تبذل منظمة الأممالمتحدة جهودا كبيرة لاحتواء الموقف الأمني والسياسي المهترئ في إقليم الساحل والصحراء وامتداداته في غرب إفريقيا بشكل عام، وتشير التقارير الصادرة عن مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين إلى فرار نحو 150 ألفا من المدنيين من مناطق المواجهات في شمال مالي إلى دول الجوار، وهي: موريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو خلال آخر أسبوعين من شهر يناير الماضي، إضافة إلى 230 ألف نازح سبقوهم إلى دول الجوار. وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب إفريقيا السفير سعيد جنيت، إن تفاقم الأوضاع الأمنية في مالي وتطور الأحداث وتداعياتها هناك سيزيد من حالة التردي التي تعانيها الأوضاع الإنسانية والإغاثية في منطقة غرب إفريقيا بصورة كبيرة.
ونبه - في بيان أمام مجلس الأمن الدولي بالأممالمتحدة - إلى خطورة تفاقم حالات التسلل، مشددا على ضرورة إحكام السيطرة الأمنية على مناطق التماس الحدودي في غربي القارة السمراء.
وأشار جنيت إلى أن الموقف الحالي في مالي يكشف عن مظلة التهديد الشامل للخطر الإرهابي في إفريقيا انطلاقا من غرب القارة، وهو التهديد الذي يتعين على المجتمع الدولي الانتباه له بكل الحذر الواجب والقيام بكل ما يتعين القيام به لدعم صمود حكومات دول غرب إفريقيا وقواها العسكرية الشرعية وتصديها لتلك التهديدات الإرهابية.
وأكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب إفريقيا السفير سعيد جنيت، نجاح تماسك موقف حكومات غرب إفريقيا إزاء التصدي للمخاطر المنطلقة من شمال مالي، مشيرا إلى استعادة سيطرة القوات المالية على مدينة (جاو) الاستراتيجية السبت الماضي، والسيطرة على الجسر الرئيسي الرابط لتلك المدينة المهمة بكافة مناطق مالي وتطهيرها من العناصر الإرهابية المنتمية للقاعدة.
وينخرط مكتب الأممالمتحدة لغرب إفريقيا - الذي يتولى السفير سعيد جنيت رئاسته - في تفاعلات نشطة مع الحكومات ومنظمات العمل الأهلي في غرب مالي، ودول جوارها وفي امتداد دول غرب إفريقيا بشكل عام.
ويقول الخبراء إن الإقليم الغرب إفريقى يقف الآن في مفترق طرق، فبينما أبدى قادة دوله توجها جادا وإرادة سياسية للتضامن معا في مواجهة التهديدات المشتركة لإقليمهم وما يستلزمه ذلك من وقف صراعاتهم البينية بما يحقق الأمن والاستقرار للجميع، تقف التهديدات الأمنية المنطلقة من مالي ومنطقة الساحل حجر عثرة أمام إنزال تلك الإرادة السياسية على أرض الواقع بما تحتويه تلك التهديدات من إثارة للجرائم المنظمة والقرصنة وتهريب المهاجرين غير الشرعيين والإتجار بالبشر والأسلحة والمخدرات بدرجة تضع القارة السمراء بأكملها في مهب مخاطر كبيرة وليس إقليم غرب إفريقيا وحده.
وكانت أعمال القتال الدائرة بين قوات الطوارق المتمردة والقوات الحكومية المالية والتي اندلعت في مطلع هذا العام، قد أدت إلى سيطرة العناصر الأصولية المسلحة المنتمية للقاعدة على مناطق شمال مالي.
ويقول الخبراء إن الصراع في مالي أدى إلى إثارة مشكلات إنسانية كبيرة في منطقة الساحل بغرب إفريقيا، كما دفعت تلك الأوضاع المتردية حكومة مالي إلى طلب الغوث العسكري من فرنسا؛ لوقف اعتداءات عناصر التطرف الإسلامي المسلحة على المدنيين في شمال البلاد.