عاكف المصري: قمة شرم الشيخ أكدت أن مصر الحارس الأمين للقضية الفلسطينية وخط الدفاع الأخير    ضياء رشوان: مقولة الرئيس السيسي القائد الحقيقي يمنع الحرب لا يشنّها تلخص مشهد قمة السلام    رئيس مدغشقر يغادر البلاد دون الكشف عن مكانه    بريطانيا توجه رسالة شكر إلى مصر بعد قمة شرم الشيخ للسلام    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي التوليدي يعيد تشكيل العملية التعليمية    عماد النحاس يكشف عن رأيه في حسين الشحات وعمر الساعي    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    «زي النهارده».. استشهاد اللواء أحمد حمدي 14 أكتوبر 1973    «شرم الشيخ» تتصدر مواقع التواصل ب«2 مليار و800 ألف» مشاهدة عبر 18 ألف منشور    ترامب: لا أعلم شيئًا عن «ريفييرا غزة».. ووقف إطلاق النار «سيصمد»    الأمم المتحدة: تقدم ملموس في توسيع نطاق المساعدات الإنسانية بقطاع غزة    مدير منظمة الصحة العالمية يعلن دخول 8 شاحنات إمدادات طبية إلى غزة    إسرائيل تتسلم جثث أربعة رهائن كانوا محتجزين فى غزة    بشارة بحبح: تعريف الولايات المتحدة لنزع سلاح حماس لا يشمل الأسلحة الفردية    ارتفاع كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. مفاجأة بأسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 14-10-2025    توفير أكثر من 16 ألف يومية عمل ضمن اتفاقية تحسين مستوى المعيشة بالإسكندرية    «اختياراته تدل على كدة».. رضا عبدالعال ينتقد حسام حسن: يحلم بتدريب الأهلي    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «بين الأخضر وأسود الرافدين».. حسابات التأهل لكأس العالم في مجموعة العراق والسعودية    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    سحب منخفضة على القاهرة وسقوط رذاذ.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    اعرف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    تسجيل دخول منصة الشهادات العامة 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم لطلاب أولى ثانوي (رابط مباشر)    شاهد سقوط مفاجئ لشجرة ضخمة على سيارة بمنطقة الكيت كات    ذاكرة الكتب| «مذكرات الجمسي».. شهادة تاريخية حيَّة على إرادة أمة استطاعت أن تتجاوز الانكسار إلى النصر    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    إسعاد يونس: خايفة من الذكاء الاصطناعي.. والعنصر البشري لا غنى عنه    بعد استبعاد أسماء جلال، هنا الزاهد مفاجأة "شمس الزناتي 2"    أحمد التايب للتليفزيون المصرى: مصر تحشد العالم لدعم القضية الفلسطينية    957 مليون دولار أمريكى إيرادات فيلم A Minecraft Movie    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    4 طرق لتعزيز قوة العقل والوقاية من الزهايمر    هتشوف فرق كبير.. 6 مشروبات واظب عليها لتقليل الكوليسترول بالدم    التفاح والقرنبيط.. أطعمة فعالة في دعم صحة الكلى    علماء يحذرون: عمر الأب يحدد صحة الجنين وهذا ما يحدث للطفرات الجينية في سن 75 عاما    قرار جديد للشيخ سمير مصطفى وتجديد حبس صفاء الكوربيجي.. ونيجيريا تُخفي علي ونيس للشهر الثاني    مصرع شاب غرقًا في حوض زراعي بقرية القايات في المنيا    د.حماد عبدالله يكتب: القدرة على الإحتمال "محددة" !!!    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025    تخصيص 20 مليون دولار لتأمين الغذاء والمياه والمأوى بغزة    بالتفاصيل| خطوات تحديث بطاقتك التموينية من المنزل إلكترونيًا    ضبط 10 آلاف قطعة باتيه بتاريخ صلاحية مزيف داخل مخزن ببني سويف    أردوغان لميلوني في قمة شرم الشيخ: تبدين رائعة (فيديو)    89.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة الإثنين    قرار من النيابة ضد رجل أعمال نصب على راغبي السفر بشركات سياحة وهمية    ألمانيا تفوز أمام ايرلندا الشمالية بهدف نظيف في تصفيات أوروبا لكأس العالم 2026    قلادة النيل لترامب.. تكريم رئاسي يعكس متانة العلاقات المصرية الأمريكية    بحضور صناع الأعمال.. عرض أفلام مهرجان بردية وندوة نقاشية بالمركز القومي للسينما    محافظ قنا يشهد احتفالية قصور الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر    جامعة بنها: إعفاء الطلاب ذوي الهمم من مصروفات الإقامة بالمدن الجامعية    وزير الري يشارك فى جلسة "مرفق المياه الإفريقي" المعنية بالترويج للإستثمار فى إفريقيا    دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تخترق شبكة لتداول الترامادول الصيني والهندي والمغشوش بالقاهرة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 01 - 2013

