سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الداعية اللبناني «الأسير» للإسلاميين فى مصر وتونس: لا تقدموا الإسلام ك«حل» حذر المسئولين بالقاهرة من التقارب مع طهران.. فالمشروع الإيراني لا يقل خطرًا عن «الصهيوني»..
هو الشيخ السلفي أحمد الأسير، الذي أعاد لبنان مجددا إلى حالة الاستقطاب المذهبي، ونجح خلال فترة قصيرة في جذب الكثير من المريدين، ليصبح ظاهرة في السياسة اللبنانية. يستمد الأسير جاذبيته داخل الطائفة السنية بالبلاد، من دفاعه الدائم عن «المكون السني الأكثر عددا»، و«المهضوم ما دام في المرمي المؤثر لأسلحة الحزب الشيعي»، رغم أنه يؤكد في الوقت ذاته أنه ليس ضد الطائفة الشيعية، كأحد مكونات المجتمع اللبناني، وإنما ضد المشروع الإيراني في لبنان، الذي ينفذه حزب الله، مما يجعل الأسير مصرا على وصفه بأنه طوال الوقت بأنه «حزب إيران».
حمل أحمد محمد هلال يوسف الأسير الحسيني، لقب «الأسير» من جده الذى تعرض للأسر على يد المحتل الفرنسي للبنان، أما اسم الحسيني هو نسبة نسبه إلى الحسين بن على بن أب طالب، حفيد الرسول.
خلال 35 يوما فقط، نجح اعتصام الداعية الأسير وأنصاره فى مدينة صيدا، بوابة الجنوب اللبناني، للمطالبة بنزع سلاح حزب الله، فى شل المدينة بالكامل، حتى حضر إليه وزير الداخلية مروان شربل، وأقنعه بفض الاعتصام.
ويصر الأسير دوما فى خطبه ومحاضراته، على أنه داعية، ولا يطمح لأى دور سياسي، وأنه يطالب بالقصاص لدماء اثنين من مرافقيه لبنان العزى، وعلى سمهون، اللذين لقيا مصرعهما على خلفية اشتباكات مع أنصار حزب الله، أثناء نزع رايات للحزب بالقرب من مسجد بلال ابن رباح، مقر دعوة الأسير.
«الشروق» حاورت الأسير، الشخصية الأكثر إثارة للجدل فى لبنان، ليس لدى خصومه فقط، لكن أيضا داخل طائفته نفسها، خصوصا بعدما تمكن من إعادة حشد مناصريه مرة أخرى فى شوارع لبنان، اعتراضا على شقق مملوكة لحزب الله، بالقرب من مسجد بلال بن رباح، يقول الأسير ومناصروه إنها مدججة بالسلاح.
ما تقييمك لتجربة الإسلاميين في حكم تونس ومصر؟ وكيف ترى التقارب المصري الإيراني؟
من حق كل فريق وكل شخص أن يشارك فى الحياة السياسية، لكنى أنصح الجميع ألا يقدموا الإسلام كحل، فمن الممكن أن يتقدم بمشروع إصلاحي، لكن دون أن يقول «الإسلام هو الحل»، فالإسلاميون أمام اختبار كبير جدا اليوم، بعد وصولهم للحكم فى مصر وتونس، وعليهم أن يثبتوا أن السلطة ليست الهم الأول لديهم، لأن الإسلام رسالة دعوية بالأساس.
أما عن التقارب بين القاهرة وطهران، فأنا أحذر المسئولين فى مصر منه، وأقول لهم إن المشروع الإيراني لا يقل خطورة عن المشروع الصهيوني، وكلاهما مشروع باطل، والمشروع الإيراني يتعامل بشكل خبيث. كيف ترى ثورات الربيع العربي في مجملها؟
نحن فى لبنان دعونا إلى انتفاضة كرامة، وما تشهده الساحة العربية الآن هو امتداد لانتفاضة الكرامة، لكى يعيش الجميع سواسية، وثورة 14 آذار، التي أخرجت الجيش السوري من لبنان، عقب تفجر الاحتجاجات الغاضبة على مقتل الحريري، أعتبرها أولى الثورات العربية.
