حبس المتهمين بالتعدي على مسن السويس بتهمة البلطجة    الرئيس السيسي: "اللي حصل في شرم الشيخ ده فضل كبير من ربنا علينا"    إبراهيم ربيع يكتب: خربشة    القانون يحظر إنشاء جسور بالبحيرات بدون تراخيص.. تفاصيل    بمشاركة 150 متطوعًا.. تنظيف شاطئ «أبطال التحدي» في الإسكندرية (صور)    مدرعات وحراسة مشددة.. ماليزيا تستعد لاستقبال دونالد ترامب    مسئول بحزب الله: لن نسلم سلاحنا لأننا نعتبره قوةً للوطن وسيادةً للبنان    حركة فتح: استشهاد 88 أسيرًا فلسطينيًا داخل سجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر    أمين استثمار الزهور: نستهدف مواكبة التطورات الاقتصادية والاستدامة المالية    رئيس جامعة المنوفية يشارك فى اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بجامعة الإسكندرية    هيئة الطرق والكباري تنفي حدوث أضرار لكوبري محور كلابشة على النيل    تأجيل دعوى النفقة ضد اللاعب إبراهيم سعيد لجلسة 9 نوفمبر    محافظ القاهرة: تخصيص شاشات عرض بالميادين لبث مواد ترويجية عن المتحف الكبير    جلسة خاصة بمؤتمر الإيمان والنظام تسلط الضوء على رجاء وثبات المسيحيين في الشرق الأوسط    عاجل- في لفتة أبوية مؤثرة.. الرئيس السيسي يلتقط صورة تذكارية مع طفل فور وصوله دار الأوبرا بالعاصمة الإدارية خلال احتفالية «وطن السلام»    بالشورت.. عبير صبري تفاجئ جمهورها في أحدث ظهور لها    شخصية المطر    محافظ الجيزة يتابع التجهيزات الخاصة باستعدادات حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    طريقة تحضير الكوكيز في الميكروويف    غادة عبد الرحيم تُطلق أول حقيبة تدريبية عربية متكاملة للأمهات والمعلمين للتعامل مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه    القنوات الناقلة مباشر لمباراة ليفربول وبرينتفورد في الدوري الإنجليزي.. والمعلق    «تعليم الغربية» تعلن جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 للمرحلة الابتدائية    بعد نقله للعناية المركزة.. النيابة تنتقل إلى المستشفى للاستعلام عن الحالة الصحية لضحية «دهس الشيخ زايد»    دعم وحماية لمن حولهم.. أبراج تجلب السعادة والدفء للآخرين (من هم؟)    جدول امتحانات شهر أكتوبر للصفين الأول والثاني الثانوي بالغربية    هل تصل قراءة الفاتحة إلى الميت؟.. عالم أزهري يجيب    كيف يتعلق قلب المسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم؟.. عالم أزهري يجيب    إصابة شخصين في حادث تصادم دراجة بخارية بأبوتشت شمال قنا    تشكيل الأهلي - عبد القادر أساسي لأول مرة.. وشوبير يحرس المرمى أمام إيجل نوار    وحدة «إذابة الجلطات المخية» بقصر العيني تحصد شهادتين دوليتين خلال مؤتمر برشلونة 2025    بعد إعلان زواجهما.. منة شلبي وأحمد الجنايني يتبادلان رسائل الحب على السوشيال ميديا    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    فيديو.. إعدام رمزي لنتنياهو في ولاية طرابزون التركية    لاعب بتروجت: أتمنى الانضمام للأهلي.. وفخور بتشبيهي ب علي معلول    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    الوداد المغربي يحدد خططه لتجهيز حكيم زياش    محافظ البحيرة: قروض ميسرة للشباب تبدأ من 30 ألف جنيه وتصل إلى 20 مليون جنيه    الصناعة: طرح 1128 قطعة أرض صناعية مرفقة بمساحة 6.2 مليون متر    نائب رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق الخدمات الطبية اليوم    الخميس المقبل بدء تطبيق التوقيت الشتوى فى مصر.. الساعة هتتأخر 60 دقيقة    الأوقاف: المشاركة في الانتخابات واجب وطني.. والمساجد ليست