الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
جامعة الفيوم تطلق البرنامج التدريبي "القيادة الإدارية المتقدمة" لمديري العموم والكليات
الأعلى للإعلام: تطوير المحتوى الرياضي ضرورة للارتقاء بالمهنية والموضوعية
ندوة بالإسكندرية تحذر من العنف في الأعمال الدرامية والثقافة الأجنبية بوسائل التواصل
لتعزيز التعاون بين القطاع القضائي والمؤسسات الأكاديمية، مساعد وزير العدل يزور حقوق عين شمس
بسبب الصيانة، قطع مياه الشرب 12 ساعة عن بعض قرى الفيوم
ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم 8 ديسمبر 2025
وزير الدولة للإنتاج الحربي يستقبل محافظيّ القاهرة والقليوبية لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك
ب100 مليار جنيه.. نتائج أعمال إيجابية ل "بنك بيت التمويل الكويتي – مصر" بنهاية سبتمبر 2025
البورصة تخسر 14 مليار جنيه في ختام تعاملات اليوم
وثيقة الأمن القومي الأمريكية تعلن حربًا باردة من نوع آخر على التكامل الأوروبي
الدعم السريع يسيطر على حقل هجليج النفطي جنوب كردفان
يغيب 4 أشهر.. ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة ميليتاو
تخزين سلاح حماس!
السعودية وقطر توقعان اتفاقية الربط بالقطار الكهربائي السريع بين البلدين
ريال مدريد يفقد ميليتاو حتى نهاية الموسم
مصدر بالزمالك: تصريحات وزير الإسكان تسكت المشككين.. ونسعى لاستعادة الأرض
بعد تعثر صفقة دياباتي .. الأهلي يكثف مفاوضاته لضم الكولومبي بابلو الصباغ
محافظ كفر الشيخ يتابع تنفيذ محاكاة حية للتعامل الفوري مع مياه الأمطار
محافظ بني سويف يكرم مشرف بالإسعاف لإنقاذه عامل نظافة تعرض لتوقف تنفس مفاجئ أثناء عمله
فرقة القاهرة للعرائس تحصد جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس
تعليق ناري من محمد فراج على انتقادات دوره في فيلم الست
عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة
موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب
حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية
ضبط المدير المسئول عن إدارة كيان تعليمى "دون ترخيص" بالجيزة
جيرارد مارتن: أشعر بالراحة كقلب دفاع.. واللعب في كامب نو محفز
مسار يختتم استعداداته للبنك الأهلي في مواجهة مؤجلة بدوري الكرة النسائية
محمد مصطفى كمال يكتب: تلف مئات الوثائق المصرية في اللوفر.. هل أصبحت آثارنا بالخارج في خطر؟
محافظ جنوب سيناء وسفراء قبرص واليونان يهنئون مطران دير سانت كاترين بذكرى استشهاد القديسة كاترينا
بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة فى حفظ القرآن للإناث الكبار.. فيديو وصور
الصحة: توفير ألبان الأطفال العلاجية بمراكز الأمراض الوراثية مجانا
وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات
الحكومة تستعرض خطة تنمية منطقة غرب رأس الحكمة بمحافظة مطروح
4 بلاغات جديدة و«ناني».. ارتفاع ضحايا الاعتداء الجنسي من جنايني مدرسة دولية بالإسكندرية
أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور
قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف
وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين
المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي
أخصائي تغذية: العسل الأسود أهم فائدة من عسل النحل
الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا
محمود جهاد يقود وسط الزمالك في لقاء كهرباء الإسماعيلية
وزير الإعلام الكمبودى:مقتل وإصابة 14 مدنيا خلال الاشتباكات الحدودية مع تايلاند
وزير الزراعة يكشف موعد افتتاح «حديقة الحيوان» النهائي
رئيس الوزراء: مصر تتوسع في البرامج التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي
كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية
الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة
النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء
ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون
ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"
أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" يزورون المتحف المصري الكبير
وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر
علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية
نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"
عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين
مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا
مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية
متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم
الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
(الدانمارك 2005 باريس 2015) 000 هل هناك ما تغير؟
أيمن الصياد
نشر في
الشروق الجديد
يوم 11 - 01 - 2015
واقعتان؛ إحداهما بدأت في
الدانمارك
(سبتمبر 2005)، والثانية انتهت في
باريس
(يناير 2015)
وأحسب أن قراءة الواقعتين، سياسةً وإعلامًا وردودَ فعلٍ قد يكون كاشفًا ومحملا بالدلالات
© Dan Kitwood, Getty Images
سبتمبر 2005: بعكس المجلة الفرنسية الساخرة التي يعتقد كثيرون حتى بين رسامي الكاريكاتير أنفسهم أنها «تتجاوز في سخريتها من كافة المقدسات»، تقول الرواية أن القصة
«الدانماركية»
بدأت يومها (2005) بمحاولة من ناشر دانماركي لتأليف كتاب للأطفال عن حياة الرسول محمد (عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام). وكان الغرض من وراء الكتاب (والعهدة على الراوي) تعزيز التسامح الديني في المجتمع
الدانماركي
. وكان طبيعيا ومفهوما من ناشر (يجهل) ثوابت ديننا ومحرماته، أن يبحث، كما هي العادة في مثل تلك الكتب عن رسام ليرسم الكتاب. إلا أن أحدا من الفنانين
الدانماركيين
لم يتحمس. ووصل الأمر ببعضهم إلى الإعراب عن خشيته على حياته مذكرا بما حصل للمخرج الهولندي Theo van Gogh
ثم كان أن دخلت الجريدة
الدانماركية
على الخط فطلب محررها الثقافي من عدد من الرسامين أن يرسموا «نبي المسلمين». وكان هدفه (إذا صدق في روايته يومها) أن يختبر تأثير حادثة جوخ «وإذا ماكان رسامو الكاريكاتير سيفرضون رقابة ذاتية علي أعمالهم خشية أعمال عنف من جانب متطرفين إسلاميين». وكان الرجل للأسف، إذا افترضنا حسن نيته «جاهلا» بما كان يجب في موقعه أن يكون عالما به. ثم كان كل ماكان.
غضب المسلمون يومها، ليس فقط الأفراد والجماعات، بل كذلك الحكومات (أو هكذا قالت بياناتهم الرسمية). جابوا الشوارع، ورفعوا الشعارات، وأشعلوا النيران.. بل وسحبوا السفراء (كما في حالة ليبيا يومها) واعتبروا ما وصلهم من اعتذار غير كاف (كما في حالة السفيرة المصرية في كوبنهاجن).
في أكثر من عاصمة عربية بدا أن «قضية الرسوم» جاءت يومها مثالية لتحويل الانتباه عن مطالب ديموقراطية بدت نذرها في الأفق. بل كان مضحكًا ومبكيًا في آن أن بعض التظاهرات التي أريد لنا أن نصدق أنها بريئة وتلقائية والتي بدت أكثر عنفًا وصل إلي حد إحراق السفارات، كانت في دول لم تسمح يومًا بمظاهرة واحدة ضد أنظمة الحكم فيها. بل كان الأكثر مدعاة للسخرية هو مشاركة بعض «الزعماء العرب» يومها في تلك التظاهرات.
•••
لا جدال في أن الرسوم؛ التي اشتهرت «بالمسيئة» كانت من وجهة النظر الإسلامية مدانة بكل المقاييس. ولكن لا جدال أيضًا في أن «غرضا في نفس يعقوب» كان حاضرا فيما جرى بعد ذلك. إذ بدا يومها أن اجتمع المستفيدون على تنوعهم لسكب مزيد من الزيت علي النار، ثم للنفخ فيها لتظل مشتعلة تستوعب طاقات الغضب من أوضاع داخلية أو خارجية. والحاصل أن الراقصين يومها حول النار كانوا كثيرين:
1 أنظمة عربية بدا يهمها (فجأة، بعد عقود من الخنوع) استعداء شعوبها على الغرب أملاً في أن يطول هذا العداء كل ما يأتي من هناك، خاصة دعاوي الديمقراطية، التي كانت رياح المطالبة بها قد بدأت تهب عابرة للأوسط تارة وللأطلنطي تارة أخرى. كما بدا يهمها أن تبدو «وقد ارتدت العمامة» أمام شعبيةٍ بدت يومها جارفة للتيارات الإسلامية عند كل اقتراع. ثم أن هذه الأنظمة كانت قد أدركت أن القِدر الذي يغلي لابد له أن ينقلب أو ينفجر، إن لم يجد بخاره المكتوم مجالاً إلي الفضاء الواسع؛ صراخًا أو هتافًا أو حرقًا للأعلام والدمى.
