تحقيق جميع أهداف الحرب في غزة ونزع سلاح حماس
هشام جمال يكشف تفاصيل لأول مرة عن زواجه من ليلى زاهر
مركزان ثقافيان وجامعة.. اتفاق مصري - كوري على تعزيز التعاون في التعليم العالي
قرار وزارى بإعادة تنظيم التقويم التربوى لمرحلة الشهادة الإعدادية
الذكاء الاصطناعي أم الضمير.. من يحكم العالم؟
مجلس إدارة راية لخدمات مراكز الاتصالات يرفض عرض استحواذ راية القابضة لتدني قيمته
ضربه من الخلف وقطّعه 7 ساعات.. اعترافات المتهم بقتل زميله وتقطيعه بمنشار في الإسماعيلية
«العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا
لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام
الرئيس السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة
علي هامش مهرجان الجونة .. إلهام شاهين تحتفل بمرور 50 عامًا على مشوار يسرا الفني .. صور
طالب يطعن زميله باله حادة فى أسيوط والمباحث تلقى القبض عليه
التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 330 وظيفة مهندس بوزارة الموارد المائية
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
(الدانمارك 2005 باريس 2015) 000 هل هناك ما تغير؟
أيمن الصياد
نشر في
الشروق الجديد
يوم 11 - 01 - 2015
واقعتان؛ إحداهما بدأت في
الدانمارك
(سبتمبر 2005)، والثانية انتهت في
باريس
(يناير 2015)
وأحسب أن قراءة الواقعتين، سياسةً وإعلامًا وردودَ فعلٍ قد يكون كاشفًا ومحملا بالدلالات
© Dan Kitwood, Getty Images
سبتمبر 2005: بعكس المجلة الفرنسية الساخرة التي يعتقد كثيرون حتى بين رسامي الكاريكاتير أنفسهم أنها «تتجاوز في سخريتها من كافة المقدسات»، تقول الرواية أن القصة
«الدانماركية»
بدأت يومها (2005) بمحاولة من ناشر دانماركي لتأليف كتاب للأطفال عن حياة الرسول محمد (عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام). وكان الغرض من وراء الكتاب (والعهدة على الراوي) تعزيز التسامح الديني في المجتمع
الدانماركي
. وكان طبيعيا ومفهوما من ناشر (يجهل) ثوابت ديننا ومحرماته، أن يبحث، كما هي العادة في مثل تلك الكتب عن رسام ليرسم الكتاب. إلا أن أحدا من الفنانين
الدانماركيين
لم يتحمس. ووصل الأمر ببعضهم إلى الإعراب عن خشيته على حياته مذكرا بما حصل للمخرج الهولندي Theo van Gogh
ثم كان أن دخلت الجريدة
الدانماركية
على الخط فطلب محررها الثقافي من عدد من الرسامين أن يرسموا «نبي المسلمين». وكان هدفه (إذا صدق في روايته يومها) أن يختبر تأثير حادثة جوخ «وإذا ماكان رسامو الكاريكاتير سيفرضون رقابة ذاتية علي أعمالهم خشية أعمال عنف من جانب متطرفين إسلاميين». وكان الرجل للأسف، إذا افترضنا حسن نيته «جاهلا» بما كان يجب في موقعه أن يكون عالما به. ثم كان كل ماكان.
غضب المسلمون يومها، ليس فقط الأفراد والجماعات، بل كذلك الحكومات (أو هكذا قالت بياناتهم الرسمية). جابوا الشوارع، ورفعوا الشعارات، وأشعلوا النيران.. بل وسحبوا السفراء (كما في حالة ليبيا يومها) واعتبروا ما وصلهم من اعتذار غير كاف (كما في حالة السفيرة المصرية في كوبنهاجن).
في أكثر من عاصمة عربية بدا أن «قضية الرسوم» جاءت يومها مثالية لتحويل الانتباه عن مطالب ديموقراطية بدت نذرها في الأفق. بل كان مضحكًا ومبكيًا في آن أن بعض التظاهرات التي أريد لنا أن نصدق أنها بريئة وتلقائية والتي بدت أكثر عنفًا وصل إلي حد إحراق السفارات، كانت في دول لم تسمح يومًا بمظاهرة واحدة ضد أنظمة الحكم فيها. بل كان الأكثر مدعاة للسخرية هو مشاركة بعض «الزعماء العرب» يومها في تلك التظاهرات.
