سادت النظرة الإيجابية تقييم الشركات العاملة فى السوق المصرية للأوضاع العامة للاقتصاد، خلال يونيو الماضى، وغلب التفاؤل على توقعاتها لأداء الاقتصاد خلال يوليو الحالى، وفقا لبيانات «بارومتر الأعمال» الخاص بشهر يونيو، وهو مقياس يصدره شهريا المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، لرصد رؤية الشركات للتطورات الاقتصادية وتوقعاتها المستقبلية. وقد أظهرت آراء عينة تشمل 237 شركة، أن ٪40.5 من هذه الشركات تتوقع ارتفاع معدل النمو فى مصر خلال الفترة المقبلة، فى حين توقع ٪51.5 منهم ثباته. ويمكن إرجاع هذه النظرة المتفائلة إلى «تحسن العديد من المؤشرات الاقتصادية، وعلى رأسها مؤشر الاستهلاك المحلى مدفوعا بارتفاع مبيعات سيارات الركوب والأجهزة الكهربائية المنزلية، ويلعب الاستهلاك المحلى الدور الأساسى فى تحريك عجلة النمو الاقتصادى»، كما أظهرت أحدث نتائج مؤشر المرصد الاقتصادى، الذى يقيس انعكاسات الأزمة على مختلف الجوانب الاقتصادية فى مصر، وتصدره وزارة التنمية الاقتصادية. وبحسب تقرير المرصد، فإن الغالبية العظمى من المؤشرات تحركت بشكل إيجابى فى اتجاه التعافى، وهو ما ترجم نفسه فى ارتفاع الرقم العام للمؤشر، ووصوله إلى نقطة 95.8 فى أبريل الماضى، مقابل 91.8 فى مارس، فكلما اقتربت قيمة المؤشر من 100 نقطة، فإن هذا يعنى عودة الوضع لمستوى ما قبل الأزمة، وزيادة المؤشر عن 100 نقطة، يعنى التحسن مقارنة بالوضع قبل الأزمة، بحسب التقرير. وقد جاء مؤشر «الثقة فى أداء الاقتصاد المصرى» فى مقدمة المؤشرات التى تحسن وضعها، مقارنة بفترة ما قبل الأزمة، فقد وصل هذا المؤشر إلى 105.9 نقطة فى أبريل 2009. ويعتمد هذا المؤشر على رؤية كل من المنتجين والمستهلكين للتطورات الاقتصادية والتوقعات المستقبلية لها، ويشير التقرير إلى وجود اختلاف فى وجهتى النظر بين الطرفين، فبينما تحسنت ثقة المستهلك المصرى، لتصل إلى 131.6 نقطة فى أبريل، تراجعت ثقة المنتج المصرى. وكانت نتائج «بارومتر الأعمال» قد أظهرت تراجع قيمة مؤشر ثقة المنتج إلى نحو ٪80 من قيمته خلال الفترة يناير يونيو 2008، إلا أن ثقتهم بدأت فى التحسن مجددا خلال الشهر الماضى، وهو ما انعكس على توقعاتهم للشهر المقبل، التى جاءت مرتفعة، وهذه النتائج تعكس «استقرار أنشطة الشركات العاملة فى الاقتصاد المصرى، مع شعورها ببداية انحسار آثار الأزمة العالمية»، على حد تعبير التقرير. وفى حين جاء تقييم القطاع الخاص أكثر إيجابية من القطاع العام، فيما يتعلق بمتغيرات النمو الاقتصادى والصادرات وسعر المنتج النهائى والأجور والتشغيل، كان تقييم أداء القطاع العام أفضل من حيث ارتفاع الإنتاج والمبيعات المحلية واستغلال الطاقة الإنتاجية، وخفض المخزون وأسعار المدخلات. وأظهر البارومتر، تحسن المؤشرات لجميع القطاعات الاقتصادية فى يونيو، مقارنة بمايو، ويبدو التحسن أكثر وضوحا فى قطاعات التشييد والبناء، والاتصالات، والوساطة المالية. ويمثل استمرار ارتفاع الأسعار، إلى جانب انخفاض معدلات التشغيل، نقطتى الضعف الرئيسية فى الاقتصاد المصرى، فلا تزال مستويات أسعار السلع الغذائية مرتفعة مقارنة بالأوضاع قبل الأزمة، وهو ما يعكسه ارتفاع الرقم القياسى لأسعار المستهلكين، مسجلا 131.5 نقطة فى أبريل 2009، مقارنة بنحو 117.6 فى أبريل 2008، وذلك على الرغم من انخفاض الأسعار العالمية لمعظم السلع الغذائية، «ما يدعو إلى ضرورة تفعيل مبادرات تنظيم وضبط الأسواق المحلية»، وفقا لتعبير تقرير المرصد. وفى نفس الاتجاه، مالت توقعات الشركات للشهر المقبل إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام، سواء للمنتج النهائى أو المدخلات، خلال الشهر الحالى، مقارنة بيونيو، بحسب بيانات «باومتر الأعمال». وعلى جانب التشغيل، فقد سجل هذا المؤشر نحو 89.7 نقطة على مؤشر المرصد فى أبريل، مقارنة بنحو 86.8 نقطة فى مارس، «أى تحسن طفيف» وبينما توقعت أغلبية الشركات اتجاه الاستثمار إلى الارتفاع خلال يونيو مقارنة بمايو، إلا أنهم يعتقدون أن معدلات التشغيل سوف تشهد «تدهورا طفيفا»، وفقا للبارومتر. ويذكر أن معدلات التشغيل تمثل مشكلة مزمنة للاقتصاد المصرى، فبالرغم من أن متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال الفترة من 1990 إلى 2005 بلغ حوالى ٪4.2، إلا أن معدل نمو التشغيل لم يتجاوز ٪2.6 فقط خلال هذه الفترة، تبعا لأحدث تقارير مجلس أمناء هيئة الاستثمار، مرجعين ذلك إلى تركز أغلبية الاستثمارات فى القطاعات الأقل تشغيلا واستيعابا للعمالة.