«لا يصرف إلا بروشتة طبية حمراء».. هذا هو الشرط الذى وضعه قرار الدكتور فؤاد النواوي وزير الصحة الأسبق رقم 125 لسنة 2012، بإضافة الترامادول إلى أدوية الجدول الأول للمواد المخدرة الملحق بقانون مكافحة المخدرات.

وزير الصحة أكد فى قراره أنه لا يجوز صرف الترامادول بالروشتات العادية، لكن يتم صرفه بالروشتات الخاصة بأدوية جدول المخدرات من خلال الروشتة الحمراء التي يتم صرفها من وزارة الصحة للأطباء، وشدد على أن ضبط أي نوع من أنواع الترامادول المهرب فى الصيدليات سيتم اعتباره اتجارا فى المخدرات.

على الرغم من التحذيرات والتضييقات، فإن تقريراً صادراً عن صندوق مكافحة وعلاج الإدمان ذكر أن عقار الترامادول يأتي على رأس المواد المخدرة المتداولة فى مصر، وأن 38 % من الحالات التي تبحث عن علاج على الخط الساخن للصحة النفسية تتعاطى عقار الترامادول الذى احتل المرتبة الأولى بين المواد المخدرة التي يتعاطاها الشباب بنسبة 48%. العقار الذى ضبطت الحملات الأمنية كميات كبيرة جدا منه العام الماضي، بلغت فى إحداها 19 مليون قرص، فى جمارك شرق بورسعيد التي كانت قد أحبطت لنفس الشركة محاولتها لإدخال أكثر من 25 مليون قرص، يسبب تناوله باستمرار توقف الإفراز الطبيعي لمادة الأندروفين التي يفرزها الجسم لمقاومة الألم، وعند إيقاف الترامادول لا يتحمل الجسم الألم، وبالتالي يجبر المريض على تناوله مرة أخرى فيعتمد عليه ويدمنه.

بعد حظر تداول الترامادول في الصيدليات ظهرت مصانع «بير السلم» التي تنتج أقراصا مغشوشة يتم تخليط محتوياتها من مضادات حيوية ومواد كيماوية، كما انتشرت بشكل واضح عمليات التهريب لأنواع الترامادول الصينى والهندى.

«الشروق» حاولت رصد شبكة بيع الترامادول فى إحدى المناطق الشعبية، وتعرفت من خلالها على طرق التهريب من الخارج، كما حاولت تحليل عينة من الأقراص المهربة المختلفة لمعرفة ما تحويه وتأثيراتها.

»يستيقظ باكرا، لا يتحدث مع أحد من أفراد عائلته، لا يرى أحدا، لا يأكل ولا يشرب، ولا يذهب إلى عمله، قبل أن يتجه مسرعا إلى مكان يعرفه وحده داخل بيته، حيث أقراص الترامادول التى يتناولها يوميا، لتبدأ حياته، بنشاط ملحوظ يتحرك، يلقى التحية على كل من يلقاه، نشاطه وقتي، وسرعان ما يزول، لكنه يعرف كيف يستعيده، وفى صباح كل يوم تعود رحلته مرة أخرى للبحث عن قرص آخر يعاونه على عناء يوم جديد« .

