سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصادر دبلوماسية ل«الشروق»: صراع كيرى وباترسون بسبب الموقف من مرسى والجماعة وزير الخارجية الأمريكى ينقل للبيت الابيض شكاوى موسى والبرادعى من السفيرة ..وباترسون تصر على أن الجماعة هى الجهة الأقدر والأقوى والأكثر تنظيما
قالت مصادر مصرية وامريكية واخرى غربية ان ذهاب السفيرة الامريكية آن باترسون عن القاهرة اصبح فى حكم المقرر وان الامر فى الارجح مسألة وقت، رغم رغبة باترسون فى البقاء فى القاهرة لأنهاء مهمة ترى انها بدأت فى انجازها ومحاولتها الحصول دعم جهات أخرى بعيدا عن وزارة الخارجية فى واشنطن لضمان البقاء. المصادر ذاتها قالت ان باترسون التى لم تكمل بعد عامها الثانى فى القاهرة، بعد ان وصلت خلفا لمارجريت سكوبى عقب إسقاط ثورة الخامس والعشرين من يناير لحكم الرئس السابق حسنى مبارك، كان يفترض ان تمضى نحو ثلاثة اعوام كمتوسط لتولى رئاسة بعثة دبلوماسية امريكية فى القاهرة ولكن الامر قد لا يزيد كثيرا على عامين ليحل محلها ستيوارت جونز السفير الامريكى الحالى فى الاردن والذى كان قد شغل منصب نائب السفير فى القاهرة حتى عام 2009. وبحسب تقديرات المصادر الغربية والمصرية فالسفير المرشح يتمتع بقدرات شخصية تتناسب مع منصب سفير واشنطن فى بلد مثل مصر وقدرات دبلوماسية هادئة تبتعد عن الصغية التصادمية المنسوبة لباترسون.
جونز ايضا، بحسب نفس المصادر، دبلوماسى له ولاء شديد للخارجية الامريكية، اكثر بكثير من المخابرات او الاجهزة الاخرى المشتركة فى صناعة القرار، وهو بالتالى لا يسعى لتجاوز الوزارة والوصول مباشرة للبيت الابيض عكس ما تفعله باترسون منذ وصولها للقاهرة.
ويقول احد مصادر الشروق «عندما جاءت باترسون إلى مصر، كانت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلارى كلينتون قد بدأت تفقد تأثيرها فى المشهد السياسى فى مصر، بل انها كانت تفقد اهتمامها ايضا، وكانت باترسون القادمة من باكستان على اتصال مباشر مع مكتب الرئيس الامريكى وحققت اختراقا جعلها تجرى عملية اتخاذ القرار بعيدا عن آليات الادارة الامريكية وهو الامر الذى لا يرتاح إليه جون كيرى وزير الخارجية اطلاقا لأسباب تتعلق بطريقة كيرى فى العمل التى تختلف عن تلك التى كانت تتبعها كلينتون واخرى تتعلق بتاريخ العلاقة غير الايجابى بين باترسون وكيرى».
لكن المشكلة، بحسب مصدر آخر، لم تكن فى تاريخ معقد للعلاقة بين الوزير والسفيرة ولا فى آليات التعامل مع البيت الابيض لأن تلك الامور من اعراض العمل البيروقراطى على اى حال، «المشكلة هى انه كلما تحدث كيرى مع القيادات المدنية والمعارضة بل وقيادات الشباب فى مصر يستمع لشكاوى متعددة عن طريقة باترسون فى التعامل مع الامور فى مصر». وبينما يتحدث احد المصادر عن شكاوى استمع إليها كيرى من كل من عمرو موسى ومحمد البرادعى من باترسون ونقلها بالفعل للبيت الابيض يتحدث آخر عن شكاوى استمع اليها الوزير الامريكى من قيادات شابة وصفت احدها باترسون بأنها «المرشدة» فى اشارة لأنها تقوم بدور مرشد جماعة الاخوان المسلمين وآخر وصفها بأنها «قرين خيرت الشاطر» فى اشارة لتواتر اتصالات التنسيق بينها وبين نائب المرشد العام للاخوان المسلمين والرجل القوى للجماعة».
