لم يكن الحال فى 2013 فى البنوك أقل سخونة من مشهد مصر السياسى، فقد شهد القطاع المصرفى وقائع صعبة تصدرت فى أوقات كثيرة اخبار الساعة فى قطاع، الاصل فى عمله السرية، والبعد عن الاعلام. منها عودة السوق السوداء، وتجميد ارصدة وحظر تعامل وسحب ودائع، وقرارات بخفض فائدة، وشائعات فرض ضرائب، والتمويل على الطريقة الاسلامية، وتغييرات قيادات تصدرت المشهد لسنوات.. فى تلك المساحة قراءة لبعض تلك المشاهد كان الحدث الأبرز خلال 2013 داخل أروقة الجهاز المصرفى الداخلية وهو رحيل فاروق العقدة محافظ البنك المركزى لنحو 10 سنوات متصلة، بعد عملية اصلاح حقيقية لجهاز كان قد قارب على الافلاس. العقدة الذى كان يبتعد عن الاعلام ولا يتعامل معه وعمل مع ثلاثة انظمة مختلفة، رحل عن منصبه قبل ما يزيد على العامين ونصف العام من انقضاء مدته، بعد رحلة من النجاح اتفق معها الكثيرون واختلف حولها كثيرون ايضا ، شاركه فيها عدد ممن تحملوا الخطر فى أصعب اوقاته، ورحل معه طارق عامر رئيس اتحاد بنوك مصر والبنك الاهلى بعد عملية هيكلة كاملة للبنك الاهلى وتحويله من خاسر الى رابح، وانضمت الى الراحلين لبنى هلال أول سيدة تشغل منصب نائب محافظ المركزى، لتمنح قيادة البنك المركزى الجديدة بناء البيت من جديد، خاصة أن المحافظ الجديد لم يكن غريبا عن عملية البناء التى تمت بل كان مهندسا لكثير منها. فقد قام بترتيب المركزى من جديد بضم نائب ثان له هو المصرفى «نضال القاسم عصر» بعد 9 أشهر، من غياب من يشغل منصب نائب محافظ البنك المركزى المصرى لشئون السياسة النقدية. وظهرت بصمات قيادة المركزى الجديدة فى كثير من القضايا تحت شعار «الاستقلالية اولا» دون تعالٍ أو تمييز فصيل سياسى عن اخر حتى فى أشهد أوقات الاستقطاب. نضال القاسم عصر، الذى يكمل عامه ال40 بعد ايام، شغل منصب وكيل محافظ مساعد بالبنك المركزى لشئون العلاقات الخارجية والاستثمارات لأكثر من 3 سنوات، خلال عهد فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى المصرى السابق، ثم شغل منصب وكيل محافظ البنك المركزى لشئون العلاقات الخارجية والاستثمارات وهو ما يجعله يتعامل مع اخطر ملف وهو ادارة الاحتياطى النقدى مخزون الحماية» فى وقت يتزايد فيه الخطر يتزايد ويلاحق الجميع. وإن كان العقدة وعامر ابرز من رحلا عن القطاع فقد عاد عامر المشهود له بالتواصل مع الجميع والتفانى فى حل المشاكل ب «جولات المدن الصناعية والمحافظات» كانت خير شاهد، قبل عام من خروجه الى القطاع مرة اخرى ولكن بعيدا عن ارض الوطن فى مدينة الضباب لندن من خلال «البنك الاهلى لندن». كما شهد 2013قبل ايام من انتهائه تعيين عصام الوكيل عضوًا منتدبا ممثلا لمصر فى المصرف العربى الدولى بعد سنوات طويلة من خلو المنصب فى المصرف الذى يعمل بقانون خاص. وان كان العقدة وعامر ابرز الراحلين فى 2013فمن المتوقع ان يشهد عام 2014غياب عدد من رؤساء البنوك،خاصة للرؤساء الذين تنتهى مدتهم القانونية فى سبتمبر المقبل، منهم ثلاثة كبار تخطوا الستين عاما وان كان لاثنين منهم بصمات لا تنسى فى بنكيهما، مما يجعل التجديد لهما مسالة صعبة وتخضع لتقييمات قد يكون للبنك المركزى القول الفصل فيها مع اجهزة رقابية اخرى. كما ان تطبيق الحد الادنى والاقصى للاجور المعمول به فى البنوك العامة فى الأول من يناير 2013 عند 35 ضعفا قد يؤدى إلى هجرة الكفاءات المصرفية إلى البنوك الخاصة. والتغييرات المنتظرة والتى قد لا تكون الا نهاية الربع الثالث من 2014، قد تفتح الباب امام الصف الثانى فى البنوك ممن ينتظرون فرصة لتولى المسئولية ،خاصة انهم تحملوا كثيرا فى عملية اصلاح مصارفهم فى السنوات الست الاخيرة، وسبب اساسى فى تحقيق الربحية فى وقت لا يربح فيه الا القليل، ويضرب هؤلاء المثل بهشام عكاشة رئيس البنك الاهلى الذى تولى منصبه العام 2013 فقد اثبت كفاءة كبيرة فى قيادة اكبر بنك فى السوق قبل ان يشارك فى السنوات الماضية فى عملية الاصلاح التى تمت. وعلى صعيد البنوك الاجنبية العاملة فى مصر فهناك تغييرات تتم فى الاعوام الثلاثة الماضية وقد تستمر فى 2014، لكنها تاتى على حساب العاملين فى تلك البنوك، فقد مالت البنوك الاجنبية فى السنوات الاخيرة الى تعيين قيادة لها من جنسيات اجنبية على حساب المصريين، وهو الامر الذى يطالب عددا من العاملين فى تلك البنوك بضرورة تغييره ،خاصة ان المدير المصرى مهما اختلف معه لكنه فى النهاية ادرى بالسوق، ويرتبط بعلاقات جيدة مع الموظفين، كما يضع مصلحة الاقتصاد الوطنى فى المقدمة. كان ابرز المصريين الذى خرجوا من بنوك اجنبية عاملة فى مصر الفترة الاخيرة، هلا صقر فى البنك الانجليزى اتش اس بى سى وياسر جمالى فى بنك الاسكندرية المملوك للبنك الايطالى انتيسا سان باولو، وتعد تلك البنوك من البنوك التى تسيطر فيها القيادات الاجنبية مع اخرى مثل باركليز وكريدى اجريكول على المناصب القيادية بها على حساب المصريين. ويجب الاشارة هنا الى أن عمليات الاستحواذ التى تمت فى 2013 تظهر وجوها جديدة وتخفى أخرى، بعد ان تم اختفاء اسماء بنوك عام 2013. ويعتبر المصرفيون قضية حسم ضريبة المخصصات من ابرز القضايا التى اكدت من خلالها على قوة الرقيب ودفاعه عن قضايا العمل المصرفى، مؤكدين ضرورة استمرار هذا النهج فى 2014، واتخاذ جميع التدابير لضمان تلك الاستقلالية والتأكيد عليها فى التعديلات المقترحة على قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 والتى سوف تطرح على مجلس الشعب القادم. والتى قد تغير المشهد من حيث الصلاحيات والتعاملات واشياء اخرى قد تكشف عنها ايام وليالى 2014 الحار منها والبارد.
مستقبل سوق الصرف رهن الأوضاع السياسية والمساعدات الخليجية
توقعات بانطلاقة قوية للتمويل الإسلامى في 2014 بالتزامن مع الاستثمارات الخليجية وإعادة الصكوك