الرياضة عن واقعة الطفل يوسف: رئيس اتحاد السباحة قدم مستندات التزامه بالأكواد.. والوزير يملك صلاحية الحل والتجميد    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025: طقس بارد ليلًا وأمطار متفرقة على معظم الأنحاء    محمد أبو داوود: عبد الناصر من سمح بعرض «شيء من الخوف».. والفيلم لم يكن إسقاطا عليه    مواعيد الجولة السادسة لبطولة دوري أبطال أوروبا    الكواليس الكاملة.. ماذا قال عبد الله السعيد عن خلافه مع جون إدوارد؟    أونروا: اقتحام مقرنا بالقدس تصعيد خطير ولن ينهي قضية اللاجئين    من تجارة الخردة لتجارة السموم.. حكم مشدد بحق المتهم وإصابة طفل بري    مصدر بالسكك الحديد: الأمطار وراء خروج عربات قطار روسي عن مسارها    تعرف على عقوبة تزوير بطاقة ذوي الهمم وفقًا للقانون    أحمديات: مصر جميلة    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    السفير صلاح حليمة: الموقف المصري يؤكد ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية    التعليم تُطلق أول اختبار تجريبي لطلاب أولى ثانوي في البرمجة والذكاء الاصطناعي عبر منصة QUREO    الأهلي والنعيمات.. تكليف الخطيب ونفي قطري يربك المشهد    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    عمر مرموش ينشر صورا من حفل خطوبته    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    حذف الأصفار.. إندونيسيا تطلق إصلاحا نقديا لتعزيز الكفاءة الاقتصادية    مرموش ينشر صورا مع خطيبته جيلان الجباس من أسوان    اليمن.. غارتان أمريكيتان تستهدفان عناصر من القاعدة فى مأرب    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    وزير الاستثمار يبحث مع اتحاد المستثمرات العرب تعزيز التعاون المشترك لفتح آفاق استثمارية جديدة في إفريقيا والمنطقة العربية    تحذير من كارثة إنسانية فى غزة |إعلام إسرائيلى: خلاف كاتس وزامير يُفكك الجيش    اليوم، جنايات الإسكندرية تنظر محاكمة المتهم بالتعدي على التلاميذ بإحدى المدارس الدولية    إحالة أوراق قاتل زوجين بالمنوفية لفضيلة المفتي    طليقته مازلت في عصمته.. تطور جديد في واقعة مقتل الفنان سعيد مختار    جريمة مروعة بالسودان |مقتل 63 طفلاً على يد «الدعم السريع»    رئيس مصلحة الجمارك: انتهى تماما زمن السلع الرديئة.. ونتأكد من خلو المنتجات الغذائية من المواد المسرطنة    الزراعة: الثروة الحيوانية آمنة.. وأنتجنا 4 ملايين لقاح ضد الحمى القلاعية بالمرحلة الأولى    لدعم الصناعة.. نائب محافظ دمياط تتفقد ورش النجارة ومعارض الأثاث    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    الأوقاف تنظم أسبوعًا ثقافيًا بمسجد الرضوان بسوهاج | صور    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    قصور الثقافة تُطلق الملتقى الحادي عشر لمناهضة العنف ضد المرأة بمطروح    نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    المنتخب السعودي يفقد لاعبه في كأس العرب للإصابة    علي الحبسي: محمد صلاح رفع اسم العرب عالميا.. والحضري أفضل حراس مصر    الدوري الإيطالي | بارما يخطف الفوز.. وجنوى يتألق خارج الديار.. وميلان يحسم قمة تورينو    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    تحرير 97 محضر إشغال و88 إزالة فورية فى حملة مكبرة بالمنوفية    محافظ سوهاج بعد واقعة طلب التصالح المتوقف منذ 4 سنوات: لن نسمح بتعطيل مصالح المواطنين    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    محافظ القليوبية يناقش الانتهاء من إعداد المخطط التفصيلي لمنطقتي العكرشة الصناعية وأرض جمعية    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية في زمن قياسي    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهمية تدريس الإنسانيات فى مناهج العلوم الطبيعية
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 10 - 2013

كتب جارى جوتنج، أستاذ الفلسفة بجامعة نوتردام، مقالا نشر على الموقع الالكترونى لجريدة نيويورك تايمز بعنوان «ثغرة الانسانيات فى العلوم الطبيعية» تناول فيه نداء عالم النفس ستيفن بينكر فى دعوته مؤخرا إلى المتخصصين فى الإنسانيات بعنوان: «العلم ليس عدوكم»، حيث وجه بينكر نداء مؤثرا بإيلاء المزيد من الاهتمام بالعلم، وحثهم على اتباع النهج متعدد التخصصات؛ الذى يعتقد أنه غائب للأسف. ولا شك أن وجهة نظره صحيحة بوجه عام، فمن المتوقع أن يستفيد المتخصصون فى أى مجال من التواصل مع المجالات ذات الصلة، خارج حدود مجالهم. ولكن يبدو للكاتب أن بينكر يخطئ الجمهور الذى يتوجه إليه. ففيما يخص هذا الأمر يتعين توجيه الدعوة إلى المتخصصين فى العلوم الطبيعية.
