«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريو "تفكيك"العراق
"القاعدة" تحتل الفلوجة بعد تسريح الجيش

نجح البيت الأبيض الأمريكي باقتدار في تسليم العراق للقاعدة التي احتلت الفلوجة قبل أيام وأعلنتها «إمارة إسلامية» وسط عجز واضح من قوات الأمن العراقية الحديثة في استعادة زمام الأمور.
لقد صدعتنا واشنطن إبان حرب الخليج الثانية بأن احتلالها للعراق سيجعل من هذا البلد العربي النامي واحة للديمقراطية في الشرق الأوسط، وأول إجراء اتخذته واشنطن لتأسيس هذه الواحة الموعودة كان تسريح الجيش العراقي (ثاني أكبر الجيوش العربية في المنطقة»، وثاني إجراء تمثل في تجريف الأرض العراقية لاستئصال ما تبقي فيها من عناصر القوة وتهيأة هذه الأرض لتكون تربة صالحة لديمقراطية «السيارات المفخخة» وعربدة التيارات المتطرفة التي تحكم قبضتها حاليا علي أطراف الدولة.
تفكيك العراق الذي بدأ بفخ تسريح الجيش كان أحد السيناريوهات المرشحة لتعامل الإدارة الأمريكية مع الحالة المصرية لولا ثورة 30 يونية التي صححت المسار قبل فوات الأوان، ولتشكيل المأساة العراقية الجديدة أزمة جديدة في ميزان القوي بالمنطقة.
سقوط .. الفلوجة
لا يزال الوضع الأمني في محافظة الأنبار التي تمثل ثقل العرب السنة في العراق، يلفه الغموض وبخاصة مع استمرار المواجهات العسكرية الطاحنة في بعض الجيوب بين العشائر ومسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش». وتزداد حالة الفوضى وبوادر انهيار الدولة مع تعيين هذا التنظيم الذي ينتمي للقاعدة واليا على مدينة الفلوجة التي تتمتع بأغلبية سنية بعد سقوطها في يده، ما يكشف عن اللبنة الأولى في انهيار هذا البلد العربي الكبير بعد سنوات من الفوضى الأمنية أعقبت سقوط نظام صدام حسين وتسريح الجيش العراقي بقرار من الأمريكي بول بريمر الذي تولى حكم البلاد عقب الغزو.
ما حدث يعني أن الجيش الذي تم تكوينه عقب الاحتلال الأمريكي للعراق وتلقى تدريبه على أيدي قوات الاحتلال أثبت مدى ضعف هذا الجيش تكوينا وعدم قدرته على أن يكون جيشا وطنيا قادرا على الحفاظ على حدود الدولة أو سلامة أراضيها أو سيادة شعبها وحكومتها عليها، خاصة أن الجيش نفسه أصبح أداة في يد حكومة نوري المالكي الطائفية، تم توجيه قوته لضرب المعارضين السياسيين والمخالفين في المذهب، ليصبح بعد ذلك في مرمى نيران العشائر السنية الرافضة لسياسات المالكي الطائفية ضدها.
عملية ازالة الاعتصام السني في الأنبار المناهض للحكومة والذي كان يطالب باستقالة رئيس الوزراء المتهم باتباع سياسة تهميش بحق السنة، دفعت العشائر السنية للدخول في نزاع مع القوات الامنية، لينجح تنظيم «داعش» في ركوب موجة الغضب السنية هذه. القتال في هذه المناطق أصبح متعدد الأطراف بين القوات الحكومية من ناحية وعشائر السنة وتنظيمات تكفيرية متعددة تتصدرها داعش.
يشير مراقبون إلى أن الوحدة الوطنية في العراق في ضوء تلك التطورات الخطيرة تواجه تحدياً حقيقياً يعد الأول من نوعه بعد جلاء القوات الأمريكية، يمثل بداية التشظي لهذا البلد العريق.
