على الرغم من المحاذير الأخلاقية والمخاطر الصحية التي ستواجه أطفال المستقبل، تمكن العلماء في جامعة نيوكاسل البريطانية من تكوين أجنة تحتوي على الحمض النووي من رجل وامرأتين، فيما يمثل خطوة يمكنها مساعدة الأمهات اللاتي يعانين من اضطرابات وراثية نادرة تجعلهن غير قادرات على إنجاب أطفال أصحاء. وطور العلماء التقنية التي من شأنها أن تسمح لهم باستبدال الحمض النووي التالف خلال عملية التلقيح الصناعي، والغرض من هذا الاكتشاف هو منع تلف الحمض النووي فيما يعرف ب"الميتوكوندريا"، وهي بمثابة بطاريات تنقل الطاقة إلى الخلايا. وعلي الرغم من أهمية هذا الاكتشاف العلمي كما يزعم العلماء، إلا أن عيادات أطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي غير مسموح لها بتطبيقه حتى الآن. ويولد حوالي واحد من 200 طفل سنويا بتشوهات في الحمض النووي وفي معظم الحالات يؤدي هذا إلى الإصابة بمرض بسيط وأحيانا من دون أعراض، في حين أن طفلا من كل 6500 طفل يولد بمرض في الميتوكوندريا، مما يمكن أن يسبب أضرارا خطيرة ومميتة في كثير من الأحيان، بما في ذلك ضعف العضلات والعمى وقصور عضلة القلب. وتستخدم الأبحاث الممولة من حملة ضد ضمور العضلات، ومجلس البحوث الطبية، وويلكوم ترست بويضات ملقحة حديثا من خلال التلقيح الاصطناعي، وتتم إزالة النوى الموجودة في الحيوانات المنوية للأب وبويضة الأم، والتي تحتوي على الحمض النووي للوالدين، تاركة وراءها الميتوكوندريا المعتلة وتوضع هذه النوى في بويضة أخرى أزيلت منها النواة، إلا أنها تحتفظ بمادة الميتوكوندريا. ويحتوي هذا الجنين الجديد على جينات من كلا الأبوين بالإضافة إلى كمية ضئيلة من الحمض النووي من البويضة المانحة. عقبات قانونية ومحاذير أخلاقية وتمكن مجموعة علماء جامعة نيوكاسل من تخليق 80 جنين بهذه الطريقة وقد تم تنمية هذه الأجنة في المعمل لمدة ثمانية أيام، بترخيص من قبل جمعية الخصوبة البشرية وعلم الأجنة ويخطط فريق العلماء لإجراء المزيد من الدراسات للتأكد من سلامة وكفاءة هذه التقنية. ويمنع القانون البريطاني حاليا استخدام هذه التقنية في علاج أمراض نقص الخصوبة، وكانت السلطات قد رفضت منح ترخيص لإجراء الدراسة مرتين، قبل أن تمنح هذا الترخيص قبل نحو خمس سنوات. ويقول دونالد بروس خبير أخلاقيات العلوم والمدير السابق لجمعية الدين والتكنولوجيا في كنيسة اسكتلندا "إن هذه الأبحاث أثارت بعض القضايا الأخلاقية الهامة، كما لفتت الأنظار إلى المخاطر المحتملة وإذا ما بدأنا في تطبيق نتائج أبحاث جامعة نيوكاسل، فمن الضروري تطبيقها طبقا لضوابط صارمة للغاية، وفقط في حالة احتمال ظهور مرض خطير". ويوضح أن الأمر يثير مشاكل أخلاقية عدة، بما في ذلك المخاطر التي تهدد سلامة الأطفال، ووجود حمض نووي من اثنتين من الأمهات، وحدوث تغييرات وراثية للأطفال الذين لم يولدوا بعد". وقد أكد فريق العلماء أن الحمض النووي من امرأة ثانية لن يحتوي إلا على جينات قليلة، بالمقارنة مع ما لا يقل عن 23 ألف من الجينات الموروثة من أحد الوالدين ولكن على الرغم من أن التغيرات الجينية التي تنتجها هذه التقنية ستكون صغيرة، فإنها تكون دائمة وستنتقل جيلا بعد جيل. وقد ورثت برناردي شارون (44 عاما) من والدتها مرضا في (الميتوكوندريا) مما أدي إلى وفاة 6 من أطفالها بعد أيام قليلة من الولادة ولم يبق لها سوى طفل واحد على قيد الحياة، هو إدوارد، البالغ من العمر 20 عاما، لكنه يعاني من مرض خطير في الميتوكوندريا ويحتاج إلى رعاية مستمرة. تقول برناردي: "كان أمرا مدمرا أن أفقد أولادي وحدث هذا مرارا وتكرارا، أشعر أنني محظوظة بالحصول على إدوارد، ولكن لديه مشاكل صحية خطيرة جدا نتيجة لخلل في الحمض النووي". وتضيف: "سيكون الأمر متأخرا جدا بالنسبة لي، ولكن سيكون من المدهش أن يتمكن العلماء من الحيلولة دون وقوع ما حدث معي في المستقبل بحيث لا يتعرض الآخرون لما تعرضت له من تجربة أليمة".