صبرت منذ ما قبل ثورتى 25 يناير و30 يونيو وتحملت الكثير من تصريحات الصلف والعند والتصريحات التى تقطع بأن مصدريها هم ممن لا يتعلمون ولا يسمعون أو يبصرون إلى أن طالعت تصريحات وزير التعليم العالى التى قرر فيها بأنه لا سياسة فى الجامعة، وأعلن إصراره على وجود الحرس الجامعى داخل الجامعة فكانت القشة التى دفعتنى لكتابة هذه السطور لأتحداه فى هذا النوع من الفكر الذى يهدد مجتمعنا ومستقبل أولادنا. وزير التعليم العالى يريد أن يخلى الجامعة من السياسة ليخرج أولادنا منها وهم أجهل وأقل تأهيلا من أن يميزوا الغث والثمين من الأفكار والادعاءات، يتحدث وكأنه لم ير بأم عينه أعداد الشباب الذين ضلوا وضللوا لأننا حرمناهم من حقهم فى المعرفة والمشاركة فى الحياة العامة.. وكأنه لم ير أن تحريم السياسة كان هو جريمة نظم بيدت وذهبت لأنها أصرت على أن السياسة نجاسة وأن السياسة للحكم فقط. وزير التعليم العالى يعتقد أنه يعرف وأن غيره ممن سبقوا لا يعرفون بالرغم من أننا نتذكرهم حتى الآن بالاسم وبما تركوا فى تاريخنا من أضواء لا تخفت فمن أنشأ منظمة للشباب كان يسعى لعكس ما يسعى إليه الوزير فمنظمة الشباب كانت محاولة من دولة فتية عفية لنشر المعرفة وتأهيل الشباب لفهم وإدراك الحياة العامة وشئون الحكم ومهارات العمل العام وهو ما يعتبره من يفكرون بهذه العقلية خطرا لا يريده فى الجامعة.. ومن أنشأ الفرق المسرحية والمجموعات الثقافية فى الجامعات كان يقصد عمدا تنوير الفكر على إطلاقه فى كل المجالات لنخرج لمصر رجالا ونساء يستطيعون أن يميزوا الغث والثمين ويقاومون أفكار الخراب التى تنشرها جماعات الظلام ويستطيعون أن ينجحوا فيما فشل فيه الحزب الوطنى بمثل هذه الأفكار.. ولا يدرك سيادته أنه بذلك يجهل الشباب ويفقد الجامعة ميزتها المتبقية بعد أن أفقدها أساتذة آخرون أساسها العلمى بأن تكون حرم الدراسة القائمة على حرية البحث وحولوها إلى سوق لبيع كتب الأساتذة وهو الأمر الذى لم يفزع الوزير. وزير التعليم العالى الذى يريد الحرس الجامعى فى داخل الجامعة لا يدرك أنه يختار ألا يبذل جهدا فى التفكير ولا فى العمل إذ إن مضار وجود الحرس الجامعى قد ناضلت ضدها أجيال من الطلاب والقوى السياسية عدا الإخوان فهم فقط من عاش فى سلام مع الحرس الجامعى كجزء من نظام مبارك وكما تحالفوا مع الحزب الوطنى فى الانتخابات فقد استأنسوا الحرس الجامعى وروضوه فكان على غيرهم وليس عليهم.. كما أن أحكاما قضائية قد صدرت وعددت أسباب خطأ وجود وزارة الداخلية داخل الجامعة بهذه الصورة.. ولأننى أعتبر تصريحات الوزير نابعة من عدم قدرة على إنتاج الأفكار التى تطور المجتمع فأنا أقدم له الحل الذى لا أنسبه لنفسى لأن آخرين قد سبقونى لإعلانه.. الجامعة كغيرها من مؤسسات الدولة يجب ألا يكون داخلها وحدة شرطية ولكن للشرطة أن تدخلها عند الحاجة شأنها شأن كل مؤسسات الدولة كما يمكن زيادة أعداد العاملين بإدارات الأمن الجامعى الموجودة بالفعل وتدريبهم وتزويدهم بالمناسب والمطلوب من أدوات العمل من أجهزة اتصالات وتسليح مناسب ويمكن أن نمنح منهم البعض الضبطية القضائية. سيادة الوزير راجع تاريخ الحركات الطلابية واليوم العالمى للطالب ولائحتى 1976 و1979 وآراء الطلاب والأساتذة قبل أن تتحدث عن الجامعات وكأنها تخصك وحدك. ليست هذه السطور للهجوم على وزير التعليم العالى لأنى لا أستهدف الأشخاص بل هى للهجوم بوضوح على هذه الأفكار المدمرة.. كيف ررون ما سبق وتنتظرون نتائج مختلفة.. ألم تشاهدوا بأنفسكم أنها أنتجت بعد السنين فشل الدولة وانهيار كل شىء بما فيه التعليم ثم 25 يناير و30 يونيو.. ألا تتعلمون.