لكن مراقبين آخرين يقولون إن سهولة سقوط الفلوجة في يد داعش كان تكتيكا لتجميع عناصر ذلك التنظيم وبالتالي الإجهاز عليه وفقاً لحسابات سياسية معينة واستراتيجية عسكرية محددة، لذلك تبدو المؤشرات الواضحة في استقراء اللحظة السياسية الجارية في مدينة الفلوجة من الناحيتين العسكرية والأمنية أن الجيش العراقي استدرج قاعدة داعش إلى تلك المدينة من أجل إنهاء ما تسميه الحكومة في عمليتها العسكرية المجاميع الإرهابية واستعادة سيطرة الدولة على مدينة الفلوجة من قوات تنظيم القاعدة.
ويؤكد هؤلاء المراقبون أنه طبقاً للتوجهات الأمنية والعسكرية للحكومة العراقية أن الفلوجة خلال اليومين القادمين ستتم استعادتها وفقاً لاستقراءات الفخ التكتيكي الذي نفذه الجيش العراقي ضد قاعدة داعش، وإذا لم يكن ذلك استدراجاً من قبل القوات العراقية فإن بغداد لا يمكن أن تعلن سقوط تلك المدينة بهذه السهولة في قبضة التنظيم الإرهابي.
وحتى إذا سلمنا بصحة فرضية أن ترك الفلوجة تسقط كان تكتيكا عسكريا لضرب الجهاديين في العراق، فهذا في حد ذاته يؤكد أن البلاد دخلت في منحى خطير بشيوع الفوضى والانفلات الأمني والسيطرة الكبيرة لجماعات القاعدة، لدرجة مفزعة. فعملية سقوط مدينة بهذا الشكل تتطلب آلافا من عناصر هذه التيارات المتطرفة قادرة على القتال، وهو ما يعني الخطر الداهم الذي يسهل في مرحلة أخرى تمددها والتصرف كسرطان ينهش في جسد العراق.
الفخ الأمريكي
عندما قرر بول بريمر أخطر رجال الاحتلال الأمريكى للعراق تأثيرا فى تطور الأحداث أن يسرح الجيش العراقى فى مايو 2003، مبرراً ذلك بأن ذلك الجيش هو الذى مكَّن صدام حسين من قمع الشيعة والأكراد وغزو الكويت وتهديد إسرائيل خطا بذلك أول خطوة فى طريق انهيار الدولة العراقية, فالاحتلال لوحده لم يكن كفيلاً بهدم بلد إذا استمرت مؤسساته كما هى لذا كان من الضرورى ان تنهار هذه المؤسسات وفى مقدمتها الجيش الدرع الواقية للشعوب.
بريمر لم يستطع أن يميز، أو تعمد ألا يميز بين النظام العراقى وقتها والجيش، بمعنى آخر بين النظام الذى سقط والدولة التى كان ينبغى ألا تسقط، فالجيش كان كيانا قائما تأسس سنة 1921 قبل وصول صدام للحكم بعشرات السنين وقد دأب أعداء صدام على تسمية الجيش العراقى بجيش صدام كنوع من الحرب الإعلامية.
تجاهل بريمر الذى كان أول حاكم مدني أمريكي للعراق نصائح الجميع بالإبقاء على الجيش العراقي المكون من حوالى 400 الف جندى والذي كان الضمان الأمثل لوحدة العراق وأثبتت الاحداث التى تلت حل الجيش خطأ الرؤية الامريكية وصدق نوايا الذين نصحوا بالإبقاء على الجيش كرمز للوحدة الوطنية وحامٍ للأمن والاستقرار في بلد يشهد تطورات مأساوية متلاحقة لا يمكن السيطرة عليها إلا من قبل هذا الجيش.
هذا القرار كانت له آثاره المدمرة على مجرى الأحداث فيما بعد، فقد أدى تسريح الجيش إلى زيادة حالة الفوضى والسلب والنهب، التى سادت عقب تسريح الجيش، وخروجه من المعركة، مما فتح الباب تماماً للأمريكيين لاحتلال البلاد.
كما ان حل الجيش كان سبباً مباشراً في تفاقم مشكلة البطالة ولجوء العديد من أفراد هذا الجيش لممارسة أعمال غير قانونية لإعالة عائلاتهم التي فقدت دخلها نتيجة تسريح أبنائها من الخدمة.
فقد أدى تسريح الجيش العراقي إلى ترك عشرات الآلاف من الرجال المسلحين بدون رواتب أو احتمالات الحصول على فرصة عمل. وقد ضمن ذلك بشكل عملي ظهور مقاومة سنية قوية.
