الميتوكوندريا (Mitochondria) عضيات دقيقة الحجم (تصغير عضو) متناهية الصغر توجد فى كل خلايا الجسم بلا استثناء إلا كرات الدم الحمراء تعد بمثابة بطاريات الطاقة للجسم. للميتوكوندريا وظائف فى الخلايا متعددة أهمها على وجه الإطلاق قدرتها على تحويل الطاقة المستمدة من المواد الغذائية المختلفة إلى مركب الأدنيوزين ترافوسفات ATP الذى يعد عملة الطاقة الأساسية لكل عمليات الجسم الحيوية. نظرا لأهمية الميتوكوندريا المطلقة وانتشارها فى كل خلايا الجسم فإن تأثرها يعكس خللا فى وظائفها يبدو سريعا ومؤثرا إذ يتعلق الأمر بخلل فى أهم مصدر للطاقة. أمراض الميتوكوندريا تشكل خطرا جسيما يحيق بالأطفال عند ولادتهم أو يبدأ فى الظهور تدريجيا مع مضى العمر.
• ما هى أمراض الميتوكوندريا
وكيف تورث؟
تورث أمراض الميتوكوندريا على المادة الجينية للأم فى البويضة دون الرجل الذى لا يحمل حيوانه المنوى أى أثر للمادة الجينية دى. إن. إيه للميتوكوندريا. لذا فالأم مسئولة عن توريث الميتوكوندريا سليمة كانت أو معطوبة لجنينها.
نظرا لأن محطات الطاقة (الميتوكوندريا) تنتشر فى كل الخلايا بلا استثناء فإن أى عضو من أعضاء الإنسان عرضة للإصابة خاصة العضلات والكبد والرئة والعين.
تعد أمراض الميتوكوندريا أمراضا قاتلة فى أحيان كثيرة خاصة إذا ما تعلقت بوظائف حيوية فى الجسم مثل التنفس أو الدورة الدموية إذ تبدو أعراضها فى تأخر النمو وافتقاد تناسق حركة العضلات مع بعضها البعض وربما ضمورها. العمى والصمم وعدم القدرة على التعلم وأمراض القلب والكلى والكبد والجهاز العصبى بل والتنفس والسكر من النوعين الأول أو الثانى كلها أمراض تتراوح فى شدتها وقسوة تأثيرها أو درجة إعاقتها.
• ما السبب وراء تلك الأمراض؟
طفل من كل مائتى طفل فى بريطانيا معرض للإصابة بأمراض الميتوكوندريا سواء كانت الإصابة بسيطة غير ملحوظة لا تسفر عن أعراض أو إصابة تؤدى لإعاقة على اختلاف درجاتها والتى تبلغ أحيانا حد الإعاقة الكاملة عند إصابة العضلات بضعف عام وضمور لا يجدى معه أى علاج أو إصابة المخ والأعصاب أو الرئة والكلى والكبد.
إصابة الميتوكوندريا بالعطب قد تورث من الأم على المادة الجينية دى. إن. إيه. فى الأغلب لكن ذلك يمكن أن يحدث أيضا نتيجة طفرة فى الموروثات الجينية للطفل فى أى وقت. يمكن أيضا أن يحدث فى أى أوان نتيجة إصابة الميتوكوندريا من جراء عدوى أو تسمم دوائى أو عامل بيئى ملوث.
أمراض الميتوكوندريا تنتشر فى العالم دون استثناء لدولة دون الأخرى فإحصائيات الولاياتالمتحدة على سبيل المثال، تؤكد أن هناك طفلا بين أربعة آلاف من أقرانه سيصاب حتما قبل بلوغ العاشرة بأحد أمراض الميتوكوندريا. بينما هناك أربعة آلاف طفل فى العام على الأقل يتم تشخيصهم بدرجات مختلفة من المرض فى أنحاء الولاياتالمتحدة.
إذا حدث عطب فى الميتوكوندريا فى أى وقت من العمر فإنه يمكن رصد أمراض معروفة لدى البالغين منها السكر من النوع الثانى، مرض باركنسون، تصلب الشرايين، السكتة الدماغية، الألزهايمر والسرطان علما بأنها بالطبع ليست العامل الوحيد المسئول عن حدوث كل تلك الأمراض بل هى السبب فيها إذا ما ألم بها العطب.
