وزير الخارجية يشارك في إطلاق الصالون الثقافي للمصريين بالخارج    محافظة الجيزة: انتهاء أعمال إصلاح كسر بخط مياه في حدائق الأهرام    مصدر مسؤول للقاهرة الإخبارية: استمرار جهود الوسطاء في تذليل أية عقبات خاصة بخطة الرئيس ترامب    مصابة فلسطينية تهدي رسالة شكر وباقة ورد لمصر والرئيس السيسي    22 لاعبًا بقائمة الزمالك للقاء البنك الأهلي .. عودة الثلاثي    فرنسا والمكسيك تصعدان لدور الثمانية بكأس العالم للناشئات تحت 17 سنة    الصحة تكشف حقيقة فرض رسوم 350 جنيها لاستخراج تصاريح الدفن    69 عامًا على دحر قوات العدوان الثلاثي، ندوة عن المقاومة الشعبية بالصحفيين    أكاديمية الفنون تقرر تأجيل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية إلى الاثنين المقبل    اتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتغيبين خلال حملة رقابية على منشآت صحية بالمنيا    الطاقة النووية الأمريكية ترتفع لتلبية الطلب المتزايد لشركات التكنولوجيا العملاقة    ضباب وأمطار.. حالة الطقس غدًا الخميس 30-10-2025 في السعودية    روسيا تعرب عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في الفاشر بالسودان    رئيس جامعة القاهرة يهنئ أساتذتها بقرار رئيس الوزراء باللجنة العليا للمسئولية الطبية    مبادرة "تمكين".. لقاء تفاعلي يجمع طلاب مدرسة النور للمكفوفين وذوي الهمم بجامعة أسيوط    اختتام دورة تدريبية بمركز بحوث الصحراء بمطروح حول الإدارة المستدامة للمياه والتربة بمشاركة دولية    ليلى علوي تتصدر فعاليات مهرجان الرباط.. ندوات ومؤتمرات تحتفي بالفن والإبداع    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير العمل: الدولة لا تتهاون في تطبيق الحد الأدنى للأجور وحماية الطرفين داخل منظومة العمل    وزير خارجية الصين: مستعدون لتعزيز التعاون مع الجزائر    كيف أتخلص من التفكير الزائد قبل النوم؟.. أستاذ طب نفسي يُجيب    «الصحة» تعلن تحقيق إنجازات نوعية في تنفيذ توصية «تمكين المرأة» قبل انطلاق مؤتمر PHDC'25    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    افتتاح قصر ثقافة الطفل بسوهاج    مصطفى قمر يطرح أولى أغاني ألبومه الجديد بعنوان "اللي كبرناه"| فيديو    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    عبد الحفيظ: تعاقد الأهلي مع محمد صلاح؟ فكرة بعيدة غير واقعية    باسل عادل: المتحف المصرى الكبير نقطة تحول حضارية فى مسار الوعى الوطنى    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    آرسنال يخطط للتجديد مع ساكا ليصبح الأعلى أجرًا في تاريخ النادي    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    ريال مدريد: رفض الطعون المقدمة بشأن دوري السوبر.. وسنطلب تعويضات من يويفا    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    بنك مصر يقدم مزايا وعروض مجانية خلال فعالية «اليوم العالمي للادخار»    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    بعد تداول فيديو.. القبض على متهم بسرقة هاتف فتاة في الإسماعيلية    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    كونسيساو يُكرّس «عقدة» الإقصائيات أمام جيسوس    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بين هؤلاء وهؤلاء
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 12 - 2014

البعض يريد مصر تكفيرية وآخرون يريدونها متحللة عابثة ماجنة.. ومصر لن تكون لا هذا ولا ذاك.. والبعض يريد مصر داعشية دموية.. وآخرون يريدونها علمانية تجحد الإسلام ورموزه وتكره الأديان وتسىء إليها.. ومصر لن تكون هذه أو تلك.. فمصر هى البلد التى دعا فيها إدريس عليه السلام، وهو أول من دعا إلى الله والتوحيد على ضفاف النيل العظيم قبل إبراهيم أبو الأنبياء وأنبياء بنى إسرائيل بكثير.. وهى التى لجأ إليها إبراهيم عليه السلام، أبوالعرب جميعا، ومعه زوجته هاجر.. وترعرع فيها واستوزر يوسف عليه السلام وجاء مع إخوته آمنين مطمئنين وقيل لهم « ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ».. وهى التى ولد فيها موسى وهارون عليهما السلام وهما أعظم أنبياء بنى إسرائيل.. ونشأ فيها بنو إسرائيل جميعا قبل أن يضطهدهم فرعون فيخرجوا من مصر إلى فلسطين.. وهى التى كلم الله فيها رسوله ونبيه الكريم، كليم الله موسى عليه السلام، على أرض سيناء العظيمة وأنزلت عليه فيها صحائف التوراة.. وهى التى صاهر الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، من أهلها فتزوج مارية القبطية «المصرية الصعيدية من مدينة ملوى».. لتكون بين نبى الإسلام والمصريين مصاهرة ونسبا.. ولذلك قال النبى، صلى الله عليه وسلم، موصيا المسلمين جميعا «استوصوا بأهل مصر خيرا فإن لكم فيها نسبا وصهرا»..
ومصر لن تكون أبدا مدرسة للتكفير والتفجير أو الغلو والتطرف.. ولن تكون كذلك مدرسة للرقص أو التبذل أو البذاءة والشتاتم أو التفحش أو زنا المحارم أو وكرا للدعارة تحت أى مسمى.. فمصر بلد العلم والعلماء والأزهر والجامعات منذ قديم الزمان، وهى التى وفد إليها كل علماء الأرض.
