«القومي للإعاقة» يتقدم ببلاغ للنائب العام بشأن واقعة زواج عريس متلازمة داون    مدبولي: الدولة تواصل دعم قطاع البترول وإتاحة المزيد من التيسيرات والمحفزات لجذب الاستثمارات    السيسي يبحث مع المستشار الألماني تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة    الجيش الإسرائيلي يقول إنه حيد مقاوما فلسطينيا أطلق النار على نقطة تفتيش    السفير الأمريكى فى إسرائيل يعلن انحيازه لبن جفير وسموتريتش بعد فرض عقوبات عليهما    الأهلي ضمن 3 تحديات.. ويليام جوميز يكشف عن حلم بورتو في كأس العالم للأندية    يحيى عطية الله: إمام عاشور والشحات الأقرب لي في الأهلي والمنافسة مع معلول شرف    رسميًا.. جالاتا سراي التركي يعلن التعاقد مع ساني    السيطرة على حريق 3 منازل بقنا دون إصابات    ضبط كيانات مخالفة لإنتاج وتوزيع الأدوية البيطرية مجهولة المصدر بالمنوفية    "الشؤون الإسلامية" تكثّف جهودها التوعوية في مسجد التنعيم تزامنًا مع توافد المعتمرين    ثقافة بورسعيد تواصل ليالي العرض المسرحي «عشاق المترو»    هيئة قصور الثقافة تكرم لاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة لبلوغها السن القانوني للتقاعد    بعد تعرضهما لوعكة صحية.. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك ونجل تامر حسني    بالطابع الدرامي.. مي فاروق تطرح «بنات الخلق» | فيديو    «الصحة»: افتتاح 24 عيادة أسنان جديدة بعدد من الوحدات الصحية بالمحافظات خلال عام    متحور كورونا الجديد «NB.1.8.1».. تحت المراقبة العالمية    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعويَّة لمواجهة الخصومات الثأريَّة    غودار وفلسطين.. حين عاد التجريبى الأكبر فى تاريخ السينما إلى «القضية» بعد صمت طويل    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    إنقاذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي ب الزهراء الجامعي    فتح باب التقديم للالتحاق بالمدارس الرياضية للعام الدراسي الجديد بالمنوفية (شروط التقديم)    رئيس الوزراء يناقش خطة العمل لإجراء التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت 2027    المتحف المصرى الكبير بوابة مصر إلى العالم.. كاريكاتير    لترطيب الكبد- 4 فواكه تناولها يوميًا    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    فى زمن الانقلاب ..عامل يقتل 3 من أبنائه ويشنق نفسه في سوهاج    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    الأحد 22 يونيو.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن المرحلة الثامنة التكميلية بالعبور الجديدة    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    "دخل حسابي 1700 يورو؟".. أحمد حمدي يثير الجدل بمنشور جديد    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    محافظ المنيا: إزالة 215 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة والبناء المخالف    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوانية والوطنية
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 03 - 2013

الانتماء السياسى لليسار أو لليمين جزء من الوطنية. الاهتمام بقضايا الوطن هو عادة الحافز الى الانضمام لحزب أو تنظيم سياسى أيا كان اتجاهه الفكرى أو العقائدى (الأيديولوجى). لهذا لا يمكن أن يتهم اليسار أو اليمين الآخر بانعدام الوطنية. إن الاهتمام بقضايا الوطن من زاوية رؤية تميل الى اليسار أو اليمين هو نقطة البداية التى تؤكد أن الفرد المعنى إنما يؤمن بضرورة العمل من أجل الوطن وحل مشاكله مشاكل المواطنين ويبدأ السعى من أجل الانخراط فى هذا العمل بالانضمام، أو حتى مجرد الانتماء دون الحصول على عضوية وبطاقة شخصية دالة على هذا الانتماء. وينطوى هذا على معنى التسليم بأن الحزب الذى ينضم أو ينتمى اليه هو الذى يعطيه الفرصة لخدمة الوطن سياسيا فى مواجهة المشكلات أو الاخطار الداخلية والخارجية، وخدمة المواطنين عن طريق تناول مشاكلهم والبحث لها عن حلول والمساهمة فى إيجاد تلك الحلول.

