كتب كريم شفيق - خالد فؤاد - علاء شبل-ياسمين سليم: قبل الجمعة الأولى من أبريل من كل عام، تتزايد الإعلانات وتكثر النداءات بالاهتمام والتبرع لصالح أطفال دور الأيتام، أما بقية العام، ف «لا حس ولا خبر»، عنهم إلا بضعة أخبار تتحدث عن حوادث استغلال سيئ لهم، سياسيا وجسديا وماليا. «الشروق» دخلت إلى «دولة الأيتام» فى محاولة لرصد ملامح هذه الدولة، وإيصال أصوات مواطنيها، لمن يهمه الأمر. العذاب المضاعف فى «دور رعاية الأيتام ذوى الإعاقة» الأطفال نزلاء غرف فى شكل «زنازين».. والتأديب ب«الخرطوم» .. الاستحمام «جماعى».. وصغار السن يقيمون مع الكبار مصدر فى «التضامن»: نعترف بوجود تجاوزات .. والقانون الجديد سيقضى على جميع الثغرات مسئول بالمجلس القومى للإعاقة: دور الرعاية تستغل القانون وتشهر جمعيتها بهدف «البيزنس» أراد أحد المصريين المقيمين فى الخارج، التبرع بالمال لدور رعاية أطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة «باعتبارهم أكثر الفئات عرضة للتهميش والعزلة وحاجة للمساعدة والدعم»، وبتوجهه إلى إحدى جمعيات رعاية الأطفال بمحافظة الجيزة، شاهد آثار ضرب مبرح على جسد بعضهم، ما دفعه إلى التقدم ببلاغ عن سوء معاملة الطفل المعاق داخل دور الحضانة. البلاغ كان طرف خيط لطرح تساؤلات عدة، حول طبيعة عمل دور رعاية الأطفال المعاقين فى مصر، وما هو حجم المخالفات والتجاوزات التى ترتكب بين الحين والآخر، والتى قد تصل أحيانا إلى حد الاعتداء الجنسى، وسط غياب تام لدور وإشراف الدولة على القائمين على هذه الدور.. ليكون هذا التحقيق... على باب الدار، يقف فرد أمن، يصوب نظراته إلى المارة فى الطريق، متفحصا وجوههم بيقظة وعناية، كما لو كان يؤمِّن جهة سيادية فى الدولة، فى الجهة المقابلة للدار مقهى شعبى، جلست عليه متأملا وجوه من يخرج ويدخل الدار على أمل العثور على إحدى الأسر، ومعرفه طبيعة الأوضاع التى تدور بالداخل، وتأثيرها على أطفالهم، ولم أجد أحدا. بعد انتظار لأكثر من ساعة، خرج رجل فى الثلاثينيات من العمر يقود دراجة بخارية، اقتربت منه على أمل أنه والد لأحد الأطفال، فوجئت بأنه اخصائى اجتماعى يعمل داخل الدار، وبمجرد علمه بكونى محررا صحفيا، تغير وجههُ وغاب، وظل يردد: «كل اللى بيتقال عن الدار ده افتراء دول ملائكة إزاى ح نعذبهم؟». وبحيلة أخرى، حاولت دخول الدار، بعد الظهيرة، حتى لا يرانى الموظف، بحجة أنى أحد المتبرعين وأريد أن أتبرع بالمال لصالح أطفال الدار، وبالفعل قُوبلت بترحاب شديد، وطلبت منهم المرور إلى الغرف ورؤية الأطفال المعاقين، وهو ما تم بأريحية تامة وحفاوة منقطعة النظير. بمجرد دخول الدار، ترى الذباب محيطا بك من كل اتجاه، لا يوجد أطفال فى الطريق، جميعهم داخل غرف محكمة الغلق حتى لا يستطيع أحد الخروج إلى الصالة الرئيسية للزائرين، على بعد مترين من الباب، يجلس فردان على أريكة خشبية لمقابلة الوافدين إلى الدار ومعرفة هويتهم. داخل إحدى غرف الأطفال، مساحتها لا تتجاوز خمسة أمتار، طولا وعرضا، يجلس بها عشرات الأطفال كل منهم ملاصق للآخر، تختلف إعاقاتهم من حركية إلى ذهنية، ولكن النسبة الغالبة منهم إعاقات ذهنية. رائحة كريهة تملأ المكان من كل اتجاه، الذباب يتطاير هنا وهناك، فلا يوجد منفذ واحد للتهوية يسمح بمرور ضوء الشمس، أعمار الأطفال داخل الغرفة متفاوتة، فالطفل ذو العشرة أعوام يرافق ذوي ال 18 عاما، وهو ما تمنعه إدارة التأهيل بوزارة التضامن الاجتماعى، وجمعيات حقوق الطفل، حتى لا تحدث انتهاكات واعتداءات جنسية بين الكبار والصغار. وبالرغم من عدم وجود حصر دقيق لعدد الأطفال المعاقين فى مصر، إلا أن احصائيات منظمة الصحة العالمية أكدت فى تقرير لها أن عدد الاشخاص من ذوى الإعاقة فى مصر يترواح بين 10 إلى 13%، من تعداد السكان، أى ما يقرب من 12 مليون معاق، يمثل الأطفال 3.4% منهم، أى ما يقرب من نصف مليون طفل معاق، وتمثل هذه النسبة حوالى 8% من إجمالى عدد الأطفال فى سن