والآن يواجه الجيش العراقى الجديد الذى شكلته الولايات المتحدة على هواها قبل عشر سنوات أخطر تحدٍ له حيث يتصدى لخطر الجماعات المسلحة المتطرفة ويواجه اشتباكات دامية ومستمرة مع عناصر من تنظيم القاعدة في مدينتي الرمادي والفلوجة في محافظة الانبار.
لقد استغل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) التابع لتنظيم القاعدة إخلاء قوات الشرطة لمراكزها في الفلوجة والرمادي وانشغال الجيش بقتال مسلحي العشائر الرافضين لفض الاعتصام، لفرض سيطرته في هاتين المدينتين.
العراق الآن فى مرحلة مصيرية ، وسط تدهور أمني كبير تحولت معه مدينة الفلوجة الواقعة على بعد 60 كيلو متر فقط من العاصمة بغداد إلى ولاية إسلامية بعدما وقعت في قبضة مقاتلي تنظيم القاعدة.
خلايا القاعدة الفعالة الرئيسية باتت قريبة من بغداد، وظهر هذا التنظيم في عام 2006 في العراق على أيدي الأردني أبومصعب الزرقاوي الذي قتل في غارة امريكية في العام ذاته وهدفه الأول كان ولا يزال اقامة دولة الخلافة الاسلامية في المناطق التي تسكنها غالبية من السنة في العراق ويعتبر هذا التنظيم الأكبر والأكثر قدرة بين التنظيمات المسلحة المتمردة والمتطرفة في العراق، حيث يتبنى معظم أعمال العنف في البلاد التي غالبا ما تستهدف القوات الامنية والمناطق التي تسكنها غالبية من الشيعة.
وما يثير الدهشة هنا هو تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذى قال انه على ثقة بقدرة الحكومة العراقية والعشائر في مواجهة تنظيم القاعدة وأن الولايات المتحدة تساند حكومة بغداد في قتالها ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، مشددا في الوقت ذاته بأنها معركة الحكومة العراقية.
الآن أصبحت الحكومة العراقية هى المسئولة عن مواجهة القاعدة بعد أن تسببت السياسات الامريكية فى العراق واهمها تسريح الجيش وتشكيل جيش آخر اضعف بكثير فى الكوارث التى يعانيها العراق.
يذكر أن أول لواء في الجيش الجديد تشكل نهاية عام 2003 وهو اللواء الأول للتدخل السريع الذي يعتبر بذرة ويتكون من 17 فرقة لكل فرقة 4 ألوية بالإضافة إلى قوات للبحرية والجوية والحرس الوطني.
ويبلغ عدد قوات الجيش العراق الموجودين في الخدمة الفعلية الآن حوالي 300 ألف فرد وعدد قوات الاحتياط 342 ألف شخص، ويمتلك هذا الجيش 396 دبابة بحسب احصاءات عام 2012 بالإضافة إلى 2.643 عجلة قتال مدرعة مع 500 قطعة سلاح محمولة مضادة للدروع و9000 عجلة لوجستية و278 طائرة مع 129 طائرة هليكوبتر فيما يمتلك 88 قطعة مختلفة من زوارق حربية ودورية وساندة مع عدم امتلاكه لأي غواصة أو فرقاطة أو كاسحة الغام.
وإلى جانب التدهور الأمني والفساد المستشري في جسد الدولة، يعاني العراق من شلل على صعيد عمل الحكومة التي تقودها تيارات متصارعة سنية شيعية تارة تهدد بالاستقالة وتارة أخرى تحرض على شركائها في مجلس الوزراء.