ينطبق هذا علينا فى مصر كما ينطبق على غيرنا فى أى بلد آخر. وعلى سبيل المثال فإن الانتماء الى الحزب الديمقراطى أو الحزب الجمهورى يدل بحد ذاته على اهتمام المواطن الأمريكى بأن يلعب دورا فاعلا فى خدمة الوطن ولا يهم بعد ذلك إذا كان ينتمى فكريا الى اليسار أو اليمين فى أى من الحزبين، أو إذا كان الانتماء للحزب الجمهورى يعنى أن الفرد العضو يتجه بفكره ناحية اليسار إذا انضم للحزب الديمقراطى أو ناحية اليمين إذا انضم للحزب الجمهورى.

هذه كلها مسلمات ربما لا تحتاج الى ايضاح إنما نسوقها لكى نحاول أن نفهم كيف يكون الوضع حينما يكون التنظيم السياسى أو الحزب الذى ينضم اليه المرء لا يعترف أصلا ب«الوطنية» أو يؤمن بأن الوطنية تتعارض مع الدين، وأن الدين ينهى عن الوطنية. ماذا يكون الحال إذن حين يكون التنظيم السياسى رافضا ل«الوطنية» بمعناها البسيط المفهوم، ورافضا بالتالى ل«القومية» للاعتبارات نفسها التى ينسبها الى الدين.

•••

وبهذا المعنى نفسه فإن من يرفض الوطنية كمعنى سياسى أو كدافع للانضمام الى تنظيم ما يرفض أيضا وبالمثل أن يعترف باتجاه نحو اليسار أو اليمين فى إطار هذا التنظيم. نحن لا نسمع بالتأكيد ولا نقرأ عن عضو فى تنظيم الإخوان يتجه فكريا أو أيديولوجيا صوب اليسار أو اليمين. فهذا لا يتفق مع العقيدة الإخوانية أساسا. وتستند العقيدة الإخوانية فى ذلك الى تفسيراتها الخاصة لنصوص دينية بعينها.

ربما لهذا السبب لم نسمع أو نقرأ عن حركة استقالات من تنظيم الإخوان المسلمين خلال الفترة الأخيرة التى واكبت صعود هذا التنظيم الى السلطة وتميزت فى الوقت نفسه بوقوع هذا التنظيم فى سلاسل من الأخطاء فى ممارسته السلطة. ولا أظن أننا بحاجة الى سرد هذه الاخطاء الكثيرة وما أدت اليه من تراجع حاد فى «شعبية» تنظيم الإخوان المسلمين. بل وأدت الى مطالبات بأعلى الصوت من التنظيمات السياسية الأخرى يمينا ويسارا بضرورة إخراج الإخوان المسلمين من السلطة بصرف النظر عما إذا كانت هذه المطالبات ترتكز على إدراك بأن الإخوان المسلمين إنما حصلوا على السلطة بأساليب ديمقراطية أو غير ذلك. فحتى الذين لا يتهمون الإخوان بالصعود الى السلطة بأساليب غير ديمقراطية (كالتزوير أو التضليل) يظهرون إصرارا على ضرورة مغادرة الإخوان لمقاعد السلطة سواء تمثلت فى الرئاسة أو فى مجلس الوزراء أو غير ذلك من مستويات السلطة.

إنما المهم أن نعى أن بين المطالبين بخروج الإخوان من السلطة من يطعن فى قانونية تنظيم الإخوان المسلمين من الأساس ويطالب باتخاذ هذا الاتهام أساسا لإخراجهم من السلطة. أى أن هؤلاء لا يكتفون بأخطاء الإخوان السياسية والعملية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية...الخ التى ارتكبوها بعد صعودهم الى السلطة، إنما يقدمون أسسا أكثر جوهرية لهذا الطلب.

