مفاجأة من العيار الثقيل أعلنتها شركة مايكروسوفت الأسبوع الماضى باستحواذها على قطاع التليفونات المحمولة فى شركة نوكيا الفنلندية، فى صفقة بلغت قيمتها 5,44 مليار يورو (حوالى 7,17 مليار دولار أمريكى)، فى خطوة جديدة لتحويل مايكروسوفت من شركة لبرامج الكمبيوتر إلى شركة تنتج الأجهزة وتقدم الخدمات على غرار آبل، ولتقتحم مايكروسوفت سوق الهواتف الذكية، على خطى جوجل التى استحوذت مؤخراً على هواتف موتورولا وتنتج نظام التشغيل أندرويد. الصفقة التى تدفع قيمتها نقدياً تنقسم إلى 3.79 مليار يورو للاستحواذ على قطاع الأجهزة والخدمات فى نوكيا، و1.65 مليار يورو مقابل الاستفادة من براءات اختراع نوكيا لمدة 10 سنوات، والتى تصل الى ما يقارب 40 ألف براءة اختراع، هذا بالإضافة إلى استغلال خدمة خرائط نوكيا Nokia Here لمدة تصل الى 4 سنوات، وستركز نوكيا التى كانت تحتل المرتبة الأولى فى العالم فى سوق الهواتف المحمولة أنشطتها بعد الآن على الخدمات والشبكات. ومن المنتظر أن تبرم الصفقة فى الربع الأول من العام المقبل بعد موافقة المساهمين والسلطات المختصة، وبعدها ينتقل حوالى 32 ألف موظف من نوكيا إلى مايكروسوفت، وقد أعلن ستيفن إلوب رئيس شركة نوكيا عن تقديم استقالته ومن المتوقع ان ينتقل الى شركة مايكروسوفت لاستلام مهام رئيس قطاع الاجهزة والخدمات، كما أنه أحد المرشحين لخلافة ستيف بالمر الرئيس التنفيذى المستقيل لمايكروسوفت. المبلغ الطائل التى ستدفعه مايكروسوفت للحصول على أهم قطاع فى شركة نوكيا، تستهدف منها تحسين أرباحها القادمة وخاصة فى قطاع الأجهزة والهواتف المحمولة، خاصة بعد دخولها سوق أنظمة التشغيل منذ سنوات بنظام التشغيل «ويندوز فون» والتى أعطته نوكيا دفعة كبيرة بعد أن تبنت استخدامه فى سلاسل متنوعة من التليفونات الذكية، على مدار العامين الماضيين. فى نفس الوقت ستساعد هذه الصفقة شركة نوكيا فى التركيز أكثر على وحدة الخدمات والشبكات لديها، خاصة بعد الصفقة التى أبرمتها نوكيا فى أغسطس لإعادة شراء حصة شركة سيمنز فى «نوكيا سيمنز نتوركس»، والمتخصصة فى الشبكات العالية السرعة، وذلك من أجل تطوير هذا الشق من أنشطتها الذى بات يعتبر حيويا، وهو قرار وصفه رئيسها ريستو سيلاسما فى بيان بأنه «أفضل وسيلة للمضى قدما سواء بالنسبة لنوكيا أو لمساهميها». ومن المتوقع أن تعمل مايكروسوفت فى الفترة المقبلة على تنفيذ خطط جديدة لتطوير أجهزة نوكيا ودعمها ببرمجيات وأنظمة التشغيل التى تعمل على تطويرها بشكل دائم، ويعتبر التحدى الأكبر أمام مايكروسوفت هو إثارة الاهتمام بنظام تشغيل ويندوز فون وتطبيقاته، سواء لدى المستهلك العادى الذى قد يختار فى الغالب بين نظام أندرويد من جوجل ونظام «آى أوه إس» من آبل، أو لدى مطورى التطبيقات الذين قد يفضلون هذين النظامين أيضاً. وببيع «نوكيا» أنشطة الهاتف تختفى شركة عمرها 150 عاما هيمنت على سوق الهاتف المحمول عالميا لكنها تظل من أهم العلامات التجارية فى قطاع التكنولوجيا فى أوروبا رغم تراجعها الحاد فى آسيا وأمريكا الشمالية فى السنوات الأخيرة، ويبدو أن الإعلان عن الصفقة تسبب للفنلنديين بالشعور بالصدمة، فالشركة ظلت مصدر فخر وطنى لهم، بعد ظهورها فى مطلع التسعينيات بالتزامن مع انتقال البلاد إلى الاقتصاد التكنولوجى، حيث اقتنى هواتفها المحمولة تسعون فى المائة منهم. جدير بالذكر أن شركة نوكيا بدأت عام 1865 كشركة فى مجالى الخشب والورق، وتوسعت فيما بعد إلى قطاع المطاط ثم الإلكترونيات والاتصالات، من مقرها فى إسبو بالقرب من هلسنكى، واصبحت نوكيا أكبر صانع للتليفونات المحمولة فى العالم فى عام 2000، حيث شكلت وحدها نحو 4% من الناتج المحلى الإجمالى الفنلندى، و40% من صناعة الهاتف المحمول عالمياً فى 2008.