قدم رجل الأعمال المعروف منصور عامر متبرعا لقصر العينى اثنى عشر مليونا من الجنيهات هى قيمة التجهيزات التى أتمت بناء معمل متطور لتشخيص وعلاج أمراض خلل إيقاع القلب. وقع بروتوكول مشروع وحدة كهروفسيولوجيا ومنظمات القلب قبل أيام من بدء أحداث يناير 2011 ، الأمر الذى معه تأجل المشروع ليتم افتتاحه هذا الأسبوع (23 أبريل 2013 ) حضر الافتتاح رجل الأعمال منصور عامر الذى رحب به فى وحدة الحالات الحرجة أطباؤها: الأستاذ الدكتور شريف مختار مؤسس الوحدة عام 1982 والأستاذة الدكتورة عالية عبدالفتاح رئيس القسم والأستاذ الدكتور محمد على حمودة مدير المركز بحضور الأستاذ الدكتور حسين خيرى عميد الكلية. والأستاذ الدكتور حسن خالد... الأجهزة الحديثة التى يضمها المعمل تتيح تصوير القلب من الداخل بصورة بالغة الدقة تتيح رصد المسارات الكهربية لنبض القلب طبيعية كانت أو مختلة. تتيح أيضا رصد أى بؤر تثير البلبلة ويسفر عنها التشويش على إيقاع القلب الرصين. دقة التشخيص بلاشك يتوقف عليها كفاءة العلاج وحسن اختياره. القلب عضلة فريدة فى تركيبها. لها قدرة هائلة على العمل فى دأب وانتظام. يبدأ قبل ميلاد الإنسان جينيا فى رحم أمه ولا يتوقف إلا ليعلن عن نهاية رحلته طالت أو قصرت. تنقبض عضلة القلب وتنبسط لتدفع الدم وتستقبله فى إيقاع ثابت كما لو كانت خلية واحدة وفقا لقانون يعرف بقانون إما الكل أو لا شىء (all or non rule) أى أن خلايا القلب كلها تنقبض وتنبسط فى آن واحد وذلك هو سر قوتها المذهلة التى تضمن للإنسان قدرا من الدم يكفى حاجة كل عضو فيها ليعمل بكفاءة فى منظومة صحة البدن وسلامته. ماذا يمكن أن يحدث من تداعيات إذا ما اختل الإيقاع وانفرط العقد وحل النشاز محل الرتابة؟
كيف يتداعى الجسد إذا ما ارتجف القلب؟
يتكون القلب تشريحيا من أربع حجرات: أذينان (الحجرتان العلويتان) أيمن وأيسر وبطينان (الحجرتان السفليتان) أيمن وأيسر. لكل منها وظيفة محددة تكمل عمل الحجرات الأخرى وتعاونها فى تمام وظيفة بالغة الأهمية وهى ضخ الدم الذى يحمل كل مقومات الحياة من أكسجين نقى وعناصر غذائية كالماء والمعادن والأملاح والفيتامينات والمواد الدهنية والسكرية والبروتين إلى الهرمونات المختلفة إلى كل أعضاء الجسم.
سلامة عمل القلب ترتبط ببنائه التشريحى المحكم.
(1) حجراته العضلية (الأذينان والبطينان) التى تستقبل الدم القادم من كل أنحاء الجسم لتدفعه إلى الرئة للتخلص من الفضلات وغاز ثانى أكسيد الكربون وتزوده بالأكسجين النقى ليعود مرة أخرى للقلب الذى يضخه بقوة فى شريان الأورطى ليجرى فى تلك الشبكة المحكمة من الشرايين التى تتضاءل فى سعتها حتى تتحول إلى شعيرات دموية رفيعة تصل إلى أطراف الأصابع ليعود الدم مرة أخرى عبر شبكة الأوردة إلى القلب الذى يدفعه مرة أخرى فى اتجاه الرئة.
حركة دائمة دائبة مع كل نبض من نبضات القلب التى تتعاقب فى انتظام ورتابة فى الأحوال الصحية الطبيعية.
(2) أربعة صمامات تسهل تدفق الدم فى اتجاه واحد بين حجرات القلب بعضها البعض أو بين البطين الأيمن والشريان الرئوى والبطين الأيسر وشريان الأورطى.
(3) شرايين تاجية تمد القلب بما يحتاجه هو أيضا من دم يحمل كل ما يحتاجه من غذاء وأكسجين ومواد عضوية وكيميائية تدعم عمله.