والبعض يريد مصر بلدا للتطرف الدينى، وآخرون يريدونها وطنا للتطرف العلمانى واللادينى أو موطئا للملحدين.. وهى لن تكون هذه أو تلك أبدا.. فقد كانت دوما رمزا للوسطية فى الدين والفكر وموطنا للحكمة والعقل والتريث والأناة.
وكل من أتى إلى مصر تمصر وتوسط وتطور فكره إلى الأفضل والأحسن.. فهذه بلاد العلماء العظام محمد عبده والمراغى والغزالى والطهطاوى وعبدالحليم محمود.. ومن قبل ذلك الليث بن سعد والشافعى.. وزين العابدين بن الحسين.. والسيدة زينب والسيدة نفيسة وآل البيت بعلمهم وحكمتهم وكرمهم.
وهؤلاء الذين ذكرتهم وغيرهم من أشباههم وأمثالهم كانوا يجمعون بين الواجب الشرعى والواقع العملى جمعا صحيحا.. وكانوا مع ثوابت الإسلام فى صلابة الحديد ومع متغيراته فى مرونة الحرير.. فقد جمعوا بين الصدع بالحق والرحمة بالخلق.. وبين عزائم الدين ورقة القلوب وعفوها وتسامحها ورفقها.
البعض يريد تحويل مصر إلى مرتع للتطرف الدينى أو مكانا مختارا لنشأة الجماعات التكفيرية المسلحة أو يفكرون فى إعادة نموذج القاعدة أو داعش فى مصر.. والبعض الآخر يريد تحويلها إلى كباريه كبير للرقص والتبذل والتحلل والإلحاد وشتم أئمة الدين، مثل البخارى وأبوحنيفة والشافعى والقرطبى وأحمد بن حنبل.. ومصر لن تكون واحدة من الاثنين.. وكلا الفريقين لم يفهم بعد طبيعة مصر الوسطية المعتدلة وطبيعة شعبها الذى يكره الغلو والتقصير.. ويمقت الإفراط والتفريط.. فكلاهما وجهان رديئان لعملة زائفة واحدة.
إن بعض خصوم الدين والإسلام يستغلون الأخطاء التى وقعت فيها الحركة الإسلامية المصرية فى صراعاتها السياسية المريرة التى لا تنتهى مع الحكومات المتعاقبة فيقفزون عامدين متعمدين من نقد الحركة الإسلامية غير المعصومة إلى نقد الإسلام المعصوم نفسه.
ويا ليتهم ينقدون أنفسهم مع نقدهم للحركة الإسلامية.. أو ينقدونها بالحق والصدق والعدل.. ولكنهم فى أحيان كثيرة يضخمون من عيوبها وينسبون إليها ما لم تقله أو تفعله أو يبالغون فى نقدها بغير حق أو يعممون خطأ البعض على الجميع.. أو يريدون حرمان الجميع من حقوقهم بخطأ بعضهم.
إن هذا القفز لنقد الإسلام العظيم المقدس المعصوم متعمد ويتم بنوايا خبيثة ماكرة.. ويؤسفنى أن الحركة الإسلامية بصراعاتها السياسية المريرة هى التى أعطت لهم المبرر تلو الآخر لكى يفعلوا ذلك.. وهى التى أعطتهم الحبل لشنقها وشنق الإسلام نفسه بعدها.
ولعل نماذج داعش وأنصار بيت المقدس وغيرها من الحركات الإسلامية أكبر نماذج على ذلك.. فقد أساء معظمها إلى نفسه وإلى الإسلام معا.. واكتفى الخصوم بلف الحبل الذى استلموه منهم على رقبتهم ورقبة الإسلام نفسه.
والبعض يريد مصر بلدا للغلو فى الدين والتشديد على الناس أو تقديم مصالح الجماعات على الوطن أو بلدا للإقصاء الدينى.. والبعض الآخر يريدها ديكتاتورية بغيضة أو استبدادية عقيمة لا مجال فيها للتعددية ولا بديل فيها عن الإقصاء وأن يكون الإسلاميون فى السجون دوما وكأنها مكانهم الطبيعى.. وأن يظل منافسوهم فى السلطة وحدهم.. دون دوران للسلطة أو تنافسية حقيقية.. أو تعددية تثرى المجتمع والوطن.. أو يريدون أن يظل توريث الوظائف الحكومية وتداولها حكرا على مجموعات بعينها ورثت الفساد والاستبداد وتريد أن ترث السلطة والثروة باستمرار.
ومصر لن تكون هذه أو تلك.. ولكنها ستكون دوما وسطية التدين داعية للحب والوئام متسامحة مع الجميع.. لا تعرف الاستبداد ولا توريث السلطة.. ولا الفساد فى كسب الثروة.. فالسلطة تكتسب بالكفاءة والثروة تكتسب من الحلال وتنفق فى الحلال وتجلب من مصادر مشروعة.. وتنفق فى أبواب مشروعة شرعا وقانونا.
إن الذين يحاولون جر مصر ها هنا أو هناك سيفشلون.. فمصر أكبر من هؤلاء وهؤلاء.. وأعظم منهما جميعا.. وسيفنى هؤلاء وهؤلاء.. وستبقى مصر دوما لأبنائها الشرفاء المخلصين المحبين لدينهم وأوطانهم نظيفى اليد عفيفى اللسان من كل الأديان والأعراق والتوجهات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.