اندلعت اشتباكات، أمس، بين مسلحى «تنظيم الدول الإسلامية بالعراق والشام» (داعش) وقوات حرس إقليم كردستان العراق (البشمركة) على المدخل الشمالى لمدينة سمراء بمحافظة دهوك قرب الحدود الإدارية مع محافظة نينوى (شمال)، التى سقطت فى يد «داعش»، وفقا لقناة «سكاى نيوز العربية». وتضم سمراء مرقدا شيعيا أشعل تفجيره عام 2006 حربا طائفية بين الشيعة والسنة قتل فيها الآلاف، وهى حرب يرى كثيرون أن عودتها باتت وشيكة. «داعش»، الذى يضم مقاتلين من العرب السنة ويقول إنه يريد تطبيق الشرعية الإسلامية، سيطر أمس على ناحيتى الضلوعية المعتصم على بعد 90 كم من العاصمة بغداد. وجاء ذلك غداة سيطرته على مدينة تكريت، مسقط رأس الرئيس الراحل، صدام حسين، مركز محافظة صلاح الدين (شمال)، وقبلها على مدينة الموصل بمحافظة نينوى. ووفقا لقناة «العربية الحدث»، انسحب الجيش العراقى من الشريط الحدودى مع سوريا غرب محافظة الأنبار. وردا على دعوة الناطق باسم «داعش»، أبومحمد العدنانى، أنصار التنظيم إلى الزحف نحو العاصمة، قررت قيادة عمليات بغداد إغلاق مداخل ومخارج العاصمة يوميا من العاشرة مساء وحتى السادسة صباحا، مع استمرار الحظر الروتينى داخلها من منتصف الليل وحتى الخامسة فجرا. العدنانى، وفى تسجيل صوتى، وجه رسالة إلى رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نورى المالكى (شيعى)، توعده فيها باقتراب «تصفية الحساب»، قائلا: «حقا بيننا تصفية للحساب (...) لكن تصفية الحساب لن يكون فى سامراء أو بغداد وإنما فى كربلاء المنجسة والنجف الأشرك وانتظروا..» وخاطب مقاتلى «داعش»، قائلا: «لا تتنازلوا عن شبر حررتموه لا يدوسه الروافض (الشيعة) ثانية إلا على أجسادكم وأشلائكم وازحفوا إلى بغداد الرشيد بغداد الخلافة فلنا فيها تصفية حساب». وتحت هذه الضربات، طلب المالكى سرا من إدارة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، «توجيه ضربات جوية إلى نقاط تجمع داعش»، وفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية. وقادت واشنطن تحالفا دوليا عام 2003، غزا العراق، وأسقط حكم الرئيس آنذاك صدام حسين؛ بدعوى امتلاكه أسلحة دمار شامل، وارتباطه بتنظيم القاعدة. وقال مسئولون أمريكيون إن واشنطن تدرس سبل الدعم التى يمكنها أن توفرها، وزيادة على الأسلحة والمركبات التى زودتها بها بغداد. وفيما قال مسئول بالخارجية الأمريكية إنه لا خطط لدى واشنطن للتدخل عسكريا، أفاد مسئول بوزارة الدفاع (ننتاجون) بوجود 35 ألف جندى أمريكى فى الشرق الأوسط، بينهم 10 آلاف قرب الكويت. واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، جين بساكى، أن ما يحدث بالعراق يمثل تهديدا ليس للعراق فحسب، بل للمنطقة برمتها، داعية العراقيين إلى العمل «يدا واحدة» لمكافحة «العدو المشترك». واعتبرت أن الأزمة الحالية فى العراق ليست أمنية فقط، وإنما سياسية. ومنذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، التى جرت الشهر الماضى، لم تتمكن الأحزاب من تشكيل حكومة جديدة، جراء رفض الأحزاب السنية ومعظم الشيعية استمرار المالكى لولاية ثالثة، بينما يصر هو على ذلك. بدوره، قال وزير الخارجية البريطانى وليام هيج إنه «من غير الوارد» إعادة ارسال قوات بريطانية الى العراق». فيما أدان مجلس الأمن الدولى تصعيد العنف فى العراق من جانب «تنظيم ارهابى يحاول زعزعة استقرار المنطقة»، مضيفة أنه يبحث اتخاذ إجراءات ضد «دعش». وربما يضيف المجلس «داعش» إلى قائمته للعقوبات الخاصة بتنظيم القاعدة، ما سيخضعه لتجميد دولى للأصول. 400 ألف نازح فى 4 أيام بعدما أن استولى مقاتلو «داعش» على مدينة تكريت، مركز محافظة صلاح الدين (شمال)، وبلغوا مشارف مدينة سامراء فى زحفهم إلى العاصمة بغداد، بلغ عدد النازحين من محافظة نينوى وحدها أكثر من 400 ألف شخص خلال أربعة ايام، بعد استيلاء التنظيم على مدينة الموصل، مركز المحافظة. وبحسب منظمة الهجرة الدولية، يفقتد النازحون إلى أبسط المواد الاساسية للحياة، كالمياه، والغذاء، والأغطية، والمواد الطبية، مضيفة أن حوالى 12 منظمة دولية تعمل فى الموصل وأربعة فى تكريت ليس بإمكانهم تزويد النازحين بالمساعدات الأساسية لنقص التمويل. المنظمة مضت قائلة إن «هناك عددا كبيرا من الضحايا بين المدنيين (لم تحدد عددا)»، مضيفة أن «مركز العلاج الرئيسى بالمدينة المؤلف من أربعة مستشفيات لا يمكن الوصول إليه نظرا لوقوعه فى مناطق معارك، وقد تم تحويل مساجد إلى مراكز طبية لمعالجة الجرحى». وقالت المنظمة إن استخدام السيارات ممنوع فى المدينة، والسكان يفرون