بحضور أكثر من 15 ألف طبيب من مختلف أنحاء العالم عقد المؤتمر العالمي للاتحاد الدولي للسكر بمدينة دبي بدولة الإمارات العربية في الفترة من 4 إلي 9 ديسمبر الجاري، وهو لأول مرة يعقد في بلد عربي، وناقش أحدث طرق تشخيص وعلاج السكر ، وسبل الوقاية حيث يعتبر السكر من أسرع الأمراض انتشاراً بين البشر، ويعاني منه حالياً أكثر من 366 مليون مريض حول العالم وهو ما يمثل 10٪ من إجمالي عدد البالغين في العالم. وسجلت أعلي معدلات انتشار المرض عالمياً عام 2011 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا طبقاً لتقديرات الجمعية الدولية لأمراض السكر في الوقت نفسه من المتوقع أن يصل عدد مرضي السكر علي مستوي العالم إلي 552 مليون مريض بحلول 2030 والحقيقة الأخري المقلقة أن نسبة الزيادة في أعداد مرضي السكر تبلغ 2.7٪ سنوياً وهي نسبة أكبر 1.7 مرة من نسبة الزيادة العالمية في عدد السكان البالغين، كما تشير تقديرات الاتحاد الدولي لأمراض السكر إلي أن شخصاً من بين كل خمسة أشخاص في الشرق الأوسط مصاب حالياً بالسكر وهذا الرقم مرشح للازدياد ليصبح شخص من بين كل ثلاثة أشخاص بحلول عام 2030 وطبقاً لتوقعات الاتحاد الدولي لمرض السكر فإن مصروفات الرعاية الصحية لمرض السكر سوف تصل إلي 11.6٪ من إجمالي مصروفات العلاج العالمية، وأظهرت دراسة أمريكية مؤخراً أن التكلفة السنوية للرعاية الصحية في عام 2007 تعدت حاجز 174 مليار دولار، كما أظهرت دراسة مشابهة في إيطاليا أن التكلفة المباشرة للرعاية الصحية وصلت عام 2006 إلي 2589 يورو للمريض الواحد بمرض السكر مقارنة بحوالي 1682 يورو للرعاية الصحية السنوية لغير المصاب بمرض السكر ويؤدي التأخر في تشخيص المرض مباشرة إلي زيادة المضاعفات مما يؤدي لزيادة تكلفة العلاج، بالإضافة لذلك في حالة ظهور مضاعفات مرض السكر يتضاعف تأثير الأمراض المصاحبة له علي التحكم في تكاليف علاجه وتتضمن الأمراض المصاحبة ارتفاع ضغط الدم أو طول مدة المرض أو الأمراض المعتادة لسن المريض، ويكمن سبب الانتشار الكبير لمرض السكر في الشرق الأوسط بشكل أساسي في أسلوب الحياة طبقاً للأطباء المتخصصين وتركز المؤسسات الحكومية المعنية بالصحة علي ثلاثة اتجاهات في مكافحة المرض وهي: الوقاية وتتم بشكل أساسي عبر تحسين عادات تناول الطعام وتغيير أسلوب الحياة والعلاج ويتم عبر اتباع الإرشادات التي تضعها الهيئات المعتمدة محلياً وعالمياً ويعد الوصول لنتائج العلاج هو الهدف الأساسي من أجل منع مضاعفات المرض وزيادة تكلفة العلاج وتتم المتابعة عبر التأكد من أن المريض يعالج بطريقة مناسبة ويحصل علي مستوي الرعاية اللازمة. ويقول الدكتور شريف حافظ، أستاذ الباطنة والسكر بكلية طب قصر العيني رئيس الجمعية الطبية المصرية لدراسة السمنة، أن الموتمر ناقش أهمية الوقاية من مرض السكر النوع الثاني وتثقيف المريض والاهتمام بمرحلة ما قبل السكر للوقاية من السكر، ويعتبر السكر النوع الثاني الوباء القادم الذي يتبع وباء موجود حالياً وهو وباء السمنة خاصة سمنة منتصف البطن. كما ناقش المؤتمر بعض أنواع الأدوية الجديدة التي تعالج مرض السكر من النوع الثاني، وقد تؤجل احتياج مريض السكر للعلاج بالإنسولين لفترة أطول في العلاجات الأخري، وتعتمد هذه العلاجات علي هرمونات تفرز من الأمعاء الدقيقة ووظيفة هذه الهرمونات تنشيط خلايا البنكرياس المفرزة للإنسولين وتنشيط