2 زعماء إسلاميون محليون (في دول أوروبية) نظروا تحت أقدامهم بحثا عن شعبية أو مكاسب سريعة رخيصة.
3 جماعات يمينية أوروبية. وجدت في الأزمة فرصة لطرح مواقفها الثابتة الداعية إلى «تطهير ثقافتنا من أولئك الغرباء» وتدعو إلى التفكير في سن قوانين «تمييزية» تفضل أولئك القادمين من دول أوروبا
الشرقية
، القابلين ثقافيًا للاندماج في الثقافة الأوروبية
الغربية
بدلاً من أولئك المسلمين «الذين يشكلون الأساس في صدام الثقافات الذي شهدته أوروبا أخيرًا» علي حد تعبير النيوزويك يومها.
3 إدارة جورج دبليو بوش (وإسرائيل بالطبع) التي يهمها أن لا تكون مياه المتوسط رائقة بين العرب وأوروبا.
بات واضحا يومها أن الإناء الفائر أوغلت فيه أصابعُ كثيرة. وأن بخار الغليان أخفى الحقيقة التي ربما كانت الأولى بالعناية والاهتمام، والمتمثلة في أن هذه الرسوم وأستأذن في التعبير القانوني كانت «كاشفة لا منشئة». فالكارتون تعريفًا اختزالٌ وتجسيدٌ «للصورة الذهنية» لما يتم التعبير عنه رسمًا. وهنا المشكلة. فأصل القصة، وعلينا أن ننتبه لذلك، أن المحرر الثقافي للجريدة
الدانماركية
يومها عندما دعا رسامي الكارتون الأوروبيين إلي التعبير عن صورة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم كما يرونه، كانت تلك الرسوم «المشوَهة والمشوِهة». والتي إن استبعدنا سوء القصد لكانت، وهذا هو الأهم «كاشفة» عن مدى الخطأ والتشويه الذي يعتور صورة الإسلام وعن مدى جهل الغرب بدين محمد وبنبيه الكريم الذي لم يبعث حاملاً قنبلة، كما صوروه بل «رحمة للعالمين» ولم يكن أتباعه الحقيقيين يومًا كما هي تلك الصورة الذهنية السائدة في الغرب بأجلاف قساة غلاظ القلوب. بل هم، بحكم الأمر الإلهي، وبغض النظر عن ما يفعله بعضُهم في بعضِهم: «الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً» (الفرقان -63).
•••
أيًا ما كان الأمر، فقد كان يومها أن دارت العجلة الإعلامية «وبعضها يردد تصريحات رسمية» لتندلع الحرائق البشرية في العالم أجمع من نيوزيلاندا إلي السودان، ومن
الهند
وأفغانستان إلي ليبيا، ومن
النيجر
ونيجيريا إلي
بروكسل
ولندن. أحرق الغاضبون سفارات.. وفقد متظاهرون حياتهم.. ورصد البعض مليون دولار لمن يأتي برأس الرسام
الدانماركي
. ثم كان والحال هكذا أن انتقلت «الرسوم» من صفحات جريدة دانماركية لا يعرفها غير
الدانماركيين
إلي صفحات أكثر من صحيفة أوروبية (عنادًا أو انتصارًا لما يرونه حرية للتعبير، أو حتي لأسباب مهنية بحتة كما قال بعضهم تستوجب إطلاع قرائهم على «موضوع» صار محلا لجدل عالمي) وسمعنا من يطلب من
الفاتيكان
تدشين حرب صليبية جديدة «دفاعًا عن قيمنا». ورأينا وزيرًا إيطاليًا يعلن أنه سيقوم بطبع الرسوم علي قمصان يقوم بتوزيعها.
