بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا يؤكد تقديره الكبير لأسرة التعليم    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    محافظ القاهرة يستقبل مديرة تعليم العاصمة السابقة ويشكرها على جهودها    خريطة الأسعار اليوم: انخفاض البيض الدواجن والذهب    "قناة السويس" و"التمثيل التجاري" يبحثان آفاق التعاون في التسويق الخارجي    رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع عقد إنشاء مصنع صيني للمنسوجات بالقنطرة غرب    أربعة أعوام من الريادة.. هشام طلعت مصطفى يرفع اسم مصر في قائمة فوربس    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    شعبة الجمارك: تسويق الخدمات الجمركية مفتاح جذب الاستثمار وزيادة الصادرات    تقارير: إيران تعيد تشكيل دفاعها تحسبًا لتجدد الحرب مع إسرائيل    هآرتس: نتنياهو يواجه صعوبات في تسويق خطة احتلال غزة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    تحليق مكثف للمسيرات الإسرائيلية فوق منطقة جزين جنوب لبنان    حريق ضخم فى "آرثرز سيت" يُغرق إدنبرة بالدخان ويُجبر الزوار على الفرار    لاعب بايرن ميونخ يقترب من مزاملة رونالدو في النصر    الأهلي يستجيب لقرار اتحاد الكرة بشأن رخص تدريب الجهاز الفني    "قريبا".. الغندور يزف بشرى سارة لجماهير الأهلي بشأن إمام عاشور    انتظارا لانتهاء أزمته مع كولومبوس الأمريكي .. وسام أبوعلي يتدرب منفردا ويبلغ الأهلي بقرب تحويل الدفعة الأولى من مقدم التعاقد    حارس عقار يضرب كلبًا حتى نفوقه بسبب كثرة نباحه بأكتوبر    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء بالجيزة وبحوزتها 150 قطعة متنوعة    بعد وفاة فرد.. مطلب برلماني بحظر عمل عمال النظافة خلال فترة الظهيرة    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الأوبرا تُدشن هاشتاج مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء 33    فتوح أحمد: الإعلام الرياضي ومَن يبثون الفتن هاخدهم معسكر بسوهاج 15 يومًا- فيديو وصور    في ذكراه.. لماذا ندم نور الشريف بسبب "رجل الأقدار"؟    بين سطور كمت «4»    قبل طرحه الأربعاء المقبل.. تعرف على شخصيات فيلم درويش    خالد الجندي: كل حرف في القرآن يحمل دلالة ومعنى ويجب التأدب بأدب القرآن    أمين الفتوى يحذر التجار من هذه التصرفات في البيع والشراء    ما يقال عند المرور على مقابر المسلمين.. المفتي يوضح    تعاون مصري كولومبي لتقديم العلاج والمساعدات لقطاع غزة    مصر تواجه تونس فى البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة    هل يشارك أحمد فتوح في مباراة الزمالك القادمة بعد تدخل زملائه للعفو عنه؟ اعرف التفاصيل    حمام ثلج وبسبوسة ممنوعة.. بسنت شوقي تخطف الأنظار على إنستجرام    الشاطر يكتسح شباك التذاكر.. وأمير كرارة: من أحب التجارب لقلبي    بعد مصرع شخصين وإصابة 7 آخرين .. التحفظ على كاميرات المراقبة فى حادث الشاطبى بالإسكندرية    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    ترامب يطالب بالتحرك الفوري لإبعاد المشردين عن العاصمة واشنطن    تقارير: تسيميكاس يقترب من الرحيل عن ليفربول.. ووجهته الأقرب    الصحة: حملة "100 يوم صحة" قدّمت 40.7 مليون خدمة طبية مجانية خلال 26 يومًا    الرعاية الصحية: إنقاذ مريضة من فقدان البصر بمستشفى الرمد التخصصي ببورسعيد    المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في النسخة الأولى من بطولة العلمين للجامعات    ضبط 8 أطنان خامات أعلاف مجهولة المصدر في حملة تفتيشية بالشرقية    ضبط عاطل بالجيزة لتصنيع الأسلحة البيضاء والإتجار بها دون ترخيص    رياضة أسيوط تنظم لقاء للتوعية بأهمية الاستخدام الإيجابي لوسائل التواصل    إسلام عفيفي يكتب: إعلام الوطن    «لمحبي الصيف».. اعرف الأبراج التي تفضل الارتباط العاطفي في أغسطس    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نقص مخزون الحديد.. أجراس تحذير للجسم وطرق علاج الأنيميا    طب قصر العيني تطلق أول دورية أكاديمية متخصصة في مجالي طب الطوارئ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 11-8-2025 في محافظة قنا    الذهب يتراجع مع انحسار التوترات الجيوسياسية وترقّب بيانات التضخم الأمريكية    أمين الفتوى: رزق الله مقدّر قبل الخلق ولا مبرر للجوء إلى الحرام    أحرج " يويفا "بتعليقه علي استشهاد سليمان العبيد. .. محمد صلاح صوت فلسطين فى ملاعب أوروبا    تعرَّف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 11 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



داعش هنا
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 06 - 2014

تقدم «داعش» إلى مشارف بغداد وانهيار المنظومة العسكرية والأمنية العراقية وضع المنطقة كلها تحت حد الخطر.