وتقول مصادر دبلوماسية غربية زارت واشنطن خلال الاسابيع الماضية ان هناك بالفعل تباينا متزايدا فى تقدير الموقف فى مصر بين باترسون التى مازالت تصر على ان الاخوان المسلمين هم الجهة الاقوى والاقدر فى مصر وان المعارضة المدنية مشتتة وغير جادة ولا تستطيع ان تتحمل مواجهة مع الاسلاميين ستكون عنيفة حتما إذا سقط محمد مرسى بحسب الحشد الشعبى المتزايد وبين المسئولين عن ملف مصر فى العاصمة الامريكية والذى يتزايد لديهم الاحساس بأن امريكا اصبحت مكروهة فى اوساط عديدة من الرأى العام المؤثر بسبب مواقف باترسون التى تفسر فى بعض القطاعات على انها موالية للإخوان المسلمين لضمان مصالح امريكية واسرائيلية تتعلق باحتواء حماس ومواجهة حزب الله على حساب الصالح المصرى.
وبينما بدأ جونز فى اجراء زيارات وداع فى الاردن استعدادا للعودة إلى واشنطن ومنها للقاهرة رغم ان الترشيح الرسمى من الادارة الامريكية للكونجرس لابتعاثه لمصر لم يتحقق بعد فإن باترسون تقاوم وبضراوة القبول بمنصب مساعد وزير الخارجية لشئون الشرق الاوسط او مسئول ملف سوريا فى الخارجية الامريكية والذى يعنى انها ستكون على درجة نائب مساعد وزير الخارجية.
وتأمل باترسون فى تفادى مصير ديفيد ويلش السفير الامريكى المثير للجدل خلال وجوده فى مصر قبل نحو عشرة اعوام فلم يبق اكثر من عامين ليأتى بعده فرانسيس ريتشاردونى الامريكى المتحدث بالعربية فى اللهجة المصرية والذى كان يظهر على قنوات التلفزيون المصرى، متحدثا بعبارات مثل «وحياة بنتى ده ما حصل» ويشاهد فى الموالد الصوفية ومتناولا لساندوتش من عربات الفول الجائلة ثم مارجريت سكوبى القادمة من سوريا والمتحفظة.
وتصر المصادر الدبلوماسية التى تحدثت للشروق آن باترسون تسعى لإقناع واشنطن بأن «تهمة مولاة الإخوان» تمثل فائدة كبرى لامريكا المتهمة مرات ومرات بمعاداة الاسلام فيما بعد كارثة الحادى عشر من سبتمبر، كما تقول المصادر نفسها ان باترسون، القادمة من باكستان ترى مصر باكستان اخرى محتملة، حيث يتولى الاسلاميون الحكم ويكون الجيش ضامنا بصورة او اخرى للاستقرار وعلى علاقة وثيقة مع واشطن. ويقول احدهم «إن باترسون، ابنة تجربتها، فهى تنظر للامور من عدسة الاسلاميين والجيش، كما انها منغمسة فى السياقات المذهبية سواء السنية/الشيعية التى كانت تتابع تفاصيلها فى باكستان او على النطاق الاقليمى كما الحال فى التنافس السعودى الايرانى».
ويقول احد المصادر ان «الاخوان المسلمين لم يكونوا ابدا الخيار المفضل لواشنطن لحكم مصر خلفا لمبارك بل ان هناك فى واشنطن من كان مقتنعا بأن البرادعى سيحمل على الاعناق لمقر الرئاسة وان هذه الفكرة تم تبديدها مع وصول باترسون للقاهرة التى اكدت القوة المتماسكة للتيار الاسلامى وقدرة الاسلاميين على مناورة الجيش (الذى كان يدير امور البلاد فى المرحلة الانتقالية) ومغازلة الشارع بصورة تفوق كل القوى الليبرالية». ويقول آخر إن تقدير قراءة الموقف الذى بعثت به باترسون لواشنطن حول ان مرشح الاخوان المسلمين لديه فرص اكبر من غيره للفوز فى الانتخابات الرئاسة ثبت صدقيته فجعل قراءات باترسون لها الاعتداد عند الرئيس الامريكى باراك اوباما، ويضيف «لكن الامر بدأ يتغير بالتأكيد».
باترسون تسعى بدورها لتحريك الامور على الارض بما يضمن نجاعة قراءتها لسيناريو الاحداث فى مصر وتحصل مؤخرا من خلال لقاء جمعها بالشاطر ضمن لقاءات متتالية قيل انها تركت السفيرة الامريكية بانطباع شديد الايجابية عن الرجل الثانى فى الجماعة على وعد حاسم بأن يتم اسقاط اتهامات قانونية بحق نشطاء حقوقيين امريكيين ادينوا مؤخرا، مع نشطاء مصريين، بحكم محكمة، كما وأنها تسعى لتقدير البيت الابيض من خلال تقارير شديدة التفصيل حول مشهد يوم التظاهر المتوقع فى 30 يونيو للتأكيد انها السيدة الامثل لمصر فى هذا التوقيت على أمل ألا تعود لواشنطن بقصة فشل.