أمام حطام البوابة الرئيسية لدار أيتام أم القرى، القريبة من مسجد الحصرى فى قلب مدينة 6 أكتوبر بالجيزة، وقف عدد من النزلاء يعاينون آثار اقتحام الشرطة للدار، فجر أمس الأول، ما أسفر عن تحطيم البوابة تماما، بعد اصطدام إحدى المدرعات بها، لتحولها إلى قطعة خردة، فيما التقت «الشروق» عددا من النزلاء، الذين أكدوا لها أنهم لم يقترفوا جريمة سوى أنهم وجدوا أنفسهم أيتاما فى الدنيا، دون أسرة تدافع عن حقوقهم. وتجولت «الشروق» فى الدار وسط عدد كبير من النزلاء، الذين شرحوا تفاصيل عملية الاقتحام، فقال ممدوح سالم، 17 سنة، المقيم فى الدار منذ 6 سنوات، إن الشرطة اقتحمت الدار فجرا، وأطلقت الأعيرة النارية فى الهواء، ثم طالبتهم بالجلوس على الأرض، قبل أن توثقهم بالحبال لمدة ساعتين، انتهت بالقبض على 12 شابا منهم، بتهم حيازة سكاكين مطبخ، والإتجار فى المخدرات. أما النزيل جلال فتحى، 22 سنة، فأكد أنهم فوجئوا باقتحام الشرطة للدار بإحدى المدرعات، ثم دخلت الغرف، وحطمت جميع أجهزة التليفزيون والكمبيوتر، وبعدها سألهم الضباط عن مكان إخفاء الأسلحة والمخدرات، مشيرا إلى «أنهم لم يعثروا على شىء سوى سكاكين المطبخ، ومع ذلك قيدونا جميعا لمدة ساعتين». وأضاف أنه طلب من أحد الضباط تحريره حتى يتوجه لأداء الامتحان فى مدينة الثقافة والعلوم، إلا أنه رفض، قائلا له «سنحبسكم اليوم»، ثم دخل فتحى فى نوبة بكاء، قائلا «مسئولو الدار لم يهتموا بنا، وهم يعاملوننا بأسوأ الطرق، وعندما نطلب منهم أيا من مستحقاتنا حتى نعيش بالحلال يرفضون، كما يمنعون عنا الطعام، ورغم أن من حقنا الحصول على شقق سكنية، إلا أننا عندما توجهنا إلى البنك، وجدنا الشقق مسجلة باسم الجمعية، رغم أنها كان يجب أن تكون مسجلة بأسمائنا بعد بلوغ السن القانونية». وحكى النزيل سمير أحمد، 24 سنة، هم حياته فى الدار، التى دخلها طفلا، «إذا سألتنى عن تجارة المخدرات سأقول لك، نعم بعناها كثيرا حتى نكون أنفسنا، لأن أحدا لم يكن يسأل فينا»، مشيرا إلى أن الدار لا تقوم بواجبها فى تربيتهم، وتكتفى بالعمل على جمع التبرعات، والاستفادة بها دون أن التعامل مع النزلاء بطريقة آدمية، على حد قوله، وأضاف أنهم كانوا يكسبون أكثر من 5 آلاف جنيه يوميا فى «فرش الحشيش» إلا أن كثرة الملاحقات الأمنية، جعلتهم يتوقفون عن نشاطهم منذ شهرين. وفى رده على الاتهامات الموجهة إلى النزلاء بالمشاركة فى التظاهر مع أنصار الإخوان، والاعتداء على قوات الشرطة، قال إن نزلاء الدار فرضوا سياجا أمنيا حول قسم شرطة ثان 6 أكتوبر، لحمايته من الاعتداءات عليه، متسائلا «كيف يكون هذا الاتهام صحيحا، ونحن ندافع عن الشرطة بأرواحنا؟!». من جانبه، قال إمام مسجد يوسف وهبة التابع للدار، عم عشم، إن «أطفال الدار حقوقهم مهدرة، خاصة بعد مخاطبة الجمعية جهاز المدينة لتخصيص قطعة أرض لها، برقم 59، امتداد المنطقة الصناعية الثالثة، على مساحة ألف متر، وبسعر المتر الواحد 165 جنيها، ليتم بناء وحدات سكنية لإقامة النزلاء، الذين لم يحصلوا عليها حتى الآن»، كما استنكر تكسير الشرطة لباب غرفته المرفقة بالمسجد. من جانبه، قال أحد مشرفى الدار، الذى رفض ذكر اسمه، إن إدارة الدار توجهت بالعديد من الخطابات إلى إدارة الجمعية فى الهرم، لتوفير الإمكانيات اللازمة لإطعام النزلاء، إلا أن الرد يأتى دائما «اتصرفوا» أو «الخزينة فارغة»، على حد قوله، مشيرا إلى أن «الجمعية تتبعها 3 دور أخرى، هى الرواد وليلة القدر والأمين، وتحولت جميعها إلى بؤر خارجة عن السيطرة الأمنية، فيما اعترف بأن «الدار كان بها تجارة مخدرات علنية بين النزلاء بالفعل، إلا أننا تمكنا من السيطرة على الموقف، وتوقفوا عنها». وأوضح أحد سكان المنطقة المحيطة بالدار، مجدى سالم، 43 سنة، أن «نزلاء الدار حولوا المنطقة إلى وكر لتجارة المخدرات والسلاح علنا، فالمشرفون عجزوا عن تربيتهم، وأصبحوا يقومون بعملهم الروتينى للحصول على راتبهم الشهرى»، مضيفا «يأتى إلى الدار شباب بسيارات ملاكى، لشراء المخدارات بمبالغ كبيرة».