الثامنة عشرة. على جسد بعض الأطفال تظهر علامات ضرب مبرح، أحدهم يعانى من جروح فى القدمين، تمنعه من الوقوف ثابتا، وآخر يجلس وحيدا يرفض الحديث خوفا من مشرفى الدار، وآخر ملابسه مهلهلة بها ثقوب واضحة تعبر عن الإهمال الجسيم والمعاملة غير الآدمية التى تمارس بحق أطفال ليس لهم حول ولا قوة. «أنا أتولدت لاقيت نفسى هنا لا أعرف من هم أهلى، بأكل وبشرب هنا، بس المشرفين بتوعى بيضربونى بالخرطوم، وبيحمُّونى مع أصحابى الخمسة فى حمام واحد، وبنكون واقفين على كنبة عالية، وكتير من بيننا بيعانوا من تخلف عقلى» هكذا وصف أحد الأطفال من ذوى الإعاقة الحركية وضعهم قبل أن يستوقفه المشرف، ويدعونى لزيارة غرفة أخرى. تشترط إدارة التأهيل بوزارة التضامن الاجتماعى، وجود كل من إخصائى اجتماعى مدرب على معاملة الاطفال اجتماعيا، واخصائى تغذية حرصاُ على صحة الأطفال، وطبيب مرافق، واخصائى نظافة للاستحمام، وملابس خاصة لكل طفل، فضلا عن وجود امكانيات تناسب حاجة الطفل المعاق، من جاهزية غرف الإيواء، وحجم دورات المياه، وارتفاعها، ووجود صيدلية داخل كل دار، باعتبار أن الطفل المعاق لديه طقوس ونظام معيشة يختلف بشكل كلى عن حياة ذويهم من الأسوياء. بالحديث مع أحد المشرفين على الدار، عن عدم توافر حياة آدمية للأطفال المعاقين يقول «يا باشا ما البركة فيكوا بقى أنت والمحترمين إلى زيك، احنا بنعيش على تبرعاتكم وخيركم والوزارة مفهاش فلوس ومش بتدينا أى حاجة تخلينا نساعد الاطفال دية، ده حتى الموظفين والاخصائيين مش بتمدنا بيهم، وأما نطلب منها ترد: هو ده إلى عندنا تعايشوا على قدر مواردنا الوزارة مفهاش فلوس». وأضاف المشرف أنه بسبب توقف التعيينات فى الدولة، اضطروا إلى الاستعانة ببعض العاملين بأجر من الخارج، لكنهم لا يستمرون كثيرا ويتركون المكان بعد أسبوع على الأكثر بسبب المجهود الكبير الذى يبذلونه مع الأطفال الذين يحتاجون لطريقة معينة فى التعامل. «والله لو ما كنت مؤمن لكنت أتحولت لإرهابى فجرت نفسى وفجرت الدنيا كلها» بهذه الكلمات بدأ «م.م.ع» حديثه ل «الشروق» وسرد معاناة ابنه مع دور الحضانات، يقول: ابنى أتولد وكان عنده نقص أكسجين، ثم تطور الأمر وأصيب بعد ذلك بمرض التوحد، كان ضعيف القدرة على التحرك، لا يستطيع المشى بمفرده، ألحقته بدار «ر.ع» بكوبرى القبة، وهى تابعة لوزارة التضامن الاجتماعى. وتابع «بعد معاناة ولف على المراكز، اكتشفت أن كلها بتاجر بالأطفال، معاملة سيئة، أشخاص غير مدربين على معاملة الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، أطعمة ملوثة، انتهاك لآدمية الطفل، ومن كثرة الإهمال والفساد، أصيب ابنى بمرض فى عينه، فتركوه وحيدا دون علاج أو رعاية، حتى فقد عينه اليسرى، وزادت إعاقته، وتحول إلى انسان يتنفس بدون حياة» . وأختتم حديثه: «نفسى الدولة دى تحترم حق الطفل فى الحياة بدل ما بتروح تصرف الملايين على الانتخابات وتترك أطفالنا معرضين للاعتداءات الجنسية والبدنية دون مساءلة أو حساب». وفى مدينة الخصوص بمحافظة القليوبية، تعرض طفل لم يتجاوز عمره 4 أعوام، لاعتداء جنسى داخل احدى الحضانات من أحد زملائه يبلغ من العمر ستة عشر عاما، وهو ما أكده والده عندما ذهب إلى قسم الشرطة التابع له المركز، وتقدم ببلاغ رقم 853 الخصوص، ضد القائمين على الحضانة بعد إصابة ابنه بألم شديد بمنطقة الإلية، بالإضافة إلى واقعة اعتداء جنسى بإحدى دور الرعاية بمنطقة السيدة زينب لطفل يبلغ 9 أعوام على ايدى أحد زملائه البالغ 18 عاما. يقول حسن يوسف، مدير إدارة الحماية القانونية بالمجلس القومى للإعاقة، إن المجلس كثير ما كان يتلقى شكاوى باعتداءات جنسية واتجار بالأطفال فى بعض الجمعيات الأهلية، معتبرا أن معدلات الإهمال تتزايد مع مرور الوقت نظرا لضعف الرقابة على دور الرعاية. واتهم يوسف وزارة التضامن الاجتماعى، بالصمت المخزى تجاه تلك الوقائع والمخالفات الجسيمة داخل دور الرعاية سواء الحكومية أو الأهلية، حتى أصبحت دور