العثور على قرص ترامادول ليس بالأمر السهل، رغم انتشاره الواسع فى شوارع العاصمة، وهو ما تؤكده إحصائيات وزارة الداخلية التى تفيد بأن السلطات الأمنية نجحت فى إحباط محاولات تهريب 70 مليون قرص ترامادول، كان يتم تهريبها عبر ميناء العين السخنة، وميناء بورسعيد، داخل حاويات، فى الفترة من يناير 2012 إلى سبتمر من العام الماضى.

البداية عادة تجربة، يعرض أحدهم على الآخر قرصا للتجربة، ويستجيب، فيبدأ المشوار.

«حياتى معتمدة على الحباية دى، لو قعدت يوم واحد من غير ما آخده ماعرفش أروح شغلى ولا أعرف أنام، وكأنى عندى 100 سنة»، أحمد الذى أصبح مدمنا لأقراص الترامادول، يقنع نفسه بأنها تشبه علاج الإرهاق أو الخمول، فهكذا يفضل أن تكون بدلا من الإدمان.

«لو فى يوم مأخدتش الحباية فيه بادخل الحمام وأنا بتسند، وبحس إنى بنسى كتير، ومفيش أى تركيز، وغضبى يبقى سريع، وبافقد شهيتى خالص، حاجات غريبة بحس بيها من يوم واحد بس أتأخر ومخدش الحباية، علشان كده بقيت أحس أنه علاج مش أكتر» .

فى سن 16 سنة، تعاطى أحمد القرص الأول، "كنت بشتغل فى منطقة الوراق، فى معرض موبيليا، وكان بيبقى مطلوب منى أنى أشيل خشب كتير، ماكنتش بقدر، راح واحد من زمايلى عزم عليا بواحدة، وقالى دى هتخليك تقدر تشيل وتشتغل كويس، روحت مجربها لاقيتها كويسة".

وبدأ الشاب فى تعاطى الأقراص كلما أتاحت الظروف، «كل أسبوعين تلاتة مرة، أو كل ما يكون عندنا سهرة فى المعرض أو شغل كتير، وبالتدريج بدأت آخد واحدة كل مرة أخرج فيها مع أصحابى، للفرفشة يعنى، وبعد كده بقيت أخد ربع حبايات كل يوم، وأما أتعودت عليها لاقيتها مش عامله حاجة، روحت زودت الجرعة وبقت نص حباية كل يوم، ودلوقتى، وصلت لحباية كاملة، وأوقات باخد بالحبيتين أو التلاتة أما بكون تعبان أوى« .

متعاطى أقراص الترامادول يتعامل عادة مع تاجر صغير يتعامل بدوره مع تاجر أكبر، ثم صيدلية أو شركة أو مهرب، تلك السلسلة، كشفتها محاولات «الشروق» فى الوصول إلى منبع انتشار اقراص الترامادول فى مصر، ولأن حصر المناطق التى تنتشر فيها تلك التجارة الجديدة كان مستحيلا، اخترنا منطقة شبرا كنموذج للمناطق الشعبية.

التاجر الصغير
أخفيت هويتى الصحفية، وأقنعت أحمد بأنني باحث جامعي، أحتاج الوصول إلى تاجر لمعرفة مدى انتشار أقراص الترامادول بعد حظر بيعها من وزارة الصحة، ووضعها على قائمة الأدوية التى يحظر بيعها دون روشتة طبيب.