سيرا على الأقدام، ومياه الشرب مقطوعة عن محيط الموصل، بينما الاحتياطى الغذائى ضئيل. وقالت احدى العاملات فى منظمة الهجرة الدولية ماندى اليكسندر، لهيئة الاذاعة البريطانية (بى بى سى)، إن المنظمات الاغاثية «مازالت تعالج تبعات النزوح من الأنبار ولا تستطيع التعامل مع أزمات جديدة» لافتة إلى «وصول اعداد النازحين خلال شهرين حوالى مليون نازح وهو عدد ضخم يفوق قدرة المنظمات الاغاثية». فيما أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أمس، أنها ستخصص مبلغ 300 ألف دينار (حوالى 250 دولارا أمريكيا) لكل عائلة نازحة. وأعلنت حكومة اقليم كردستان، شمالى العراق، انها قررت تأسيس أربعة مخيمات لايواء النازحين فى أربيل (100 ألف نازح) ودهوك (280 ألفا)، وذلك بعد أن توجه عشرات الآلاف من النازحين إلى ثلاث من مدن اقليم كردستان، حيث اقامت السلطات الكردية معسكرات خاصة لإيوائهم. فيما أعلنت الولايات المتحدة عن استعدادها لمساعدة العراق فى «تلبية حاجات النازحين». 3 قيادات فى دائرة «المؤامرة» فيما رفض رئيس الوزراء العراقى المنتهية ولايته (شيعى)، نورى المالكى، الكشف عما قال إنها مؤامرة أسقطت مدينة الموصل قبل أيام فى يد مقاتلى «داعش»، توجهت أصابع الاتهام نحو ثلاث قيادات بالجيش والشرطة خدمت فى عهد الرئيس الراحل، صدام حسين. إذ اتهم محافظ نينوى، ومركزها الموصل، أثيل النجيفى، كلا من الفريق أول على غيدان قائد القوات، والفريق عبود قنبر قائد العمليات المشتركة فى الموصل. وأخيرا اللواء مهدى صبيح الغراوى، قائد الفرقة الثالثة للشرطة الاتحادية بالموصل. دول الجوار العراقى يترقب سارعت دول جوار العراق إلى التحرك لمعالجة التطورات الأخيرة فى بلاد الرافدين، لا سيما مع تقدم مقاتلى «تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام» (داعش) المتطرف نحو العاصمة بغداد. ففى تركيا، حذرت أنقرة، على لسان وزير خارجيتها أحمد داود أغلو، من أنها ستنتقم إذا أوذى أى من مواطنيها الثمانين (المحتجزين فى قنصليتها بالموصل من قبل «داعش»)، بينهم جنود من القوات الخاصة ودبلوماسيون وأطفال. ومضى أوغلو قائلا للتليفزيون التركى: «ندير الأزمة بهدوء واضعين فى الاعتبار أمن مواطنينا»، مضيفا أنه «يجب عدم اساءة فهم ذلك. أى ضرر لمواطنينا وموظفينا سيقابل بأقصى رد ممكن»، بحسب وكالة رويترز. وبطلب من أنقرة، عقد حلف شمال الأطلنطى (ناتو)، اجتماعا، مساء أمس الأول، للإطلاع على المعلومات بشأن سيطرة «داعش»، المرتبطة بتنظيم القاعدة، لثانى كبرى مدن العراق، التى تستثمر فيها تركيا سياسيا واقتصاديا، وهى الموصل. فيما أدانت إيران، الدعم الرئيس لنظام نورى المالكى بالعراق، أمس، «الأعمال الإرهابية فى العراق»، وأعربت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية، مرضية أفخم، عن دعم طهرانلبغداد فى حربها ضد الإرهاب، وحثت الأمة العراقية على الحفاظ على وحدتها وسلامتها ضد الهجمات الإرهابية. وأعربت أفخم، وفقا لقناة «برس تى فى» الإيرانية، عن قلقها العميق إزاء الاستيلاء على القنصلية التركية واختطاف موظفيها، وحثت على احترام وحماية حقوق الأماكن الدبلوماسية وموظفيها. ودعت الأفخم المجتمع الدولى إلى النظر فى العواقب المترتبة على الدعم الخارجى للجماعات الإرهابية، محذرة من أن هذه الجماعات تساهم فى نشر عدم الاستقرار بالمنطقة. وفى سوريا، أعلن نظام الرئيس بشار الاسد، عن استعداد ل«مساعدة العراق لمواجهة جماعات التكفير والتطرف»، وفقا لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). وبينما صدر بيان مقتضب عن وزارة الخارجية الكويتية يدين تقدم «داعش»، لم تصدر الخارجية السعودية بيانا بهذا الشأن رغم مواقف الرياض المعارضة لتنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة. فيما قرر الأردن إغلاق قناة «العباسية» العراقية المعارضة التى تبث برامجها من العاصمة عمان، وأوقفت جميع العاملين فيها من صحفيين وإداريين، بحسب بيان لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، أمس الأول. وقال رئيس «هيئة المرئى والمسموع» فى الاردن امجد قاضى لوكالة الصحافة الفرنسية ان قناة العباسية كانت تبث من الاردن بصورة غير قانونية اذ لم يكن لديها ترخيص. ومضى موضحا أنها «كانت تعمل من شقة فى عمان وتبث فقط بعد منتصف الليل. عندما داهمت السلطات الشقة عثروا على اشياء لا علاقة لها بالإعلام بتاتا»، بدون مزيد من التفاصيل. وختم قاضٍ بأن القضية باتت لدى محكمة امن الدولة؛ لأن «العباسية كانت تحرض على الإرهاب وتؤثر على الأردن وبلدان أخرى».