غضب المسلمون يومها لنبيهم وكان هذا منطقيًا وانتصروا لما يؤمنون به. وغضب الأوروبيون وكان هذا أيضًا منطقيًا لقيم رأوا «من زاويتهم» أن هناك من يهددها.
وهكذا بدا المشهد باتساع العالم كله محتقنًا ومتوترًا.. وكاشفًا، وهذا هو الأهم: «كم يجهل كل منا الآخر».. والذي هو بحكم كونه «آخر» مختلفٌ في ثقافته، وقيمه، وموروثه، ومقدساته، وثوابته. فالمقدس هنا غير مقدس بالضرورة هناك. والجائز هنا ليس بالضرورة جائز هناك. والعكس كذلك صحيح تمامًا. فما يراه المسلمون بل ومسيحيو الشرق مثلاً مقدسًا دينيًا وله حرمة خاصة ولا يجوز المساس به، تراه أوروبا «العلمانية» جائزًا لا حرمة فيه.
لم تكشف الرسوم فقط عن مدي جهل الغرب الأوروبي بحقيقة الإسلام «دين الرحمة»، بل بدا الغرب في فعله ورد فعله «جاهلاً» أو «متجاهلاً» حساسية المسلمين لمقدساتهم الدينية. كما بدا رد فعل «الشارع الإسلامي» غير مدرك لحساسية الغرب الأوروبي تجاه قيم حرية التعبير وحرية الصحافة. وبدا البعض «جاهلا» أو غافلاً عن حقيقة أنه في الموروث الثقافي الأوروبي يتجذر الإحساس بأن أوروبا الجديدة لم تعرف نهضتها الحديثة إلا بعد أن تحررت من سطوة الكنيسة ومقدساتها الدينية. تجاهل الكثيرون عندنا أو جهلوا أن أي حديث عن قداسة لثوابت دينية يستدعي فورًا إلي الضمير الأوروبي العلماني ذكريات محاكم التفتيش ومشهد إحراق كتب جاليليو (1633) بعد أن حجرت الكنيسة علي حريته في نشر آرائه التي خالف فيها المقدس الديني مؤكدًا أن «الأرض كروية وليست مسطحة».
وهكذا.. وعلي خلفية واقع كان متوترًا أصلاً تسكن في زواياه تفجيرات «إرهابية» جرت أيامها في
مدريد
ولندن، وقوانين بدت للبعض «تمييزية» استهدفت الزي الإسلامي في
فرنسا
، وصعود تيارات النازية الجديدة واليمين المتطرف في معظم بلدان أوروبا، فضلا عن الموقف الأوروبي يومها من حماس (التي كانت قد فازت للتو في الانتخابات التشريعية)، جرى ما جرى في
الدانمارك
، أو بالأحرى إعادة إحياء ما جري في
الدانمارك
لتكشف أيضًا مدى «جهل» كلا الطرفين بثقافة الآخر.. وحساسياته.. وثوابته، ومدى «تعصب» كلاً منهما لما يراه.. «وفقط».
«صدام الجهالات» هو إذن.. كما يقول التعبير الشهير لإدوارد سعيد.
•••
عودة إلى ما جرى في
باريس
في هذا الصباح البارد الدامي، فبداية وقبل كل شيء، وبعبارات لا لبس فيها: لا عاقل أو مدرك لأهمية حرية الرأي والتعبير إلا وعليه أن يدين بكل قوة ما جرى لرسامي الكارتون الفرنسيين. إلا أن الإنصاف يقتضي أن تكون إدانة العنف والإرهاب واحدة أيا ماكانت هوية حامل السلاح؛ أفرادا أو تنظيمًا أو دولة أو نظاما بوليسيا، وأيا كان الضحايا «الأبرياء» أو أيا كانت دياناتهم أو جنسيتهم أو لون بشرتهم، أو «معتقدهم السياسي».
