يدل وقوف الرئيس الأمريكى إلى جانب إسرائيل فى عملية «عمود السحاب» على عدم صحة المخاوف الإسرائيلية من «انتقام» الرئيس الأمريكى بعد إعادة انتخابه. صحيح أن موضوع غزة يختلف تماما عن غيره، بسبب مسئولية «حماس» عن التدهور، والموقف المبدئى الأمريكى والأوروبى المعادى للإرهاب، لكن رغم ذلك نستطيع أن نرى فى هذا الموقف الأمريكى مؤشرا إيجابيا لما سيحدث مستقبلا. ومما لاشك فيه أنه فى حال قررت إسرائيل توسيع العملية وقررت اجتياحا بريا لغزة، فإنها ستواجه بأصوات تطلب منها كما تطلب من الطرف الآخر عدم التهور. لكن فى هذه الأثناء فثمة احتمال كبير بأن تقوم واشنطن، بالتنسيق مع إسرائيل، باستخدام الضغوط السياسية والاقتصادية على مصر بالذات من أجل دفعها لكبح «حماس».
إن الخطاب الحماسى للرئيس محمد مرسى فى القاهرة والذى هدد فيه إسرائيل، يدخل فى خانة التصعيد الديماغوجى، ومحاولة لتهدئة مشاعر الشارع المصرى وللرد على الصرخات الصادرة عن زعامة «حماس». وما تجدر الإشارة إليه أن العوامل التى تحرك النظام المصرى لا تنبع فقط من الضغط الذى قد تمارسه واشنطن عليه فى المجال الاقتصادى، وإنما تعود أيضا إلى المصلحة الأساسية لهذا النظام فى المحافظة على الاستقرار فى المنطقة وفى مصر نفسها، هذا الاستقرار الذى يشكل نشاط «حماس» والأطراف الجهادية الأخرى فى غزة خطرا عليه.
تتباين الآراء فى واشنطن حيال المهمات الملقاة على عاتق إدارة أوباما الثانية فى مجال السياسة الخارجية. إذ يدرك أوباما أن ولايته الثانية قد تترافق مع الولاية الثانية لبنيامين نتنياهو فى حال انتخب مرة ثانية، وثمة احتمال كبير لحدوث تعاون وثيق بين واشنطن والقدس بشأن مسائل سياسية واستراتيجية مهمة. ومن المنتظر أن يبرز هذا التعاون ايضا فى الموضوع الفلسطينى، خلال الأسبوع المقبل حيث من المنتظر أن يجرى درس الطلب الذى قدمه أبومازن إلى الأممالمتحدة للاعتراف بالسلطة الفلسطينية دولة غير عضو فيها.
إن تعزيز العلاقات الأمريكية الإسرائيلية يتطلب تفكيرا صائبا وطرح مبادرة من جانب إسرائيل والدرس المستمر لما يجب الإصرار عليه وما يمكن التساهل فيه. فالمهم فى هذا كله الدفاع عن مصالحنا الأساسية.