تعيش أسرة عمر محمود مرسى، الطالب بالفرقة الثالثة بمعهد سياحة وفنادق، حالة من الترقب بعدما أصيب عمر بطلق نارى بالرأس فى 27 يناير الماضى. يرقد عمر حاليا بغرفة العناية المركزة فى مستشفى الهلال، وينتظر أهله وأصدقائه كلمة من الأطباء المعالجين لتطمئن قلوبهم. قضت «الشروق» يوما كاملا مع عائلة المصاب داخل المستشفى أمام غرفة العناية المركزة فى انتظار موعد الزيارة، ووالداه كانا متلهفين لأى تحسن يطرأ على حالة نجلهما. قال والده أحمد مرسى، مدرس ثانوى: «ابنى ليس بلطجيا ولم يعتد على حق أحد، وجميع أشقائه متعلمون ويحظون بحب واحترام جيرانهم بمدينة الشيخ زايد، وعمر لم يخرج يوما ليشعل المبانى، وإنما خرج ليعبر عن رأيه ويطالب بحقه وحق زملائه ممن استشهدرا وأصيبوا، وانتهى الامر بأن أصيب بطلقة اخترقت رأسه لتستقر فى الفص الأيمن».
وأضاف: «كان ابنى يهوى كرة القدم ورسم الجرافيتى، وكم أخاف أن يصبح فى النهاية رسما على أحد الجدران مثل الذى يرسمه، وهل ذنب ابنى أنه يحب بلده وبيرسم جرافيتى للثورة وللشهداء؟».
وروى والده تفاصيل 4 أيام ظل فيها نجله غائبا وقال: «كانت آخر مرة رأيت فيها عمر مساء 27 يناير، عندما أخبرنى أنه نازل ميدان التحرير، فوافقت لأنى لا أستطيع أن أمنعه من نزول المظاهرات، وعندما تأخر اتصلت به فوجدت الهاتف مغلقا، فخرجت من المنزل مذعورا فى طريقى لقسم قصر النيل، وبالفعل وجدت اسم مشابه لاسمه بين المحتجزين، وعندما طلبت رؤيته والاطمئنان عليه أخبرونى بأنهم نقلوه لقسم عابدين، وأخبرنى عسكرى بالقسم أنه فى حالة جيدة ومصاب بكدمة طفيفة بالوجه، فذهبت إلى نيابة عابدين ولم أجده، وعندما سألت صديقه مروان الذى كان برفقته فى الميدان أخبرنى أنهما افترقا عندما اطلق رجال الشرطة وابلا من القنابل المسيلة للدموع، وبحثت عنه كثيرا بلا طائل».
يتابع الأب: ظللت لمدة 3 أيام حائرا بين أقسام الشرطة والنيابات دون أن أتوصل إلى جديد، وأخبرنى شخص فى نيابة زينهم أنه موجود هنا، فطلبت من المسئول مقابلة نجلى إلا أنه أخبرنى بعدم احتجازه فى النيابة، ووقتها فقدت أعصابى وطلبت رؤية كل من اسمه عمر، وحينها رأفوا بحالى وأخرجوا كل المتهمين ولكنه لم يكن بينهم». استطرد: «بدأت رحلتى بين المستشفيات حاملا صورته أسأل كل من تقع عينه عليه، وكان الرد واحدا وهو محدش جالنا بالمواصفات دى، وأثناء إجرائى لعدد من الاتصالات الهاتفية بعدد من الضباط ووكلاء النيابة الذين تربطنى علاقة طبية معهم، جاءنى اتصال من أحدهم بعد ساعات بأن عمر ضمن عدد من الأسماء فى كشوف جهاز الأمن الوطنى، وتبعها اتصال آخر من مستشفى الهلال الأحمر تفيد باحتجاز عمر بالعناية المركزة مصابا بطلق نارى وفقدان كامل للوعى».
يقول الوالد إنه سارع بالذهاب إلى المستشفى لرؤية نجله، وحرر محضرا بالواقعة ولكن الضابط رفض إعطاءه رقم المحضر خوفا أن يشهد عليهم عمر، وأضاف: «سألت الطبيب المعالج عن حالته فقال إن عمر مصاب بطلق نارى فى الرأس وأن العناية الإلهية أنقذته من الموت، كما أنه مصاب ببعض الكدمات والجروح الطفيفة بالوجه والجسد، وأخبرونى أن عربة الاسعاف نقلته مساء 27 يناير الماضى من ميدان عبدالمنعم رياض بعد إصابته».
اللغز المحير فى القضية هو، أين أصيب عمر بعد تأكيدات بعض العاملين بقسم قصر النيل للأب بأنهم شاهدوا عمر داخل القسم فى 27 يناير؟، وبعد أن أكد سائقو عربات الإسعاف الموجودين بمسجد عمر مكرم بأنهم لم ينقلوا عمر ولم يشاهدوه من قبل.
ختم الأب حديثه قائلا: «لن تمر الواقعة مرور الكرام، وسأتقدم ببلاغات للنائب العام ضد رئيس الجمهورية ووزير الداخلية لأنهما المسئولين عن قتل وإصابة أولادنا»، موجها رسالة للرئيس: «أنت سكت على تعذيب ولادنا ولو ما اتحركتش وطهرت الداخلية من اللى فيها، يبقى انت وهما ما تلزموناش».