• هل من علاج؟
حتى الآن لم تنجح أى محاولة لعلاج أمراض الميتوكوندريا، بعض من الفيتامينات ومضادات الأكسدة ومركب البيروقات لكنها بالطبع غير مجدية خاصة مع الأمراض التى تسبب إعاقة.
• كيف إذن بدأت القصة؟
لم يكن هناك مفر من التفكير فى حل ربما كان جذريا للمشكلة. استبدال الموروثات الجينية المسئولة عن الميتوكوندريا فى بويضة الأم بأخرى من بويضة سيدة مانحة للمادة الجينية إلى جانب بقية الموروثات الجينية من الأم والأب. على أن يتم هذا بالطبع من خلال عملية حمل خارج الرحم. بمعنى آخر اجتماع مادة جينية (دى. إن. إيه) فى خلية واحدة: من الأب والأم بعد انتزاع المادة الجينية المسئولة عن الميتوكوندريا منها واستبدالها بمادة جينية صحية من بويضة سيدة أخرى مانحة. كان هذا هو الاقتراح العلمى العبقرى الذى تقدم به علماء جامعة نيوكاسل البريطانية عام 2011 وخرج إلى النور هذا الأسبوع بعد أن قرر المجلس الأعلى للقيم الطبية فى مجال الخصوبة وأبحاث الأجنة أن يطرح القضية للعلن فى استطلاع للرأى العام.
Human Fertillisation and Enbryology Authoritys Conswtation.
• وجهات النظر بين مؤيد ومعارض
الغرض بلاشك نبيل، والهدف هو اقتلاع المشكلة من جذورها لكن بلاشك هناك محاذير كثيرة يجب الانتباه لها قبل أن يبدو الأمر كالانزلاق فى هوة عميقة لا يمكن الخروج منها مرة أخرى أو التراجع عنها: لكن الردود بلاشك أيضا كانت حاضرة.
• هذا خلط واضح بين موروثات جينية من ثلاثة أشخاص مختلفين سيورث فيما بعد لأجيال متعاقبة، الأمر الذى يعد تدخلا فى الطبيعة البشرية وصفاتها.
• الأمر يتعلق بسبعة وثلاثين جينا فقط هى التى سيتم استبدالها، بينما هناك ما لا يقل عن 25.000 جين آخر تنتمى للأب والأم فيها المادة الوراثية الحاملة للصفات. أما تلك السبعة وثلاثين فلا تتعلق بصفات إنما فقط بالميتوكوندريا التى هى محطات الطاقة فى الخلايا.
• ما هو موقف الأم المانحة من الطفل؟ هل من حق الطفل أن يتعرف عليها؟ وأى حقوق لها أو مسئوليات عليها؟
هى تعطى بعضا من المادة الجينية فقط من بويضة تمنحها ويتم تدميرها بعد ذلك. موقفها كالذى يتبرع بالدم أو النخاع لإنقاذ مريض سرطان. لها كل الشكر دون حقوق أو واجبات.
أما ما يتعلق بالطفل فيجب أن يعلم عن الطريقة التى جنبته المرض وعند الثامنة عشرة من عمره يمكنه التصرف بالصورة التى ترضيه.
• كان يمكن الاستعانة ببويضة كاملة ناضجة من أم مانحة بدلا من تلك الطريقة المكلفة التى لا نضمن نجاحها أو سلامتها.
نعم كان ممكنا لكن الأمهات والآباء بلاشك يفضلون أن يولد أبناؤهم ولهم نفس ملامحهم وصفاتهم الوراثية.
• ماذا لو استغل الأطباء تلك الطريقة لتحقيق رغبات الأهل فى الحصول على أطفال بمواصفات خاصة: أكثر ذكاء أو جمالا؟
يجب وضع قوانين صارمة تتحكم فى كل المؤسسات الطبية التى تسمح بإجراء تلك التقنية لصالح الوقاية من أمراض الميتوكوندريا وتداعياتها القاسية.
انفجرت قنبلة الحدث فى المجتمع البريطانى واحتدم النقاش بين مؤيد ومعارض وآخر يحاول جاهدا الفهم.