الرعاية «بيزنس» مربحا لأصحابها. وأضاف: نعانى من أزمة كبيرة تتمثل فى عدم موافقة حضانات الاطفال المعاقين على مراقبتها وممارسة عملنا بها وفقا للقانون، وتطلب منا تصريحا من وزارة التضامن، بالرغم من سماح القانون للمجلس طبقا لقرار انشائه بممارسة دوره فى الرقابة والاشراف على عمل جمعيات ودور رعاية الأطفال. وفى مفاجأة، اعترفت وزارة التضامن الاجتماعى بوجود تجاوزات واعتداءات جنسية داخل بعض دور الرعاية، على لسان مصدر رسمى، تحفظ على ذكر اسمه، قائلا: «أعترف بوجود تجاوزات داخل بعض دور رعاية الأطفال المعاقين سواء الحكومية أو الأهلية، ولكن هذه المخالفات فى طريقها للإزالة، خاصة أنها كانت تحدث منذ سنوات طويلة، معتبرا أن جهود الوزارة للحد منها والقضاء عليها ساعدت كثيرا فى تقليل حدتها. وأضاف: وجود هذه الانتهاكات والتجاوزات يرجع إلى القصور الذى تعانى منه الوزارة، كنقص الامكانات، والموارد، والأموال، مثلنا مثل أى وزارة أخرى، يصعب علينا فى ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التى تعانى منها البلاد وغياب الأمن والاستقرار أن نقضى على جميع هذه المخالفات، خاصة انها تحدث فى الخفاء، ولا يمكن اكتشافها بسهولة، لأن هناك من يقوم بعمل عقود داخلية فى الجمعية، وتعيين اشخاص غير مسئولين أو مدربين مقابل مبلغ مادى، مما يؤدى إلى حدوث انتهاكات بحق الأطفال، مؤكدا أنه بمجرد اقرار القانون الجديد الذى انتهت الوزارة من اعداده، سيتم القضاء من خلاله على كافة الثغرات التى تتعلق بالمجتمع المدنى ودور الرعاية الحكومية والأهلية، ونتتهى تماما من القانون رقم 49 لسنة 1982 الخاص بالطفل وتأهيله، واضاف: «ومع ذلك إدارة التأهيل بالوزارة تقوم بحملات دورية على كافة الجمعيات الحكومية والأهلية، للكشف عن وجود تجاوزات»، مشيرا إلى أنه تم تحويل القائمين على العديد من دور الرعاية التحقيق، وأغلقت بعض الجميعات بعد اثبات تورطها فى أعمال غير قانونية. وكشف المصدر عن طبيعة المخالفات التى يتم ضبطها، من بينها، انتهاكات لآدمية الأطفال المعاقين، وإحداث جروح بأجسادهم، ومعاملاتهم بطريقة غير آدمية، وعدم توافر الهيئة المنوط بها رعاية الأطفال، فمثلا من المفترض أن يوجد لكل طفل اخصائى اجتماعى، وطبى، ونفسى، وعامل نظافة، وخبير تعامل، لأن الطفل المعاق له طبيعة خاصة يتطلب تدريبا وخبرة فى التعامل معه، مشير إلى أن الوزارة تعقد دورات تدريبية بصفة دورية للرفع كفاءة العاملين بها وتدريبهم على رعاية الاطفال المعاقين. واضاف: من ضمن التجاوزات أيضا جمع الأطفال من سن الثامنة وحتى الثامنة عشرة فى حجرة واحدة أو حجرتين، مما قد يدفع إلى حدوث الاعتداءات الجنسية بينهم، كما حدث فى جمعية الطفولة من حادث الاعتداء الجنسى، بالرغم من خضوع الدور إلى وزارة التربية والتعليم وليس التضامن كما ادعى البعض. وعن وجود جمعيات أهلية تعمل بدون ترخيص، قال المصدر أكثر من 50% من الجمعيات الأهلية تعمل بمجرد الإشهار دون الحصول على ترخيص، وتعتمد على التبرعات كوسيلة للتربح، خاصة قبل شهر رمضان نجد العديد من الجمعيات تشهر نفسها من أجل «البزنس»، وتعمل مخالفة للقانون. وأضاف: الجمعيات فى المحافظات المختلفة تخضع لإشراف مدير مديرية الشئون الاجتماعية، ولا يستطيع غلق جمعية إلا بعد تصديق المحافظ وموافقته، فإذا رفض المحافظ، لا يجوز لمدير المديرية غلق الدار، وهو ما يعنى ان المسئولية ليست على عاتق وزارة التضامن الاجتماعى، وانما عمل متكامل بين كافة الاطراف، وبالتالى دور ادارة التأهيل إشرافى وتوجيهى وليس تنفيذيا.أيتام طنطا يسددون فاتورة استغلال الإخوان المتاجرة بالأطفال فى «رابعة العدوية» ومظاهرات الجماعة تضرب مصادر تمويل دور الرعاية رغم مرور نحو 7 أشهر على فض اعتصام رابعة العدوية، إلا أن شبحه ما زال مؤثرا على الكثير من مناحى الحياة، خاصة داخل دور الأيتام، التى كانت تعيش على تبرعات القادرين، فقد تسبب استغلال الأطفال الأيتام، خلال اعتصام «رابعة»، فى مسيرات مؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسى، فى امتناع أعداد كبيرة من «أهل الخير» عن التبرع لهذه الدور، إما خوفا من استغلالها لصالح الجماعة، خاصة بعد صدور قرار بالتحفظ على الجمعيات الأهلية التابعة لها، أو خشية اتهامهم بدعم «تنظيم إرهابى». «الشروق» زارت جمعية الوفاء الخيرية الإسلامية، فى مدينة طنطابالغربية، والتى كان دار رعاية الأيتام التابعة لها واحدة من المتضررين نتيجة عزوف المانحين عن التبرع لها، وبحسب مدير الدار، فاروق قنديل، فإن عدد النزلاء حاليا هو 24 شخصا من أعمار مختلفة، وأغلبهم فى مراحل التعليم المختلفة، بالإضافة إلى الانخراط فى الصناعات التى يتعلمونها فى الدار، حيث تحتوى على أكثر من ورشة، بين نجارة، وحدادة، ونقش على الخشب. وفى رده على سؤال حول مصادر تمويل الدار، أكد قنديل أن «الدار تعتمد على التبرعات، ورغم وجود ورش صناعية، إلا أن تكلفتها عالية، فهى تعليمية بالدرجة الأولى، ورغم عرض الإنتاج للبيع عبر المعارض، إلا أن هامش الربح بسيط»، مشيرا إلى «نقص التبرعات بعد الثورة عن المعتاد»، ما أرجعه لسببين، الأول تقصير المتبرعين فى وجوه الإنفاق، بعد استخدام أطفال الملاجئ فى مظاهرات رابعة، والثانى هو الغلاء الذى يجعل ثبات مبالغ التبرع غير كافية لسد الحاجة. وأوضح الإخصائى الاجتماعى فى الدار، ورئيس قسم الرعاية، أحمد محمد عيد، أن «المشكلة الكبرى التى نحاول جاهدين التغلب عليها، هى تعاون الاخصائيين النفسيين فى المدارس مع الدار، حيث يؤدى الإهمال النفسى للنزلاء داخل المدرسة، أو المعاملة الخاصة لهم، إلى امتناع الكثير من الحالات عن التعامل مع المجتمع الخارجى». وأشار إلى أن «أعمار الاولاد فى الدار تترواح من 6 إلى 18 سنة، بعدها ينص القانون على خروج النزيل فى هذه السن الحرجة من الدار، على أن تتولاه دور المتابعة والكفالة، التى تنعدم نهائيا فى محافظة الغربية، لكن من جهة الدار، نعلم النزلاء حرف داخل الورش، ليتمكنوا من الاستفادة منها بعد مغادرة الدار، كما نستعين بأحد الشيوخ لتحفيظ القرآن، ومدرب لرعاية المواهب، ما أسفر عن التحاق أحد أبناء الدار بنادى سموحة، كلاعب لتنس الطاولة، بجانب انخراطه فى التعليم الثانوى العام، كما التحق آخر بنادى غزل طنطا، وأحرز المركز الأول فى الملاكمة على مستوى المحافظة». الدار مليئة بالقصص الإنسانية المؤلمة، فهناك التقينا الطفل بلال محمد حسن، 8 أعوام، وهو متأخر ذهنيا، التحق بمدرسة التربية الفكرية العام الماضى، لكن أدى إهمال مدرس الفصل له، وعدم قدرته على التعامل معه بالطريقة السليمة، إلى فقدانه القدرة على التواصل مع المحيطين به، ونظرا لأنه لم يستجب لأى نوع من التعليم، اكتفت الدار بتوعيته دينيا عن طريق محفظة القرآن السيدة ثومة، وتبقى المشكلة هى مستقبله بعد الخروج من الدار، دون أن تكون له حرفة. ويتحدث الطفل أمير محمد متولى، 5 سنوات ونصف، عن جار الدار.. الشيخ شافعى، الذى يتبرع للدار بسخاء، ويأتى للأولاد بالملابس، كما يصطحبهم فى رحلات خارجية على نفقته، ونزهات فى أيام العطلات، ما جعله محبوبا لدى الأطفال. أما اللقاء الثالث فكان مع طفل عمره 15 سنة، قال إنه دخل إلى الدار منذ سنة واحدة، منقولا من دار أخرى خاصة فى طنطا، موضحا «كنت أعانى من القسوة فى التعامل معى، فطلبت نقلى إلى مكان آخر عند زيارة أحد المسئولين لنا، وتم نقلى هنا»، وأشار إلى أنه يشعر بالألفة والعطف فى الدار الجديدة مضيفا أنه يدرس فى المدرسة الثانوية الزخرفية، ويعمل «أسطى تجميع» فى ورشة النجارة الملحقة بالدار، ويتقاضى مكافأة على إنتاجه كأسطى تحت التمرين، بخلاف مصروفه اليومى كطالب، كما أنه يحفظ القرآن. ومن بين أطفال الدار، كانت قدرة الطفل أحمد هانى، 8 سنوات، على السرد لافتة للنظر، إلا أن مشرف الدار طلب عدم الدخول فى تفاصيل حول حياته قبل دخول الدار، لتجنب إيلامه نفسيا، وعند توجه هانى لأداء الصلاة، حكى المشرف