وأرى أن الثورات العربية لم تستكمل بعد، وجاءت بعد أن كسرت حاجز الخوف، فأسقطت الديكتاتور، وعليها أن تعمل بعقل بارز، وأن تتعاون وتتصرف بنضج للحفاظ على مكتسبات ثورات الشعوب، والمفارقة أنه فى زمن سقوط الديكتاتوريات فى المنطقة، جاءت الديكتاتورية الإيرانية عبر حزب الله لتعيدنا إلى ظلامها.
وأطالب الدولة اللبنانية بأن تتجرأ وتقول لحسن نصر الله لا، لا للفتنة، ولا للهيمنة، وعليهم أن يستمعوا لمطالبنا، وعلى الجميع أن يطلب من نصر الله، أن يتواضع، ويغلق شقق السلاح فى صيدا.
لماذا كل هذا الجدل حول أحمد الأسير؟
أنا أعبر عن ألم كثير من اللبنانيين، مسيحيين ودروزا وغيرهم، نحن نصدح بما يهمسون به فى الغرف المغلقة، واعتصاماتنا ومسيراتنا تجد فيها المحجبات وغير المحجبات، والملتزمين والمدخنين، لأن حزب الله بكبريائه وجنونه، أهان الناس وهيمن على حياتهم، وصنف كل من يعترضون عليه، إلى خونة وعملاء، لذلك فإن حركتنا تهدف لإعادة التوازن إلى لبنان.
أنت سنى ووالدتك شيعية، وتعيش في منطقة مسيحية، هي بوابة الجنوب الشيعي، كيف تجمع هذه المتناقضات؟
هذا هو لبنان، ونحن أعلناها مرارا وتكرارا، نريد العيش بسلام مع الجميع، لكن بكرامة، ودون أن يعتدى علينا أحد، نحن ناشطون في العمل الأهلي منذ عام 1989، ونتحدى أن يسجل علينا أحد اعتداء على أي مواطن لبناني، فلماذا يعتدى علينا الآخرون، ويطالبوننا بأن نسكت.
لماذا حملت البندقية داخل مسجد بلال ابن رباح؟
لأن شبيحة حسن نصر الله طوقوا المسجد الذى نصلى فيه، كما حاصر مسلحون مكان سكنى، وأبلغنا الأجهزة الأمنية المعنية بالأمر، وانتظرنا أكثر من ساعة دون أن يتحرك أحد، أو تفعل شيئا، فحملنا السلاح دفاعا عن أنفسنا ومسجدنا ومنازلنا ضد شبيحة نصر الله.
هل تعتقد أن بإمكانكم الصمود أمام ترسانة الأسلحة التي يمتلكها حزب الله؟
لا أحد فى لبنان يمتلك معشار السلاح الذى يمتلكه حزب حسن نصر الله، ولا حتى الجيش اللبناني، ونحن لا نخشى السلاح في حراكنا السلمي، ووصلنا لقناعة بأننا لا بد أن نتحرك حفاظا على كرامتنا وعلى لبنان الذى نعرفه.
لم يسلم أحد من انتقاداتك، حتى رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري، فهل تسعى لأن تفرض نفسك زعيما للسنة في لبنان؟
أنا أقوم بواجبي حسب قدراتي، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولست زعيما للسنة، ولا نصبت نفسى متحدثا رسميا باسمهم، وإن كان السنة فى لبنان يحسنون الظن بى، فجزاهم الله خيرا، لكنني لم أنتقد الحريري إلا عندما اتهمني هو وقيادات تيار المستقبل، بالتطرف، فهو خسر المعركة، وترك البلاد ليعيش فى الخارج، حماية لنفسه، متخليا عن طائفته، أما السنة فلهم الله وكل غيور مخلص على بلده، ولن نسمح بأن نبقى الحلقة الأضعف فى لبنان، وعلينا جميعا أن نتحمل المسئولية.
