وزارة الإسكان تقرر تعميم و نشر المعايير الإرشادية لمعلومات البناء    عاجل- حراس المسجد الأقصى يحبطون محاولة مستوطنين ذبح "قربان حي" في باحاته    وزير الخارجية التركي يطالب برفع العقوبات الغربية عن سوريا    مجلس النواب يحيل 33 تقريرا عن اقتراحات النواب للحكومة    موعد امتحان الأنشطة والمواد غير المضافة للمجموع لطلاب «تانية ثانوي» في القليوبية 2025    وزير التعليم العالي يعلن سياسات تنفيذ إطلاق الجامعات المتخصصة لدعم رؤية مصر 2030 ومتطلبات الثورة الصناعية الخامسة    أكبر انخفاض يومي .. سعر الذهب فى مصر يهبط لأدنى مستوى فى شهر    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    ما موقف من تضرر من أزمة البنزين المغشوش ولا يمتلك فاتورة؟.. البترول توضح    الحركة الوطنية: «تكافل وكرامة» نجح في توفير مظلة الحماية الاجتماعية    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    رسميًّا.. 30 فرصة عمل في شركة مقاولات بالسعودية -تفاصيل    روسيا تسقط 230 مسيرة أوكرانية خلال أسبوع    العراق يتسلم رئاسة القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية من لبنان    جدل في واشنطن حول نية ترامب قبول طائرة فاخرة هدية من قطر    مدرب الأهلي المحتمل - لا ينام عند الخسارة ولا يستهدف إسعاد اللاعبين في أبرز تصريحات ريفيرو    ماذا يحتاج اتحاد جدة للتتويج بلقب الدوري السعودي    دياز: أتمنى البقاء في ليفربول لأطول فترة ممكنة    نور خالد النبوي أمام النيابة.. اتهام بالتسبب في اصطدام مروري والفرار من الموقع    حبس متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي للنصب على المواطنين بالجيزة    المشدد 6 سنوات لعاملين لاتجارهم في الهيروين بالقناطر الخيرية    «بعبع» تسريب امتحانات الثانوية العامة.. هل يتكرر في 2025؟| ننشر خطة «التعليم» كاملة    تأجيل محاكمة عامل وعمه قتلا شابا فى شبرا الخيمة ليونيو المقبل    عاجل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة في هذا الموعد    وزير الأوقاف: شيخ الأزهر الإمام الشيخ حسن العطار شخصية مصرية جديرة بعشرات الدراسات    تكريم غادة جبارة ومنال سلامة في افتتاح مهرجان المسرح العالمي    الجمهور يفاجئ صناع سيكو سيكو بعد 40 ليلة عرض.. تعرف على السبب    إعلام عبرى: قوات من الجيش ودبابات وناقلات جند تمركزت قرب نقطة تسليم عيدان    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    البحث عن السعادة.. «الطائر الأزرق» يختتم عروضه على مسرح 23 يوليو    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    مجلس الوزراء يستعرض بالإنفوجراف جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    طب القاهرة تحصد اعتمادًا أوروبيًا كأحد أفضل مراكز رعاية مرضى قصور عضلة القلب    التعليم: فتح باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية (المرحلة الثانية) لعام 2025- 2026    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    فابريزيو: ألونسو يوقع عقود تدريب ريال مدريد    حسام المندوه يكشف تفاصيل الوعكة الصحية لحسين لبيب    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    سهير رمزي: بوسي شلبي جالها عرسان ورفضت بسبب محمود عبدالعزيز    جامعة المنيا: الكشف على 570 مواطنًا بالقافلة المتكاملة فى قرية بني خيار    إنبي: ننتظر نهاية الموسم لحساب نسبة مشاركة حمدي مع الزمالك.. وتواصل غير رسمي من الأهلي    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    محافظ أسيوط: توفير 706 فرصة عمل لشباب الخريجين بمراكز المحافظة    لماذا يرتدي الحجاج "إزار ورداء" ولا يلبسون المخيط؟.. د. أحمد الرخ يجيب    أكبر صندوق سيادي بالعالم يسحب استثماراته من شركة إسرائيلية بسبب المستوطنات    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    الجيش الملكي يتأهل لدوري أبطال أفريقيا.. والوداد يذهب للكونفدرالية    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    طالب بهندسة قناة السويس يواصل تألقه العالمي بتحكيمه في أكبر مسابقة روبوتات دولية بأمريكا    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شركاء أم رعاة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 10 - 2014


ما مفهوم الرعاية بالضبط؟
هذا أول الأسئلة وأهمها فى طلب الرئيس «عبدالفتاح السيسى» تنظيم مؤتمر للحوار بين القوى السياسية تتولاه جريدة «الشروق» تحت رعايته.
