مقالا نشرته صحيفة وول ستريت جاء فيه: أن تتبع هجمات الطائرات بدون طيار خلال السنة الماضية يمكن ان يفيد باعتباره أحد الطرق لفهم سياسة أمريكا تجاه القاعدة والحرب على الإرهاب. إذ توحى الهجمات الصاروخية الشرسة فى اليمن وباكستان، إذا ما قورنت بالهجمات الصاروخية الأقرب إلى عدم الفاعلية ضد خلايا القاعدة فى شمال إفريقيا والساحل، بأن واشنطن لن تلاحق الجهاديين بشدة إذا لم يمثلوا تهديدا مباشرا لمصالح الولاياتالمتحدة بالخارج أو فى قارة أمريكا الشمالية. يعد الصراع فى شمال مالى مثالا على ذلك. إذ مادامت الشبكات الجهادية المسيطرة على شمال مالى لم تمد مخالبها إلى خارج المنطقة فمن الممكن أن تعفى أمريكا نفسها من التصدر لها. ولكن فى الوقت الذى تراقب فيه أمريكا من خارج الملعب بحذر، تغوص أقدام فرنسا فى رمال مالى، بينما يوطد الجهاديون الإسلاميون الأخطر وجودهم فى غرب ليبيا، وهم يضمرون تماما إحداث تأثير على مستوى العالم.
•••
يقول نيسمان إن بعد هجمات 11 سبتمبر 2012، حصل شعب بنى غازى على إعجاب السياسيين فى أمريكا وجذبوا انتباه وسائل الإعلام العالمية، بعدما طردوا المسلحين الإسلاميين من معاقلهم الحضرية، وبدأوا فى استعادة سيطرتهم على مصير مدينتهم. لكن انتصارهم لم يدم طويلا. إذ يذكر الآن سكان بنى غازى أن المسلحين أنفسهم الذين طردوا من معاقلهم، وتسللوا مرة أخرى إلى المدينة.
وصاحب عودة المسلحين الإسلاميين إلى بنى غازى، ارتفاع مذهل فى المواجهات بين المليشيات المدنية المتناحرة مع قوات الأمن فى المنطقة، مما أجبر الحكومة المركزية على اتخاذ إجراءات قاسية. وبعد ما يجرى حاليا من اغتيالات لمسئولى الحكومة، أبدلت حكومة على زيدان رئيس أمن المدينة بجنرال ثورى معروف بعدائه للإسلاميين، وقد صرح من فوره بأنه يدرس فرض حظر التجوال ليلا، لمكافحة المتشددين.
ويعتبر تصاعد مشكلة الإسلاميين فى بنى غازى، مجرد خدش على السطح. إذ أصبحت مساحات شاسعة من الصحراء شرق المدينة ملاذا للجهاديين تنتشر فيه تهريب الأسلحة ومعسكرات التدريب التى يديرها عتاة المقاتلين القدماء فى القاعدة من سائر أنحاء المنطقة. ومن تلك الشخصيات سفيان بن قومو، المساعد الليبى المحلى لأسامة بن لادن الذى نجح فى تأسيس درنة باعتبارها قوة ضاربة محورية فى كل عمليات القاعدة بقارة أفريقيا.
•••
ويشير الكاتب إلى أن درنة تقع على مسافة 260 كيلومترا شرق بنغازى على الطريق الساحلى الدولى، وكانت من قبل مركزا للتجارة الدولية، ولكنها أصبحت الآن تشكل بوابة الجهاديين إلى أفريقيا. وفى العام الماضى، وصل إلى المنطقة جهاديون متحمسون من مناطق بعيدة مثل باكستان، للتدريب، قبل نقلهم إلى مناطق القتال فى مالى.
وليست القوات البشرية فقط هى التى تمرر عبر درنة. بل نقلت منها أكثر الأسلحة المتقدمة والصواريخ المضادة للطائرات، التى تكاثرت فى شبه جزيرة سيناء بمصر وأماكن أخرى فى المنطقة، من مخابئ معمر القذافى بواسطة المهربين الإسلاميين فى شرق ليبيا. ويبدو هؤلاء المهربون متحكمين بشدة فى منطقة العبور من الحدود المصرية بالقرب من مدينة طبرق الساحلية الليبية. وسلطت الأضواء مؤخرا على شعورهم تجاه حضور الحكومة الليبية فى المنطقة بسبب محاولة اغتيال محمد البرعصى وزير الدفاع فى زيارته يوم 20 يناير.
وليست درنة ومحيطها سوى أحد المعاقل الجهادية المتعددة التى ظهرت فى ليبيا. ومن بين المعاقل الاخرى تلك القريبة من المدينة الجنوبية الغربية سبها، قرب الحدود مع الجزائر والنيجر. وييسر التعاون المتنامى لهذه الشبكات إلى حد كبير تزويد عناصر القاعدة بالتمويل والتجهيزات فى مالى وأنحاء مختلفة من أفريقيا، والأرجح أنه وفر منصة انطلاق للهجمات على منشأة عين إميناس الجزائرية.
•••
ويضيف نيسمان إذا كان من شأن أزمة الرهائن المستحكمة الأسبوع الماضى أن تثبت شيئا واحدا، فهو أن النتائج التى يتسبب فيها المتطرفون الإسلاميون فى قارة أفريقيا لا يمكن أن تنحصر فقط فى الصحراء الشاسعة. فالحرب الفرنسية للقضاء على التطرف فى شمال مالى سرعان ما ستصبح مباراة عبثية مستنزفة دون فعل محدد ضد أشباه الدول الخاصة بالإسلاميين. ومثلما كان الأمر مع الحملة الأمريكية فى اليمن، أو العملية الفرنسية فى مالى، يعد التعاون مع الحكومات المحلية مكونا رئيسيا فى أية محاولات للتدخل الأجنبى.
وفى الختام يقول نيسمان إنه مع ملاحقة فرنسا للقاعدة فى مالى وتصعيد حكومة الجزائر موقفها ضد الجهاديين، لم يعد ممكنا تجاهل مشكلة الجهاديين فى ليبيا باعتبارها تسبب إزعاجا محليا. وقد حان الوقت لتباشر أمريكا الهجوم.
للاطلاع على المزيد من هذا المقال يرجى زيارة الرابط التالى: