لم يخلُ العام الأول من تولى محمد مرسى لرئاسة البلاد العديد من المفارقات والأحداث المرتبطة بالقطاع المصرفى المصرى، وهو القطاع الأقوى فى مصر فى ظل تداعيات ثورة الخامس والعشرين من يناير. وسط مخاوف مازالت مرتفعة تترقب البنوك ما تسفر عنه الأحداث. فقد شهدت أرباح البنوك خلال العام الأول من تولى مرسى ارتفاعا جماعيا بنسبة تراوحت بين 3% و3.2% حسب القوائم المالية للبنوك، كما تجاوز العائد على حقوق الملكية فى بعضها ال 20%، فيما استقر متوسط العائد عند 11.7%، تبعا لآخر تقارير البنك المركزى. وتجاوز أرباح بعضها مليارى جنيه، وهى تكرار لما كان يحدث فى السابق.
ولعل اختيار هشام رامز لتولى منصب محافظ البنك المركزى خلف للدكتور فاروق العقدة هو أبرز الأحداث التى شهدها القطاع المصرفى على الإطلاق فبعد 10سنوات من تولى العقدة فيها قيادة المنصب الأرفع عبر ثلاثة نظم سياسية «مبارك والمجلس العسكرى ونصف العام الأول من ولاية مرسى».
وجاء اختيار رامز بعد الشائعات التى تناولت العديد من الأسماء لشغل هذا المنصب المهم الذى تركه العقدة بقوة الدستور الجديد للبلاد.
وقد تولى رامز منصبه فى أول فبراير من العام الحالى، وهو الاختيار الذى رحب به جميع المتابعين للشأن الاقتصادى باعتبار أن رامز أحد الكوادر المؤثرة فى السياسية النقدية ومهندسها فى السنوات الأخيرة، وشارك فى برنامج الإصلاح المصرفى مع فاروق العقدة وقيادات البنوك.
وبعيدا عن تعيين رامز كمحافظ للبنك المركزى، فإن أول قرار اتخذه الدكتور مرسى لمواجهة ارتفاع سعر الدولار هو القرار الجمهورى بقانون بتعديل بعض أحكام قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003، والذى نص على استبدال الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 116 فى القانون، بنصين جديدين، الأول يقضى بأن إدخال النقد الأجنبى إلى البلاد أو إخراجه منها مكفول لجميع المسافرين فى حدود 10 آلاف دولار أمريكى، أو ما يعادلها من العملات الأجنبية حدا لحجم النقد الأجنبى المكفول للمسافرين ادخاله أو إخراجه من البلاد كما حظر ادخال أو اخراج النقد الاجنبى من خلال الرسائل والطرود البريدية فى خطوة لضمان عدم التلاعب بسوق الصرف. وهو من من القرارات الصعبة فى العام الأول فى ولاية مرسى.
وقد أثار هذا القرار العديد من الانتقادات حسب الخبير المصرفى أحمد سليم، باعتباره يقيد حرية تداول النقد الأجنبى للقادمين للبلاد، وهو الأمر الذى دفع محافظ البنك المركزى لمطالبة بإلغاء هذا القرار مع بداية تولية المسئولية.
وكان الدافع وراء قرار مرسى بإجراء هذه التعديلات هو الارتفاع الكبير فى سعر الدولار أمام الجنيه المصرى وانتشار السوق السوداء وتخطى سعر الدولار حاجز ال8 جنيهات.
ومن الوقائع التى مازالت تثير علامات الاستفهام داخل الجهاز المصرفى حتى الآن هى عدم تعيين رئيس جديد للبنك الأهلى المصرى منذ استقالة طارق عامر فى يناير الماضى، وقد فتح هذا الأمر العديد من التكهنات للعديد من الاستفسارات، خاصة مع تصريحات محافظ البنك المركزى بترشيحه قياديين من أبناء البنك لتولى المنصب ولم تتم الموافقة على أى منهما حتى الآن من جانب مجلس الوزراء أو الرئاسة، وذلك فى الوقت الذى تم فيه تعيين عبدالمجيد محيى الدين رئيسا لمجلس إدارة البنك العقارى خلف لمحمد الأتربى، حيث صدر القرار فى شهر مارس وبعد مرور ثلاثة شهور من استقالة الإتربى وانتقاله للمصرى الخليجى.
وما زاد من التساؤلات حول تاخر اختيار رئيس للبنك الأهلى، السرعة التى تم بها اختيار علاء سماحة رئيسا لبنك التنمية والائتمان الزراعى خلف للدكتور محسن البطران، بجانب تعيين طارق حلمى نائب للبنك.
وقد كانت التعديلات الضريبية التى شملت القطاع المصرفى نصيب الأسد من الانتقادات التى وجهها المصرفيون للنظام الحاكم ممثلا فى مجلس الشورى ووزارة المالية، والتى تصاعدت بشكل كبير مع موافقة الرئاسة على قانون الضرائب على مخصصات البنوك، والذى تم التراجع عنه بعد الضغوط الشديدة التى مارسها محافظ البنك المركزى واتحاد بنوك مصر برئاسة هشام عز العرب.
ويعتبر عدد من المصرفين تراجع عن قرار المخصصات من القرارات الإيجابية التى تؤكد إمكانية الإصلاح والتوصل إلى حلول طالما أن هناك تواصلا.
إفلاس البنوك وضريبة الودائع وخلال هذا العام أيضا كان للقطاع المصرفى نصيب كبير من الشائعات المضللة والتى كان أبرزها شائعة افلاس البنوك، ومطالبة العملاء بسحب ودائعهم والتى تم الرد عليها فى بيان إصدره البنك المركزى.
ويعد خروج البنوك الفرنسية من السوق ممثلة فى بنكى «الأهلى سوسيتيه» و«باريبا» من أبرز عمليات الانسحاب التى تمت من السوق المصرية فى السنوات الأخيرة، وجاء خروج البنوك الفرنسية بسبب المراكز فى فرنسا ولم تكن السوق المصرية سببا، حيث مازال القطاع المصرفى المصرى مطلوبا من قبل بنوك عالمية.
كما كان دخول بنك قطر الوطنى من أحد الأحداث المصرفية الكبرى، حيث يعد أول دخول للبنوك القطرية السوق.
وجاء اختيار محمد بركات رئيسا للمصارف العربية بعد أكثر من 10سنوات من خروج المنصب من مصر، من أبرز أحداث العام، مع تولى هشام عز العرب رئيس التجارى الدولى اكبر بنك خاص فى مصر منصب رئيس اتحاد البنوك بعد احتكار للبنوك العامة للمنصب طوال ما يقرب من 40 عاما على تأسيس الاتحاد.