التصويت ب«نعم» على «دستور» الإخوان والسلفيين أمامكم، واستمرار سريان الإعلان الدستورى الكارثى خلفكم. تلك هى المعادلة الوحيدة المطروحة الآن. هى ربما ليست صدفة وقتية، وربما كان المشهد بأكمله مرتبا للوصول إلى هذه اللحظة.
وإذا صح هذا التحليل فقد وجب على كل من اتهم الإخوان والسلفيين بانعدام الرؤية السياسية أن يعتذر لهم فورا.
السؤال الآن: هل عندما أصدر الرئيس مرسى الإعلان الدستورى يوم الخميس قبل الماضى كان يعلم أننا سنصل إلى هذه النقطة، وأن هذا الإعلان سوف يتحول إلى سلاح فى يده ويد الإخوان لحسم معركة الاستفتاء على الدستور؟!.
لا أملك دليلا دامغا على ذلك، لكن الشواهد تؤكد هذا الظن، وأفضل دليل هو التصريحات التى أدلى بها القيادى الإخوانى البارز د. عصام العريان لكريستيان أمانبور فى «السى إن إن» قبل ثلاثة أيام، حيث كان اول من أطلق هذه المعادلة بأنه إذا أراد المصريون التخلص من الإعلان الدستورى فعليهم التصويت بنعم على الدستور.
بعد هذا التصريح بأقل من يومين خرج رئيس الجمهورية فى حواره مع التليفزيون المصرى مساء الخميس الماضى ليطلق نفس المعادلة.
هذا التطابق قد يكون أقوى دليل على وجود تنسيق كامل بين مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان، وهو أمر استغرب من الذين يحاولون انكاره وكان محمد مرسى كان رئيسا لحزب العمال الشيوعى وليس لحزب الاخوان.
إذن نفهم الآن أن «حجر» الإعلان الدستورى قد تم به اصطياد أكثر من عشر عصافير سياسية.
العصفور الأول هو تحصين التأسيسية، ثم تحصين مجلس الشورى، ثم شل يد القضاء عن الطعن على قرارات الرئيس، ثم تحصين سلطة الرئيس المحصنة أصلا بترسانة من القوانين، ثم إقالة النائب العام، وأخيرا اصطياد «العصفور الأهم» وهو تخيير المصريين يوم الاستفتاء بين خيارين كلاهما مر: التصويت بنعم على الدستور غير المتوافق عليه، أو رفضه وبالتالى استمرار الإعلان الدستورى المرفوض من كل المجتمع ما عدا الإسلاميين.
سيقول قائل وما هى المواد المرفوضة فى مسودة الدستور؟.
الدستور المقترح لا يليق بمصر بعد الثورة ويكفى انه يفتقد التوافق، ثم ان الرئيس مد عمل التأسيسية وهذه المادة كانت من الحسنات القليلة فى هذا الإعلان المعيب، والسؤال ما هو سبب العجلة الشديدة فى «سلق أو شوى أو قلى» الدستور واستمرار أعضاء الجمعية التأسيسية من الثانية ظهرا حتى السابعة والنصف صباحا لتمريره بكل السبل؟!.
بالطبع لا يكفى صدور نداء من المستشار الغريانى لعودة المنسحبين لأنه ليس منطقيا أن يعودوا فى حين أن الرئاسة ترفض تماما فكرة التراجع عن الإعلان الدستورى أو حتى تجميد مواده الكارثية.
إذن يحق لنا بعد كل ذلك أن نسأل: هل كان الإخوان يتوقعون مثل هذا السيناريو، أم هم فى الواقع سعوا إليه وخططوا له؟!.
مرة أخرى لا أستطيع الجزم، لكن لا أملك إلا الاسئلة.
فى استفتاء 19 مارس 2011 الشهير استخدم الإخوان والسلفيون فزاعة الخوف على الشريعة والمادة الثانية لدفع البسطاء للتصويت بنعم على استفتاء كان سبب معظم مصائبنا اللاحقة، وفى الدستور الحالى اخترع الإخوان «الإعلان الدستورى» كوسيلة مقايضة غير نزيهة لتمرير «دستورهم».
قد ينجح الإخوان مرحليا فى مخططهم، لكنهم لا يدركون أنهم يخسرون كل يوم الكثير من أنصارهم ومحبيهم، بل ويزيدون من عدد خصومهم.
وضعنا الآن كما قال بحق عمرو حمزاوى مساء الخميس مع يسرى فودة أشبه بقطارين متقابلين على رصيف واحد وسوف يصطدمان فى كل الأحوال.
وأضيف من عندى أن ناظر القطار والمفتش والمحولجى وعامل المزلقان إما أنهم نائمون أو يتفرجون أو مشاركون فى الجريمة التى ستقع لا محالة.