طلبت منه عينة من الترامادول، وأبديت استعدادى التام لدفع أى مقابل يطلبه، بشرط أن أكون معه أثناء شرائه الشريط، نظرا لضيق الوقت، واحتياجى للعينة بسرعة، فى البداية تردد، ثم وافق بعد إلحاح، وبالفعل ذهبت معه إلى صاحبه الذى يعتمد عليه فى التموين.

التاجر الصغير كان شخصا يعمل ببيع الاكسسوارات الحريمى فى الشوارع الجانبية بشبرا، اتجهنا إليه وبشفرة خاصة يفهمها كلاهما قال أحمد «عايز سيجارة يا معلم»، استغربنى التاجر الذى سأل عن هويتى، «طب مش تعرفنا بالنجم إلى معاك ده يا معلم»، اطمأن الرجل لى بعد أن أخبره الشاب أننى صديقه، وبدأت الصفقة.

10 جنيهات كانت ثمن قرصين من الترامادول، رغم أنه يبيعه لأشخاص آخرين بسعر 2 جنيه للقرص الواحد، ولذا أصبحنا زبائن مميزين عنده.

ترددت على التاجر عدة مرات بعدها، لإقناعه بأننى أحتاج الاقراص بشكل يومى، ثم طلبت منه علبة كاملة، أو عددا كبيرا من الأقراص لبيعها للأصدقاء، لكن الكمية لم تكن متوافرة لديه بالكامل، فاتفقنا على الذهاب لتاجر أكبر يشترى منه الأول الكمية الصغيرة التى يتعامل بها.


الرجل الثانى
فى منزل الممول الأكبر ويدعى «ف.ج»، صاحب شبكة لبيع الترمادول ومشتقاته، كان المشهد لافتا للنظر، فالرجل يلتقى زبائنه فى بيته ووسط أهله، عقار مكون من خمسة أدوار، يقيم بالدور الثالث به، وفى غرفة خاصة، يقابل الزبائن.

»عايز أد إيه يا نجم»، فطلبت منه علبة كاملة، ثم بدأت أسأله عن أنواع الأقراص التى يبيعها وأسعارها ومن أين يأتى بها.

»يا باشا فى أنواع كتير زى الترامادول الصينى، والهندى والمصرى المضروب، وفى بردة بتاع وزارة الصحة، بس ده شاحح شوية، وملهوش سكة معايا، لكن الصينى والهندى سهل أوى»، ضعف الرقابة على المطارات والحدود ما بعد الثورة، ساعد فى سهولة دخول الترامادول ومشتقاته من الأقراص المخدرة، بحسب التاجر، „وبقى أى واحد ممكن يشتغل فى التجارة دى لإنها سهلة ومربحة، وكمان الصين والهند بيعتبروا أكبر الممولين للأقراص لإن هما شغالين علينا يعنى بيشوفوا المصرى محتاج إيه، لكن الترامادول الهندى أحسن لأنه نضيف وعليه الطلب».

الفرق بين الترمادول الصينى والهندى بحسب التاجر أن الأقراص التى تأتى من الهند «أنضف وأغلى»، لكن الترامادول المصرى هو ذلك الذى يتم تصنيعه «تحت بير السلم»، لأن حظر بيع الترامادول الأصلى فتح مجالا لذلك النشاط، «ده بيكون مضروب ببدرة أو بيتخلط بأى حاجة، وبيطحن ويتغلف، ويتباع للمتسولين علشان رخيص وبيطلب بخناق، يعنى اللى ياخده يبقى عاوز يتخانق ويزعل أى حد» .

سألته عن الفئة الأكثر اقبالا على شراء تلك الأقراص، وقال: «الترامادول ده مصر كلها بتاخده، سواء طلبة فى المرحلة الإعداية أو فى ثانوية، وشباب الجامعات، والسواقين، والحرفيين، كل الناس بتستخدمه وكل واحد لغرض معين، حتى العيال الفرافير«.

