سفير تركيا يفتتح معرض "كايرو فاشون آند تكس" بالقاهرة بحضور 650 شركة مصرية واجنبية    تفاصيل محاضرة فيريرا للاعبي الزمالك قبل مواجهة غزل المحلة    وزير الخارجية يشارك في جلسة حوارية بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس    أوقاف الدقهلية تنظم أكثر من 150 قافلة دعوية حول مواجهة التنمر المدرسي    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    شقيق عمرو زكي: أخويا معندوش أى أمراض وسنُقاضى مروّجي الشائعات    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    22 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة سموحة بالدورى    تعديل مواعيد قطارات بعض خطوط السكة الحديد السبت المقبل .. اعرف التفاصيل    بالصور.. هند صبري ويسرا اللوزي تدعمان المسرح الخطير في موسمه الجديد    محمود حجاج مؤلفًا لمسلسل مصطفى شعبان فى رمضان 2026    عبد الله الهوارى نجل غادة عادل يكشف سبب عدم إجرائه عملية التكميم    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    وزير الصحة يستقبل نائب رئيس البنك الدولي لتعزيز التعاون في مجالي الصحة والتنمية البشرية    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    خبيرة: نجاح المالية في جذب اكتتابات تتجاوز 9 مليارات دولار دليل على تحسن رؤية المستثمرين للاقتصاد المصري    معلم يعتدى على زميله بمدرسة فى قليوب.. وتعليم القليوبية تحيل الواقعة للتحقيق    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    موعد انتهاء العمل بالتوقيت الصيفي وبداية تطبيق التوقيت الشتوي 2025    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ المنافسة وبناء "شراكة الثقة مع القطاع الخاص"    الرسوم الجمركية الأمريكية تؤثر سلبًا على إنتاج الصلب الأوروبي (تفاصيل)    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    خيري الكمار يكتب: منة شلبي في حتة تانية    فيفا يعلن منح أذربيجان وأوزبكستان حق استضافة مونديال الشباب 2027    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    انطلاق مباراة روما وليل بالدوري الأوروبي    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل جديدة في الأردن بمجال الصناعات الخرسانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    سعر الدولار ينخفض لأدنى مستوى عالميًا مع قلق الأسواق من الإغلاق الحكومي الأمريكي    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    «العمل» تشارك في فعاليات تبادل الخبرات حول التوظيف الدامج لذوي الاعاقة    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    14 مخالفة مرورية لا يجوز التصالح فيها.. عقوبات رادعة لحماية الأرواح وضبط الشارع المصري    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون انتخاب.. لماذا التصويت؟
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 02 - 2013

ليس أغرب ما فى السجال الدائر حول قانون الانتخابات اللبنانى أن ستة افراد، يتزعمون على أربع جماعات طائفية، ويزعمون تمثيلها، يضاف إليهم رؤساء السلطة الثلاثة، قد أناطوا بأنفسهم تقرير نوع قانون الانتخاب الذى سوف يذهب اللبنانيون واللبنانيات للتصويت فى ظله فى الانتخابات النيابية المقبلة.

لعل الأغرب هو ان السجالات الدائرة حاليا، ليست تخجل من إعلان التصميم المشترك لدى الأفرقاء جميعا على تقرير نتائج الانتخابات سلفا قبل قيامها والاتفاق على نسب المحاصصة فيها حتى آخر مقعد. فاذا كانت الانتخابات النيابية السابقة قد حملت مفاجأة غير محسوبة نقلت الاكثرية النيابية من كتلة إلى اخرى، فالكل مصمّم على استبعاد اية مفاجآت من الآن فصاعدا. كيف لا والتطورات الاقليمية هى ما هى عليه، يقولون لك.

ومع أن حدة السجالات تتصاعد والانقسامات تخترق الكتلتين الآذاريتين الرئيستين، يلتقى الافرقاء على تقنيات مشتركة لتأمين ضبط الجماعات والتحكم باتجاهات تصويتها. وأبرز تلك التقنيات المشتركة ثلاث:

أولها، استبعاد الكتل البشرية الكبيرة التى يصعب التأكد من حجمها أو نسبها الطائفية والمذهبية ناهيك عن ولاءاتها وميولها الانتخابية. والمقصود ملايين المغتربون والعاملين فى الخارج. وهؤلاء موعودون، منذ اتفاق الطائف، بتدبير نظام يرعى إمكان اقتراعهم فى امكنة الاقامة والعمل، وهم لا زالوا منه محرومين. صحيح أنه يمكن إغراء الألوف منهم بالزيارة المجانية المدفوعة البطاقة والاقامة والاجر فى موعد الانتخابات. لكنها ممارسة لم تطاول إلا نسبة ضئيلة من أصحاب الحق فى الاقتراع وعددا من الافراد القادرين على تحمّل مثل هذه الأكلاف الانتخابية.

تقضى التقنية الثانية باستبعاد الشباب البالغين السن القانونية من حق الاقتراع إلى حين بلوغ سن ال21. وهؤلاء كتلة لا تقل غموضا وهلامية عن المغتربين وأن تكن توحى بأنها اكثر استعصاء على السيطرة والتحكم خصوصا فى زمن الثورات هذا. فلا داع للمخاطرة فى كل الاحوال.

