إذا ما نصحك طبيبك الباطنى الذى يعالجك من ارتفاع الضغط بقياس نسبة السكر فاعلم أنك بين أيد أمينة. الملاحظ عالميا الآن أن ارتفاع ضغط الدم قد يوازيه فى آن واحد ارتفاع فى نسبة سكر الدم. أى أنهما عرضان متلازمان فى أحيان كثيرة لذا يجب التنبه لتشخيصها مبكرا لتلافى أضرار لاحقة. التحكم فى ارتفاع ضغط الدم لدى مريض السكر يقلل من فرص الإصابة بجلطات القلب أو السكتة الدماغية أو الوفاة المفاجئة لمرضى القلب إلى النصف. كما أن التحكم بمستوى السكر لدى مرضى ارتفاع الضغط يقلل من احتمالات فقدان البصر والفشل الكلوى ومشكلات الأعصاب الطرفية كفقدان الإحساس فى الأطراف كأصابع القدمين وما يعقبها من مشكلات مترتبة عليها. ومن الملاحظات المهمة التى تربط أيضا بين السكر والضغط: أن الضغط ينخفض أثناء النوم ليرتفع بسرعة عند الاستيقاظ فى الصباح لكن ذلك لا يتحقق عند كبار السن أو المصابين بمرض السكر مما يعرضهم لمخاطر قد تحدث أثناء النوم. تظل قياسات الضغط مقبولة عند حدود 140/90 بالنسبة لمن يعانون ارتفاع فى الضغط فقط ويتعاطون علاجا مستمرا يجب أن تهبط إلى حدود 130/80 للمصابين بالسكر. السكر مرض الجسم كله: دم وخلايا وأنسجة فازدياد نسبة السكر فى الدم على معدلاته الطبيعية (110 مليجرام/ ديسيلتر) فى الصباح وقبل تناول أى طعام أو شراب تؤدى إلى زيادة مطردة فى إنتاج هورمون الأنسولين المسئول عن توزيع سكر الجلوكوز بين الدم والأنسجة وفقا لاحتياجات الجسم. كلما طالت فترة دوران الجلوكوز فى الدم استنفدت خلايا البنكرياس طاقتها فى إفراز الأنسولين حتى تبدأ فى الاضمحلال فيقل إفراز الأنسولين وتزداد نسبة السكر فى الدم باستمرار، وترتفع خاصة بعد تناول الطعام مباشرة مما يساهم فى ظاهرة مقاومة الأنسولين التى تقل فيها حساسية الجلوكوز لهورمون الأنسولين مما يزيد المسألة تعقيدا. الزيادة الكبيرة فى نسبة الجلوكوز السارى فى تيار الدم تصيب الأنسجة على اختلافها وتؤثر بالسلب على طريقة أدائها لوظائفها الطبيعية. وتضر بالشرايين الدورية وتعوق سريان الدم فيها وقد تتأثر الكلى وشرايين القلب التاجية وشرايين شبكية العين مما يمهد لأخطار كبيرة قادمة. رغم أن ارتفاع الضغط والسكر عرضان مختلفان إلا أنهما يستجيبان معا وبصورة مماثلة للتغيرات التى قد تحدثها التغيرات المختلفة فى أسلوب ونمط الحياة التى ينتهجها الإنسان. انتهاج نظام غذائى للوصول لوزن ملائم والحفاظ عليه يعيد التوازن لمريض السكر وينخفض بمعدلات الضغط العالية لقياسات مرضية بدون علاج إذا ما كانت حالة متوسطة. ممارسة بعض تمارين اللياقة والرياضة تسجل تحسنا ملموسا فى حالة مريض السكر الذى تتراجع قياسات نسبة الجلوكوز فى دمه لأن الحركة هى مفتاح انتظام وثبات مستوى السكر فى الدم. بينما للرياضة ذات التأثير على مريض الضغط المرتفع الذى تتراجع قياسات ضغطه بصورة مشجعة. إذا كان من الضرورى تناول الأدوية للضغط والسكر فإن مركبات الاستاتين تفيد فى كلتا الحالتين إذ إنها تؤخذ كإجراء وقائى لارتفاع نسبة الكوليسترول وتفادى الإصابة بالأزمات القلبية إذ إنه من المعروف أنه إذا ما اجتمع مرض السكر وأمراض شرايين القلب التاجية فإن الجلطة وإن حدثت لا تسبقها تلك الآلام القاسية التى تعلن عن الإصابة بالذبحة الصدرية. إنها تتسلل خلسة فلا تعلن عن نفسها إلا بعد أن تتمكن من التغلب على الشرايين العليلة بداء السكر. تشخيص ارتفاع ضغط الدم وعلاجه بكفاءة وإدارة معركة السكر بين الدم والأنسجة بحزم ودراية شأن يشترك فيه الطبيب والمريض بقدر متساو من المسئولية.