بالتزكية.. عصام الدين فريد رئيسا ل«الشيوخ» ب299 صوتا من إجمالي 300    د. رشا علام: المؤتمر يجمع الأكاديميين والمهنيين لمواجهة تحديات الإعلام الحديثة    تعليم الشرقية تدعو أولياء الأمور للتعاون مع المدارس في دعم انضباط وانتظام الطلاب    قالي عايز تتعلم ادخل شعبة ب1400.. طالب يقاضي والده أمام محكمة الأسرة: رافض يدفعلي مصاريف الكلية    وزير العمل يشارك المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة    وزيرة التخطيط: محفظة ضمانات ميجا تتجاوز 700 مليون دولار لدعم القطاع الخاص في مصر    سعر النفط يتكبد خسائر أسبوعية بنحو 3% بفعل تصاعد التوترات العالمية    ميناء دمياط يستقبل 33 ألف طن قمح قادمة من روسيا    طبول الحرب تدق فى الكاريبى.. ترامب ومادورو يحشدان قواتهما العسكرية    كارولين ليفيت من بائعة آيس كريم إلى البيت الأبيض.. من هى المتحدثة الرسمية؟    وكيل المخابرات العامة السابق: قرار الإفراج عن شاليط كان بيد العسكريين في حماس بنسبة 80%    الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزا عسكريا وسط دير جرير شرقي رام الله    وقت إضافي أم ركلات ترجيح.. ماذا لو انتهت مواجهة بيراميدز ضد نهضة بركان بالتعادل؟    موقف الدوسري من اللحاق بمباراة الهلال والسد القطري    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    مقتل 3 عناصر خطيرة وضبط مخدرات بقيمة 97 مليون جنيه    طقس خريفى غدا مائل للبرودة صباحا حار نهارا والعظمى بالقاهرة 30 والصغرى 20    تشييع جثمان الطفل ضحية صديقه بالإسماعيلية (صور)    مصرع سيدة وإصابة 10 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بوسط سيناء    محافظ الأقصر يشهد انطلاق طائرات الباراموتور بمشاركة 100 مغامر أجنبي من 15 دولة    اليوم.. محاكمة 89 متهمًا ب«الهيكل الإداري للإخوان»    الحبس سنة للمتهم بتشويه وجه زوجته فى الطالبية    لماذا يعد "فارس بلا جواد" محطة مهمة في مشوار الفنان محمد صبحي؟    قبلة أحمد السعدنى ليد مايان السيد تخطف الاضواء فى مهرجان الجونة    كاريزما ماشية على الأرض.. 4 أبراج بيخطفوا القلب من أول نظرة    «الحرية» تمثل مصر في الدورة الثالثة عشرة لمهرجان الصين الدولي للفنون الشعبية    ياسر جلال بعد أداء القسم بمجلس الشيوخ: لحظة فخر ومسؤولية كبيرة    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    الصحة: توزيع 2152 مولد أكسجين على مرضى التليف الرئوي بنظام العلاج المنزلي    «الصحة» تواصل برنامج «درّب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بالمنشآت الصحية    بالليمون والعسل.. وصفة بسيطة لتخفيف الاحتقان وتقوية المناعة    هيثم الحريري يتقدم بطعن على قرار استبعاده من كشوف المرشحين لانتخابات مجلس النواب القادم    قريبًا.. الحكومة تعلن موعد بدء التوقيت الشتوي في مصر    مقتل شخصين في هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية على جزء من منطقة خيرسون خاضع لسيطرة روسيا    تردد قنوات ثمانية الجديدة 2025 على نايل سات وعرب سات لنقل البطولات السعودية حتى 2031    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    ضبط محطة وقود لتصرفها في 13 ألف لتر سولار.. وتحرير محاضر لتعطيل أجهزة ATG بالبحيرة    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين موسكو وواشنطن بدأ قبل 6 أشهر    منافس بيراميدز المحتمل.. المشي حافيا وهواية الدراجات ترسم ملامح شخصية لويس إنريكي    «قناة السويس» تتابع جودة الخدمات الغذائية المقدمة لطلاب المدينة الجامعية    المستشفيات التعليمية تتوسع في خدمات كهرباء القلب إلى بنها ودمنهور لتخفيف العبء عن المرضى    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    فيديو.. منى الشاذلي تمازح حمزة نمرة: أنت جاي تتنمر عليا    أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون اليمين الدستورية.. اليوم    أسعار زيت الطعام بعد إضافة عبوة جديدة على بطاقات التموين.. اعرف التفاصيل    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    تشكيل بايرن ميونخ ودورتموند المتوقع في كلاسيكو ألمانيا    الزمالك يواجه ديكيداها الصومالي في مستهل مشواره بالكونفدرالية الأفريقية    اليوم.. مسيرات من نيويورك إلى سان فرانسيسكو ضد سياسة ترامب    استقرار أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المحلية بعد زيادة أسعار البنزين والسولار    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    انخفاض كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب والسبائك اليوم السبت بالصاغة    ملوك الدولة الحديثة ذروة المجد الفرعونى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من عمق برلين- بوظة دمشقية مغموسة بالفستق الحلبي وبالحنين
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 03 - 2014

البوظة الدمشقية تفرض نفسها في حيّ "نويكولن" في العاصمة الألمانية برلين، مذاق مميز يجذب عشاقه ومن هم في حنين إلى الطعم الدمشقي، مذاق يجدد الوصل مع الوطن الذي يئن تحت وطأة الحرب.