ويتناول جوتنج الفلسفة، تخصصه الأساسى، حيث إن بينكر يشير إلى الصلات القوية مؤخرا بين فلسفة العقل والعلوم المعرفية وعلم الأعصاب. ولم يلاحظ أن فلاسفة العقل، ديفيد تشالمرز مثال بارز من بينهم، الذين يعملون فى العلوم المعرفية يكونون عادة مؤهلين تأهيلا عاليا فى هذا التخصص. ولا يكاد يكون هناك بين المتخصصين فى العلوم المعرفية وعلماء الأعصاب، من يمتلكون خلفيات قوية نسبيا فى فلسفة العقل، فمن الخطأ أن يحاول العلماء، وغالبا ما يفعلون، تفسير تأثير نتائج أبحاثهم على القضايا الفلسفية مثل الإرادة الحرة والسعادة.
وبالمثل، فالمتخصصون فى نظرية المعرفة دمجوا الدراسات النفسية التجريبية حول الإدراك والخطأ فى عملهم على «نظرية المعرفة لدى المتجنسين»، كما وظف الفلاسفة التجريبيون المهتمون بمجالات مثل نظرية المعرفة، وفلسفة العقل والأخلاق، أساليب المسح فى العلوم الاجتماعية لإثراء أفكارهم الفلسفية.
وتكون مساحة التفاوت بين معرفة الفلاسفة للعلوم ومعرفة العلماء للفلسفة، أكبر فى مجالات فلسفة الفيزياء وفلسفة البيولوجيا. وفى أوائل القرن العشرين، قدم معظم كبار فلاسفة العلوم اسهامات متقدمة فى الفيزياء. ومازال الفلاسفة الحاليون فى الفيزياء يمتلكون مستوى عاليا من التدريب المهنى فى مجال الفيزياء، حتى أن العديد منهم ينشرون فى المجلات المتخصصة فى علم الفيزياء. وبالمثل، يعتبر فلاسفة علم الأحياء ديفيد هال ضليعين فى هذا المجال.
●●●
كما انغمس مؤرخو العلم أيضا فى مجالات العلوم التى يدرسونها. وتتطلب برامج الدراسات العليا فى مجال التخصص عادة، تخصصات جامعية قوية أو حتى درجة الماجستير فى علم معين، وغالبا ما تتطلب المزيد من العمل العلمى المتقدم. وكان توماس كون، المؤرخ الأكثر تأثيرا فى العلوم من أى وقت مضى، حاصلا على درجة الدكتوراه فى الفيزياء من جامعة هارفارد. وعلى النقيض من ذلك، من النادر أن يقوم العلماء الحاليون القيام ببحث جاد فى تاريخ تخصصهم.
وكان علماء الاجتماع أيضا أكثر انفتاحا من علماء العلوم الطبيعية، على التاريخ والتخصصات الإنسانية الأخرى، وهناك العديد من الأمثلة على تفاعلات مثمرة متعددة التخصصات، فى مجال تاريخ العلوم الاجتماعية. وبرزت الجغرافيا، على وجه الخصوص، بوصفها دراسة متعددة التخصصات، حيث تجمع بين العلوم الطبيعية وكل من الدراسات العلمية والإنسانية الاجتماعية.
●●●
ويضيف الكاتب أن بينكر يلاحظ الميول المعادية للعلم، فيما يسميه «كارثة ما بعد الحداثة، مع تحدى الفكر الظلامى، والجمود الفكرى النسبى، والصواب السياسى الخانق»، ولكن الدراسات الأدبية، حصن هذه الميول، تتحرك منذ فترة طويلة فى اتجاهات أخرى، بما فى ذلك الاتجاه القوى نحو تطبيق الأفكار والأساليب العلمية. وهناك، على سبيل المثال، الدراسة التطورية والعصبية فى الأدب، ومؤخرا، استخدام الكمبيوتر فى البحث عن البيانات.