مكانًا للترويج السياسي    ريال مدريد ضد برشلونة.. البارسا يختبر كوندى فى مران اليوم    أغرب وأجرأ إطلالات النجوم بمهرجان الجونة السينمائى.. من الافتتاح للختام    الحكومة المصرية تدير 7 مراكز لوجستية رئيسية لتعبئة شاحنات المساعدات إلى غزة    برينتفورد ضد ليفربول.. سلوت يشعل حماس محمد صلاح برسالة غير متوقعة    مصر توقع على إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    صحة كفر الشيخ: انطلاق أول أيام القافلة الطبية المجانية بقرية المنشلين بقلين    «مستقبل وطن» ينظم مؤتمرات جماهيرية بالمحافظات لدعم المشاركة في انتخابات مجلس النواب (فيديو)    محافظ الفيوم يتابع استعدادات الأجهزة التنفيذية لانتخابات «النواب» 2025    قلق عالمي.. الأمير هاري وميجان يدعوان إلى حظر الذكاء الاصطناعي الفائق    اليوم.. جورج إلومبي يتسلم رئاسة «افريكسم بنك» رسميا    وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع أعمال الإدارة العامة للرعاية المؤسسية والأسرية    اللواء محمد الدويري: أحد قيادات حماس البارزة لجأ لأبو مازن لحمايته من قصف إسرائيلى    موعد مباراة الحزم والنصر في الدوري السعودي    موعد مباراة بايرن ميونخ أمام مونشنجلادباخ بالدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    الاتحاد الأوروبى: ضم إسرائيل للأراضى الفلسطينية غير شرعى ولن نعترف بسيادتها عليها    "لا تستمع لأي شخص".. بانزا يوجه رسالة ل محمد السيد بعد انتقادات الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يجرى فى جنوب السودان؟
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 12 - 2013

فى الوقت الذى تنشغل فيه مصر والمصريون بالتحديات السياسية فى الداخل، تفرض التطورات فى جوار مصر العربى والأفريقى تحديات أخرى لا تقل خطورة على أمننا القومى. ففى حين تحاول الحكومة المؤقتة فى مصر التعامل مع تداعيات ضعف الدولة الجديدة فى ليبيا وعدم قدرتها على ضبط حدودها، وتفادى الصدام مع الحكومة الإثيوبية الماضية فى تنفيذ سد النهضة، تنفجر بؤرة جديدة للتوتر فى جنوب السودان. فمنذ أيام قليلة بدأ قتال عنيف خلَّف مئات القتلى فى العاصمة جوبا. وقد أعلن الرئيس سلفاكير ميارديت أن القتال جاء على خلفية محاولة انقلابية يقف وراءها نائبه السابق رياك مشار، وهو الأمر الذى نفاه مشار متهما سلفاكير بمحاولة صرف الانتباه عن فشل حكومته فى تحقيق المطالب الشعبية السياسية والاقتصادية.
•••
لم تكن هذه الأزمة مفاجئة للمتابع للسياسة السودانية بوجه عام، والسياسة فى الجنوب السودانى بوجه خاص. فقد ولدت جنوب السودان منذ عامين دولة هشة تفتقد للقاعدة الاقتصادية والمؤسسات السياسية والتماسك الاجتماعى الذى يمكنها من تحقيق استقرار سياسى وتنمية اقتصادية لمواطنيها. خرج الجنوب منهكا بعد أكثر من خمسين عاما من الحرب مع الشمال والتهميش من قبل الحكومات السودانية المتعاقبة، ولم تستطع القوة السياسية الأكبر فى الجنوب، وهى الحركة الشعبية لتحرير السودان، أن تحقق التوازن القبلى وأن تتحول من حركة عسكرية تقود حرب تحرير إلى حزب سياسى تحكمه قواعد ديمقراطية. وخلال شهور قليلة من قيامها بدا واضحا أن مشكلات الشمال، من فساد وسوء إدارة وصراعات سياسية وانقسامات قبلية، قد وجدت طريقها إلى الجنوب. ففى حين اتبعت الحكومة فى جوبا إجراءات تقشفية للتغلب على هشاشة اقتصادها القائم أساسا على تصدير النفط، اختفت مليارات الدولارات من ميزانية الدولة مما دفع الرئيس إلى مخاطبة عدد من كبار موظفى الدولة المشتبه فى تورطهم فى القضية لاستعادة هذه الأموال مقابل العفو عنهم!