قنبلة الأكراد
تتسارع الاحداث في شمال العراق المنطقة الكردية من تصاعد الأخطار المصيرية الانفصالية والتمهيد لها تدريجيا بسبب وظهور بوادر تقرير المصير لأكراد العراق بالانفصال عن العراق، وقد أطلق مسعود البرزاني في خطابه العلني في جلسة البرلمان العراقي قنبلة الانفصال مستقبلا، وذكر ان الظروف الحالية التي يمر بها العراق هي (الفرصة التاريخية) التي يجب ألا تفلت من بين يديه، لتحقيق شروطهم في الدستور علي حق تقرير المصير للشعب الكردي. وقد وضع خطوطا حمراء ممنوعا تجاوزها لتحقيق الاستقلال الكردي الكامل، وإعلان انفصالهم عن العراق والاكراد حريصون على ألا يكونوا الوحيدين المطالبين بها. وخاصة عندما تمكنت القيادات الكردية من السيطرة على أغلب مفاصل الدولة العراقية بعد الاحتلال والهيمنة على القوى السياسية التي تشاركها في العملية السياسية ودأبت تفرض عليها شروطا تعجيزية وتهدد بالانفصال بين الحين والاخر وباتت تمارس نشاطات انفصالية على المكشوف على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي التي يمكن اعتبارها مؤشرات عملية لإقامة الدولة الكردية المنشودة.
أما من حيث العقبات التي تمنع من اقامة الدولة الكردية في الوقت الحاضر على اقل تقدير، فعلى الصعيد المحلي هناك مخاوف امريكية من تقويض العملية السياسية في العراق حال حدوث الانفصال لان أمريكا ضمنت العراق من خلال الاحتلال والرموز التي جاءت بها واستعداد تلك الرموز الى تنفيذ كل ما مطلوب منها، والذي بيده الأصل لا يحتاج إلى الفرع والانفصال يعني هزة عنيفة للمشروع الأمريكي الذي جاء ببشائر الحرية والديمقراطية للعراقيين كما تروج له الإدارة الأمريكية في الوقت الحاضر على اقل تقدير وليس بالتجزئة والتقسيم. إلا ان عامل الزمن من وجهة نظر القيادات الكردية كفيل بتبديد تلك المخاوف لان التطورات السياسية في العراق تسير لصالح أجندة تلك القيادات خصوصا بعد انحسار هيمنة الولايات المتحدة على زمام الأمور.
لذلك ترى القيادات الكردية ان الظرف الحالي يقتضي استثمار عامل الزمن واستغلال ضعف الحكومة المركزية وانحسار قوة الموقف الأمريكي وتردي الأوضاع الداخلية للغرف من خيرات العراق وصبها في إقليم كردستان لبناء مقومات دولتهم المزعومة وتقوية دعائم بناها التحتية لان البقاء مع العراق في ظل أوضاعه الحالية قد يحقق فائدة أكبر من الانفصال الذي بات مضمونا بعدما عبدت تلك القيادات الطريق بتشريع الفدرالية دستوريا ولم يبق الا انتظار اللحظة الحاسمة ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
أما العقبات التي تواجة النشاط الانفصالي على الصعيد الإقليمي والدولي فانه في حال تحقيق وعد بلفور أمريكي وإعطاء ضوء اخضر لإقامة دولة كردية في شمال العراق لا يزيد من حدة معارضة تركيا وسوريا له فحسب بل سيصعد من حدة الخلاف مع الولايات المتحدة التي بدورها لا تريد فتح ملفات جديدة تورطها أكثر مما هي متورطة فيه. وبالتالي سينعكس ذلك سلبا على مشروعها المسمى بالشرق الأوسط الكبير المطلوب تسويقه الى دول المنطقة باعتباره مشروع إصلاح وليس مشروع تقسيم، وإذا ما حدث ذلك الانفصال حتما سينجم عنه تخلخل كبير في مصداقية أمريكا اتجاه القضايا العربية وخصوصا القضية الفلسطينية أكثر مما هي عليه اليوم، وبالتالي زيادة حالة الكره والعداء لها. وربما سوف لن تكون بمنأى عن هستيريا ضربات الجماعات المتطرفة.

ديمقراطية السيارات «المفخخة»
أصبحت أعمال العنف مشهدا شبه يومي يتكرر في معظم المدن العراقية، حتى صار موت المدنيين وعناصر قوات الأمن مجرد احصاءات قتلى لمنظمات رسمية وغير رسمية في ظل تكرار الانتكاسات الأمنية، الذي يبقي نزيف الدم العراقي مستمرا، لتصبح موجات الهجمات الانتحارية باستخدام السيارات المفخخة أو الملغومة مأساة إنسانية، وتظهر هذه المأساة واقعاً قاسياً لوضع يزداد سوءا يجسد معاناة كل العراقيين.