•••
لا جدال في أن الرسوم؛ التي اشتهرت «بالمسيئة» كانت من وجهة النظر الإسلامية مدانة بكل المقاييس. ولكن لا جدال أيضًا في أن «غرضا في نفس يعقوب» كان حاضرا فيما جرى بعد ذلك. إذ بدا يومها أن اجتمع المستفيدون على تنوعهم لسكب مزيد من الزيت علي النار، ثم للنفخ فيها لتظل مشتعلة تستوعب طاقات الغضب من أوضاع داخلية أو خارجية. والحاصل أن الراقصين يومها حول النار كانوا كثيرين:
1 أنظمة عربية بدا يهمها (فجأة، بعد عقود من الخنوع) استعداء شعوبها على الغرب أملاً في أن يطول هذا العداء كل ما يأتي من هناك، خاصة دعاوي الديمقراطية، التي كانت رياح المطالبة بها قد بدأت تهب عابرة للأوسط تارة وللأطلنطي تارة أخرى. كما بدا يهمها أن تبدو «وقد ارتدت العمامة» أمام شعبيةٍ بدت يومها جارفة للتيارات الإسلامية عند كل اقتراع. ثم أن هذه الأنظمة كانت قد أدركت أن القِدر الذي يغلي لابد له أن ينقلب أو ينفجر، إن لم يجد بخاره المكتوم مجالاً إلي الفضاء الواسع؛ صراخًا أو هتافًا أو حرقًا للأعلام والدمى.
2 زعماء إسلاميون محليون (في دول أوروبية) نظروا تحت أقدامهم بحثا عن شعبية أو مكاسب سريعة رخيصة.
3 جماعات يمينية أوروبية. وجدت في الأزمة فرصة لطرح مواقفها الثابتة الداعية إلى «تطهير ثقافتنا من أولئك الغرباء» وتدعو إلى التفكير في سن قوانين «تمييزية» تفضل أولئك القادمين من دول أوروبا
الشرقية
، القابلين ثقافيًا للاندماج في الثقافة الأوروبية
الغربية
بدلاً من أولئك المسلمين «الذين يشكلون الأساس في صدام الثقافات الذي شهدته أوروبا أخيرًا» علي حد تعبير النيوزويك يومها.
3 إدارة جورج دبليو بوش (وإسرائيل بالطبع) التي يهمها أن لا تكون مياه المتوسط رائقة بين العرب وأوروبا.
بات واضحا يومها أن الإناء الفائر أوغلت فيه أصابعُ كثيرة. وأن بخار الغليان أخفى الحقيقة التي ربما كانت الأولى بالعناية والاهتمام، والمتمثلة في أن هذه الرسوم وأستأذن في التعبير القانوني كانت «كاشفة لا منشئة». فالكارتون تعريفًا اختزالٌ وتجسيدٌ «للصورة الذهنية» لما يتم التعبير عنه رسمًا. وهنا المشكلة. فأصل القصة، وعلينا أن ننتبه لذلك، أن المحرر الثقافي للجريدة
الدانماركية
يومها عندما دعا رسامي الكارتون الأوروبيين إلي التعبير عن صورة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم كما يرونه، كانت تلك الرسوم «المشوَهة والمشوِهة». والتي إن استبعدنا سوء القصد لكانت، وهذا هو الأهم «كاشفة» عن مدى الخطأ والتشويه الذي يعتور صورة الإسلام وعن مدى جهل الغرب بدين محمد وبنبيه الكريم الذي لم يبعث حاملاً قنبلة، كما صوروه بل «رحمة للعالمين» ولم يكن أتباعه الحقيقيين يومًا كما هي تلك الصورة الذهنية السائدة في الغرب بأجلاف قساة غلاظ القلوب. بل هم، بحكم الأمر الإلهي، وبغض النظر عن ما يفعله بعضُهم في بعضِهم: «الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً» (الفرقان -63).