ستظل جلبة الحوار عالية حتى السابع من ديسمبر المقبل، فيتعطل طرفا الدائرة على كل الآراء سواء كانت للعلماء والأطباء أو للعامة أو المرضى وكل وسائل الرأى والإعلام ليبدأ البرلمان الإنجليزى العتيد دورة نقاش أخرى يستقر بعدها الأمر. نعم أم لا لخلط الموروثات الجينية للأم والأب وطرف ثالث فى بويضة واحدة تخصب خارج الرحم لتعود إليه استكمالا لحمل يأتى بمولود مكتمل الصحة خال من أمراض الميتوكوندريا وإن كان احتمال إصابته بمرض وراثى آخر مازال قائما.
ما رأيك أنت عزيزى القارئ.. نعم أم لا؟
الحمل خارج الرحم (طفل الأنبوب) In vitro Fertilization (IVF)
الحمل خارج الرحم أو ما يطلق عليه أطفال الأنابيب يقصد به عملية إخصاب لبويضة المرأة بالحيوان المنوى للرجل بجمعهما معا فى بيئة مناسبة فى انبوب معمل فإذا تم رصد لقائهما معا بنجاح تلتها عملية أخرى لنقل الجنين المتكون وزراعته فى رحم المرأة فيما يسمى بنقل الجنين ernbryo transfer.
ويمكن تلخيص خطوات الحمل خارج الرحم الأساسية فيما يلى:
• رصد وتحفيز إنتاج بويضات ناضجة فى مبيض السيدة عن طريق أدوية تساعد على الخصوبة. تنتج بويضات متعددة خلال دورة شهرية واحدة لكنها لا تنضج جميعا يتم رصد تكوينها ونضجها باستخدام تقنية الموجات الصوتية ومتابعة مستوى الهرمونات فى الدم وعينات البول.
• تلتقط البويضات من المبيض باستخدام إبرة خاصة وتدخل جراحى بسيط مع متابعة مسارها برؤيتها على شاشة جهاز الصدى الصوتى.
• يبدأ تحضير عينة من السائل المنوى للرجل بعد التأكد من سلامة وعدد ونشاط الحيونات المنوية فيها.
• فى المعمل يتم دمج الفيتان (البويضات والحيوانات المنوية) فى جهاز كالحضانة وقد يتم حقن حيوان منوى مباشر فى بويضة فى محاولة للتأكد من حتمية اختراقه لها ودعما للنتيجة المرجوة.
يتم رصد ومتابعة العملية حتى إذا ما نجح الحيوان المنوى فى دخول البويضة وبدأت الخلية فى الانقسام. عند تلك اللحظة الفارقة تعد البويضة جنينا.
• ينقل الجنين إلى رحم المرأة فى أى وقت من اليوم الأول بعد تكوينه إلى اليوم السادس. عادة ما يتكون عدد من الأجنة وفقا لعوامل متعددة منها نضوج البويضات وقدرتها على الانقسام وعدد الحيوانات المنوية الكاملة النشطة القادرة على اختراق الغشاء الرقيق للبويضة.
نقل الجنين يتم بنقله داخل قسطرة خاصة معلقا فى سائل ليهبط برفق على جدار الرحم فى انتظار أن يتعلق به لتبدأ قصة الخلق ومعجزة أن تدب الروح فيه.
• يعقب ذلك راحة تامة للسيدة فى الفراش ومتابعة لبدايات الحمل المبكرة من خلال فحوصات تقنية الموجات الصوتية.
نجاح الحمل خارج الرحم يتوقف على عوامل عدة أهمها السن فإذا كانت المرأة أقل من 35 عاما كانت نسبة النجاح بين 30 35٪. 25٪ هى نسبة النجاح إذا ما كانت المرأة بين 35 37 سنة بينما تقل النسبة إلى 15 20٪ إذا ما كان عمر المرأة 38 40 سنة. إذا ما تخطت المرأة الأربعين من عمرها كانت نسبة النجاح فى الغالب بين 6 10٪.
علما بأن تلك النسب تعود إلى مصادر طبية أمريكية وهى نسب للنجاح الكامل للعملية بمعنى أنها تعبر عن مواليد أحياء وليس مجرد احتمالات الحمل التى قد تحدث وربما انتهت قبل ولادة الطفل لأى سبب يؤدى للإجهاض.