«العديد من كُبرى الدول المصدرة مازالت تغض الطرف عن رشوة المسئولين الأجانب»، هذا ما أكدته مجموعة مكافحة الفساد فى مؤسسة الشفافية الدولية، فى تقريرها الصادر الأسبوع الماضى، بشأن إنفاذ اتفاقية مكافحة الرشوة فى الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD، وقالت المجموعة انه يجب على حكومات الدول المصدرة الرئيسية بذل المزيد من الجهد لوقف شركاتها متعددة الجنسيات عن الرشوة وهى فى طريقها إلى الأسواق الدولية. واتفاقية مكافحة الرشوة هى اتفاق بين 40 دولة من الدول المصدرة الرئيسية فى العالم، لوقف ممارسات الرشوة للحكومات الأجنبية، لكسب العقود والتراخيص أو التهرب من الضرائب والقوانين المحلية. ووفقا للتقرير الذى جاء بعنوان «الفساد فى التصدير فى دول ال OECD»، فإن 30 دولة من ال 40 الموقعة على الاتفاقية «بالكاد» وتلاحق الرشوة الأجنبية، مقارنة بالقيمة الكبيرة لصادراتها، «إذا تم تطبيق متطلبات منظمة التعاون والتنمية فى اتفاقية مكافحة الرشوة فسيصبح من الصعب أن تحصل ال 40 دولة، والتى تستحوذ على ثلثى الصادرات العالمية على رشوة»، وفقا لهوجيت لابيل، رئيس منظمة الشفافية الدولية. وبرر لابيل فشل الدول فى تطبيق قواعد «مكافحة رشوة الأجانب» بعدة أسباب، منها تخفيضات الميزانية فى وكالات إنفاذ الاتفاقية، وعدم وجود هيئات متخصصة للتحقيق فى الرشوة الأجنبية. ويرى التقرير أنه يمكن للحكومات أن تفعل المزيد لمحاربة الفساد، ولكنها لم تفعل حتى الآن، حيث ذكر التقرير أن هناك ثمانية بلدان فقط التزمت بالاتفاقية، وحذرت الشفافية الدولية من أن فشل العديد من الدول فى اتخاذ اجراءات صارمة على الشركات التى تقدم رشوة للحكومات الأجنبية، يهدد الاتفاقية المُبرمة منذ 1997. وذكر التقرير أن البلدان التى تطبق وتنفذ الاتفاقية 8 دول فقط وهى تتحكم فى 32.3% من الصادرات العالمية، وهذا لا يمكن اعتباره نجاحا. وتعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية أفضل دول العالم فى مراقبة شركاتها خارج الحدود، حيث أقرت الولاياتالمتحدة عقوبات بالمتورطين من موظفى شركاتها فى 138 قضية فساد مع حكومات أجنبية فى الأربعة أعوام الماضية، كما تحتل ألمانيا المركز الثانى من حيث كفاءة منع شركاتها من الفساد فى الخارج، ثم انجلترا فى المركز الثالث. يذكر التقرير أن هناك 20 دولة من الموقعين على الاتفاقية، فعلت القليل أو لم تفعل أى شىء لمحاسبة الشركات ورجال الأعمال الذين دفعوا رشوة لحكومات أجنبية، ومنهم دول كبرى مثل روسيا والبرازيل واليابان وكوريا الجنوبية وهولندا، وهناك 23 دولة ضمن الموقعين لم تقدم أى اتهامات جنائية للفساد عبر الحدود من قبل الشركات الكبرى فى السنوات الأربع الماضية. ولكن التقرير لم يغفل الإصلاحات التشريعية وإعادة هيكلة أجهزة مكافحة الفساد فى أستراليا والبرازيل وكندا التى قد تؤتى ثمارها فى السنوات المقبلة. ودعت منظمة الشفافية دول ال G20، التى لم تنضم حتى الآن للاتفاقية، مثل الصين والهند وإندونيسيا والسعودية، لمحاربة الرشوة والتوقيع على اتفاقية منظمة التعاون والتنمية، «من المهم لهذه الاقتصادات أن تضمن أن شركاتها تعمل بنظافة»، وفقا للابيل. ورغم أن التقرير يشمل ال 40 دولة الموقعة على الاتفاقية فقط، إلا أن اسم مصر ظهر فى التقرير، رغم عدم توقيعها، حيث ذكر التقرير أهم قضايا الفساد حول العالم، ومنها قضية «باتريا- مصر»، وباتريا شركة فنلندية، تتاجر فى الاسلحة الثقيلة مثل المدافع والمدرعات، أُتهم أعضاء بمجلس ادارتها بدفع رشاوى لمسئولين بمصر وسلوفينيا وكرواتيا، من أجل الفوز بمناقصات لبيع مدافع ومدرعات عسكرية، وتمت ادانة المتهمين فيما يخص رشوة مسئولين حكوميين فى سلوفينيا وكرواتيا وتبرئتهم من تهمة رشوة موظفى الخدمة المدنية المصريين، ولكن تمت معاقبتهم على جرائم محاسبية فى القضية المصرية. وكانت شركة باتريا قد قامت ببيع مدافع عسكرية «هاوتزر» إلى مصر فى الفترة من 1997 إلى 2004، كما قامت ببيع رخصة إنتاج وتصدير تكنولوجيا لتصنيع مدفع الشركة من طراز «جى اتش 52 ايه بى يو» عيار 155 ملم، فى نفس الفترة، ومثل الطرف المصرى شركة «أبوزعبل للصناعات الهندسية»، وكان الحكم النهائى فى القضية فى 2013. وفنلندا واحدة من الثمانى دول الملتزمة باتفاقية مكافحة رشوة الحكومات الأجنبية، رغم أنها تتحكم فى 0.5% فقط من صادرات العالم، وهى من أفضل الدول فى مكافحة الفساد حول العالم، حيث تقوم بنشر كل ما يتعلق بسلوك شركاتها، حتى العسكرية منها، وتضع ضوابط صارمة لمكافحة الفساد وزيادة الشفافية، مما انعكس على حال مواطنيها، حيث يشير تقرير منظمة الشفافية الدولية إلى أن 1% فقط من الفنلنديين اضطروا لدفعة رشوة للحصول على الخدمات الحكومية، مقارنة ب 36% من المصريين اضطروا لدفع رشوة للحصول على هذه الخدمات.