قصته، قائلا: إن له ظروفا خاصه غير باقى النزلاء، فهو ليس يتيما ولا لقيطا ولا ضالا، موضحا أن «نجدة الأطفال سلمته إلى الدار بعد هروبه من بيت والده، هربا مع شقيقه من تعذيب زوجة والده، إلا أنه لا يعرف مكان شقيقه حتى الآن». وأضاف المشرف، أن والدى الطفل انفصلا، وتزوج كل منهما بشخص آخر، ونظرا لضيق المعيشة، كان أبناء الزوج الجديد أولى بلقمة العيش، والخدمة، وكان مصير الطفل وشقيقه هو التعذيب، حتى هربا من منزل الأب، وعثرت عليهما نجدة الأطفال، وعندها تمكن أحدهما من الهرب، واستسلم الآخر، فتم تسليمه إلى الدار بموجب محضر، وهو يحظى الآن برعاية الإخصائيين، ولا يريد العودة إلى أسرته». أما الطفل محمد على الشرقاوى، 9 سنوات، فلم يلتحق بالمدرسة، ودخل الدار منذ عام واحد، إلا أن الدار تغلبت على أميته بإلحاقه بمجموعة «أبلة ثومة» مشرفه الدار، وقد تعلم خلال فترة إقامته حرفة نقاشة الموبيليا، ويتمنى أن يصبح مالك ورشة موبيليا بعد خروجه، وحصل على وعد من مدير الدار بأن يساعده بعدة نجارة كاملة، تكون بداية لورشة المستقبل. (س) و(ج)..ماذا تعرف عن دولة الأيتام؟ 10 آلاف طفل يتيم فى 443 مؤسسة إيوائية .. و1500 فى 83 دار حضانة قانون الجمعيات يخضع دور الأيتام تحت الرقابة.. و«التضامن» تكفل تقديم الخدمات لهم لا يعرف أحد عن دور الأيتام سوى إعلانات تغزو شاشات التليفزيون تطلب التبرع لأطفالها، وأسماء جمعيات رنانة باتت مشهورة فى هذا المجال أكثر من الآخرين، لكن هل يعرف أحد كيف تدار هذه الجمعيات وما هو القانون الذى تخضع له، وهل تكفل الدولة رعاية كاملة لكل الموجودين فيها؟ وكم عدد الأيتام بها؟ كل هذه الأسئلة تجيب عنها «الشروق» فى السطور التالية. تقول مدير الإدارة العامة للأسرة والطفولة، عزة إبراهيم، إن «دور الأيتام هى جمعية أهلية، تندرج تحت قانون الجمعيات الأهلية 84 لسنة 2002، وتخضع الدور لكل إجراءات تأسيس الجمعيات وفق ما يحدده القانون، وتكون وزارة التضامن الاجتماعى هى المسئولة عن الإشراف عنها سواء من خلال إدارة الجمعيات الأهلية أو إدارة الأمومة والطفولة». وتقسم إبراهيم نوعية دور الأيتام قائلة «هناك نوعان من دور الأيتام وهم دور الحضانة الإيوائية من سنتين حتى 6 سنوات، مسئول عن إدارتها وزارة الصحة، بالإضافة إلى وزارة التضامن، ثم المؤسسات الإيوائية من 6 سنوات حتى 18 سنة»، مشيرة إلى أن «بعد 18 عاما، يخضع الطفل للرعاية لاحقة للبنات حتى سن الزواج والأولاد حتى الاعتماد على النفس والحصول وظيفة أو شقة». تتحدث إبراهيم عن الفئات المستفيدة فى دور الأيتام قائلة: «تعريفنا لليتيم هو فاقد الأب أو الأم أو كليهما، لكن داخل دور الأيتام هناك أكثر من فئة مستفيدة مثل، مجهولى النسب، ثم ضحايا التصدع الأسرى وتدنى الحالة الاقتصادية، أو سجن العائل». تقدر إبراهيم عدد الأطفال الأيتام داخل دور الرعاية بأنهم نحو «10 آلاف طفل فى 443 مؤسسة إيوائية و1500 فى 83 دار حضانة إيوائية»، موضحة أن «هذا العدد يندرج فقط على الموجودين فى دور الرعاية، وقد يكون هناك أيتام خارج هذه الدور ولكن ليس لدينا عدد بهم». كيف يحصل الأطفال الأيتام الموجودون داخل هذه المؤسسات، على الرعاية الاجتماعية والطبية؟ سؤال يجيب عنه الاخصائى الاجتماعى فى وزارة التضامن، رفعت عبدالرازق، بأن «الرعاية تكون من خلال طبيب يتواجد داخل المؤسسة، أو تكون المؤسسة ملزمة بالتعاقد مع مستشفى داخل النطاق الجغرافى لهذه الدور». ويضيف رفعت «أن الوزارة هى الملزمة بوجود هذه الرعاية من خلال مراقبتها لعمل الجمعية، والتأكد من توافر هذه الخدمات»، موضحا أن «الدور تكفل للأطفال تقديم خدمة تعليمية جيدة من خلال المدارس». هنا تتدخل مدير إدارة الرعاية البديلة فى الوزارة، فوزية حسين، إن «كل جمعية تتفانى فى إدخال أولادها فى مدارس مستواها التعليمى عال، لكن للأسف بعض المدارس ترفض دخول الأطفال فيها، لأنها تتطلب مستوى تعليميا محددا للأسرة». وبحسب حسين فإن «بعض المدارس