أعرب الشاعر عبد الرحمن الأبنودى، اليوم الأحد، عن استيائه من قطع الاتصال معه فى السهرة التى أقامتها القناة الأولى بالتليفزيون المصرى معه، يوم الجمعة الماضية، لإحياء ذكرى العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، السهرة كانت تقديم الإعلامية أميرة عبد العظيم. وسرد الأبنودى تفاصيل ما حدث قائلا: عادة أنا لا أتحدث إلى التليفزيون الرسمى حتى لا أتسبب فى حرج أو مشكلة لأصدقائى الذين أتحدث إليهم، وأكتفى بما أكتبه من مربعات فى جريدة التحرير، والظهور القليل على الفضائيات الخاصة، لأنى غير مستعد إلى تلوين آرائى وفقدان مصداقيتى على عتبة التليفزيون المصرى.
لكنى كسرت هذه القاعدة لأن مُعدة البرنامج أقنعتنى بأنى من الشهود القلائل على حياة عبد الحليم حافظ، وألحت على لكى أدلى بشهادتى، وكان السؤال من المذيعة حول «تدين عبد الحليم حافظ».
فكانت إجابتى أن عبد الحليم عندما غنى مواويله الدينية التى كتبها شاعرنا العظيم، عبدالفتاح مصطفى، رحمه الله الرجل الذى لم ينل حقه ولم يكرم، كان يفعل ذلك من قلبه، وليس نفاقا لسلطة دينية أو لجماعة مذهبية، مثل هؤلاء المطربين الذين انتقلوا من «التنطيط» على خشبة المسرح كالقرود إلى الغناء الوطنى عندما اندلعت الثورة، وأصبحت الموضة هى الغناء الوطنى ثم الانقلاب إلى الأغنيات الدينية، وهم يرتدون لبس المشايخ.
أما عبد الحليم فكان يقرأ يوميًّا فى المصحف، وقصصت خلال المداخلة أيضًا قصة أغنية «المسيح» التى أوحت إلى أن اللاجئ الفلسطينى المطارد هو مسيح العصر، وأن هذا التشابه جاء لأن من يعذبه هم أنفسهم من عذبوا المسيح وطاردوه، وحينها احتجت الإذاعة، وقالت إن الأزهر سيرفض الأغنية فأخذها عبد الحليم وذهب بها إلى الأزهر، ومنحه بالفعل تصريحًا بغنائها بعد أن طلب تعديلا فى فقرة، وتم تنفيذه على الهاتف فى نفس الجلسة، وكان الشرط أن تغنى الأغنية فى الحفلات فقط، وبعدها غنى عبدالحليم الأغنية ثلاث مرات فى حفلة واحدة، لكن الأغنية فيما بعد كسرت أدراج حبسها، وخرجت وأصبحت معروفة فى جميع أنحاء الأمة، وحققت نجاحًا.
الأزمة بدأت عندما أشرت ورغم أن المداخلة التليفونية معى كانت مستمرة بشكل طبيعى، إلا أن الحال تغير عندما أشرت إلى سجن الإخوان المسلمين فى عهد جمال عبدالناصر، ورغم أنى أشرت إلى سجنى أيضًا، إلا أن السيدة أميرة المذيعة بشكل مفاجئ شكرتنى، ثم أغلقت فى وجهى الهاتف، فأدركت أن أمرًا فوقيًا أمرها بإنهاء المداخلة، وكان نص ما قلته: «عبد الناصر كفانا شر الإخوان بأن وضعهم فى السجون، فلم نشعر يومًا بما نراه الآن، ولم نتعرض لتلك الاتهامات بالكفر والخزعبلات التى يملأون بها الفضائيات، وكانت البلد فى عهده تبنى وتقاتل وتحتضن فقراءها وتحسن من أحوالهم».