عندما يقصد المرء شارع "زونين أليه" في حيّ "نويكولن" في العاصمة الألمانية، يفاجأ بالحضور الطاغي للعرب ولغتهم وطقوسهم وعادتهم وتقاليدهم. يخال القادم الجديد إلى برلين نفسه، للوهلة الأولى، أنه في أحد شوارع دمشق العتيقة، أو في زقاق من أزقة القاهرة القديمة؛ الأرض بتتكلم عربي هنا! منذ أربعة أشهر، فرضت البوظة الدمشقية -حسب وصفة "بوظة بكداش" الشامية الشهيرة- نفسها على المشهد هنا.
تراث عمره ما يقارب 120 عاما
استقى "أبو جواد" اسم محله من المسلسل السوري الشهير "باب الحارة". ذلك المسلسل الذي شغل الملايين في البلاد العربية وفي المهجر أيضاً، ويتم الآن العمل على إنتاج الجزء السادس منه. يفتخر "أبو جواد"، السوري المنحدر من الغوطة الشرقية المحيطة بالعاصمة السورية، بما حققه من نجاح منذ افتتاح محله. ويعزو النجاح إلى أنه "ورث المصلحة أباً عن جد"؛ فعائلته تمتلك محل للبوظة الشامية في "شارع بغداد" في دمشق منذ أربعين عاماً. لا يستخدم أبو جواد أي مواد صناعية في تحضير البوظة، حتّى الحليب يجلبه يومياً طازجاً من المزرعة. "لا يدخل الحليب المبستر في تحضير البوظة"، يؤكد أبو جواد. بالإضافة للحليب يشكل السحلب والمستكة أهم مكونات البوظة الدمشقية. وعن طريقة التحضير يضيف أبو جواد: "يتم غلي المكونات السابقة على حرارة 120 حتى يتبخر كل الماء الموجود به. ثم يُضع المزيج في مكنة البوظة، التي يجب ان تكون درجة حرارتها 45 درجة تحت الصفر. بعد ذلك تأتي مرحلة الدق: كلما دُقت البوظة أكثر، ظهر المذاق المتميز للمستكة والسحلب". أخيراً، يُغمس البوظة بملك المكسرات، الفستق الحلبي قبل تقديمها للزبون. أما عن الآلية المستخدمة قبل دخول الكهرباء وماكينات البوظة الُمجمدة إلى دمشق، فيجيب أبو جواد: "كان يتم جلب الثلج من الجبل ووضعه في حفرة من الباطون. ثم يوضع فوقها حلة من النحاس. وعند تدوير الحلة، يأخذ المزيج بالتطاير على الأطراف الداخلية للحلة، فيتجمد هناك. ثم يتم جمعه تمهيداً لمرحلة الدق".
سحر الشرق وأكثر من ذلك
لا يخفي بيتر وصديقته آنا ماريا إعجابهما بالمذاق المميز للبوظة مع المكسرات. ليس ذلك فحسب، بل سحرهم الجو العائلي واستمتعا بالموسيقى الشرقية التي تتراقص أنغامها حولهما. لا يبدو الأمر بعيد عن نسخة عصرية عن "ألف ليلة وليلة". لا يعكر صفو الزيارة إلا الأخبار الصادمة المفجعة عن الحرب الدائرة في سوريا. يتتبع الثنائي الألماني-ولو بشكل غير منتظم ومتقطع- ما يجري هناك. يلاحظان ضعف، وأحيانا، غياب التغطية الإعلامية للوضع السوري. يحزّ في نفسيهما مصير الضحايا الأبرياء. ويتمنيان عودة الهدوء والسلام لتتاح لهما فرصة زيارة دمشق.
باسل ورائد، أردنيّان من أصل فلسطيني، تعود بهم البوظة إلى "الشام" وزيارتهما لها. لقد استبد بهما الشوق والحنين، فقادتهما أقدامهم لا إرادياً إلى هنا. ولكنهما يعودان للتأكيد أن دمشق "ليست بوظة بكداش وعصير أبو شاكر وفول بوز الجدي فقط، بل هي أكثر من ذلك بكثير؛ إنها تكثيف لتراث الأمة منذ آلاف السنين والتجلي الأنصع لروحها، التي تأبى أن تموت".
بيتر وصديقته آنا ماريا، من عشاق البوظة الدمشقية
وقوف على أطلال الذاكرة
لم يكن يتوقع أبو نضال، وهو لاجئ سوري وصل وعائلته إلى برلين منذ بضعة شهور، أن يجد البوظة الشامية في برلين. تردد أبو نضال كثيرا قبل الكلام معنا. ورفض تصويره هو وعائلته وامتنع حتّى عن الإفصاح عن اسمه الحقيقي. لا يكف عن الالتفات يميناً وشمالاً. يبدو أنه مازال تحت تأثير صدمة قاسية تحفر أخاديدا عميقة في روحه. تحاول العائلة فتح صفحة جديدة في حياتها، هنا في برلين، تتلمس أولى خطواتها في بلد شاءت الظروف أن يكون وطن ثاني مؤقت، أو ربما وطن بديل. "لا أريد لأطفالي أن ينسوا عاداتنا"، يقول أبو نضال مجيبا عن سبب ارتياده المكان،" فأنا خسرت بلدي وشردت منه، ولا أستطيع تحمل خسارة أطفالي". هذه الأماكن هي همزات الوصل الممكنة مع الأوطان. يتذكر أبو نضال، والدمعة في عينيه، زياراته هو وعائلته لمحل "بوظة بكداش" في سوق الحميدية في قلب دمشق.
يبقى شارع "زونين أليه"، "شارع العرب"، الممتد على عدة كيلومترات الحبل السري الرابط بين المغتربين العرب وبلدانهم. كلما ضاقت عليهم ألمانيا بما رحبت، وجدوا أنفسهم تتجه شطره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.