«تفاحة»، كان الاسم الذى أطلقه التاجر على قرص أحمر، أحد أنواع الترامادول، يستخدم فى الأغراض الجنسية، «فى ناس بتستخدمه عشان تطول العملية الجنسية، بيكون مرسوم عليه شكل التفاحة وهو أقوى أنواع الترامادول تأثيرا من حيث التخدير« .

أما ترمادول وزارة الصحة الذى تنتجه شركات أدوية معروفة، «بيكون غالى أوى على الزباين، وكمان بيكون صعب الحصول عليه، وزراة الصحة حطته جدول فئة «1» وهى أخطر درجة فى الجدول، وبالتالى الصيدلية مش بترضى تصرفه غير بروشتة حمرا، علشان ممكن يتحبس لو عرفوا أنه بيوزع على الناس، بس فى بعض الصيادلة بيعرفوا يزورا الروشتة ويكتبوا فيها كميات كبيرة، علشان محدش يعرف يمسك عليهم حاجة، وبيتعاملوا مع ناس معينة لبيع الترامادول وبيبعوه بأضعاف مضاعفة«.

ولأن التاجر الذى التقيناه، يحصل على الكميات التى يبيعها من الخارج، «أنا عن نفسى البلستكة إللى معايا دى يقصد بها الشنطة التى تحتوى داخلها على 10 علب تراماودل ، بجيبها أما تقع أدامى، حد من حبايبنا يكون جاى من برة، يروح ظبطلى المصلحة دية».

لكن الرجل أحيانا يعتمد على أحد التجار الكبار المسيطرين على عملية استيراد الترامادول من الخارج، وهو ما تمكنت الشروق عن طريق عدة مصادر من الوصول إلى أحدهم ويدعى «محمود» وهو اسمه المستعار.

الزعيم
المستورد الكبير عرفنا بالخطوات التى يتبعها رجال الأعمال أو كبار التجار ليصبحوا مستوردين لتلك الأقراص، «المطلوب رأس مال 100 الف جنيه وجواز سفر وبطاقة ضريبية وسجل تجارى علشان تكون صاحب شركة وتقدر تستورد«.

أولى الخطوات كما شرح لنا هى الحصول على تلك الأوراق لتسهيل اجراءات السفر إلى دولة الصين أو الهند، تحت مسمى رجل أعمال أو صاحب شركة استيراد وتصدير، «هناك عدة مصانع معروفة فى الهند ويعرفها المصريون، أصحاب تلك المصانع يشتركون مع المهرب فى تأمين وصول ودخول الشحنة وإخفائها وسط البضائع، سواء كان الشحن يتم عن طريق الموانئ أو المطارات، ولكن غالبا وبالأخص المصريون يهربون بضائعهم عن طريق البحر»، بحسب التاجر.

ولإخفاء الأقراص المهربة، «بيلفوا عليها ورق كربون قبل شحنها من بره لأنه حاجب للرؤية، وأجهزة الكشف لا تستطيع رؤية ما بداخله، ولو فيه جهاز حديث هاتمر عليه الشحنة ما تنكشفش وده بيستخدموه فى الهيروين والحشيش وتهريب أى شىء ممنوع».

عملية التخزين ومدتها تختلف من تاجر لآخر، حسب ما أوضحه الرجل، «محدش ما اشتغلش فى التهريب، ناس كتير قوى فى اللعبة دى، بس كل واحد حسب شطارته، ممكن البضاعة ما تقعدش فى المخزن يوم عند تاجر، وده أحسن، وفى تاجر تانى البضاعة عنده بتطول بس بتطلع وآخرها 3 أإيام تخزين«.

صيدلي أو تاجر
الطريقة التى يتبعها المهربون والمستوردون بجلب الأقراص من الخارج تمثل نسبة كبيرة فى حجم ضخ الترامادول بأنواعه فى الشارع، وذلك وفقا لإحصائيات وزارة الداخلية التى أشارت إلى أن ضعف إحكام السيطرة على الموانئ والحدود والمطارات عقب الثورة، سمح بدخول تلك الأقراص بكميات كبيرة، لكن هذا لا ينفى وجود عدد لا بأس به من أصحاب الصيدليات لجأ لبيع الترامادول بعد وضعه على الجدول، بأسعار عالية، بهدف التربح.