إذ يشهد العراق منذ نحو سبعة اشهر تصاعدا في اعمال العنف اليومية التي باتت تحمل طابعا طائفيا، وكان العنف في العراق فى عام 2013 في أعلى مستوياته مقارنة بالسنوات التي أعقبت ذروة العنف الطائفي في عامي 2006 و2007 حيث تصاعدت حوادث القتل الطائفي وكذلك حملة التفجيرات والهجمات الانتحارية باستخدام السيارات والعبوات المفخخة التي يستهدف بها المسلحون قوات الأمن والمدنيين.
ويرى بعض المحللين ان جناح القاعدة في العراق عامل رئيسي في تفاقم العنف في البلاد، ويواجه بلاد الرافدين صعوبة في مواجهة متشددين على صلة بالقاعدة اعلنوا مسئوليتهم عن مئات الهجمات ، وأدى تصاعد العنف إلى مقتل حوالى ستة آلاف شخص في أنحاء العراق عام 2013، بعد أن كان العنف الطائفي قد تراجع عن ذروته التي بلغها في عامي 2006 و2007. فقد قتل نحو 950 شخصا في أعمال العنف اليومية في العراق خلال شهر نوفمبر الماضي، في امتداد لموجة العنف المتصاعدة منذ نحو سبعة اشهر، بحسب ما افادت ارقام رسمية، واشارت وزارات الدفاع والداخلية والصحة العراقية الى مقتل 948 شخصا فى ديسمبر الماضى ، هم 852 مدنيا و53 من عناصر الشرطة و43 عسكريا، كما افادت الحصيلة عن اصابة 1349 شخصا خلال الشهر الماضي هم 1208 مدنيا و89 شرطيا و52 عسكريا.
في سياق متصل قتل حوال نصف مليون مدني عراقي بين اجتياح بلادهم في 2003 و2011، حسب دراسة نشرتها الولايات المتحدة وتأخذ بالاعتبار ايضا القتلى الذين سقطوا مباشرة في النزاع وكذلك النتائج التي نتجت عنه.
ومن بين العوامل التي أدت إلى تصاعد العنف الحرب في سوريا التي اكتسبت بعدا طائفيا.وحثت الأمم المتحدة الزعماء السياسيين في العراق على التعاون لوضع نهاية لسفك الدماء الذي زادت وتيرته منذ انسحاب القوات الأمريكية في ديسمبر 2011.
وتستمر انفجارات السيارات المفخخة في العراق في زرع الرعب في نفوس المواطنين، مخلفة الكثير من القتلى والجرحى، ومن المرضى النفسيين المذهولين من هول الصدمة التي يخلفها الانفجار.
وصارت كلمة مفخخة في العراق مصطلحا يوميا، يستخدمه الجميع في المجالس وجلسات السمر، كما دخلت هذه الكلمة قاموس النكتة من أوسع أبوابها.
فطوال سنوات منذ العام 2003 لم تتمكن هذه السلطات من كبح جماح صانعي السيارات المفخخة، بل إن هذه المفخخات بدأت تتسلل إلى المناطق الحساسة في تفجيرات نوعية، ما جعل المواطن ينظر إلى الاجهزة الامنية بعين الشك في قدرتها على حفظ امن المواطن.كما يرى المواطن العراقي أن الكثير من عصابات السيارات المفخخة ترتبط بشكل أو بآخر بجهات سياسية توفر لها غطاءً سياسيًا يتستر عليها، ويتيح لها تمرير عملياتها. ويؤمن غالبية العراقيين بأن السيارات المفخخة ستستمر، متوقعين ضربات قوية في المناطق الحساسة في المدن.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، ذكرت أن رئيس الحكومة العراقية، نوري المالكي، قام بزيارة لواشنطن لطلب مساعدات من الإدارة الأمريكية إلى العراق، الذي يشهد أسوأ أعمال عنف منذ 3 أعوام، بالتحديد بعد إجلاء القوات العسكرية الأمريكية من أراضية بإلحاح من الحكومة العراقية الحالية – على حد وصفها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.