•••
أيًا ما كان الأمر، فقد كان يومها أن دارت العجلة الإعلامية «وبعضها يردد تصريحات رسمية» لتندلع الحرائق البشرية في العالم أجمع من نيوزيلاندا إلي السودان، ومن
الهند
وأفغانستان إلي ليبيا، ومن
النيجر
ونيجيريا إلي
بروكسل
ولندن. أحرق الغاضبون سفارات.. وفقد متظاهرون حياتهم.. ورصد البعض مليون دولار لمن يأتي برأس الرسام
الدانماركي
. ثم كان والحال هكذا أن انتقلت «الرسوم» من صفحات جريدة دانماركية لا يعرفها غير
الدانماركيين
إلي صفحات أكثر من صحيفة أوروبية (عنادًا أو انتصارًا لما يرونه حرية للتعبير، أو حتي لأسباب مهنية بحتة كما قال بعضهم تستوجب إطلاع قرائهم على «موضوع» صار محلا لجدل عالمي) وسمعنا من يطلب من
الفاتيكان
تدشين حرب صليبية جديدة «دفاعًا عن قيمنا». ورأينا وزيرًا إيطاليًا يعلن أنه سيقوم بطبع الرسوم علي قمصان يقوم بتوزيعها.
غضب المسلمون يومها لنبيهم وكان هذا منطقيًا وانتصروا لما يؤمنون به. وغضب الأوروبيون وكان هذا أيضًا منطقيًا لقيم رأوا «من زاويتهم» أن هناك من يهددها.
وهكذا بدا المشهد باتساع العالم كله محتقنًا ومتوترًا.. وكاشفًا، وهذا هو الأهم: «كم يجهل كل منا الآخر».. والذي هو بحكم كونه «آخر» مختلفٌ في ثقافته، وقيمه، وموروثه، ومقدساته، وثوابته. فالمقدس هنا غير مقدس بالضرورة هناك. والجائز هنا ليس بالضرورة جائز هناك. والعكس كذلك صحيح تمامًا. فما يراه المسلمون بل ومسيحيو الشرق مثلاً مقدسًا دينيًا وله حرمة خاصة ولا يجوز المساس به، تراه أوروبا «العلمانية» جائزًا لا حرمة فيه.
لم تكشف الرسوم فقط عن مدي جهل الغرب الأوروبي بحقيقة الإسلام «دين الرحمة»، بل بدا الغرب في فعله ورد فعله «جاهلاً» أو «متجاهلاً» حساسية المسلمين لمقدساتهم الدينية. كما بدا رد فعل «الشارع الإسلامي» غير مدرك لحساسية الغرب الأوروبي تجاه قيم حرية التعبير وحرية الصحافة. وبدا البعض «جاهلا» أو غافلاً عن حقيقة أنه في الموروث الثقافي الأوروبي يتجذر الإحساس بأن أوروبا الجديدة لم تعرف نهضتها الحديثة إلا بعد أن تحررت من سطوة الكنيسة ومقدساتها الدينية. تجاهل الكثيرون عندنا أو جهلوا أن أي حديث عن قداسة لثوابت دينية يستدعي فورًا إلي الضمير الأوروبي العلماني ذكريات محاكم التفتيش ومشهد إحراق كتب جاليليو (1633) بعد أن حجرت الكنيسة علي حريته في نشر آرائه التي خالف فيها المقدس الديني مؤكدًا أن «الأرض كروية وليست مسطحة».
وهكذا.. وعلي خلفية واقع كان متوترًا أصلاً تسكن في زواياه تفجيرات «إرهابية» جرت أيامها في
مدريد
ولندن، وقوانين بدت للبعض «تمييزية» استهدفت الزي الإسلامي في
فرنسا
، وصعود تيارات النازية الجديدة واليمين المتطرف في معظم بلدان أوروبا، فضلا عن الموقف الأوروبي يومها من حماس (التي كانت قد فازت للتو في الانتخابات التشريعية)، جرى ما جرى في
الدانمارك
، أو بالأحرى إعادة إحياء ما جري في
الدانمارك
لتكشف أيضًا مدى «جهل» كلا الطرفين بثقافة الآخر.. وحساسياته.. وثوابته، ومدى «تعصب» كلاً منهما لما يراه.. «وفقط».
«صدام الجهالات» هو إذن.. كما يقول التعبير الشهير لإدوارد سعيد.
•••
عودة إلى ما جرى في
باريس
في هذا الصباح البارد الدامي، فبداية وقبل كل شيء، وبعبارات لا لبس فيها: لا عاقل أو مدرك لأهمية حرية الرأي والتعبير إلا وعليه أن يدين بكل قوة ما جرى لرسامي الكارتون الفرنسيين. إلا أن الإنصاف يقتضي أن تكون إدانة العنف والإرهاب واحدة أيا ماكانت هوية حامل السلاح؛ أفرادا أو تنظيمًا أو دولة أو نظاما بوليسيا، وأيا كان الضحايا «الأبرياء» أو أيا كانت دياناتهم أو جنسيتهم أو لون بشرتهم، أو «معتقدهم السياسي».