يظل هناك المحرك الرئيسى الذى يضمن القوة الدافعة الدائمة لتلك المنظومة المعجزة (النبضة الكهربية) التى تشعل شرارة المحرك لتعمل عضلة القلب بكفاءة بين انقباض وانبساط فى تناغم ورتابة تضمن سلامة المنظومة وتكرارها.
من أين يبدأ سريان تيار كهرباء القلب؟
يبدأ سريان كهرباء القلب مما يسمى العقدة الأذينية الجيبية (SAN) وهى عبارة عن تجمع لخلايا من نسيج عضلة القلب عالية الحساسية فى تركيبها لها خاصية فريدة فى استحداث ذلك السيال الكهربائى الذى يبدأ منها ليسرى فى ممرات خاصة لينتهى بشبكة رهيفة من الأعصاب التى تغطى عضلة القلب بأكملها. بل وتخترق جدرانها شبكة متصلة تتلقى أوامرها من سيد آمر يسمى العقدة الأذينية الجيبية.
تبدأ النبضة الكهربائية من الأذين الأيمن لتسرى إلى الأذين الأيسر فينبضان معا لتكمل النبضة مسارها إلى البطين عبر عقدة أخرى تسمى العقدة الأذينية البطينية (AVN) مهمتها إبطاء سرعة السيال الكهربائى الواصل إلى البطينية فإذا ما وصل انتشر بسرعة كبيرة تمكن البطينية من الانقباض بقوة فى آن واحد ليضخا الدم فى شريان الأورطى والشريان الرئوى.
كيف إذن يحدث الخلل فى النشاط الكهربائى؟
تظل المنظومة على رتابتها إلى أن يحدث ما يتسبب فى انفراط عقدها. فجأة قد تتولد نبضات كهربائية فى موقع آخر تستجيب لها خلايا فى الأذين فتنقلها بسرعة لخلايا مجاورة فيبدو الأمر كفرقة موسيقية لها أكثر من قائد أوركسترا. فى الأحوال الطبيعية نبض منفرد من العقدة الأذينية الجيبية فتنقلها بسرعة لخلايا مجاورة فيبدو الأمر كفرقة موسيقية لها أكثر من قائد أوركسترا. فى الأحوال الطبيعية نبض منفردة من العقدة الأذينية الجيبية تحفز خلايا الأذينين على الانقباض فى تزامن وقوة ولكن وجود أكثر من مصدر قادر على دفع نبضات كهربية يجعل الأمر شبيها بمعركة تتدافع فيها فورة من النبضات الكهربية التى تتسبب فى انقباضات فى أماكن مختلفة من الأذينين بصورة سريعة أشبه بالفوضى التى ينتج عنها تلك الذبذبة الأذينية فى كل من الأذين الأيسر والأيمن على حدة. والتى يمكن التعبير عنها أيضا بالرجفان الأذينى بدلا من الانقباض الطبيعى فيسقط الدم من الأذينين للبطينين دون قوة دافعة عبر الصمامات.
من مظاهر الرفق بالإنسان المصاب بالارتجاف الأذينى والذى ينقبض فيه الأذينان أكثر من ثلاثمائة مرة فى الدقيقة، فإن البطين لا يستقبل إلا على أكثر تقدير مائة وثمانين منها فقط نظرا لوجود العقدة الأذينية البطينية التى تعمل كفرامل العربة وتبطئ من مسار السيال الكهربائى، الأمر الذى يحفظ على الإنسان حياته وان ظل فى مرمى نيران الخطر.
فحوصات القلب الكهربائية
الحديث عن كهرباء القلب يشمل الحديث عن منشأ التيار الكهربائى ذاته ومسار النبضة الكهربية فى مسارات خاصة بها وردود الفعل الميكانيكية من انقباض وانبساط حجرات القلب. لذا فالحديث عن فحوصات القلب الكهربائية يبدأ بفحص رسم القلب العادى ثم رصد نبضات القلب خلال أربع وعشرىن ساعة أو ما يعرف بالهولتر Holter rnonitor ثم دراسة كهربائية القلب مع الاستعانة بالقسطرة القلبية (دراسة الكهرباء الفسيولوجية). منها أيضا تصوير القلب من الداخل باستخدام الصدى الصوتى ثلاثى الأبعاد، الأمر الذى يتيح صورة واضحة المعالم تماما لداخل حجرات القلب.
هذا إلى جانب الفحوصات التى تتيح معرفة كاملة بحركة حجرات القلب فى انقباضها وانبساطها فيما يشمل قياس النبض وضغط الدم واختبار الطاولة المائلة واختبار جهد القلب وكلها اختبارات الغرض منها جلاء كل العلاقات غير المباشرة التى تعتمد على كهربية القلب.