لليوم الثانى على التوالى عاشت محافظة نينوى العراقية ذات الأغلبية السنية تحت قبضة تنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام المعروف إعلاميا باسم داعش والذى يعد أحد الأزرع الرئيسية لتنظيم القاعدة فى شمال ووسط العرق وسوريا. بينما تشهد المناطق السنية فى العراق موجة نزوح غير مسبوقة، حيث تشير الأنباء إلى نزوح نحو نصف مليون عراقى على الأقل من المناطق التى تتساقط فى قبضة الإرهاب، فيما أفاد مصدر بالشرطة العراقية أن مسلحى داعش سيطروا على مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين أمس. وأعلن وزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى أن الحكومة ستتعاون مع القوات البشمركة التابعة لأقليم كردستان العراق لطرد عناصر »داعش« من الموصل. وقال فى تصريحات على هامش اجتماع للاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية فى أثينا إنه سيكون هناك تعاون أوثق بين بغداد وحكومة اقليم كردستان لطرد المقاتلين الأجانب. داعيا القادة العراقيين إلى توحيد صفوفهم لمواجهة ما وصفه بخطر جسيم يهدد البلاد. وقال إن الرد على ما حدث يجب أن يكون سريعا. وفى تجاوب سريع مع تصريحات زيبارى صرح ضابط كبير فى قيادة قوات البشمركة بأنه تم وضع خطة تتضمن نشر قوات فى المناطق التى انسحبت منها القوات العراقية، وذلك لمواجهة عناصر (داعش) فى مدينة كركوك. وقال العميد شيركو رؤوف آمر لواء قوات البشمركة فى محافظة كركوك فى تصريح صحفى أمس: «لقد تحركنا باتجاه منطقة تل الورد الواقعة غربى كركوك وسنعمل على ملء الفراغ الحقيقى بعد انسحاب الجيش العراقي، للسيطرة على المنطقة وسد الثغرات وحماية أهالى كركوك بجميع مكوناتهم. يأتى ذلك فى الوقت الذى ساد فيه الهدوء أمس الموصل عاصمة محافظة نينوى العراقية بعد يوم من سقوطها فى أيدى مقاتلى تنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام «داعش» الذين دعوا عبر مكبرات الصوت الموظفين الحكوميين للعودة الى دوائرهم. وذكر شهود عيان فى المدينة لوكالة فرانس برس أن مجموعات من المسلحين، الذين ارتدى بعضهم زيا عسكريا فيما ارتدى آخرون ملابس سوداء من دون أن يغطوا وجوههم، ينتشرون قرب المصارف والدوائر الحكومية ويتواجدون داخل مقر مجلس المحافظة لافتين الى أن الهدوء سيطر على شوارع الموصل «350 كلم شمال بغداد» التى أغلقت محالها أبوابها، وأن المقاتلين الذين أحكمواسيطرتهم عليها يتجولون بسياراتهم المكشوفة ويدعون عبر مكبرات الصوت الموظفين الحكوميين للتوجه الى دوائرهم. وقال حسن برجس خلف الجبورى (45 عاما) الذى يسكن حى الدندان فى جنوبالمدينة: أذاع تنظيم «داعش» فى مكبرات الصوت إعلانا دعا فيه جميع الموظفين الى ممارسة أعمالهم وبخاصة فى الدوائر الخدمية و حذر السكان من النطق بكلمة »داعش« وتوعد المخالفين بالجلد 80مرة . ويتخوف سكان الموصل الذى يبلغ عددهم نحو مليونى شخص من تعرض المدينة لعمليات قصف من قبل الجيش كما يحدث فى مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) فى الأنبار والتى يسيطر عليها أيضا تنظيم «داعش» منذ بداية العام . وفى سياق متصل أفاد مسئول حكومى محلى بأن عناصر من (داعش) أحكمت سيطرتها أمس على ناحية سليمان بيك التابعة لقضاء طوز خورماتو جنوبى كركوك، 250 كم شمال بغداد، وقال طالب محمد البياتى مدير ناحية سليمان بيك فى تصريح صحفى إن «العشرات من عناصر داعش دخلوا الليلة قبل الماضية إلى الناحية من جوانبها الخلفية، فيما انسحبت قوات الشرطة من مواقعها وسط الناحية». فى تلك الأثناء أقدم مقاتلو «داعش» على إعدام 15 من عناصر من القوات العراقية فى المناطق التى سيطروا عليها فى محافظة كركوك أمس، وفقا لمسئولين محليين. وأوضحت المصادر أن هؤلاء المقاتلين أعدموا بالرصاص عشرة أفراد من الشرطة والجيش فى ناحيتى الرياض والرشاد غرب وجنوب مدينة كركوك (240 كلم غرب بغداد)، وثلاثة جنود وعنصرين من قوات الصحوة فى منطقة الطالقية غرب كركوك ايضا. واتهم محافظ نينوى أمس رئيس الوزراء نورى المالكى بالاستماع فقط إلى تقارير مساعديه وليس إلى التقارير التى تأتيه من على الأرض ، كما اتهمه بالتقصير لموافقته متأخرا على تدخل قوات البيشمركة الكردية لإنقاذ الموصل. وقال أثيل النجيفى فى مؤتمر صحفى من مدينة أربيل بكردستان : «المالكى كان يستمع إلى تقارير مساعديه أكثر من التقارير من على الأرض .. المالكى كان على قناعة أن تقارير ضباطه هى الصحيحة رغم أنها كانت مغلوطة .. وبعض القادة كانوا يخشون إخبار المالكى بحقيقة الأوضاع». ودعا إلى تقديم المسئولين العسكريين عن المحافظة إلى محاكمة عسكرية، واتهمهم بإعطائه معلومات غير صحيحة قبل فرارهم إلى بغداد، كما اتهم قيادة عمليات الموصل برفض إطلاعه على الخطة الأمنية لديها مطالبا بتشكيل منظومة أمنية جديدة لحماية المحافظة. و من جهته اقترح الزعيم الشيعى العراقى مقتدى الصدر القائد السابق لميليشيا «جيش المهدي» انشاء وحدات امنية بالتنسيق مع الحكومة العراقية تحت مسمى «سرايا السلام»، تعمل على حماية المقدسات الاسلامية والمسيحية من «القوى الظلامية». وأدت هذه التطورات الى نزوح أكثرمن نصف مليون شخص من أهالى مدينة الموصل بفعل المعارك مع عناصر تنظيم الدولة الإسلاميةفى العراق والشام «داعش» وسيطرته بشكل كامل على المدينة وذلك وفقا لبيان أصدرته منظمة الهجرة الدولية أمس والذى أوضح أن القتال العنيف الذى اندلع مؤخرا بين القوات الأمنية العراقية والجماعات المسلحة أ سفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا بين قتيل وجريح .