«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرد على الادعاءات الدانماركية والغربية
نشر في الشعب يوم 09 - 03 - 2008


بقلم: هشام محمد طلبة

تحدثنا في مقال سابق عن الدوافع الحقيقية وراء الإساءة الدانماركية وسبل الرد عليها . وذكرنا أن الدافع الحقيقي وراء تلك الإساءة هو جرجرة أوربا إلى جانب الولايات المتحدة في حربها على الإسلام المسماة الحرب على الإرهاب . وذكرنا أن ..
· أعضاء المخابرات الدانماركية يغادرون إلى إسرائيل كل ثلاث سنوات لحضور ندوات يقيمها الموساد ، طبقًا لما ذكر عميل الموساد السابق أوستروفسكي في كتابه ( عن طريق الخداع ) .
· فليمنج روز الصحفي الدانماركي الذي تولى الدعوة للرسومات السيئة ونشرها أصله يهودي أوكراني ، كما ذكر جايمس بتراس أستاذ الاجتماع الأمريكي في كتابه ( سطوة إسرائيل ) .
· ونضيف كذلك أن الدافع الثاني لهذه الإساءة هو " الحط من قدر المقدس عندنا مقدمة لمحاولات تهدف إلى فرض مجموعة جديدة من المعتقدات التي تؤدي أكثر من غيرها إلى الخضوع والاستغلال " . كما ذكر حرفيًّا العالم الأمريكي سالف الذكر .
أي طمس هويتنا الثقافية بقبول الإهانة لمقدساتنا تدريجيًّا .
· أما الدافع الثالث لهذه الإساءة فهو الحد من انتشار الإسلام الذي وصل إلى حد يقلق صناع القرار في الغرب . وإن كان هذا قد أدى إلى نتائج عكسية تمامًا .
· ولعل توقيت إعادة نشر هذه الإساءة متزامنًا مع شريطين وثائقيين هولندي وأمريكي هو تمهيد لعمل عسكري ضد دولة إسلامية .
وفي مقالنا هذا نركز على الرد على ادعاءات أصحاب هذه الإساءة
· بم نرد على ادعاءات أصحاب السقطة:
يتعلل أصحاب تلك الإساءة بأنها من قبيل حرية الرأي . والحق أنها كلمة حق يراد بها باطل. ففي يوم 20/2/2006 (أي في نفس تحجج الغرب بحجة حرية التعبير) حكم علي المؤرخ البريطاني "ديفيد إيرفنج" في النمسا بالسجن لثلاث سنوات لإبدائه رأيه منذ ستة عشر عامًا في محرقة اليهود وهو أنها مبالغ فيما أعلن عن عدد ضحاياها !!! وذلك بعد تخفيف الحكم عليه وقد ناهز السبعين من عمره ، مثل ما فعل من قبل بالمفكر الفرنسي روجيه جارودي وقد تخطى الثمانين من العمر . والحق أنهم يعلمون أن تلك الحجة كاذبة. فقد ذكر سكرتير عام منظمة "صحفيون بلا حدود" (روبرت مينارد) ، كما نقرأ في عدد 2/2/2006 في الهيرالد تربيون، ذكر روبرت هذا أنه يعلم أن المسلمين سيصدمون من هذه الرسوم ، غير أن يصدموا هو جزء من ثمن أن يعرفوا !!!! ومما يدحض إدعاء حرية التعبير كذلك مقولة "فولتير" الشهيرة .. "أنا مستعد أن أموت في سبيل أن تعبر أنت عن رأيك..." كما أنهم دائمًا يقولون حريتي تنتهي حين تبدأ حرية غيري.
فالحرية ليست فوضى . ثم لماذا لم ينتقدوا الدستور الدانماركي الذي ينص على مساندة الدولة للكنيسة اللوثرية. بل لقد تحداهم الصحفى الشهير (روبرت فيسك) أن يرسموا رسما لحاخام يهودى يعتمر قنبلة كالتى رسموها لرسول الله صلى الله عليه و سلم .
