لا أحد يعلم ما كان يدور في بال الأخوين عاصي ومنصور رحباني، حين كتبا ولحنا ما غنت فيروز «عشرون عامًا وأنا أحترف الحزن والانتظار»، هل كان أحدهم يتصور أننا سنضطر لتغيير الرقم «20» ونضع بدلًا منه «66»؟ فيروز والرحابنة، أسماء ارتبطت في أذهان مستمعيهم بلبنان وضواحيها، لكن الثلاثي اللبناني، لم يغرق في الوطنية فحسب، بل امتدت اهتماماته لقضايا أخرى، ومنها قضية القدسوفلسطين التي استطاعت فيروز بصوتها أن تجعلها قضية العرب والعالم أجمع. أنتج الثلاثي اللبناني أكثر من 10 أغنيات عن فلسطين وذكرى النكبة، أشهرها على الإطلاق «زهرة المدائن»، و«أحترف الحزن والانتظار»، لكن هناك أعمال منسية، على رأسها أغنيتان «غنتهم لأول مرة في زياتها لمصر عام 1955»، الأولى هي قصيدة «غرباء» للشاعر هارون هاشم رشيد، وهو عبارة عن حوار بين فتاة فلسطينية ووالدها العجوز. تقول فيروز في «غرباء»: «لماذا نحنُ يا أبتي لماذا نحنُ أغرابُ؟!.. أليستْ أرضَنا الخضراء ذاتُ المنهلِ العذبِ» شاهد «غرباء» أما ثاني القصائد، فكانت «قصتنا»، وتقول فيها: «أغنيتي إليك على ذرا القدس أنا أصلي.. يا رب تذكر موطني وأهلي.. وأدمعي تذكرني لديك.. تذكرني لديك». وفي عام 1957 أطلق الثلاثي ألبوم «راجعون» الذي ضم 11 أغنية متنوعة، لكن كلها في النهاية تتحدث عن فلسطين، وهي راجعون، أحترف الحزن والانتظار، رجعت في المساء، يا جسرًا خشبيًّا، جسر العودة، يا ساحر العينين، عند حماها بعدنا، من يقصد الكروم، بلدتي غابة جميلة، مريت بالشوارع، أنا والمساء. شاهد «أحترف الحزن والانتظار» شاهد «مريت بالشوارع - القدس العتيقة» شاهد «بلدتي غابة جميلة» شاهد «راجعون» وكما احترفت فيروز الحزن والانتظار، تملكت أيضًا الأمل وصدرته لنا من خلال صوتها العذب وأغانيها الخالدة.. لتتركنا كل عام على أمل ألا نعيد نفس الأغنيات ونستبدلها بأغاني الفرح بالعودة.