•••
وفى يوليو الماضى أقدم سلفاكير على إقالة حكومته، والإطاحة بنائبه رياك مشار، فى تغييرات امتدت لتشمل نواب الوزراء، وجاء ذلك بعد شهر واحد من إقالة وزيرى المالية وشئون مجلس الوزراء بعد اتهامهما فى قضية فساد مالى. وفى حين أعلن الرئيس أن الغرض من هذه التغييرات هو تحسين أداء الحكومة ومكافحة الفساد، ادعت القيادات التى تمت الإطاحة بها، ومنها باقان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية وكبير مفاوضى جنوب السودان، أن الرئيس يسعى إلى تصفية معارضيه، وكبت أية أصوات داعية للإصلاح داخل الحركة الشعبية، للتمهيد لإعادة انتخابه عام 2015. وقد شهد الصراع بين جناحى سلفاكير ومشار داخل الحركة الشعبية جولة أخرى من المواجهة أواخر الشهر الماضى حينما عقد مشار، مدعوما بعدد من قيادات الحركة، على رأسهم أرملة زعيم الحركة الراحل جون جارانج، مؤتمرا صحفيا انتقد فيه نهج الرئيس فى إدارة الدولة والحزب. وقد اتهم مشار وجناحه سلفاكير بالأحادية فى اتخاذ القرارات، وبتعيين أنصاره القبليين وحلفائه من رجال الأعمال فى المناصب الحكومية، وانتقد قراره بإحالة العديد من القيادات العسكرية إلى التقاعد. ومع الاقتتال الذى شهدته العاصمة جوبا خلال الأيام القليلة الماضية تكون المواجهة داخل الحركة الشعبية قد تحولت من التنافس السياسى إلى الصراع المسلح الذى يهدد الدولة الناشئة فى الجنوب.
•••
ولكن ماذا يعنى مصر فى هذه التطورات؟ إن عدم الاستقرار الذى تشهده جنوب السودان لن يصب فى مصلحة مصر لسببين على الأقل. السبب الأول أن أحد مقترحات الخروج من الأزمة المائية المتوقع أن تشهدها مصر، والتى قد يفاقمها اكتمال سد النهضة، هو إقامة مشروعات مع حكومة جنوب السودان للحد من الفاقد المائى لنهر النيل فى منطقة المستنقعات والسدود، والذى يقدر بمليارات الأمتار المكعبة. وهناك تجربة غير مكتملة للتعاون فى هذا المجال. فقد توقف العمل فى مشروع قناة جونجلى منذ نحو ثلاثين عاما نتيجة تجدد الحرب فى الجنوب، وبعد قيام الدولة الجديدة تجدد الأمل فى استئناف مثل هذه المشروعات. يعنى ذلك أن استمرار الاقتتال فى جنوب السودان يضيع الفرصة على مصر فى إقامة مشروعات تعاون مائى واقتصادى مع دولة نيلية مهمة.
•••
السبب الثانى أن تزايد الانقسامات داخل الحركة الشعبية قد يدفع الأجنحة المتنافسة إلى السعى إلى تدعيم تحالفاتها الإقليمية. وقد أظهرت توجهات السياسة الخارجية لحكومة سلفاكير ميلها للتحالف مع الدول الأفريقية المجاورة وتدعيم علاقاتها مع إسرائيل. وقد كان ذلك متوقعا نتيجة لتاريخ الموقف العربى الغائب عن السياسة السودانية فى معظم الأحيان، والداعم لنظام الحكم فى الخرطوم فى أحيان أخرى. وقد تقدمت جوبا بطلب الانضمام لجماعة الشرق الأفريقى، التى تضم كينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندى (وجميعها دول تشارك مصر فى حوض نهر النيل). كما عقدت إسرائيل عددا من الاتفاقيات لتقديم المعونة الفنية لجنوب السودان فى مجالات الزراعة والمياه وتكرير النفط، وهى مجالات تحتاج جوبا لتطويرها لدعم اقتصادها الناشئ. إذن فعلى مصر أن تنتبه إلى إن غيابها عما يجرى فى جنوب السودان قد يعضد من تحالفات إقليمية لا تصب فى صالحها.
•••
إن انشغال مصر عما يحدث فى السودان وعدم توازن علاقاتها مع قوى الشمال والجنوب قد أضعف موقفها كوسيط فى الحرب السودانية على مدى خمسة عقود، فهل تعى مصر الدرس هذه المرة أم تدفع ثمن أكبر لعقود مقبلة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.