أما التقنية الثالثة فتتعلّق بمكان الاقتراع. يقيم أكثر من 75 بالمئة من اللبنانيين فى المدن، الكثير منهم منذ عقود وعقود من الزمن، فى حين أن أكثر من 75 بالمئة منهم يقترع فى «مسقط رأسه» فى الأرياف، حيث يضبطه العصب العائلى والقرابى والمذهبى. وحيث ينتخب هؤلاء الريفيون المزيفون من لن يمثل مصالحهم بعد أن حرموا من حق انتخاب من يجب أن يمثلهم فى المجالس البلدية والنيابية حيث يقيمون ويعملون ويدرسون ويمارسون شتى نواحى حياتهم المدنية بما هم مواطنون.

مع ذلك، فالدعوة إلى ما سمّى «القانون الأرثوذكسى»، القاضى بأن ينتخب ابناء كل طائفة نوابهم مباشرة، كشفت ذروة التأزم فى نظام التمثيل الطوائفى برمّته. نظام تمثيل طائفى لا يزال يتطلب أن ينتخب ابناء كل طائفة نوابهم؟ ماذا كنا نفعل كل هذه السنوات والعقود؟

قام منطق التمثيل النيابى الطائفى لفترة ما قبل الحرب على فرضية تقول إن المنافسة بين مرشحى الطائفة التى تشكل الاكثرية العددية من المقترعين فى الوحدة الانتخابية المعنية (المحافظة غالبا) سوف تدفع بهؤلاء إلى توسل اصوات ابناء الاقليات. صحيح انه سوف ينتج عن ذلك نواب طوائفيون إلا أنهم سوف يتصفون بالاعتدال الطائفى، لاضطرارهم مراعاة من رجّح كفتهم على منافسيهم. هكذا تقول الحكاية.

•••

فرضت الحرب والاستئثار الميليشياوى والزعامى تمثيل طوائف رئيسية بزعيم أو اثنين لكل واحدة. نجم عن ذلك انقلاب كامل فى الصيغة المعهودة. فبدلا من أن يشكل ناخبو الأقليات العنصر المقرر فى اختيار نواب الأكثرية، وتعيين سياساتهم، صار ناخبو الأكثرية وزعماؤها هم الذين يقررون من ينجح من مرشحى الأقليات. هدّد هذا الانقلاب صيغة المناصفة التى أقرّها الطائف وانسحب على الجماعتين الدرزية والأرثوذكسية. الأولى ترفض أن يختار الناخبون المسيحيون نوابها وأن تحرم من انتخاب نواب من طوائف ومذاهب اخرى. وأما الثانية فلسان حالها مطلب التحرر من الوصاية والتمثيل بالنيابة عن طريق الموارنة، الجماعة الأكبر بين المسيحيين.

حقيقة الأمر أن الجميع جرّب المجرّب وأخذ يقترب من المحظور. ثمة اقتراح بتحويل الطوائف إلى وحدات انتخابية تنتخب ممثليها مباشرة؟ ممتاز! هذا ما يؤمنه حرفيا مجلس الشيوخ الذى ينص عليه الدستور. حقيقة الأمر أن ثمة اقتراحات باعتماد مجلسين، لكنها لا تزال تعتمد التمثيل الطائفى فى حين يقضى الدستور بأن يقوم مجلس نيابى خارج القيد الطائفى. وطريف ايضا كيف تتواتر اقتراحات تقترب من الدعوة لاعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية واللائحة المقفلة ثم تتفلّت منه باعتماد التمثيل الطائفى أو بإهمال اللوائح المقفلة. علما ان هذه الاخيرة هى التى تسمح بأدق تمثيل ممكن لكل تلاوين الحياة السياسية وتفسح فى المجال أمام تمثيل التيارات الصغيرة بل وحتى الافراد. فمع النظام النسبى بالمواصفات المذكورة، يصعب إن لم يكن يستحيل أن يصدر عن الانتخابات اكثرية تستأثر بالتمثيل النيابى وتفرض حكومات من لون واحد. فعادة ما ينتج هذا النظام فى العادة مجالس نيابية تستدعى التحالفات العريضة وتفضى إلى تشكيل الحكومات الائتلافية.

•••

وهكذا على المسرح امام اللبنانيين رئيس جمهورية مؤتمن على الدستور، ورئيس مجلس نيابى ونواب يشرّعون بمقتضى الدستور، ورئيس حكومة ووزرائه، ينفذون تلك التشريعات والقوانين ويصدرون هم أنفسهم ما تيسر من قرارات ومراسيم، والكل ينتمى إلى ما يسمّى «المؤسسات الدستورية». ومع ذلك فالكل غافل، واكثرنا معه، عن حقيقة ان الجمهورية الثانية لم تستكمل تطبيق دستورها، والكل منشغل، واكثرنا معه، بالبحث فى كيفية صياغة قانون انتخابى يوفّر على اللبنانيين عناء التصويت.

إن ما يجرى بين اطراف الفريق الحاكم اشبه بالمنازعات المعروفة على التعيينات. لن يفوز أى زعيم طائفة أو حزب تماما بمن قرر توظيفهم جميعا. لكن الحصيلة سوف تكون محصلة طلبات ومصالح الجميع، تقريبا.

لكن الانتخابات النيابية عندما تشبه التعيينات للوظائف الادارية، عندما تفقد عنصر المنافسة والمفاجأة، أى عندما يخسر المواطن معها، صفة المواطن ليصير من «الاهلين»، أى الرعايا، ويحرم فوق ذلك من حرية التصرّف بصوته ومن فرص الاختيار بين مرشحين على اساس برامج وخطط وسياسات، وعندما يصير الزعيم والحزب هو البرنامج وهو الخطة وهو السياسة، فما الجدوى من التصويت اصلا؟!



سياسى وكاتب وأستاذ جامعى لبناني

ينشر بالاتفاق مع جريدة السفير اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.