نعتذر لجميع المصريين الذين شعروا بالاستفزاز نتيجة قيام الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بالتدخل في شؤونهم السياسية. ليس غريبا عنا، نحن التونسيين، تصرفات رئيسنا المؤقت المرزوقي. فلقد تعودنا على "حماقات" يرتكبها بين الفينة والأخرى، ما جعل قطاع واسع من التونسيين تنادي بضرورة رحيله في أسرع الأوقات. رئيس الجمهورية المؤقت لم يدرك بعد، رغم مرور أكثر من سنتين على توليه ذلك المنصب، أن رئاسة دولة ما، هي مسؤولية جسيمة لا يُستهان بها ولا يتم التعامل معها ببساطة. ففجأة، ألقى الرئيس التونسي- الذي يشكك المقربون منه في مداركه العقلية- بنفسه في متاهة المشاكل الداخلية المصرية، في تحدٍ صارخ للإرادة الشعبية للمصريين. حيث تحدث المرزوقي أثناء خطاب ألقاه في الجلسة العامة للأمم المتحدة الملتئمة في نيويورك عن ضرورة اطلاق سراح الرئيس المصري المخلوع محمد المرسي وبقية مساجين حركة الاخوان المسلمين. من دبّر على المرزوقي الاقدام على مثل هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر التي سينجر عنها لا محالة، تبعات سلبية على العلاقات العربية-العربية؟ انه، بلا شك، فرع الاخوان المسلمين بتونس أي حركة النهضة التي لا يتوان الرئيس المؤقت عن حمايتها بكل ما أوتي له من سلطة. لا يتعلق الأمر برجاحة شكل تعامل السلطات المصرية مع الأوضاع السياسية الداخلية من عدمه. ذلك أن هذا الموضوع لا يوضع عادة في أجندة دولة من المفروض أن تنأى بنفسها عن الاصطفاف إلى كف هاته الجهة أو تلك. لكن ما يُفهم من ذلك الموقف، هو التأكيد مرة أخرى على انخراط الرئيس التونسي -الذي يزعم التشبث بالعلمانية بعد- في الدفاع المحموم عن مصالح حركة الاخوان المسلمين، حيثما كانوا. حيث لم نسمع له صوت لما انقلب الرئيس المصري على المشروع الديمقراطي في بلده، وسعى لترسيخ دكتاتورية فردية. وصمت رئيسنا عن سياسة "أخونة" قسرية للمجتمع المصري.وعندما انتفض الملايين من المصريين ضد رئيسهم السابق، لم يبدر من رئيسنا المحاط بكتيبة من المستشارين المناصرين لحركة النهضة، أية كلمة ايجابية في حق التائقين للحرية! الرئيس التونسي الذي من المفروض أن يتحدث بلسان جميع التونسيين دون استثناء أو تفرقة يعي جيدا، أن قطاعا واسعا منهم يقف إلى صف الجماهير المصرية التي خرجت إلى الشوارع للمطالبة بخلع محمد مرسي. ولا يهم إن كان يصنفهم في خانة الانقلابيين أو في باب الأحرار. فرأيه الشخصي لا يُمكن أن يعلو فوق مصالح التونسيين التي تربطهم علاقات متينة وضاربة في القدم مع المصريين. ••• الروابط بين مختلف الدول العربية مهترئة بطبعها. وجزء منها يعود الى خلافات بين الحكام العرب لا ناقة للشعوب العربية فيها ولا جمل. والشعب التونسي الذي تمرد ضد رئيسه السابق سرعان ما ألهم المصريين وحفزهم على الانخراط في مسار الثورة العربية. فكانت شاشات التلفزيون معدلة في كلا البلدين عما يحدث في شوارعهما من حراك اجتماعي. ولما استقر الأمر بعد الاطاحة بكلا النظامان، وانطلق مشوار تشييد أركان الدولة الديمقراطية، عاد الحكام من جديد، لتنغيص تماسك العلاقة بين الشعبين. وهذه الرسالة سوى محاولة لرأب صدع نتمنى أن لا يتسع أكثر نتيجة أخطاء حاكم تونس المؤقت.