تدخل فيها الاخصائية الاجتماعية الفصل، وتقول، ولاد جمعية كذا فين، وهذه الجملة كفيلة بتحطيم نفسية الأطفال، وجعلهم يشعرون بالاختلاف عن الآخرين». وتقول مدير الإدارة العامة للأسرة والطفل، عزة إبراهيم، «هذه ضمن المشكلات التى تواجه الأيتام فى المجتمع، وهى نظرة الآخرين لهم، لذلك لابد أن تلعب الدار دورا مهما فى تهيئة الأطفال نفسيا لذلك، والكثير منهم يهتم بالمأكل والمشرب ولا يهتمون بالأمور النفسية». وترى إبراهيم أن الحل هو «تدريب الجهاز الوظيفى فى الجمعيات، بأهمية الدمج بالمجتمع، لأنه من الممكن أن يتعامل الطفل بشكل جيد داخل الدار ولكن خارجها يشعر بشيء آخر». سبب رئيسى لنظرة المجتمع للأيتام هى الإعلانات التليفزيونية التى تصور اليتيم بصورة سيئة، تصفها إبراهيم بأنها «استغلال واضح لهم، اعترضت الوزارة عليه أكثر من مرة، وأرسلت للجمعيات بمنع ظهور الأطفال فيها، لأنه نوع من التجاوز فى حقه، لكن للأسف بعض الجمعيات لتلتزم بذلك». سبب الإعلانات الرئيسى هو جذب التبرعات وتقول إبراهيم «الجمعيات مثلا هى من تريد الاحتفال بيوم اليتيم حتى تتمكن من جمع تبرعات، وما نريد الاهتمام بالأطفال كل أيام السنة، وليس لمدة يوم واحد». تخضع دور الأيتام لقانون الجمعيات 84 لسنة 2002، فى مسألة تلقى التبرعات التى يجيز لها جمع التبرعات من الأشخاص الطبيعيين ومن الأشخاص الاعتبارية بموافقة الجهة الإدارية، وهى وزارة التضامن، كما ينطبق نفس الأمر على الحصول على أموال من خارج البلاد. وتقول إبراهيم إن «الوزارة ملزمة بإعطاء دعم للجمعيات، حسب خطة الوزارة، فهناك جمعيات تخضع لخطط الوزارة كانت موضوعة فى الثمانينيات وأخرى خاضعة لخطط وضعت مؤخرا». تدخل الكفالة ضمن التبرعات أحيانا وتقول إبراهيم «أحيانا يأتى متبرع ويطلب كفالة طفل محدد موجود فى الدار، وهذا يسمى كفالة داخلية، حيث يتكفل بكل مصاريف مدرسته، وعلاجه ومصاريفه، ويكون ملزما بدفعها». وتشرح إبراهيم الطريقة الثانية للكفالة وهى الأسر البديلة وتقول «هذا يتم من خلال مديريات الشئون الاجتماعية المحلية، ومن خلال عقد يبرم بين الطرفين الكفيل والجهة الإدارية»، وتضيف «الكفيل يذهب للدار ويجلس مع الطفل الذى يريده أكثر من مرة، حتى يخلق ما بينهم مودة، وبعد ذلك تبدأ الجهة الإدارية إبرام العقد». وبحسب إبراهيم فإن المديرية المحلية «تبحث اجتماعيا عن الكفيل، حتى تضمن الرعاية الكاملة للطفل، وتتأكد أن الأسرة ستكون قادرة على تقديم الرعاية الكاملة للطفل، كما تراعى فى حال وجود أولاد للأسرة أن يكون الطفل المكفول من نفس النوع». فى سن الثامنة عشرة يكون الطفل قد كبر وتخطى السن القانونية للبقاء فى الدار «يوجد شيء يسمى الرعاية اللاحقة، والقانون يلزم الدار أن تنشأ دار ضيافة لتقديم خدمة للأولاد بعد سن خروجهم، للبنات حتى الزواج، والأولاد حتى يجد فرصة عمل أو شقة»، بحسب إبراهيم. وتضيف «للأسف أغلب الجمعيات تترك أولادها بعد سن ال 18، وهذا لا يجوز بأن يتركوا فى هذه السن، رغم أن كل ولد وبنت لديه دفتر توفير تأمنه له الجمعية منذ دخوله، ويحصل عليه عند خروجه». تتحدث إبراهيم عن الإساءات التى تحدث فى بعض الدور قائلة «أغلبها يكون عقابا بدنيا، أما الحديث عن وجود اعتداءات جنسية، فهذا شيء نادر»، مشيرة إلى أنه فى حال وجود مخالفات على الدار، يكون هناك إجراءات عقابية تصل لحد سحب النشاط منها أو حل الجمعية.