ما الأدلة التي تملكها حتى تشكك في الأجهزة الأمنية والقضاء وكل مؤسسات الدولة؟
الدليل أن المسلحين طوقونا بالسلاح وسيارات الدفع الرباعية، بينما أجهزة الأمن اتهمتني أنا، عندما حملت السلاح أدافع عن نفسى، وقبلها قتل شبيحة حزب الله شابين من أنصاري، هما على سمهون، ولبنان العزى، بعد تعرضهم لموكبي بإطلاق الرصاص، ولم تتحرك الأجهزة الأمنية، ومازال المتهمون مطلقي السراح.
وأنا أقولها بكل وضوح، لبنان يرزح تحت احتلال لبناني مقنع لمؤسسات الدولة، وفى ظل هذا الاحتلال الإيراني، كان لا بد أن ننتفض ونتحرر، هذا هو الوضع الموجود فى مؤسسات لبنان، ونحن ثرنا اليوم، وإما أن ننتصر لكرامتنا، وإما بطن الأرض خير لنا من ظاهرها.
اتهمت حسن نصر الله وحزب الله بالتورط في قتل رفيق الحريري ووسام الحسن، ما دليلك على ذلك؟
كل المؤشرات والأدلة، وسجلات الاتصالات، وشهود العيان، وطريقة الاغتيال، منذ رفيق الحريري، رئيس الوزراء الأسبق، ثم عدد آخر من السياسيين والشخصيات العامة، التي تم اغتيالها بنفس الطريقة، بدءا من المسيحي جبران تويني، الذى كان يرى أن الرئيس السوري المجرم بشار الأسد، هو العدو الأول للبنان، وانتهاء بوسام الحسن، رئيس شعبة المعلومات التابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، الوحيد الخارج عن النفوذ والهيمنة الإيرانية فى لبنان.
وجهت دعوة لفرض رقابة على سلاح حزب الله، فماذا لو تعرض لبنان لعدوان إسرائيلي؟
فوضى السلاح التي تسبب فيها عدم وجود رقابة على سلاح حزب الله، أدى إلى أن كل فئة لديها مطلب داخلي، تستعمل هذا السلاح، وبدلا من توجيهه إلى الإسرائيليين، قتل به إخوتنا فى لبنان، أنا استشهد من أنصاري اثنين، على أيدى شبيحة نصر الله، فالسلاح الذى يوجه إلى صدور اللبنانيين لا يمكن أن يكون سلاحا للمقاومة.
ونحن طالبنا بتبني استراتيجية دفاعية، فى حالة وجود عدوان إسرائيلي على لبنان، يشارك فيها الجميع، أما أن يدعى فصيل واحد احتكار المقاومة، ويرهن إرادة البلد بأكملها تحت إرادته، ويوظف سلاحه فى الداخل، فهو أمر مرفوض.
كيف ترى تداعيات الثورة السورية في الداخل اللبناني؟
منذ بداية الثورة السورية، ناشدت حسن نصر الله ألا يتدخل ميدانيا هناك، لكنه ركب رأسه، وأصر على التورط، كما دعوت رموز الطائفة الشيعية إلى ترك المجرم بشار الأسد، وتجنيب نفسها الدخول فى أتون ما يجرى فى سوريا، لكن الجواب كان مزيدا من الاستعلاء والاستكبار والاستخفاف، وهو ما أجج الحقد المذهبي، خصوصا مع تدخل قوات حزب الله فى سوريا، وتورطها فى قتل المدنيين السوريين، فيما خرجنا نحن منذ بداية الثورة السورية لنصرتها، وهو ما جعل للبنان شيئا من الكرامة، في مواجهة الاحتلال الإيراني.