ماذا كشفت الأزمة:
1) مما كشفت عنه تلك الأزمة تأخر رد فعل المسلمين. فقد كانت الإساءة الأولى يوم 30/9/2005 ولم يبدأ رد الفعل الحقيقي قبل أواسط يناير !!! وذلك ليس فقط لبطء تحركنا ولكن لضعف متابعتنا لما يكتب عنا . فحتى كتابة هذه السطور لا توجد مكتبة عربية واحدة بها مرصد لرصد وتحليل ما يكتب عنا في وسائل الإعلام الأجنبية. الحرب الحقيقية الحديثة علي الإسلام بدأت عام 1992 بالبوسنة والهرسك . ولو كان المسلمون حينها قاطعوا البضائع الروسية (حامية الصرب) لاختلف الأمر إلى الآن .
2) كذلك تذكرنا هذه الحادثة بأحداث أخرى مشابهة كسن فرنسا لقانون الرموز الدينية الذي هو في حقيقته قانون دفع مسلمي فرنسا لتركها أو الذوبان فيها . حينها قال شيخ الأزهر : إن هذا شأن داخلي فرنسي ، وهى نفسها الحجة التي رددها بعض الدانمركيين بل إن تعبير بوش بأن رد فعل المسلمين العنيف مبالغ فيه كان هو نفس رد الأنبا موسى على مظاهرات مسلمي مصر وقت فتنة مسرحية كنيسة الإسكندرية الشهيرة.
مما يعطي انطباعًا بأن هناك خيطاً يجمع إساءة الدانمارك مع إساءة مسرحية كنيسة الإسكندرية (وقت الإساءة الأولى) مع قانون حجاب فرنسا وأمثاله في ألمانيا وبلجيكا . وكذلك تسريب صور أبو غريب وجوانتانامو وتدنيس المصاحف، إصدار الفرقان الحق، تصريحات مسؤولين ضد الإسلام، قضية وفاء قسطنطين (زوجة المطران المصرى التى أجبرت على ترك الإسلام بعد اعتناقه طواعية ) ... معتقلات أمريكا السرية ... التنصت علي مسلميها ... خطف المخابرات الأمريكية لمسلمين وتعذيبهم ... تعذيب صبية العراق ... احتلال أفغانستان والعراق .. وصم بوش للإسلام بالفاشية ..تهديد سوريا وإيران .. العبث باستقرار لبنان ... طلب وزير داخلية ألمانيا من صحف بلاده المشاركة فى نشر الرسوم السيئة .. تصريحات بابا روما بنيدكت السيئة عن الإسلام .. هذه حرب استفزاز ضد المسلمين .. التعبير الأخير ليس من عندي بل هو تعبير السياسي الألماني الشهير "هانز ديتريش جنشر".
3) كشفت تلك الأزمة كذلك مدى صلف واستعلاء فريق كبير من مثقفي الغرب وعدم قبولهم للآخر على عكس ما يدعون. ومحاولة فرض الثقافة الغربية، بدليل تمسك رئيس وزراء الدانمارك بعدم الاعتذار عن الإساءة الأولى بحجة أنه لا سلطة له على الصحيفة في حين نسي المسؤولية الأدبية (وإن كان " راسموسن " ضالعًا فى هذا الأمر). وهو ما دفع رئيسي وزراء فنلندا والنرويج للاعتذار . بل إن الكنيسة الإنجلكانية اعتذرت لمسلمي إنجلترا عن خطأ بلير بغزو العراق رغم عدم مسؤوليتها بل معارضتها لها. ومن ينس اعتذار المفوضية الأوربية لإسرائيل عن الإحصاء الذي أظهر أن 59% من الأوربيون يرونها خطر على العالم كذلك اعتذار رئيس وزراء كندا إبان أحداث سبتمبر للمسلمين عن اعتداءات عليهم من غوغاء. أما العجيب فكان اعتذار بعض الساسة الدانماركيين مثل " هيرلوف هانسن " الذى اعتذر كمواطن دانماركى، بل قام بجولة على حسابه الخاص لهذا الغرض.
4) من أهم ما كشفت عنه تلك الأزمة مدى جهل الغرب بالإسلام .