فى حضرة الخوف يوميات الأيتام فى ملجأ بنها: جنيهان مصروف يومى «لكل الوجبات».. الوصول للمدرسة سيرًا على الأقدام .. و«شهادات الانحراف» تهديد لمن يشتكى مشرفة فى الدار: أجرينا جراحة لأحد الأيتام بعد تعرضه للضرب.. وأحد النزلاء: إذا حدثت مشگلة فى المدرسة لا يقف معنا أحد.. وليس لنا «ولى أمر» 37 طفلا تتراوح أعمارهم بين السادسة والثامنة عشرة.. هم جملة نزلاء مؤسسة الرعاية الاجتماعية ببنها«بنين»، والذين تعكس وجههم مأساة من يخوضون الحياة بغير سند، ويستولى عليهم إحساس بالفقد، ويتحاشون دائما النظر فى أعين من يحدثهم. الجملة الواحدة التى يذكرها مسئول الدار هنا وهناك، أن الحالات كلها تتفاوت بين مجهولى النسب والتفكك الأسرى أو من توفى أحد أبويه وأودعه أحد أقاربه الذى كان يقيم عنده فى الدار، وهؤلاء لا يسأل عنهم أحد. «الشروق» حاولت التعرف على أوضاع هؤلاء الأطفال الأيتام، بعد تناقل أخبار عن تعرضهم لانتهاكات من قبل المشرفين على إدارة المؤسسة. والتى تكشف عنها احد المصادر (فضلت عدم الكشف عن اسمها)، انه منذ عامين انتقل احد الاطفال لإجراء عملية استئصال الزائدة اثر تعرضه لضرب مبرح أدى لحدوث التهابات شديدة. يضيف المصدر: أن الادارة تهدد الاطفال فى حال الحديث عن شىء من هذه المخالفات والانتهاكات داخل الدار ستقوم بتحرير شهادات تكون بمثابة وثيقة ادانة عن انحرافهم السلوكى وهو ما يحول دون بلوغهم لوظائف بعد الخروج من الدار ويهدد مستقبلهم. وتختتم: إن الملابس التى تُصرف بشكل دورى للأولاد يُنهب نصفها من قبل الدار. بدت الغرفة حيث التقينا الأطفال بالدار، تخلو من أى أثاث سوى طاولتين كانت احداهما يجلس أمامها الأطفال وهم يرفلون فى ملابس رثة، يتناولون طعامهم ويطالعون كتب الدراسة المفتوحة أمامهم فى نفس الوقت. بينما كان المشرف فى ركن قريب يشاركهم الفطور. يشير لنا أحد الأطفال، الذى فضل أن نطلق عليه اسم عمر سيد، ويبلغ احد عشر عاما، إلى كرسى شاغر بجواره كى نجلس عليه، ويحكى أن جده جاء به مع شقيقه منذ خمس سنوات إلى الدار بعد تنقله بين بيوت أعمامه وجده عقب وفاة والده وزواج والدته. يشير عمر نحو شقيقه الجالس فى نهاية الطاولة، ويقول «والدتى أخذت إخوتى البنات فقط»، ثم يضيف محاولا أن يبدو متماسكا «إخوتى وحشونى ونفسى أشوفهم». حالة عمر وشقيقه قد تتشابه أو تختلف قليلا مع قصص زملائه فى نفس المؤسسة، لكن العامل المشترك بينهم هو الشعور بأنهم بدون سند لهم فى هذه المرحلة العمرية التى يحتاج فيها الأطفال للدعم المعنوى والمادى. يقول طفل آخر أطلق على نفسه اسم حسن السيد، فى الصف الثالث الإعدادى «إذا حدثت مشكلة فى المدرسة لا يقف معنا أحد، وليس هناك فى الدار من يكون ولى أمرنا، ثم إننا نذهب ونعود بمفردنا من المدرسة على الرغم من وجود أتوبيس خاص بالدار»، وهو ما يبرره مدير الدار، رمضان قطب، بأن المدرسة تبعد بشارع أو اثنين فقط عن المؤسسة. يذكر قطب أن وزارة التضامن الاجتماعى تصرف لكل ولد مقيم بالدار جنيهين كمصروف يومى يشمل وجبات اليوم كله، مشيرا إلى أن أغلب اعتماداتهم المالية تكون من التبرعات المالية التى يفتح بها حسابات وودائع بنكية لأبناء الدار بالتساوى بينهم، بالإضافة إلى أن الدار لا تقبل أموالا لحسابها الخاص من المتبرعين نقديا لكن ما تحتاجه من مستلزمات كآثاث أو ملابس. يصف أحمد مصيلحى، مستشار قانونى لائتلاف المصرى لحقوق الطفل، حال دور الايتام بوجه عام «أنها تعمل على استغلال الاطفال وعدم توفير الرعاية والاهتمام الكافى لهم إلى حد الاهمال مثلما ظهر فى اعتصام رابعة من ظهور أطفال وسط المعتصمين وبالمثل فى مؤتمر ترشيح السيسى، وكلاهما يعيش فى دور ايتام». وأضاف مصيلحى إن الائتلاف رصد فى حالات كثيرة ضعف نظام التغذية الذى يتم توفيره للأطفال فى دور الأيتام، إن لم تكن منتهية الصلاحية رغم أن قانون الطفل يمنع تعاطى الأطفال أى مواد غذائية بها مكسبات صناعية أو مواد حافظة، حيث يعتبر انتهاكا صريحا لكل حقوق الاطفال. وأكد مصيلحى أن مؤسسات رعاية الأيتام ملزمة أيضا بالاهتمام بتطوير وتنمية قدرات الأطفال العقلية ومواهبهم، وتوفير إخصائيين نفسيين واجتماعيين إذا احتاج الأمر لذلك، «لأن الدار يجب أن تكون أسرة بديلة تكفله فى كل الجوانب اجتماعيا ونفسيا وصحيا». وعما إذا كانت وزارة التضامن الاجتماعى تضع مخصصات مالية فى حساب الدار تصرف منها على الأولاد، أوضح مصيلحى «كل مهمة الوزارة هى الرقابة الكاملة على الدار بعد السماح بتأسيسها ومنحها الترخيص لكن الأموال تكون من جمع التبرعات