ثم أن على الجميع؛ هنا وهناك أن يدرك أن التعصب المجنون لا دين له. فمع ما نراه من طقوس دماء يومية «تحت رايات إسلامية متعددة» في
العراق
وسوريا واليمن ونيجيريا، هناك تطهير عرقي للمسلمين في
افريقيا الوسطى
على يد ميليشيات مسيحية، كما يقول تقرير أخير للأمم
المتحدة
. وهناك قرار عنصري «بيهودية الدولة» في اسرائيل يستهدف عمليًا إسقاط المواطنة عن مسلمي الدولة ومسيحييها. حتى أوروبا الحديثة لم تسلم من المجانين. فإلى جانب حادثة مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني في قاعة محكمة دريسدن على يد متطرف ألماني لارتدائها الحجاب (2009)، أقدم أحد المتعصبين النرويجيين (أغسطس 2012) على قتل 77 من الشباب المؤيدين للتعدد الثقافي والمناصرين للمهاجرين، مبررا جريمته بأنه كان «يدافع عن أوروبا ضد الاستعمار الإسلامي»!
أرجو ألا يكون هناك حاجة للتأكيد على أن التذكير بهذه الجريمة أو تلك لا يعني بحال تبريرا لما جرى في
باريس
. فالجريمة لم تكن أبدا لتبرر جريمة، كما أننا نعرف أنه «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ»
•••
يبقى على هامش ما جرى قبل سنوات عشر، وما جرى قبل أيام حقائق وأسئلة أخشى أن بعضها قد غاب عن البعض هنا أو هناك:
1 إلى أي مدى تختبئ السياسة والمصالح الضيقة في كل ما جرى أو بالأحرى في ردود أفعاله. إذ كان لافتا أن الذين هبوا في 2006 لإحراق الأعلام
الدانماركية
، مطالبين بمقاطعة «الجبن والألبان»، احتجاجا على رسوم (في عدد واحد) لصحيفة دانماركية مغمورة، كانوا هم أنفسهم الذين تسابقوا اليوم للدفاع عن الجريدة
الباريسية
التي بدا وأنها قد أدمنت نشر تلك النوعية من الرسوم. كما كان لافتا أن الذين طالبوا يومها بالذهاب إلى مجلس الأمن لإصدار قرار يطالب باحترام المقدسات الدينية، هم الذين غضُوا الطرف اليوم عن مسألة احترام المقدسات، فقط ليتمكنوا من استخدام الواقعة المشينة إعلاميا في «حربهم المعلنة ضد الإرهاب». وكذلك كان طبيعيا أن يفعل الاسرائيليون («هآرتس» ذاتها استنكرت أن يستغل نتنياهو الحدث لتمرير سياساته الاستعمارية القمعية)
2 إن كان هناك من أقدم على «جريمة» بحق رسامي كارتون فرنسيين لما يظن أنه انتصار لقداسة نبيه الكريم، فهناك من أقدم على جريمة بحق رسام كارتون عربي (السوري علي فرزات) انتصارا لحاكم عربي. وكما أن هناك من يحارب حرية التعبير لأنه يراها «تهين» مقدساته، فأرجو ألا ننسى أن هناك من يحارب حرية التعبير لأنها «تهين» هذا الحاكم أو ذاك الرئيس أو هذه المؤسسة أو تلك من مؤسسات الدولة (!)
•••
وبعد ..
فكثير من سطور هذا المقال هي «طبق الأصل» من مقال قديم كنت قد كتبته في «وجهات نظر» مارس 2006 تعقيبًا على ما بدا يومها «صيحات حرب» عربية مسلمة على
الدانمارك
الأوربية المسالمة الصغيرة. أردت أن أعود إليها لنرى .. هل هناك ما تغير؟ وهل يعني كل مانسمع الآن من ضجيج «عربي» أننا حقا أصبحنا متحيزين لحرية الرأي والتعبير؟ ... أتمنى.
لمتابعة الكاتب:
twitter: @a_sayyad
Facebook: AymanAlSayyad.Page
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
الظاهر والمخفي في حملة الإساءة إلى الإسلام
التجربة الدانماركية
أموال الغرب و المجتمع المدني.
أموال الغرب و المجتمع المدني
الرد على الادعاءات الدانماركية والغربية
أبلغ عن إشهار غير لائق