أظهر استطلاع «مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية» لسنة 2013 الذى نشره «المعهد الإسرائيلى للديمقراطية» فى القدس الأسبوع الفائت أن نحو ربع اليهود فى إسرائيل يؤيدون استعمال العنف لتحقيق غايات سياسية. كما أظهر أن نسبة اليهود الذين يعارضون استعمال العنف لتحقيق غايات سياسية انخفضت من 87،5% فى مؤشر السنة الفائتة إلى 70 % فى مؤشر السنة الحالية. وأعرب 28% من اليهود الإسرائيليين عن اعتقادهم أن تنفيذ أوامر الشريعة الدينية اليهودية أهم من تطبيق الديمقراطية فى حال نشوء تناقض بينهما. وبصورة عامة يمكن القول إن المؤشر يعكس تراجعا فى الروح الديمقراطية السائدة فى المجتمع الإسرائيلى. وتأتى هذه النتائج المقلقة بالتزامن مع ذكرى مرور 18 عاما على اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق يتسحاق رابين فى 4 تشرين الثاني نوفمبر 1995 والذى كان فى آخر خطاب ألقاه قبل اغتياله حذّر من مغبة العنف السياسى، مؤكدا أن من شأنه أن يقوّض أركان الديمقراطية الإسرائيلية. وبالاستناد إلى النتائج التى أظهرها «مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية» ليس من المبالغة القول إننا لم نتعلم أى درس من جريمة اغتيال رابين. أعتقد أن أفضل إحياء لذكرى رابين يكمن فى فهم دروس اغتياله وبذل أقصى الجهود من أجل القضاء على الأسباب التى يمكن أن تمهّد الأجواء لجريمة اغتيال سياسية أخرى فى إسرائيل. وفى هذا الشأن لا بُد من التشديد على أن اغتيال رابين كان جريمة سياسية بكل ما فى الكلمة من معنى، وكل من يحاول أن يخفى هذا الأمر يقوم بتزوير الحقيقة ويسىء إلى ذكرى هذا الزعيم. وكان الهدف الأخطر من وراء هذه الجريمة هو القضاء على إمكان أى حسم ديمقراطى من جانب الشعب. كما أن رابين كان قبل اغتياله ضحية حملة تحريض أصولية يهودية دينية وقومية متطرفة. وهذه الأصولية كانت ولا تزال تهدّد القيم الديمقراطية لدولة إسرائيل. وعلينا أن نلاحظ هنا أن أهم ما تتسم به هذه الأصولية هو كراهية الغوييم «الأغيار»، غير أن هذه الكراهية سرعان ما تصبح كراهية للآخر حتى فى صفوف اليهود أنفسهم. لقد اغتيل رابين أيضا لأن اليمين الإسرائيلى المتطرف حرّض عليه واتهمه بأنه يحب الفلسطينيين وعلى استعداد لأن يبيع الوطن اليهودى لهم. واغتيل لأنه كان أول من أبدى الاستعداد للتحالف مع كتل الأحزاب العربية الإسرائيلية فى الكنيست. فى ضوء ذلك كله، فإن أحد أهم الدروس من جريمة اغتيال رابين، هو أن علينا أن نكبح موجة سن القوانين غير الديمقراطية فى الكنيست الحالى، وأن نعزّز عمل منظمات حقوق الإنسان خارج الكنيست وأن نبنى جسور المواطنة المشتركة والمتساوية للسكان الفلسطينيين فى دولة إسرائيل.