ليست هذه المرة الأولى التى يطلب فيها من مؤسسة صحفية تنظيم مؤتمرات فى ملفات تبحث أزماتها المتفاقمة عن مخارج ممكنة وأسئلتها الحرجة عن إجابات جديدة.
أسند أولا مهمة «المؤتمر الاقتصادى» إلى مؤسسة «أخبار اليوم» قبل أن يكلف ثانيا مؤسسة «الأهرام» بمؤتمر موضوعه «أزمات الشباب».
فى الحالتين لم يكن واضحا مفهوم الرعاية لا عند الجهات المكلفة ولا عند المدعوين للمشاركة فى الحوار.
هذه المرة طبيعة المؤتمر تختلف، فالدعوة إلى حوار مفتوح بين القوى السياسية يبحث فيما تدعو إليه وما تقلق منه كلام مباشر فى قواعد اللعبة السياسية الجديدة والمسار الذى سوف يأخذه نظام الحكم الذى لم يستكمل بعد مؤسساته الدستورية.
هو المعنى مباشرة بكل حرف وكلمة اتفاقا أو اعتراضا على ما يتبناه من سياسات ولا قيمة لأية اقتراحات ما لم يكن طرفا رئيسيا فى النقاش بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
فى المؤتمر الاقتصادى كان بوسعه أن يتابع من بعيد مسار الحوار ويحكم عليه بما يتسق مع ما يميل إليه، فالملف بطبيعته ميدان مفتوح لصراع المصالح المتضاربة والانحيازات المتناقضة.
وليس هناك شيئا ملزما إلا بقدر ما يتبدى من توافق أوسع مدى من قاعة المؤتمر وجدول أعماله والجهود المضنية التى بذلها منظموه.
قبل مؤتمر «أخبار اليوم» وبعده فإن تحديه الرئيسى أن يحسم انحيازاته الاجتماعية وأن يقرر بأى معسكر يقف.
ورغم ما يعترض طريق مؤتمر «الأهرام» من ألغام وما يسكنه من حساسيات فأزمة الدولة مع شبابها قابلة للإنهاء بقرارات قادر عليها توقف الغضب وأسبابه وتصالح المستقبل وأجياله، فلا أمل لهذا البلد أن يخرج من أزماته التى تهدد وجوده ما لم يكن شبابها فى الصفوف الأمامية يبنى ويؤسس لعصر جديد.
أزمة الدولة مع شبابها لا يلخصها قانون التظاهر وحده لكنه كلمة السر فى الملف كله وتعديله ليس مستعصيا وفق ملاحظات المجلس القومى لحقوق الإنسان.
التباطؤ يعمق من مخاوف عودة الدولة البوليسية وتأميم السياسة ومصادرة الحقوق الدستورية، وهذه ردة لا تحتملها مصر ولا يطيقها المستقبل وتفضى تبعاتها إلى تآكل مضطرد للتماسك الداخلى الضرورى فى أية استراتيجية لحرب طويلة مع الإرهاب.
بالمقابل فإن الحسم يؤسس لنظام جديد تستحقه مصر بعد ثورتين، فلم تضح كما ضحت وتبذل الدم كما بذلت حتى يتهددها العودة إلى الماضى وسياساته ووجوهه وتتسلل إلى إعلامها لغة «الضرب بالحذاء».
ما تحتاجه مصر الآن بقسوة إرساء قواعد واضحة للعبة السياسية بما يتسق مع الدستور وقيمه الرئيسية ورد اعتبار السياسة التى تكاد يتوقف تدفق الدم فى شرايينها.
أخطر ما يعترض المستقبل أن الوسائل السياسية تغيب حيث يجب أن تحضر.
لا الرئاسة التقت الأحزاب السياسية مرة واحدة ولا الأحزاب ارتفعت إلى مستوى الأزمات الوجودية والقدرة على مواجهتها.
فى الفراغ السياسى أطل الماضى على المشهد المحتقن.
شىء من الترهيب العلنى ارتفعت وتيرته حتى لا يخرج عن السياسات التى ثار المصريون عليها أو أن يقترب من ملفات الفساد المتوحش.
يطلبونه استنساخا للماضى أو وريثا جديدا.
بحسب معلومات مؤكدة فإن ضيقه بلغ مداه من شروط تملى عليه فى معالجات إعلامية متواترة يحرض عليها رجال أعمال متنفذين صنعوا ثرواتهم المليارية فى الماضى ويدينون بالولاء للرئيس الأسبق الذى مكنهم منها كحقوق لا تنازل عنها.