ثم، هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن المشكلة الأكبر هى عجز العلماء عن مواكبة ما يحدث فى العلوم الإنسانية. بل، إن بينكر نفسه، ومن الواضح أنه على دراية جيدة بالعديد من مجالات العلوم الإنسانية، استفاد فى هذا المقال من الاطلاع الأعمق على الفلسفة وتاريخها.
ويستشهد الكاتب بمقال لبينكر استهله بالادعاء بأن «المفكرين العظماء من عصر العقل والتنوير كانوا من العلماء»، مشيرا، على وجه الخصوص، إلى ديكارت، وسبينوزا، وهوبز، ولوك، وهيوم، وروسو، ولايبنتز، وكانط وآدم سميث. وكان هؤلاء المفكرون، بطبيعة الحال، من المهتمين بالقضايا العلمية، ولكنهم جميعا يرون أنفسهم، حقا، فلاسفة، ويربطون الحسابات الرياضية التجريبية أو الرسمية بالحجج الفلسفية، والحقائق التاريخية، أو الملاحظات الاستقرائية. (يزعم بينكر أنهم «صاغوا أفكارهم فى غياب نظرية رسمية أو بيانات تجريبية» ويتجاهل اسهام ديكارت ولايبنتز فى الرياضيات، ومنهج سبينوزا الهندسى وبحث هيوم فى «تاريخ إنجلترا»). فقد كانوا، فى الواقع، نماذج من المفكرين الذين يتميزون باتساع المعرفة وعمقها وهم ما يفتقر إليه علماء اليوم.
ويرى الكاتب أن حدة مشكلة ضيق التخصصات لم تظهر إلا مع ظهور مصطلح «العلماء» وهو مصطلح اخترع فى القرن 19 الذين أصبح عملهم تقنيا إلى حد أنه كان من الصعب تجنب مخاطر الإفراط فى التخصص. وكانت فكرة بينكر عن التكامل بين التخصصات مشروعا انسانيا، من البداية واستمر، كما رأينا، حتى الوقت الحاضر بفضل المتخصصين فى المجالات الإنسانية أكثر بكثير من العلماء فى العلوم الطبيعية.
ويشير الكاتب إلى ادعاء بينكر بأن العلم أظهر أن جميع الروايات الدينية التقليدية عن «أصل الحياة، والبشر، والمجتمعات تم فهمها على سبيل الخطأ فى الواقع»، حيث «إننا نعلم أن البشر ينتمون إلى نوع إنسانى واحد من الأفريقيين التى طوروا الزراعة، والحكومة، والكتابة فى وقت متأخر من تاريخهم. «وهنا، يتجاهل بينكر العديد من المفكرين الدينيين، من أوجستين إلى يوحنا بولس الثانى، الذين قبلوا رواية تطور الأصول الإنسانية، مع الابقاء على أن العملية نفسها من عمل الله الخالق.
●●●
ويشير الكاتب إلى تأكيد بينكر بثقة، أنه نظرا «للقناعات غير القابلة للاعتراض» المجردة التى تقول إن «كلا منا له تقييمه لخيرنا، وأننا كائنات اجتماعية تؤثر على بعضها البعض ويمكننا التباحث حول قواعد السلوك», فمن الممكن أن يؤدى بنا العلم إلى «أخلاقيات يمكن الدفاع عنها. ويرى أن «هذه الأخلاقيات، مستمدة من تحقيق أقصى قدر من ازدهار البشر والكائنات الحية الأخرى»، ويرى الكاتب أن هذا الادعاء يصبح فى ورطة، إذا طرحت الأسئلة الفلسفية حول ما يعنيه بينكر بقوله «خيرنا» و«ازدهار البشر». كما أن الأخلاقيات النفعية سوف تفهم هذه المصطلحات من وجهة معينة، بينما تعنى آداب المهنة وجهة أخرى، وتتجه الفضيلة الأخلاقية الأرسطية فى اتجاه مختلف. وتنبع هذه الاختلافات من تضارب الأحكام المعيارية حول ما يجب أن يعتبر المثل الأعلى الأخلاقى، وهو أمر لا يمكن تحديده عن طريق الملاحظة العلمية.
وفى الختام يشير الكاتب إلى أن بينكر يبحث عن معنى جديد لما يمكن أن يسمى العلموية. ولكن ينتهى به الأمر، على الرغم من أحسن النوايا، إلى شىء قريب من المعنى القديم: توجه علمى يقلل من قيمة إنجازات العلوم الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.