خلايا الفا المفرزة لهرمون «الجلوكاجون» الذي يساعد علي إفراز السكر من الكبد والذي وجد أنه يفرز حتي في عدم انخفاض السكر في مرض السكر من النوع الثاني وهناك نوعان من العلاج الأول أدوية تعطي بالحقن وهي عبارة عن هرمون مخلق والنوع الثاني حبوب تعطي بالفم تمنع تكسير هذا الهرمون فتحسن الاستفادة من تواجد الهرمون الداخلي الذي تفرزه الأمعاء بالجسم. ويشير الدكتور شريف حافظ إلي أن المؤتمر ركز علي الوقاية من مرض السكر عن طريق التوعية وتخفيض الوزن والإقلال من الأغذية عالية السعرات الحرارية ومزاولة الرياضة 30 دقيقة يومياً. ويقول الدكتور خليفة محمود عبدالله، أستاذ السكر بكلية طب جامعة الإسكندرية رئيس الاتحاد المصري للسكر، ناقش المؤتمر عدة موضوعات مختلفة كان أهمها الطرق المتبعة في معظم الدول للحد من انتشار مرض السكر، حيث طالب الاتحاد الدولي للسكر الدول بوضع خطة لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسكر واتخاذ الوسائل اللازمة لمنع ظهور المرض لديهم والحد من انتشار السمنة، حيث تعد السبب المباشر لظهور السكر من النوع الثاني. كما أوصي المؤتمر بالاكتشاف المبكر للسكر والتدخل بالوسائل الممكنة والمتاحة لمنع ظهور المضاعفات، حيث أثبتت الدراسات أنه يمكن تفادي ظهور المضاعفات باتباع الأساليب المناسبة. وناقش المؤتمر العقاقير الحديثة المستخدمة في علاج مرض السكر من النوع الثاني، خاصة العقاقير التي تزيد من نسبة الهرمونات التي تفرز من الأمعاء التي ثبت أن لها تأثيراً فعالاً في تنشيط خلايا البنكرياس والتحكم في مستوي السكر في الدم بدون المخاطر المعتادة في العقاقير القديمة والمستخدمة في الوقت الحالي وهي نقص مستوي السكر في الدم وتعرض الإنسان للغيبوبة المتكررة وزيادة الوزن. ويضيف الدكتور خليفة محمود أن المؤتمر أوصي بالاستخدام المبكر للإنسولين عندما تفشل العقاقير التي تؤخذ بالفم عن الوصول للهدف وهو ضبط السكر، حيث أثبتت الدراسات أن العلاج المبكر بالإنسولين بعد فشل الأقراص يحد من ظهور مضاعفات السكر، كما ناقش المؤتمر العوامل الأخري التي تزيد من مضاعفات السكر كارتفاع ضغط الدم وخلل الدهنيات بالدم. ويقول الدكتور صلاح شلباية، أستاذ السكر والغدد الصماء بطب عين شمس، إن المؤتمر ناقش مشكلة السكر في العالم وكيف أصبح مرضاً منتشراً عالمياً، خاصة في الدول التي تنتشر فيها السمنة، كما أن نسبته عالية في المنطقة العربية، واستعرض المؤتمر الأساليب المختلفة لمنع زيادة هذا المرض «السكر النوع الثاني» عن طريق تشجيع الطعام الصحي ومزاولة الرياضة والبعد عن الوجبات السريعة وممارسة الرياضة وهي أنسب طرق الوقاية وتشجيع عدم الزواج من الأقارب، حيث يساعد علي زيادة المرض لأنه مرض وراثي أساساً. ويضيف الدكتور صلاح شلباية: ناقش المؤتمر دواء جديداً هو مجموعة مثبطات إنزيم Dpp.4 وهي أحدث مجموعة لعلاج المرض موجودة في السوق العالمية وفي مصر ومنها عقار «سيتاجلبتن»، وقد أثبت فعالية قوية في المرضي حديثي التشخيص لأنه يتميز بأمرين الأول لا يسبب نقصاً في مستوي السكر في الدم عن المعدل الطبيعي والأمر الثاني لا يؤدي إلي زيادة في الوزن بعكس العقاقير التقليدية وتعتمد طريقة عمل عقار «سيتاجلبتن» علي تثبيط بروتين Dpp.4 وعمل مثبطات هذا البروتين علي تحفيز الجسم طبيعياً لتقليل معدلات السكر في الدم عن طريق الحفاظ علي مستوي ما يعرف بهرمونات «الانكرتين» فعندما ترتفع نسبة السكر في الدم، تعمل هرمونات الانكرتين لمساعدة الجسم علي تنظيم نسبة السكر في الدم بطريقتين الأولي تحفيز البنكرياس علي زيادة كمية الإنسولين التي يفرزها والثانية تقليل إفراز هرمون «الجلوكاجون» الذي يزيد تنبيه الكبد لإفراز الجلوكوز.. إن مثبطات Dpp.4 تعمل علي زيادة قدرة الجسم الطبيعية علي التحكم في مستويات السكر في الدم من خلال زيادة الكميات النشطة من هرمونات الانكرتين في الجسم مما يقلل مستويات السكر في الدم لدي مرضي السكر من النوع الثاني. وتقول الدكتورة نانسي ثورنبيري، النائب الأول لرئيس مجلس إدارة شركة MSD ظل المجتمع الطبي العالمي يعتقد لفترات طويلة أن الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الكوليسترول والسكر في الدم هم الأكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، إلا أن الأبحاث الأخيرة أظهرت أن هناك علاقة مباشرة بين النوع الثاني من مرض السكر والإصابة بأمراض القلب، فالارتفاع المستمر لمستوي السكر في الدم يؤدي لزيادة تكون اللويحات علي جدران شرايين القلب بما يعني أنه مع مرور الوقت يكون مريض السكر أكثر عرضة للإصابة بأمراض شرايين القلب بما فيها الأزمات والجلطات القلبية وبالطبع مع ضعف التحكم في مستوي السكر في الدم تزداد مخاطر الإصابة بأمراض الشرايين، بالإضافة لذلك فإن الأبحاث العلمية كشفت أن ثلثي المرضي المصابين بالسكر والذين تلقوا نصائح طبية بتناول عقاقير مخفضة للكوليسترول لم يقوموا فعلياً بتناولها نظراً لخوفهم من حدوث أعراض جانبية خطيرة مثل فقدان البصر والفشل الكلوي أو حتي بتر الأطراف، وتماشياً مع انعقاد المؤتمر في بلد عربي لأول مرة قام البروفيسور الأمريكي هارفي كاتزيف بدراسة عن انخفاض مستوي السكر في الدم لدي مرضي السكر من النوع الثاني خلال صيام شهر رمضان، وأكد أن الأبحاث العلمية تشير إلي وجود أكثر من 50 مليون شخص مصاب بالسكر في العالم يواصلون الصيام خلال شهر رمضان بالرغم من النصائح الطبية لهم بالامتناع عن الصيام و79٪ منهم يعانون من السكر النوع الثاني والتغييرات التي تحدث في نمط تناول الوجبات الغذائية خلال شهر رمضان يسبب العديد من المشاكل والمخاطر الصحية لمرضي السكر، حيث يمكن أن يترتب علي الصيام العديد في المضاعفات مثل انخفاض مستوي السكر في الدم أو ارتفاع هذا المستوي لدرجات غير مقبولة، كما أن نقص حصول الجسم علي الوجبات الغذائية في مواعيدها المعتادة والامتناع عن تناول أدوية السكر عن طريق الفم مثل الإنسولين تعد من أهم عوامل الخطر للإصابة بأعراض نقص مستوي السكر في الدم. وتنصح الجمعية الأمريكية لأمراض السكر بضرورة تنفيذ خطة للإدارة الفعالة لحالات مرضي السكر من النوع الثاني قبل رمضان كما يجب وضع خطة تفصيلية لإدارة الحالة خلال شهر رمضان تتضمن تغيير خطة العلاج بما يساعد علي تقليل المخاطر المصاحبة للصيام كما يجب مراقبة وقياس معدلات السكر في الدم بصورة متكررة أكثر من المعتاد خلال رمضان لتقليل خطر الإصابة بنقص مستويات السكر في الدم وفي دراسة تضمنت فئات مختلفة ظهر أن حدوث انخفاض حاد في مستويات السكر يتضاعف 7.5 مرة خلال شهر رمضان مقارنة بالعام السابق عليه كما أظهرت دراسة حديثة أن تناول عقار «سيتاجلبتن» يؤدي لتقليل المخاطر المرتبطة بانخفاض مستوي السكر في الدم بشكل ملحوظ لدي مرضي السكر من النوع الثاني خلال الصيام.