رغم تعهداته التى أفرط فيها بأنه لن يتجاوز القانون أو يمس برجال الأعمال فإنهم لا يرتاحون إليه ويحاولون توظيف اللحظة فى وضعه تحت الضغط المستمر، لا تبرعوا لصندوق «تحيا مصر» ولا أبدوا استعدادا للتعلم من التجربة المريرة، ارتفعت أصواتهم بعد يونيو كأنهم أصحابها وتصوروا أن الماضى يمكن أن يعود دون أن يدركوا أن النهايات تقترب كلما ارتفعت الحماقات إلى ذراها.
«عندما يستقر النظام وتتأكد قواعده لا مفر من المواجهة» بتعبير شخصية قريبة منه للغاية.
بتعبيره هو: «لست محسوبا على أحد».
قد يفسر المعنى على وجهين، أولهما أنه خارج لعبة المصالح ولن يسمح بزواج جديد بين السلطة والثروة فهو «لا السادات ولا مبارك» كما أبلغ الإعلاميين فى اجتماع ضمه إليهم.. وهذا التفسير يفترض أن يمضى قدما فى مواجهة الفساد الذى توحش والظلم الاجتماعى الذى تجاوز كل حدود محتملة وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وثانيهما أنه يعتقد أن لا أحدا له حق الشراكة السياسية معه، فالكتل الشعبية هى التى صعدت به إلى الرئاسة والأحزاب السياسية ضعيفة ومتهاوية ولا حضور لها فى الشارع.
على نحو ما فإن رؤيته السلبية للحياة الحزبية لها أساس وشواهدها مزعجة لكن لا ديمقراطية بلا أحزاب ولا تداول سلطة بلا تعددية وما تحتاجه مصر أن يفتح المجال العام واسعا لإنتاج نخب جديدة وحياة حزبية مختلفة، فالنخب تنشأ فى تاريخ والأحزاب تقوى فى الشارع، وهذه مسألة وقت لإحياء ما أنهك وجرف من سياسة على مدى عقود.
الملاحظات السلبية لها حدود لا تتجاوزها فمما لا يمكن إنكاره الدور الجوهرى الذى لعبته «جبهة الإنقاذ» فى ثورة (30) يونيو، فقد كانت العنوان السياسى الأول لطاقة الغضب فى مصر على حكم جماعة الإخوان المسلمين.
وعلى نحو آخر فإنه مدين لشعبه الذى راهن عليه ودفعه إلى المقعد الرئاسى وهذا يستدعى أن تتسق سياساته الاجتماعية مع مصالح أغلبيته من الطبقة الوسطى والفئات الأكثر فقرا وعوزا وإلا فإن سنده الشعبى مرشح للتآكل بأسرع من أى توقع ويجد نظامه فى مهب الريح قبل أن يتأسس.
رغم أن المؤتمرات التى تعتنى برسم السياسات العامة للدولة تحت رعاية رئاستها ليست من طبيعة عمل الصحف وأدوارها المهنية إلا أنها فى الظروف المصرية الحالية قد تكون مخرجا من مخارج الحوار الضرورى حتى تستعيد السياسة حضورها.
السياسة تصنع التفاهمات، وهذا صلب أولويات أية رئاسة تبحث عن إنقاذ وطنى ممكن.
هناك معضلة مستعصية عنوانها إنعاش الاقتصاد المنهك دون وضع أعباء جديدة على المواطنين والإقدام بذات الوقت على استحقاق العدالة الاجتماعية دون إبطاء إضافى.
وهناك معضلة مستعصية أخرى عنوانها الحرية والأمن: كيف نوسع المجال العام وفق النصوص الدستورية دون تغول أمنى ونحفظ قدرة البلد على التماسك فى مواجهة العنف والإرهاب؟
ما تحتاجه مصر فى أى حوار مقبل بين القوى السياسية أن تكون هناك قواعد سياسية جديدة تؤسس لنظام جديد يليق بمصر بعد ثورتين يمنع الماضى بوجوهه وسياساته من العودة.
إن أردنا أن نوفر أسباب النجاح أمام مؤتمر القوى السياسية فلابد أن يتسع الحوار إلى أقصى ما يطيقه وأن توضع القضايا الحقيقية على المائدة وأن يكون هو قبل غيره الطرف الأول والشريك الرئيسى فى الحوار بصورة مباشرة أو غير مباشرة قبل أن يكون راعيا يوضع اسمه على رأس بطاقات الدعوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.