•••

لقد تربينا جميعا كمصريين منذ نعومة اظفارنا على احترام الوطن الى حد التقديس. وتكونت لدينا عقليا ووجدانيا ونفسيا الأسس التى جعلتنا نفهم معانى الوطنية وما تقتضيه منا من التزامات، وحتى من تضحيات إذا استوجب هذه التضحيات دفاع عن الوطن أو ذود عن أرضه وميراثه وحدوده ومكانته فى إقليمه وفى العالم ككل.. الى أن ينضم أحد منا الى تنظيم الإخوان المسلمين فإنه عندئذ يخضع داخل التنظيم لتلقينات تنفى أهمية الوطن ومكانته والواجبات التى نشعر بها تجاهه فى مواقفه وظروفه المختلفة. ومع تطور ظروف الانتماء لتنظيم الإخوان المسلمين لا يعود بذل الروح من أجل الوطن مطلوبا، إنما يصبح بذل الروح أو ما دون ذلك مطلوبا من أجل التنظيم الإخوانى الكبير الواسع الذى يتجاوز حدود مصر، بل وحدود الوطن العربى الكبير، ومن أجل الاهداف العامة التى يستمدها هذا التنظيم من تفسيره للنصوص الدينية فى القرآن الكريم وفى سنة محمد عليه صلوات الله وسلامه.

فى هذا الاطار لا يعود الدفاع عن الوطن واجبا إذا انفصل لسبب أو لآخر عن الهدف الدينى. وهو ينفصل عن الهدف الدينى اذا كان العدوان على الوطن أو نهب حقوقه من الثروة الوطنية أو السيادة على أرضه آتيا من طرف يشترك مع الوطن وهو فى حالتنا مصر فى الدين واذا كان الهدف الذى يسعى اليه هذا الطرف هو هدف يجرى تصويره على انه هدف «اسلامى» بالمعنى الدينى.

اذا تصادمت المصالح بين مصر والسعودية مثلا فإن مواجهة الخطر السعودى على المصالح المصرية لا تعد هدفا مشروعا من وجهة نظر إخوانية، فمصالح الانتماء للإسلام كدين يمكن أن تقتضى التنازل عن مصالح مصرية لما فيه خير السعودية. وربما ينشأ هذا الوضع عن عدم اعتراف تنظيم الإخوان من بداياته وحتى الآن بمفهوم الدولة الحديثة وبالتالى بمفهوم الوطنية فى هذه الدولة الحديثة. وينطوى مفهوم الدولة الحديثة عند الصدام الفكرى مع تنظيم الإخوان المسلمين على نوع من «الشرك». بل إن مفهوم الوطن والوطنية بحد ذاته ينطوى فى رأى الاخوان المسلمين على «الشرك» لأنه فى هذه الحالة يقدم مصلحة الوطن على تفسير التنظيم لمعنى الولاء الدينى. إن الإسلام يستنكر وفقا للتفسير الإخوانى الوطنية بمعناها «الضيق» الذى تحدده المصالح المادية.

•••

نحن هنا بإزاء ما يمكن أن نسميه ازدراء الوطن مستخدمين التعبير نفسه الذى تناول ازدراء الدين. ولعل تعبير ازدراء الدين استخدم فى البداية من جانب الجماعات «الدينية» والسلفية مثل الإخوان المسلمين بما هو أكثر كثيرا من معانى الرفض والنفور. الأقرب أن نقول إنه استقبل باعتباره انحرافا فكريا عن الدين. ولم يلبث بعد أن استفاضت المناقشة وبعد أن تبين كم الاخطاء من جانب تنظيم الإخوان أن اتضح أن «ازدراء الدين» إنما استخدم للتمويه على التفسيرات الإخوانية للنصوص الدينية فى مواجهتهم لاتهامات الأطراف التى تقاوم هذه التفسيرات.

الإخوان والوطنية نقيضان. وهما يلحان فى التواجد فى هذه المواجهة الخطرة نتيجة لخطأ كبير ارتكبه تنظيم الإخوان المسلمين من بداياته الأولى وهو: العمل بالسياسة وعدم الاكتفاء بالعمل بالدين.



كاتب صحفى مصرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.