«90% من الصيادلة بيبيعوا الترامادول الصينى والهندى على أنه ترامادول أصلى، وهو فى الحقيقة يكون عبارة عن تركيبات مواد كيميائية ومضادات حيوية مخلطة بمواد أخرى، تهرب من الخارج ويطلق عليها ترامادل من أجل الضحك على المدمنين وإيهامهم بأنه الترامادول المصرى، وأن ما يوجد فى صيدليات وزارة الصحة ويباع على انه ترامادول يكون المضروب منه»، وفقا للدكتور خالد أحمد الزينى، صاحب صيدلية بمنطقة شبرا.

يتعامل هؤلاء الصيادلة مع مهربى الأقراص الصينى والهندى بحسب كلام الزينى، ويبيعونه على أنه أصلى، «وطبعا اللى رايح يشترى من صيدلية فاكر إنه بيشترى الأصلى، وفى الغالب لا يتعامل الصيدلى سوى مع بعض الأشخاص الذين يعرفهم جيدا ويتعامل معهم باستمرار، حتى لا يقع تحت طائلة القانون».

وأشار الزينى إلى أن الحصول على الترامادول المصرى المصرح بيعه من وزارة الصحة أمر غاية فى الصعوبة، بعد أن وضعته وزارة الصحة عام 2009 إلى الجدول الأول الملحق بقانون المخدرات ومنعت صرفه إلا بروشتة حمراء اللون، واشترطت على الصيدلى أن يظل محتفظا بها ليثبت صرفه الكمية التى حصل عليها من الوزارة، وإذا تناقضت الكمية التى قام بصرفها مع ما تظهره الروشتة تحاسبه الوزارة قانونيا، «فإذا وقع قرص واحد من شريط، من الممكن أن يُسجن الصيدلى، ولهذه الأسباب تجد تواجده فى الصيادلة نادرا، خوفا من المساءلة والعقاب».

ويكمل: «ولكن هذا لا يمنع أن هناك العديد من الصيادلة يتاجرون به، نظرا للمكاسب الخيالية التى يحققها، فالشريط ثمنه لا يتجاوز ال 10 جنيهات، ولكن دون روشته قد يصل إلى 30 و40 جنيه، بحسب الإقبال».

ويرى الزينى أن انتشار الترامادول المهرب، زاد بعد ثورة 25 يناير، نظرا للانفلات الأمنى، «وأصبح المدمن يأتى إلى الصيدلية دون خوف ويطلب منى قرص، وبأى تمن، وبعض البلطجية بيحاولوا اقتحام الصيدلية ويهددونى بالسلاح عشان أصرف له ترامادول، وأصبحت الصيدليات التى تعمل فى مناطق شعبية، كأنها وكر للمخدرات لتحقيق الإمتاع الوهمى لهؤلاء المدمنين».

التحليل ممنوع
ولأن الطبيب تحدث عن مخاطر الأقراص المضروبة والأنواع المهربة من الصين والهند، لما تحتويه من مواد كيماوية خطرة، حاولت «الشروق» تحليل عينة من كل نوع حصلت عليه من المهرب، سواء الترامادول الصينى أو الهندى أو المصرى المخلط، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل. تنوعت حجج المراكز البحثية، ما بين الرفض والمماطلة، فى الخطوة الأولى اتجهنا إلى المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة، والتى رفضت بدورها تحليل العينة مؤكدة أن تحليل الأدوية ليس من اختصاصها، ونصحتنا بالتوجه إلى الهيئة القومية للرقابة على البحوث الدوائية.

فى الهيئة جاءنا الرفض الثانى، بحجة عدم وجود تعليمات بتحليل عينة لأى مواطن، أو لوسيلة إعلامية من أجل تسهيل مهام عملها.