فقد ذكرت صحيفة " فرانس سوار " في صدر عددها الذي أعادت فيه نشر الرسوم الأولى : "لنا الحق في انتقاد إلههم" أي أنهم يظنون أن المسلمين يعبدون محمدًا (ص) مثلما يعبد المسيحيون المسيح! وهذا قريب مما قالته صحيفة ليبرو الإيطالية . بل إن ذلك يذكرنا بسقطة ال BBC في يوليو 2004 حين أذاعت فيلمًا وثائقيًّا ذكرت فيه أن القرآن يشجع المسلمين على جعل فتيات البيض حوامل لزيادة نسل المسلمين !.
5) المثقف الغربي كذلك يجهل كما أسلفنا أن المسلمين ظلوا لمدة ثمانية قرون أسياد العالم ولولا اختلاطهم بهم في الأندلس لما وصلت أوربا لتقدمها هذا.
6) الغربيون يجهلون كذلك أن النبي (ص) الذي أساءوا إليه مكتوب عندهم في كتبهم المقدسة – وسيتعجب القوم حين يجدون نبؤات أوضح من الشمس في كبد السماء عن الكعبة والكوثر والقرآن وخاتم النبوة بين كتفي نبي آخر الزمان والمصطلح " إسلام " كما سيجدوا نبؤات قاطعة عن تاريخ ميلاد وصفات وألقاب بل واسم رسول الله (ص) في الكتب القانونية وأكثر منها في المخطوطات المكتشفة حديثًا مثل مخطوطات البحر الميت ومخطوطات نجع حمادي.
7) أهل الغرب يجهلون حقيقة دينهم نفسه. فمن منهم يعلم حقيقة تأثير المجامع المسكونية في تشكيل العقيدة المسيحية ؟ وحقيقة علم نقد النصوص لاختيار نصوص أقرب ما تكون للنص الأصلي المفقود ؟ بل ودور القديس جيروم في القرن الرابع في تشكيل الأناجيل الحالية من بين حوالي خمسين إنجيلًا، كما تقول د. زينب عبد العزيز أستاذ الحضارة. لقد صدر أخيرًا كتاب في أمريكا اسمه " الأناجيل الخمسة " قام به مائتي عالم لاهوت أمريكي ذكروا في مقدمته أن 82% من التفاصيل المذكورة في الأناجيل الأربعة المعتمدة لم يقلها أبدًا سيدنا عيسي !! وكم منهم يعلم أن أساقفة الكاثوليك في إنجلترا وويلز وسكوتلاندا أصدروا وثيقة يقولون فيها أن الكتاب المقدس غير كامل الدقة وأنه به أخطاءً علمية وتاريخية عديدة بل وتفاصيل تبرر العنف تجاه الآخر (راجع جريدة التايمز 5/10/2005). بل إن بابا روما نفسه (بنيدكت) قد طلب من أتباعه عدم الأخذ بحرفية كتابهم المقدس لأنه ليس مقدس حرفياً !
8) كشفت الحادثة كذلك ازدواجية المعايير الغربية ففى الوقت الذى يتمتع فيه اليهود بقانون معداة السامية حُرم المسلمون من قانون مشابه رغم المناشدات التى كان آخرها مناشدة الرئيس المصرى فى الثامن و العشرين من نوفمبر 2008
هل لهذه الحادثة فوائد :
يقول الله تعالي : " لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم " (النور 11)
وقد تبين بالفعل أن في هذه المحنة العديد من المنح:
أولًا : أثبتت قدرة الأمة على الوحدة على أمر يجمعها وكذلك قدرتها على المقاومة. فمن كان يتوقع تلك الصحوة. وما أجمل أن يصبح من يهاجم الأمة أمثولة لمن بعده.
ثانيًا : هذه فرصة عظيمة لعرض الإسلام. فلا بد أن هذا الأمر لفت أنظار غير المسلمين الذين لا يعلمون عن الإسلام شيئًا إليه فشرعوا يقرؤون عنه لدرجة أن تشكل مبيعات المصاحف 38% من مبيعات الكتب الحالية في فرنسا. كما زاد الإقبال على الإسلام خاصة في الدانمارك. ولو أننا استغللنا الحدث استغلالًا جيدًا لعرض حقائق الإسلام الواضحة لانقلب
السحر على الساحر. ففى بدايات العام 2008 ذكرت محطة ان بى سى الأمريكية أن عدد الأمريكيين المتحولين إلى الإسلام سنوياً 20000 ! كما ذكرت مجلة (دير شبيجل) الألمانية عقب إساءة بنيدكت أن عدد الألمان المتحولين للإسلام قد تضاعف أربع مرات !
ثالثًا : كشف المرجفين من أبناء جلدتنا. من أهم ما تمخضت عنه تلك الأزمة كشف " المارينز العرب" أو الطابور الخامس من الإعلاميين الذين يسعون إلى تثبيط الهمم وبذر بذور اليأس في النفوس. فمرجف في جريدة تابعة لوزارة الثقافة يذكرنا بقول أبي بكر الصديق : " من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات " وكاتبة أخرى تكتب في بلاد الإنجليز تقول : " لماذا تصنعون من الحبة قبة فهذا شأن داخلي دانماركي. أما رجل المنظمات الأجنبية الأول فيقول : إن ما يفعله إرهابيونا أسوأ آلاف المرات من صاحب الرسوم !! وأن المسلمين يستعرضون عضلاتهم على الدانمارك الضعيفة وآخرون يسعون لإضعاف معنوياتنا بالتقليل من قيمة المقاطعة الاقتصادية فيذكر كاتب يرأس جريدتي معارضة أن صادرات الدانمارك للعرب 1% من إجمالي صادراتها ثم يتبين أنها 6% وأن شركة دانماركية واحدة تخسر ما يقرب من المليوني دولار يوميًّا. بل إن " الواشنطن بوست " وصفت تلك المقاطعة على الإساءة الأولى بأنها كابوس على الشركات الدانماركية. فشركة نوردكس مثلًا خسرت 20% من مبيعاتها، وأخرى يشكل الشرق الأوسط 70% من مبيعاتها، حسب قول نفس الصحيفة. هذا خلال الإساءة الأولى . أما فى الثانية فقد سرحت شركة (آرلا) العديد من موظفيها .
ثم يسخر من قولنا : إن الاعتذار لم يكن بصيغة مرضية ويقول هل المطلوب أن تدخل الدانمارك في الإسلام ؟ ثم يذكر هذا الصحفي أن هذه الإساءة وإعادتها هي مجرد طيش فنان وأنه عمل فردي يعود بالخسارة والذنب على صاحبه . وأن الحل عنده هو التجاهل و( حب آل البيت والصلاة والتسليم عليهم ) !! و الصبر حتى تنهض الأمة و تصبح متقدمة ! (من يعيش؟) و كأنه يسكن الأمة .
ويرفض صحفي آخر يرأس مركز دراسات كبير فكرة المقاطعة أساسًا ويقول : إنها تحولت إلى حالة جهادية !! كأن الجهاد سبة ... ورئيس تحرير آخر يستضيف " راسموسن " رئيس وزراء الدانمرك ، ليلمعه أمامنا. أما الكاتب " المنهزم " فوجدها فرصة للهجوم على السنة النبوية واعتبارها سبب تخلفنا الذي يجب أن يكون هو ما نقاطعه مع " فقرنا الفكري " على حد تعبيره. ثم يكتب محامي بالنقض أننا ننمط غيرنا وأن لا جدوى من المقاطعة وقد أقمنا الدنيا ولم نقعدها وأن ثقافتنا في التعامل مع هذه القضية ثقافة القطيع !! ثم يكتب كاتب نكرة بجريدة معارضة صفراء أن حملة المقاطعة منا حملة شعوذة وكان ينبغي أن نقبل أسف الجريدة لأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون !!
أما أسوأ ما قرأت في هذا الباب فرأي بعض من يوصفوا بالمفكرين الإسلاميين. مثل د. طارق رمضان الأكاديمي السويسري مصري الأصل الذي ذكر لجريدة " دير شبيجل " أن رد فعل المسلمين مبالغ فيه وحاد للغاية ! ثم أثار حفيظة الدانماركيين من وفد مسلمي بلدهم الذي جاء مصر لعرض قضيتهم وخونهم .
