لكل فلاح ظهر فى هذا الزمن إذا كنت مزارعا فلا تقلق.. بنك التنمية والائتمان الزراعى يدعمك. صحيح أنه لا يوفر لك مستلزمات الإنتاج بسهولة، يقصم ظهرك فى أسعار الأسمدة، يذهب بك إلى المحاكم والأقسام لسداد قروضك الإنتاجية التى تعثرت فى سدادها بسبب الركود، أو انهيار أسعار المحاصيل، أو غياب شبكات التسويق والتوزيع التى كان من المفترض أن يساعدك البنك فى بنائها وتعزيزها.
لكن كل ذلك لا يهم، ولا يجعلك تعتقد أن البنك لا يقوم بدوره فى خدمة الزراعة المصرية والنهوض بها وبالفلاح المصرى، لأن البنك سيمنحك قرضا للزواج الثانى بفائدة هى الأقل على الإطلاق فى السوق المصرفى المصرى.
يشجعك رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى على الزواج الثانى، هو فقط لا يدعمك بالنصيحة، لكنه يقدم لك إمكانيات البنك، بعد أن تفتق ذهنه وفق ما هو منسوب له فى جريدة الأهرام أمس، على منح قروض ميسرة للمزارعين للزواج الثانى بفائدة أقل من تلك التى يأخذها المزارعون لمستلزمات الإنتاج، أو لإنشاء مزرعة دواجن أو عنبر للعجول، أو لتطوير زراعاتهم، أو لسداد ثمن الأسمدة والمبيدات.
يتحدث رئيس البنك عن مشكلة عنوسة فى المجتمع المصرى، هو يستخدم أرقاما رسمية لكن فى المجال الخطأ، هو لم يسأل كم من هذه النسبة موجود فى الريف وفى مجتمعات فلاحين فى الأغلب لا تتخطى الفتاة فيها سن الواحد وعشرين عاما إلا وهى متزوجة، أيضا لم يسأل الرجل الذى قرر أن يتصدى لمشكلة العنوسة رغم أن مهمته الرسمية أن يتصدى لمشاكل قطاع الزراعة وأن يكون مساعدا فى تطويره وتشجيع المزارعين على الاستثمار بمخاطر أقل، والأرجح أنه لا يؤدى هذه المهمة كما ينبغى، لم يفكر أن مبادرته قد تهدم بيوتا آمنة بدلا من أن تعمر آخرى.
ولأنه جزء من مدرسة قديمة فى التفكير ومازالت قائمة وحاكمة حتى الآن، تعمد دائما إلى التغطية على الفشل بالتوسع فى الوعود التى تغازل مشاعر الناس وغرائزهم، فلم يفكر مثلا فى تقديم مبادرات لحل مشكلة البطالة فى الريف، عبر التوسع فى أشكال ائتمانية جديدة تساعد آلاف الشباب على العمل والكسب ومن ثم الزواج وحل مشكلة العنوسة، لم يفكر فى هذه الحلول الائتمانية لمكافحة ظواهر الهجرة غير الشرعية، وربط آلاف الشباب المحبط الذى يغامر بحياته فى البحر بأمل جديد.
وإجرائيا وهذا ليس بهزل، يحتاج المزارع المقدم على زيجة ثانية بتشجيع رئيس بنك الائتمان الزراعى أن يعرف هل سيكون على العروسة «حظر طلاق» مثل حظر البيع المرتبط بقروض السيارات، وماذا لو طلقها بعد أن حصل على القرض، هل سيقاضيه البنك، أم سيشجعه على أن يجرب حظه مع أخرى، وماذا لو ماتت أو اكتشف أنها «نكدية» هل سيمنحه البنك وثائق تأمين، وهل التأمين إجبارى فى هذه الحالة؟
أنهى رئيس البنك كل ما هو مكلف به من مسئوليات، وحقق كل ما هو مطلوب منه من أهداف، ولم يبق من شىء ينغصه، سوى تحفيز تعدد الزوجات لمكافحة العنوسة بأموال البنك، ووضع شرائح وفوائد بنكية متدرجة عن كل زيجة.
عزيزى رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى: «مكانك مش هنا خدلك قرض من البنك الأهلى واشتغل الشغلانة الى بتحبها.. وافتح مكتب مأذون».