والتى تكون نقدا، وكفالة أطفال أحيانا ثم توفير بعض المتبرعين لشقق تخصصها للأيتام»، مشيرا إلى أن هذه الشقق التى تدخل أحيانا باسم دور الايتام يتم نهبها وبيعها لحسابها الخاص. ويشير مصيلحى إلى أمثلة انتهاكات رصدها الائتلاف، ومنها دار أيتام فى مدينة 6أكتوبر مشهرة باسم «ليلة القدر» والتى تبين أن الطعام الذى يقدم للأطفال منتهى الصلاحية ويوضع فى أطباق مخصصة لوجبات القطط والكلاب. وفى دار أخرى بمدينة نصر وجدوا أن الأطفال يعتدون على المارة ويسرقونهم بالإكراه بمعرفة الدار، فضلا على دار ثالثة بالمعادى يصل فيها الإهمال لأقصى حدوده ليدفع أحد الأطفال وعمره سنة ونصف ثمنه بحروق تشوه جسده تسبب فيه سقوط ماء مغلى عليه. «مخدرات .. سلاح أبيض وخرطوش» داخل دار أيتام ب 6 أكتوبر الدار تدعم مواردها بتجارة الحشيش والحبوب المخدرة والسلاح.. وسائقو توك توك فى «الحصرى» لتوصيل الزبائن.. والبيع جهرًا فى الطريق العام : على مسافة تقترب من المائة متر، وتحديدا أمام موقف مسجد الحصرى، يقف عدد من سائقى التوك توك، يتطلعون إلى المارة فى الطريق، ينتظرون راغبى «الكيف» من مدمنى المخدرات، لتوصيله إلى «دار الايتام» التى حصرت نشاطها فى ثلاثة مجالات، الأول لبيع الحبوب والأدوية المخدرة الممنوع بيعها فى الصيدليات دون روشته طبية، والثانى لبيع المواد المخدرة كالحشيش ونبات البانجو، والأخير لبيع الأسلحة البيضاء وطلقات الخرطوش. «الشروق» رافقت أحد مدمنى المواد المخدرة رحلته لشراء المخدرات من إحدى دور الأيتام بمنطقة أكتوبر، موثقة بالصوت والصورة، بداية من اصطياده لسائق التوك توك التابع لهم أمام موقف الحصرى، حتى وصوله إلى الدار ودخوله وسط ابنائها، وحديثه معهم، وشرائه لبعض الحبوب المخدرة «ترمادول أحمر» وقطع من نبات الحشيش. كان الخط الأول، عندما كنت بصحبة سائق ميكروباص، خلال خط سيره من الحى السابع بمنطقة اكتوبر إلى مسجد الحصرى، ورأيته يتوقف أمام مكان تبدو عليه الغرابة، سور طويل من الطوب الأسمنتى يزيد ارتفاعه على 4 أمتار، تعلوه لافتة مكتوب عليها «دار أم القرى لرعاية الايتام» ويتخلله ثلاث فتحات، يقف خلفها أطفال فى عمر الزهور، تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة والسابعة عشرة عاما، سيارات وتكاتك تستقر على أطراف الطريق، يقف عدد من السائقين وراغبى المخدرات فى طوابير متراصة وصفوف منتظمة، يتبادلون الحديث مع الاطفال من قبيل «عايز حتة بخمسة جنيه، هات واحدة أحمر». حاولت خوض التجربة، والدخول وسط هؤلاء الأطفال، فى صورة أحد مدمنى المواد المخدرة وأرغب فى شرائها، ومعرفة حجم تجارتها، «المخدرات والسلاح»، خاصة أن كل هذا يحدث داخل دار لرعاية الايتام، فى محاولة لتوثيق ذلك بالصوت والصورة. واثناء محاولتى تصوير لحظات بيع المخدرات، التقطنى أحدهم، ووجدت سيلا من السباب من الأطفال قاطنى الدار، وقاموا بالاعتداء على شخصى، وتجمع أكثر من 20 طفلا، وقاموا بضربى وسحلى على الارض، واحتجازى داخل الدار لفترة تجاوزت الساعة، مشهرين اسلحتهم البيضاء على رقبتى، حتى أكشف عن هويتى، وبعد أن استولوا على كافة متعلقاتى الشخصية، من جهاز المحمول، والكاميرا، 300 جنيه كانوا بحوزتى، أمر قائدهم بحملى على أكتفاهم والقائى على الطريق العمومى، بعد اصابتى بحالة من الإغماء. توجهت بعدها إلى قسم شرطة أول 6 أكتوبر، وقمت بتحرير محضر بالواقعة، موثق بتقرير طبيعى بحالتى. بعدها حاولت الاستعانة بأحد متعاطى المواد المخدرة، الذى يتردد على الدار من وقت لآخر، كنت تعرفت عليه، أثناء مرورى من المكان ذات يوم، وأقنعته برغبتى فى توثيق عملية بيع المواد المخدرة بالصوت والصورة عن طريق كاميرا مخفية، على أن يساعدنى نظير مبلغ مالى. وهو ما وافق عليه بأريحية، ونجحت «الشروق» فى توثيق عملية البيع التى تتم من خلال ثلاثة منافذ حديدية أحدها لبيع السلاح وطلقات الخرطوش، والثانى لبيع نبات البانجو والحشيش، أما الأخير لبيع الأدوية المخدرة.