توجهنا بعد ذلك إلى المركز القومى للبحوث الذى رفض بدوره تحليل العينة «لأنها لا تحوى نشرة داخلية»، ورغم إيضاح أن تلك الأقراص مهربة من الخارج ويتم بيعها بشكل غير قانونى ويصعب الحصول على نشرة طبية لها، فإن المركز رفض بشكل قاطع التحليل دون وجود نشرة.

وهم الجنس والنشاط والفرفشة
استخدامات الترامادول متعددة، فالبعض يعتبره حلا سحريا لمشاكله الزوجية، فهو كما يشاع عنه يطيل مدة العلاقة الجنسية لفترة تتجاوز ثلث الساعة، وآخرون يستخدمونه ليعينهم على تحمل مشقات عملهم المجهد، وهناك من يتناوله للضحك والفرفشة باعتباره مخدرا يساعد على نسيان الهموم ولو لفترة وجيزة.

الدكتور مصطفى فهمى مدير عام مستشفيات الصحة النفسية، بالأمانة العامة للصحة النفسية، قال إن الترامادول هو نوع من أنواع مسكنات الألم، وهو أحد مشتقات المورفين، وله ميزة عن المورفين أنه يوجد منه أقراص، بعكس المورفين، الذى يتناوله المريض عن طريق الحقن.

والترامادول من المسكنات القوية يستخدم تحديدا بعد العمليات الجراحية أو الآلام الشديدة التى تصاحب المرض، وفى حالات كسور العظام، وأيضا يستخدم لتخفيف ألم مرضى السرطان، ولا يستخدم فى الحالات البسيطة للمرضى.

«الشعور الذى يمنحه الترامادول لمدمنيه بالضحك والفرفشة هو شعور وهمى»، كما يقول فهمى، لأن المدمن أوحى لنفسه بأنه سينسى همومه ومشاكله، وبالتالى يهيئ عقله للضحك وإزاحة الهموم جانبا، بالتالى هذا الشعور وهمى وليس له أى أساس من الصحة.

وأضاف فهمى أن هناك بعض المهن التى تحتاج إلى جهد بدنى كبير، وساعات عمل طويلة، فيلجأ العاملون بها إلى تناول عقار الترامادول أملا فى تحمل ساعات العمل الطويلة، والإرهاق البدنى الذى تتطلبه، وفى هذه الحالة يعطى الترامادول قدرة للاشخاص على تحمل تلك الأعمال لأنه يستخدم كمسكن قوى وفعال للآلام، «عندما يأخذه العامل يشعر بالراحة ويزيد من نشاطه وقدرته، وبالتالى يقبل عليه ويتناوله بانتظام، ولكنه يفقده جزء من تركيزه، فمثلا بالنسبة للسائقين اللذين تتطلب مهنتهم السفر والتنقل بين المحافظات المختلفة، من السهل جدا ان تحدث لهم حوادث، لأن تناول الترامادول يضعف من قدرته على تقدير المسافات، والتركيز طول الطريق، فنجد ان جسده يقظ وعقله غافل عما حوله».

أما فيما يتعلق بإطالة العملية الجنسية، قال فهمى «كثيرا ما نجد أزواجا يتناولون عقار الترامادول بغرض إطالة العملية الجنسية، ولكن هذه هواجس وخيالات لا تمت للواقع بصلة، لأن الزوج عندما يتناوله بغرض إطالة العملية الجنسية، يصبح عقله الباطن لديه شعور بطيلة الوقت، فمثلا يشعر الزوج انه استمر 20 دقيقة فى العملية الجنسية، وقد تكون 7 دقائق أو 8 على أقصى تقدير، مما يؤدى إلى مشاكل عديدة، لأن الزوج يتصور عندها أنه قام بدوره على أكمل وجه، لكن الحقيقة أن الأمر مجرد خيال يصوره له عقله الباطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.