علاوة على كل هذا الغثاء تجرأت قناة تليفزيونية جزائرية وبعض صحف عربية وإسلامية في اليمن والأردن وماليزيا على نشر الرسوم الأولى ؛ بل لقد تم مصادرة أربعون ألف نسخة من عدد لجريدة قومية مصرية بها الرسوم المسيئة. بل أقمنا في الإساءة الأولى منتدىً فكريًّا بيننا وبين أمريكا كان قد دعي إليه حثالة القوم من منكري السنة إلى أمينة داود التي أمت الناس في صلاة الجمعة في أمريكا من قبل.
الغريب أن بعض الكتاب وكبار المثقفين المشهورين بعلمانيتهم كانت لهم مواقف ممتازة. فنجيب محفوظ رحمه الله مثلًا أيد المقاطعة الأولى وقال : إنها السلاح الوحيد لدينا الآن. وقد حذا د. زويل حذوه سابقًا وكانت له كلمات مضيئة في لقاء في الأوبرا مع الشباب. بل لقد علق أحد العلمانيين على تلك الإساءة تعليقًا لم يقله إسلامي حيث ذكرنا عبد الله السناوي بكلمة "هاملت" في مسرحية شكسبير الشهيرة حين قال : هناك شيء عفن في الدانمارك .
أما الأشد غرابة فكانت المواقف المشرفة للعديد من رموز الثقافة الغربية مثل الكاردينال الفاتيكاني " مارتينو " الذي صرح بأن ما حدث ما هو إلا استفزاز مقصود ولا يعبر إلا عن غطرسة وقحة لا يمكن قبولها .. وقد صرح بذلك في ذات الجريدة الألمانية " دي فيلت " التى أعادت نشر الرسوم المسيئة يوم 8/2/2006. مثل ذلك قاله الأديب الألماني الحائز على جائزة نوبل " جونتر جراس " لجريدة الباييس الأسبانية يوم 9 فبراير الذي زاد على ذلك تفهمه لاستخدام بعض المسلمين للعنف لأن الغرب هو الذي بدأ بالعنف بل وألمح إلى أن هناك مؤامرة وراء الرسوم للتخطيط للاستفزاز رغم تحذير خبراء الشؤون الإسلامية للصحفي. كما قال الأديب البرتغالي الحائز على جائزة نوبل " خوزية زاراماجو " كلامًا مثل ذلك. أما السياسي الألماني العتيد " هانز ديترش جنشر " فدعى الغرب إلى تأمل أن كل صور الحرب والإذلال والتعذيب تتم للمسلمين فقط وأخذ يعدد الأمور منذ احتلال العراق وأفغانستان إلى أبي غريب وجوانتانامو وتعذيب صبية العراق وغير ذلك .. ومن ينسى مقالة روبرت فيسك في الإندبندنت " خطورة الرسوم الكرتونية الدانماركية " حيث ذكر أن المسلمين يعترضون على تصويرنا الاستفزازي والمهين للنبي محمد (ص) ثم طالب الغرب بتقبل حقيقة أن المسلمين يعيشون ديانتهم (التى حافظوا عليها خلال تقلبات تاريخية كثيرة) على عكس ما يفعل أهل الغرب الذين فقدوا دينهم. منذ زمن اعتبروا أنبياءهم وقديسيهم مجرد شخصيات تاريخية تتناقض مع تقدمهم وحريتهم وحقوق الإنسان .... ثم ذكرهم بمن أضرم النار في السينما التى كان يعرض فيها فيلم آخر إغراءات المسيح" ..... بعد ذلك تساءل لو كان الرسم لحاخام قبعته على شكل قنبلة ما سيكون رد الفعل ؟ ثم أنهى مقالته بقوله : وكذلك فقد صورت الإسلام وكأنه دين عنف، الإسلام ليس كذلك، أم إننا نريد أن نجعله كذلك ؟
والله من وراء القصد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.