بنظرة واحدة على الخريطة المشتعلة فإن «دولة داعش» تمددت بلا انقطاع جغرافى على مساحة واسعة تمتد من الرقة ودير الزور فى سوريا إلى الموصل وتكريت فى العراق وأزيلت الحدود لأول مرة منذ اتفاقية «سايكس بيكو» بسلاح جيش متجول محدود العدد لكنه متماسك ومدرب فى مواجهة جيش نظامى مهلهل يفتقد أية عقيدة قتالية.
قادة عسكريون كبار هربوا من المواجهات ومعسكرات كاملة أخليت من جنودها ومخازن سلاح تركت بكامل عتادها وخزائن البنوك ومصافى البترول استولى عليها المسلحون بلا مقاومة تقريبا.
شبهت تعليقات عربية ودولية متواترة الانهيار العسكرى فى مواجهة «داعش» بانهيار آخر للجيش العراقى على أبواب بغداد فى مارس (2003) أمام قوات التحالف الأمريكى.
ولم يكن التشبيه صحيحا.
لا الجيش هو نفسه، فقد جرى تفكيكه بصورة كاملة عقب غزو العراق على يد ممثل الاحتلال السفير «بول برايمر»، وقد كان واحدا من أقوى الجيوش العربية وأكثرها تدريبا وتسليحا.
تعرض لحملة عسكرية فوق طاقته على التحمل، استهدفت قواته ومواقعه وقطعت الاتصالات بينها واستخدمت أحدث الأسلحة والذخائر وبعضها محرم دوليا.
قاوم بقدر ما يستطيع لمنع التقدم البرى للقوات الأمريكية التى أخذت وقتا طويلا نسبيا حتى وصلت إلى بغداد حيث حدث الانهيار المفاجئ وبعض الروايات تعزوه لضربات بقنابل نووية تكتيكية.
وبتفكيك الجيش فككت الدولة كلها وجرت صياغتها على قاعدة المحاصصة الطائفية.
الجيش الجديد وليد الإقصاء المنهجى لأية كفاءات عسكرية وتشويه بنية الدولة طائفيا والفساد فى دوائرها العليا.
فى المشهد فشل ذريع للقيادتين العسكرية والسياسية، الأولى افتقدت إيمانها بأية قضية وطنية تدافع عنها واستخدمت كمخلب قط ضد مواطنيها على أسس مذهبية.. والثانية أقصت المكونات الوطنية الأخرى من دائرة القرار السياسى واستخدمت الأمن فى التنكيل بمعارضيها وتوسعت فى التعذيب تحت أقبية السجون.
كان كل شىء مهيأ لانهيار محتمل لكن لم يتوقع أحد أن يحدث على هذا النحو غير المسبوق فى تاريخ المنطقة كلها.
لم تكن «داعش» وحدها التى اجتاحت وتمددت فى مناطق واسعة، فطاقتها العسكرية لا تسمح بمثل هذا الاختراق الكبير دون مشاركة من قوى مسلحة أخرى وعشائر المنطقة التى تعرضت لإهانات منهجية.
بحسب المعلومات الأساسية فإن هناك أطرافا أخرى رفعت معها السلاح تضم فصائل إسلامية متشددة وعسكريين سابقين فى الجيش العراقى والطريقة النقشبندية.
لم يوحد السلاح رؤية مشتركة أو هدفا نهائيا بقدر ما وحده عسف السلطة وبنيتها المذهبية.
وفى المشهد فشل ذريع آخر للسياسة الأمريكية. قادت تحالفا دوليا لإسقاط نظام «صدام حسين» بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وهو ما ثبت أنه كذبة كبرى لتسويغ احتلال العراق، وبذريعة ثانية أدعت محاربة الإرهاب لكن إجراءاتها أفضت إلى تمركز القاعدة وجماعات تكفيرية أخرى لأول مرة فى بلاد الرافدين.
دفعت العراق إلى مستنقعه الدموى واستحالت وعود الحرية والديمقراطية التى حملتها دبابات الغزو إلى كوابيس لا نهاية لها، وكان ذلك كله مقصودا من اللحظة التى جرى فيها تفكيك الجيش العراقى.