ثم أن على الجميع؛ هنا وهناك أن يدرك أن التعصب المجنون لا دين له. فمع ما نراه من طقوس دماء يومية «تحت رايات إسلامية متعددة» في
العراق
وسوريا واليمن ونيجيريا، هناك تطهير عرقي للمسلمين في
افريقيا الوسطى
على يد ميليشيات مسيحية، كما يقول تقرير أخير للأمم
المتحدة
. وهناك قرار عنصري «بيهودية الدولة» في اسرائيل يستهدف عمليًا إسقاط المواطنة عن مسلمي الدولة ومسيحييها. حتى أوروبا الحديثة لم تسلم من المجانين. فإلى جانب حادثة مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني في قاعة محكمة دريسدن على يد متطرف ألماني لارتدائها الحجاب (2009)، أقدم أحد المتعصبين النرويجيين (أغسطس 2012) على قتل 77 من الشباب المؤيدين للتعدد الثقافي والمناصرين للمهاجرين، مبررا جريمته بأنه كان «يدافع عن أوروبا ضد الاستعمار الإسلامي»!
أرجو ألا يكون هناك حاجة للتأكيد على أن التذكير بهذه الجريمة أو تلك لا يعني بحال تبريرا لما جرى في
باريس
. فالجريمة لم تكن أبدا لتبرر جريمة، كما أننا نعرف أنه «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ»
•••
يبقى على هامش ما جرى قبل سنوات عشر، وما جرى قبل أيام حقائق وأسئلة أخشى أن بعضها قد غاب عن البعض هنا أو هناك:
1 إلى أي مدى تختبئ السياسة والمصالح الضيقة في كل ما جرى أو بالأحرى في ردود أفعاله. إذ كان لافتا أن الذين هبوا في 2006 لإحراق الأعلام
الدانماركية
، مطالبين بمقاطعة «الجبن والألبان»، احتجاجا على رسوم (في عدد واحد) لصحيفة دانماركية مغمورة، كانوا هم أنفسهم الذين تسابقوا اليوم للدفاع عن الجريدة
الباريسية
التي بدا وأنها قد أدمنت نشر تلك النوعية من الرسوم. كما كان لافتا أن الذين طالبوا يومها بالذهاب إلى مجلس الأمن لإصدار قرار يطالب باحترام المقدسات الدينية، هم الذين غضُوا الطرف اليوم عن مسألة احترام المقدسات، فقط ليتمكنوا من استخدام الواقعة المشينة إعلاميا في «حربهم المعلنة ضد الإرهاب». وكذلك كان طبيعيا أن يفعل الاسرائيليون («هآرتس» ذاتها استنكرت أن يستغل نتنياهو الحدث لتمرير سياساته الاستعمارية القمعية)
2 إن كان هناك من أقدم على «جريمة» بحق رسامي كارتون فرنسيين لما يظن أنه انتصار لقداسة نبيه الكريم، فهناك من أقدم على جريمة بحق رسام كارتون عربي (السوري علي فرزات) انتصارا لحاكم عربي. وكما أن هناك من يحارب حرية التعبير لأنه يراها «تهين» مقدساته، فأرجو ألا ننسى أن هناك من يحارب حرية التعبير لأنها «تهين» هذا الحاكم أو ذاك الرئيس أو هذه المؤسسة أو تلك من مؤسسات الدولة (!)
•••
وبعد ..
فكثير من سطور هذا المقال هي «طبق الأصل» من مقال قديم كنت قد كتبته في «وجهات نظر» مارس 2006 تعقيبًا على ما بدا يومها «صيحات حرب» عربية مسلمة على
الدانمارك
الأوربية المسالمة الصغيرة. أردت أن أعود إليها لنرى .. هل هناك ما تغير؟ وهل يعني كل مانسمع الآن من ضجيج «عربي» أننا حقا أصبحنا متحيزين لحرية الرأي والتعبير؟ ... أتمنى.
لمتابعة الكاتب:
twitter: @a_sayyad
Facebook: AymanAlSayyad.Page
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
الظاهر والمخفي في حملة الإساءة إلى الإسلام
التجربة الدانماركية
أموال الغرب و المجتمع المدني.
أموال الغرب و المجتمع المدني
الرد على الادعاءات الدانماركية والغربية
أبلغ عن إشهار غير لائق