الخطير فى التطورات العراقية أننا أمام انتقال نوعى فى مستوى حروب الإرهاب من السيارات المفخخة والعمليات الإنتحارية إلى جيش يزحف أرضا مدرب جيدا ولديه أسلحة متقدمة وعباءة مالية كبيرة.
رغم ذلك فإن الحقائق لن تفسح وقتا طويلا أمام تمدد «داعش».
لا طاقتها العسكرية من حيث أعداد مقاتليها تخولها القدرة على تأمين خطوط القتال الطويلة ولا قدرتها الإدارية ترشحها لسيطرة ممكنة على المناطق التى استولت عليها.
الجيش الجوال قد يضع أقدامه على الأرض لكن البقاء فوقها مسألة أخرى.
وهناك مصالح إقليمية ودولية كبرى مدعوة لتدخل ما بسيناريوهات مختلفة.
إيران الأكثر تداخلا فى الملف العراقى سوف تتحرك بصورة خشنة معلنة وغير معلنة، فالحكومة تواليها ونفوذها مؤكد فى مفاصل الدولة وأجهزتها السياسية الأمنية.
جنت وحدها تقريبا جوائز سقوط نظام «صدام حسين» وهذا كله مرشح للخسارة الآن.
فى كل السيناريوهات فإن تقليص النفوذ الإيرانى فى المعادلات العراقية شبه محتم.
فى سيناريو الحرب الأهلية المعلنة فإنها الخاسر الأكبر، واحتمالات ضم الجنوب العراقى بأغلبيته الشيعية ليست يسيرة على أى نحو وبأية حسابات.
وعند سيناريو التسوية السياسية، فتمدد «داعش» يعكس أزمة عميقة فى بنية المجتمع العراقى ومؤسساته المدنية والعسكرية، فإن المكون الإيرانى فى القرار العراقى سوف تنخفض مساحات نفوذه.
تركيا بدورها تجد نفسها طرفا مباشرا فى الملف العراقى لا تقدر على تجاهل عواقبه.
فدخول ميليشيات «البشماركة» إلى «كركوك» المتنازع عليها لحمايتها بعد انسحاب الجيش العراقى يؤشر إلى احتمالات ضمها لمشروع الدولة الكردية فى حال سيناريو التفكيك.
وهو سيناريو مزعج لتركيا التى تضم أقلية كردية كبيرة.
تحت وطأة انزعاجها دعت إلى اجتماع طارئ لحلف «الناتو» الذى اعتبر الأمر كله خارج مهامه، غير أنه قد تكون له كلمة أخرى إذا ما اقتضت المصلحة الأمريكية تدخلا، وهو سيناريو لم يرجحه الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» لكنه لم يستبعده.
تركيا وإيران طرفان مباشران بدرجتين مختلفتين لكن هناك أطرافا إقليمية أخرى داخلة فى الملف.
سوريا طرف مباشر، ودون توغل فى نظريات المؤامرة فإن النظام السورى ركز نيرانه على الجيش الحر، البديل المحتمل، أكثر من «داعش» والأخيرة بدورها حاولت أن تزيح هذا الجيش من أمامها حتى يكون الصراع الأخير بين الطرفين الأقوى على الساحة.. لكن التطورات الأخيرة أخطر من أن يتقبلها النظام السورى فى لعبة عض الأصابع، فما يجرى الآن قضم لأجزاء من أراضيه وإنذار بانهيارات أخرى.
والخليج قلق على مستقبله فالإرهاب على شاطئه العراقى والاتهامات متبادلة مع إيران ونظرة ما إلى دور تلعبه مصر فى تخفيض مستويات الخطر.
الملف كله بعد ذلك فوق إقليمى وهناك تضاغط أمريكى روسى ولن يطول الوقت قبل التوصل لتفاهمات، فلا أحد مستعد فى العالم أن يتقبل دولة جديدة فى المشرق العربى تنتمى إلى ما بعد تنظيم «القاعدة».
ورغم أحمال مصر الثقيلة فإنها لا تحتمل أن تكون رقما هامشيا فى المعادلات العراقية.
«داعش» هنا.. وما يجرى فى العراق مسألة أمن قومى من ناحيتين رئيستين.
الأولى أن أمن مصر تاريخيا وتقليديا يبدأ من المشرق العربى.
والثانى أن «داعش» تنتمى إلى عائلة من التنظيمات التكفيرية تمركزت بعضها فى مصر مثل «أنصار بيت المقدس».
رغم نجاح السلطات المصرية فى تطويق نموها وتفكيك أغلب خلاياها إلا أن نجاح «داعش» يرفع الروح المعنوية لتلك التنظيمات ويوفر أمامها فرصا لضم عناصر جديدة واحتذاء النموذج نفسه.
لا تملك الرئاسة الجديدة ترف الترقب من بعيد وكفاءة الحركة ضرورة أمن قومى وهناك فرصة أن تقول: «مصر هنا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.